Wednesday, February 2, 2011

ارحل كزين العابدين وما نراه أضل منك


ارحل وحزبك في يديك
ارحل فمصر بشعبها وربوعها تدعو عليك
ارحل فإني ما أرى في الوطن فردا واحدا يهفو إليك
لا تنتظر طفلا يتيما بابتسامته البريئة أن يقبل وجنتيك
لا تنتظر أماًٌ تطاردها هموم الدهر تطلب ساعديك
لا تنتظر صفحا جميلا فالخراب مع الفساد يرفرفان بمقدميك
ارحل وحزبك في يديك
ارحل بحزب امتطى الشعب العظيم
وعثى وأثرى من دماء الكادحين بناظريك
ارحل وفشلك في يديك
ارحل فصوت الجائعين وإن علا لا تهتديه بمسمعيك
فعلى يديك خراب مصر بمجدها عارا يلوث راحتيك
مصر التي كانت بذاك الشرق تاجا للعلاء وقد غدت قزما لديك
كم من شباب عاطلٍ أو غارقٍ في بحر فقر وهو يلعن والديك
كم من نساء عذبت بوحيدها أو زوجها تدعو عليك
ارحل وابنك في يديك
ارحل وابنك في يديك قبل طوفان يطيح
لا تعتقد وطنا تُورِّثه لذاك الابن يقبل أو يبيح
البشر ضاقت من وجودك. هل لإبنك تستريح؟
هذي نهايتك الحزينة هل بقى شيء لديك
ارحل وعارك أي عارْ
مهما اعتذرتَ أمامَ شعبكَ لن يفيد الاعتذارْ
ولمن يكونُ الاعتذارْ؟
للأرضِ .. للطرقاتِ .. للأحياء ِ.. للموتى..وللمدنِ العتيقةِ .. للصغارْ؟!ولمن يكونُ الاعتذارْ؟
لمواكب التاريخ .. للأرض الحزينةِ
للشواطئِ .. للقفارْ؟!لعيونِ طفلٍ
مات في عينيه ضوءُ الصبحِ
واختنقَ النهارْ؟!لدموعِ أمٍّ لم تزل تبكي وحيدا
فر أملا في الحياة وانتهى تحت البحار
لمواكبٍ العلماء أضناها مع الأيام غربتها وطول الانتظارْ؟!لمن يكون الاعتذار؟


**************


ارحل وعارك في يديكْ
لا شيء يبكي في رحيلك..رغم أن الناس تبكي عادة عند الرحيلْ
لا شيء يبدو في وجودك نافعا
فلا غناء ولا حياة ولا صهيل..مالي أرى الأشجار صامتةً
وأضواءَ الشوارعِ أغلقتْ أحداقها
واستسلمتْ لليلِ في صمت مخيف..مالي أرى الأنفاسَ خافتةً
ووجهَ الصبح مكتئبا
وأحلاما بلون الموتِ
تركضُ خلفَ وهمٍ مستحيلْ
ماذا تركتَ الآن في أرض الكنانة من دليل؟
غير دمع في مآقي الناس يأبى أن يسيلْ
صمتُ الشواطئ .. وحشةُ المدن الحزينةِ  ..بؤسُ أطفالٍ صغارٍ
أمهات في الثرى الدامي
صراخٌ .. أو عويلْ ..طفلٌ يفتش في ظلام الليلِ
عن بيتٍ توارى
يسأل الأطلالَ في فزعٍ
ولا يجدُ الدليلْ
سربُ النخيل على ضفافِ النيل يصرخ
هل تُرى شاهدتَ يوما..غضبةَ الشطآنِ من قهرِ النخيلْ؟!الآن ترحلُ عن ثرى الوادي
تحمل عارك المسكونَ
بالحزب المزيفِ
حلمَكَ الواهي الهزيلْ..


**************


ارحلْ وعارُكَ في يديكْ
هذي سفينَتك الكئيبةُ
في سوادِ الليل تبحر في الضياع
لا أمانَ .. ولا شراعْ
تمضي وحيدا في خريف العمرِ
لا عرش لديكَ .. ولا متاعْ
لا أهلَ .. لا أحبابَ .. لا أصحابَ
لا سندا .. ولا أتباعْ
كلُُ العصابةِ تختفي صوب الجحيمِ
وأنت تنتظرُ النهايةَ..بعد أن سقط القناعْ
البلد في عينيكَ كان مغارة للنهب.والدنيا قطيعٌ من رعاعْ
الأفق يهربُ والسفينةُ تختفي
بين العواصفِ.. والقلاعْ
هذا ضميرُ الشعب يصرخُ
والشموعُ السودُ تلهثُ
خلفَ قافلةِ الوداعْ
والدهر يروي قصةَ السلطانِ
يكذبُ.. ثم يكذبُ .. ثم يكذبُ
ثم يحترفُ التنطُّعَ .. والبلادةَ والخداعْ
هذا مصيرُ الحاكمِ الكذابِ
موتٌ .. أو سقوطٌ .. أو ضياعْ

**************


ما عاد يُجِدي..أن تُعيدَ عقاربَ الساعاتِ..يوما للوراءْ
أو تطلبَ الصفحَ الجميلَ..وأنت تُخفي من حياتكَ صفحةً سوداءْ
هذا كتابك في يديكَ
فكيف تحلم أن ترى..عند النهايةِ صفحةً بيضاءْ؟
الأمسُ ماتَ..ولن تعيدَك للهدايةِ توبةٌ عرجاءْ
وإذا اغتسلتَ من الذنوبِ
فكيف تنجو من دماء الأبرياءْ
وإذا برئتَ من الدماءِ..فلن تُبَرئَكَ السماءْ
لو سالَ دمعك ألفَ عامٍ
لن يطهرَكَ البكاءْ
كل الذي في مصر
يلعنُ وجهكَ المرسومَ
من جوع الصغارِ و قهرة الاباء
أخطأتَ حين ظننتَ يوما
أن في التاريخ أمجادا
لبعضِ الأغنياءْ الأغبياء


**************


ارحلْ وعاركَ في يديكْ
ما عاد يُجدي
أن يفيقَ ضميركَ المهزومُ
أن تبدي أمامَ الناسِ شيئا من ندمْ
فيداكَ غارقتانِ في سلْبٍ ونهْبٍ ونَهَم
ووجه الكونِ أطلالٌ .. وطفل جائعٌ
من ألفِ عامٍ لم ينمْ
جثثٌ النخيل على الضفافِ
وقد تبدل حالُها
واستسلمتْ للموتِ حزناً .. والعدمْ
شطآن نيل كيف شردها الخرابُ
ومات في أحشائها أحلى نغمْ
وطنٌ عريق كان أرضا للبطولةِ.. صار مأوىً للرممْ!الآن يروي الهاربونَ من الجحيمِ
حكايةَ الذئبِ الذي أكل الغنمْ:كان الجميع مكبلا من أمنه
وتضخمت في حزبه تلك القوافل
كل قافلةٍ يزينها صنمْ
يقضون نصفَ الليلِ في وكرِ البغايا..يشربونَ الوهمَ في سفحِ الهرمْ
الذئب طافَ على الشواطئ
أسكرته روائحُ الزمنِ اللقيطِ
لأمةٍ عرجاء قالوا إنها كانت - وربِّ الناس- من خير الأممْ.. يحكون كيف تفرعنَ الذئبُ القبيحُ
فغاصَ في دم القناة..وهام في ارض تباع..وعَاثَ فيهم وانتقمْ
سجنَ الصغارَ مع الكبارِ..وطاردَ الأحياءَ والموتَى
وأفتى الناسَ زورا في الحرمْ
قد أفسدَ الذئبُ اللئيمُ
طبائعَ الأيام فينا .. والذممْ
الأمةُ الخرساءُ تركع دائما
للغاصبين .. لكل أفاق حكمْ
لم يبق شيء للقطيعِ
سوى الضلالة .. والكآبةِ .. والسأمْ
أطفالُ بلدي يرسمونَ على
ثراها ألفَ وجهٍ للرحيلِ.. وألفَ وجهٍ للألمْ
الموتُ حاصرهم فناموا في القبورِ
وعانقوا أشلاءهم
لكن صوتَ الحقِ فيهم لم ينمْ
يحكون عن ذئبٍ حقيرٍ
أطلقَ الفئرانَ ليلا في المدينةِ
ثم أسكره الفساد
مضى سعيدا .. وابتسمْ ..في صمتها تنعى المدينةُ
أمةً غرقتْ مع الطوفانِ
واستلقت سنينا في العدمْ
يحكون عن زمنِ النطاعةِ
عن خيولٍ خانها الفرسانُ
عن وطنٍ تآكل وانهزمْ
والراكعون على الكراسي
يضحكون مع النهاية..لا ضميرَ .. ولا حياءَ .. ولا ندمْ
الذئب يجلسُ خلف قلعته المهيبةِ
يجمع الحراسَ فيها .. والخدمْ
ويطلُ من عينيه ضوءٌ شاحبٌ
ويرى الفضاء مشانقا
سوداءَ تصفعُ كل جلادٍ ظلمْ
والأمةُ الخرساءُ
تروي قصةَ الذئبِ الذي
خدعَ القطيعَ..ومارسَ الفحشاءَ. . واغتصبَ الغنمْ


**************


الآن ارحل غيرَ مأسوفٍ عليكْ
في موكبِ التاريخِ
سوفِ يطلُ وجهك
بين تجارِ الفساد وعصبةِ الطغيانْ
ارحل وسافرْ..في كهوفِ الصمتِ والنسيانْ
فالأرضُ تنزع من ثراها
كلَّ سلطان تجبر .. كلَّ وغْدٍ خانْ
الآن تسكر .. والنبيذ الأسود الملعونُ
من دمع الضحايا .. من دم الجوعانْ
سيطل وجهك دائما
في ساحةِ الفقر الجبانْ
وترى النهايةَ رحلةً سوداءَ
سطرها جنونُ الجشعِ .. والعدوانْ
في كل عصر سوف تبدو قصةً
مجهولةَ العنوانْ
في كل عهدٍ سوف تبدو صورةً
للزيفِ .. والتضليلِ .. والبهتانْ
في كل عصرٍ سوف يبدو
وجهك الموصومُ بالكذبِ الرخيص
فكيف ترجو العفو والغفرانْ
قُلْ لي بربكَ..كيف تنجو الآن من هذا الهوانْ؟!ما أسوأَ الإنسانَ..حين يبيع سرَّ اللّه للشيطانْ


**************



ارحلْ و حزبك في يديك وخذ وليدك ذلك الظمآن
لقصرك العالي بيوم أيها السلطان
سيزورك القتلى بلا استئذانْ
وترى الجياع الراحلينَ
شريط أحزانٍ على الجدرانْ
يتدفقونَ من النوافذِ .. من حقولِ الموتِ
أفواجاً على الميدانْ
يتسللونَ من الحدائقِ .. والمخابئ
من جُحُورِ الأرضِ كالطوفانْ
وترى بقاياهمْ بكل مكانْ
ستدور وحدك في جنونٍ
تسألُ الناسَ الأمانْ
أين المفر وكل ما في الأرضِ حولكَ
يُعلن العصيانْ؟!والآن لا جيش .. ولا بطش .. ولا سلطانْ
وتعود تسأل عن رجالك : أين راحوا؟
كيف فر الأهلُ .. والأصحابُ .. والجيرانْ؟
يرتد صوتُ الشعب يجتاح المدينَةَ
لم يَعُدْ أحدٌ من الأعوانْ
هربوا جميعا..بعد أن سرقوا المزادَ .. وكان ما قد كانْ!ستُطِل

No comments:

Post a Comment