Saturday, March 24, 2001

العولمة بقلم: محمد شريف كامل


العولمة

بقلم: محمد شريف كامل
24 مارس 2001

ونشرت بـــ

-          جريدة صدى المشرق مونتريال

-          جريدة المستقبل مونتريال



مسطلح جديد بدأ يصل لأسماعنا منذ سنوات وقد تغنى الجميع به و رفض التابعين مواجهته، وهو بلا شك الإستعمار الجديد- إستعمار القرن الحادي و العشرون-  الذى سوف يقضى على أمال كل شعوب العالم الثالث و هى أكثر من 90% من سكان الأرض.

يعود ذلك لذاكرتنا و نحن على أبواب المؤتمر السنوي لتوحيد التجارة لدول الأمريكتين و الذى سوف يعقد فى مدينة كوبيك الشهر القادم،  و لم ينعقد حتى الان أى مؤتمر لتوحيد التجارة إلا و قوبل بالكثير من التظاهرات والإضطرابات و ذلك لخطورة تلك السيطرة الكاملة التى بدأ يفرضها محتكرى الصناعة فيما يعرف بالعالم المتقدم.

و يتطابق ذلك تماما مع قصة دكتور يوسف حميد ، رئيس مجلس إدارة شركة ( سيبلا الهندية للعقاقير الطبية) - وهى من أكبر شركات الأدوية فى الهند- ، والتى نقل تفاصيلها جريدة (جاردين البريطانية) فى عددها الصادر يوم الأربعاء 14 فبراير 2001

و القصة تبدأ منذ ثلاثون عاما عندما أصدرت إنديرا غاندى - رئيسه وزراء الهند حين ذلك- قرارا بعدم إخضاع العقاقير الطبية فى الهند للتسجيل العالمى والسيطرة من جانب الشركات العالمية، وقد رفضت الهند قبول المشاركة فى براءة الإختراع للأدوية، لتيسر إنتاج أدوية محلية بسعر مناسب وتوفرها لطبقات الشعب كله،  وقد أدى ذلك لإذدهار صناعه الدواء في الهند.

 و قد إندلع فى اللأونه الأخيره صراع عالمى بين شركة (سيبلا) والشركات الغربيه الكبرى حول سعر الدواء و توفيره لدول العالم الثالث بأسعار متواضعه على أيدي شركة (سيبلا) وهو مايعارض مصالح أكبر شركات الدواء   ( جلاكسو سميث كلين البريطانية ). Glaxo Smith Kline    

 و يرجع ذلك لأن شركة ( سيبلا) الهندية تقوم بتوفير العقار الثلاثى المضاد للأيدز بما يساوى 600 دولار أمريكى للحكومات وما يساوى 350 دولار أمريكى للمنظمة الطبية العالمة (أطباء بلا حدود)
médecine sans fornitiéres
 وهى المنظمة المكونة من العديد من الأطباءالمتطوعين الذين يقدمون خدمات طبيية تطوعية لشعوب العالم الثالث و التى أسست عيادات طبية متخصصة فى الإيدز فى الصحراء الأفريقية .

 هذا و قد مثلت تلك الخطوة ضفط مباشر على الشركات العالمية مثل ( جلاكسو)التي تقدمت بعرض لتخفيض سعرالدواء المطابق له 85 % من السعر الذى يبيعونه به  وهو ما بين 10 و 15 ألف.

وقد وجهت شركة جلاكسو تحذير مباشر لشركة سيبلا من بيع ذلك العقار فى غانا وأوغندا على أساس أنها قد سجلت حق إختراعها فى تلك البلدان الأفريقيان.

 و قد علق السيد ( ريشارد سيكس ) رئيس مجلس إدارة (جلاكسون ) أن هذه الشركة - و يقصد شركة سيبلا - مثل القراصنة وأن أسعار الأدوية ليست هى السبب الوحيد لحالات الوفات من الإيدز فى أفريقيا و لكن السياسة هى السبب الرئيسى لعدم توفير الإنفاقات اللازمة، و تلك الدول ليس لديها الأطباء و الإمكانيات اللازمة لضمان إستخدام تلك الأدوية بالشكل الطبى المناسب.

و بهذا تواجه (سيبلا ) إتفاقيه التجارة المسيطرة الجديدة، خاصة وأنها تمد أفريقيا وأمريكا اللاتينية و الشرق الأوسط بالعديد من الأدوية بأسعار لا تقارن بتلك الأدويةالمعادلة لها من الغرب.

 وقد علق دكتور يوسف حميد رئيس مجلس إدارة شركة سيبلا قائلا "إن مشكلة الإيدز معلومة الأبعاد وهناك مجال للجميع لمشاركة فى إيجاد حل لتلك الكارثة و لهذا كان هناك مجال لتطوير الدواء ومحاولات تقديمه بأسعار مناسبة، وبدون تلك الأدوية فإن ملايين من الفقراء لن يجدوا لهم أى مصادر للعلاج، نحن لسنا ضد حقوق الشركات ولكننا ضد الإستغلال والإحتكار الذى يقودنا لإرتفاع الأسعار وعدم تمكن الشعوب الفقيرة من توفير الدواء لأبنائها".

ألا يذكرنا ذلك بموقف العالم اليوم و هو ينحدر فى إتجاه السيطرة والإستعمار الجديد ، ولكن السبب ليس الإحتكارات العالمية ولكن الخضوع والإستسلام الذى فرضه الكثير من حكومات العالم الثالث على نفسها وعلى شعوبها.


Friday, March 9, 2001

الإرهاب بقلم: محمد شريف كامل


الإرهاب

بقلم: محمد شريف كامل
9 مارس 2001

ونشرت بجريدة صدى المشرق مونتريال


يقدم للبرلمان الكندى فى الأيام القادمة مشروع قانون خاص بإلغاء الصفة الخيرية عن الجمعيات و المؤسسات التى يشتبه فى تمويلها لأي من المنظمات الإرهابيه ، و قد نص مشروع القانون على مشروعية الإحتكام إلى تقارير المخابرات الكندية- وبالتالى المخابرات الصديقة لها-  فى توجيه الإتهام لتلك الجمعيات والمؤسسات التى يتم التحقيق بشأنها أمام هيئة حكومية و ليس أمام القضاء، و بالتالى لا يوجد أى ضمانات قانونية ولا يوجد أى حق للإستئناف، والقرار الصادر من تلك الهيئة الحكومية هو قرار نهائى يتم بموجبه إلغاء الصفة الخيرية عن هذه الجمعية فلا تتمتع بأى حق إعفاء ضريبى لها و لمودعيها - مع حق المصدر الأمنى فى عدم الإفصاح عن مصادر المعلومات المقدمة للجنة التحقيق.

ولهذا المشروع وجهان ، وجه ولا شك ناصع البياض و يستحق الوقوف بجانبه و هو الوجه الذى يدعو لمحاربة الإرهاب و قطع التمويل عن أى منظمة إرهابية.

والوجه الأخر لهذا المشروع، وهو الوجه المريض الحالك السواد، لأنه قد تعدى الكثير من الخطوط الفاصلة بين الحق والباطل و لذا فهو ينطبق عليه مقولة (حق أريد به باطل).

فهذا المشرع كان الأجدى به أن يقدم مشروع قانون جنائى يجرم التعامل مع الهيئات المشجعة والقائمة على الإرهاب، و لكنه لم يستطع أن يفعل ذلك لخوفه من الدخول فى الإجراءات الجنائية التى تستوجب تقديم معلومات كاملة عن مصادر المعلومات و ضرورة إتفاق القانون مع لائحة الحقوق والحريات الكندية، والتى تتنافى كل مبادئها مع ذلك المشروع المقدم للبرلمان.

ومن حيث المبدأ لا بوجد إنسان عاقل يستطيع أن يخالف ضرورة القضاء على الإرهاب، ولكن لتقديم مشروع بخاطب قضية الإرهاب الدولى فى دولة تتسم بالديمقراطية و الحريات ككندا، يلزم أن يراعى ذلك القانون من النقاط الهامة التى نذكر منها على سبيل المثال و ليس الحصر:

*  لقد إهتم مشروع القانون بما يسمى المنظمات الإرهابية العالمية ، و لم يذكر الإرهاب الحكومى الذى فاق فى خطورته كل أنواع الإرهاب، و تم إدانته فى الكثير من التجمعات العالمية بما فيها الأمم المتحدة.

*  إن الإ رهاب الحكومي وإرهاب الدوله - منتخبه ديمقراطيه أوغير ديمقراطيه- وإرهاب قوى الإحتلال وهوأبشع أنواع الإ رهاب الذى يستحق أن نحاربه في المقام الأولز

*  لقد إهتم المشروع بفكرة التمويل أكثر من إهتمامه بالإرهاب ذاته، و لعله لجأ لذلك حتى يتجنب الخضوع للقانون الجنائى كما ذكرنا.
 
* إن وسائل التحقيق والإبلاغ المذكورة فى مشروع القانون وعدم النص على أسلوب نقض وطعن و إعتبار قرار الهيئة الحكومية المخولة بالأمر، قرار نهائي يعتبر خرق للا ئحة الحقوق و الحريات الكندية.

* إن كلمة إرهاب هى كلمة واسعة المعنى ، يتم إستخدامها وتوظيفها توظيفا سياسيا إضافه لمعناها القانونى، وبالتأكيد ولكون المشروع ذو طابع سياسي غير جنائى فسوف يستخدم المفهوم السياسي المطوع حسب الظروف السياسية، وهو مايهدد السلم العام فى المجتمع والمساواه و يفتح أبوابا جديدة للتفرقة العنصرية وعدم المساواه.

* أعتقد أن الوقت قد حان لإستخدام مفهوم واضح للإرهاب، مفهوم يتفق مع المفهوم الدولى الذى لا يفرق بين إرهاب الحكومات والمنظمات غير الحكومية، ولكنه يفرق بوضوح بين الإرهاب وحق الدفاع عن النفس وحق تقرير المصير للشعوب وهوالمفهوم الذى يجب أن نتبعه ونستخدمه كخطوة اولى.

وإيجازا لكل ذلك فإنه من المهم ان نضع على القمه ضرورة الحفاظ على المضمون والشكل اللذان يميزان مجتمعنا من خلال لائحة الحقوق والحريات و التى من دورها حماية حرية الأفراد والمؤسسات، وحماية الأسماء أثناء التحقيق، وتأسيس نظام طعن قوى راسخ عادل، مع إستخدام مفهوم محدد واضح لماهية الإرهاب، بالإضافة غلى تجنب الدعاية غير المبنية على أسس عادلة ويشوبها التفرقة والأحكام المسبقة وعدم ضمان سلامة نقل المعلومات والتى أحيانا تخلط ما بين تأييد حقوق الشعوب والإرهاب بمفهومه الضيق المغرض.