Monday, December 19, 2011

بالفيديو.. زويل يوجه رسالة باكية ويطالب بوقف العنف فوراً


الأحد، 18 ديسمبر 2011

كتبت نورهان فتحى





وجه العالم الكبير د. أحمد زويل كلمة للشعب المصرى، وهو يبكى حزناً على حالة الهمجية والعشوائية التى وصلت لها مصر - على حد وصفه – وقال: العالم يرانا فى صورة متناقضة الآن، بين ثورة يناير العظيمة، وهمجية وعشوائية ما يحث الآن فى الميادين.

وقال الدكتور أحمد زويل فى كلمته خلال حواره مع الإعلامى مجدى الجلاد ببرنامج مصر تنتخب على قناة "سى بى سى": "إلى شباب مصر العظيم.. إلى جيش مصر العظيم.. إن مصر فى مفترق طرق الآن بين الماضى الذى عمه الجهل والديكتاتورية، وبين المعرفة والديمقراطية والمستقبل الذى قامت من أجلة ثورة يناير المجيدة.. العالم يرى مصر فى صورتين متناقضتين، بين همجية وعشوائية الأحداث الحالية، والثورة العظيمة التى قام بها شباب مصر الطاهر فى 25 يناير، وهذا يعبر عن حالة الانقسام التى وصلت إليها مصر الآن".

وأضاف قائلا: التاريخ يحدثنا، مؤكدا على أن أى تحول ديمقراطى لأمة صعب جداً، وأحياناً يتطلب منا أياماً طويلة، ولكنى أثق فى العبقرية المصرية التى وجدتها فى شباب مصر الذين التقيت بهم فى أيام الثورة وفى المحاضرات التى رأيتهم بها بعد ذلك".

وأكد "زويل"، أننا نعيش مرحلة بين الفوضى والديمقراطية، بين الشعب والجيش، وهذا أمر خطير ولكنه لم يفقد الأمل، وقال "يمكن معالجة الأمور من خلال عودة العقل والضمير إلى كل مواطن مصرى".

وطرح زويل مشروعه للخروج من المأزق، ودموعه تغلبه، والذى يتلخص فى:
-
الوقف الفورى لحالة العنف فى الشوارع.
-
انصراف الشباب المتواجدين بالميادين الآن إلى هدنة حقيقية.
-
إعلان الحركات الشعبية بوضوح عدم التواجد فى ميادين مصر.. وقال: "بالتالى سيتم حصر البلطجية لأن أحداً لا يقبل بالأعمال الإجرامية التى تحدث فى مصر الآن، مثلما حدث فى المجمع العلمى".

واستشهد زويل بكتاب محروق من المجمع العلمى أخذه شخص ليبيعه دون أن يعرف قيمته العلمية، وقال: "كارثة حرق المجمع العلمى تساوى فى وصفها حادثة حرق مكتبة الإسكندرية القديمة".

وأكمل حديثه عن الأحداث قائلا: "على القضاء المصرى أن يقوم بالنشر الإعلامى الواضح لتعريف حالات التظاهر والاعتصام، وعلى الأمة والجيش، أن يتبع هذه القواعد وعلى القضاء محاكمة كل من أرتكب أخطاء من الجيش أو الأمة".

وعن المجلس الاستشارى قال: مع احترامى لاستقالة بعض أعضاء المجلس الاستشارى، إلا أننى أرى أن هذه الظروف بالذات هى ما وجد من أجله المجلس ليتصرف بحكمة، وأطالب باقى أعضائه بالتصرف بحكمة تجاه هذه الأحداث، خاصة وأن الاستشارى موجود فقط لعدة شهور حتى ينتخب البرلمان ورئيس الجمهورية الجديد.
كما وجه خطابه للإعلاميين مطالباً إياهم بعدم التحريض والالتزام بنشر المعلومات الحقيقية لأن المصلحة العامة تقتضى كشف الحقائق دون تضليل.

وعن المرحلة القادمة أكد العالم الكبير، أن الشعب المصرى عليه التركيز على وضع دستور مبنى على قيم العدالة الاجتماعية والمواطنة والتغيير الحقيقى للبلاد.

ووجه سؤاله للأمة المصرية قائلا: بعد 50 عاما سيسألنا التاريخ: "ماذا قدمتم لمن استشهدوا من أجل مصر؟".

وقال زويل: أريد أن يظل العالم مذهولا بثورة مصر وشعبها العظيم بعد 50 عاماً من الآن، ولكننا للأسف نضيع هذه الثورة فى الحزبية والكلام مع أن مصر أكبر من ذلك بكثير".

وأضاف العالم الكبير أحمد زويل، أنه متـأكد تماماً من رغبة المجلس العسكرى أو على الأقل قياداته فى تسليم السلطة فى وضع مستقر، ولفت قائلا: كل ما يقال عن أن المجلس العسكرى يرغب فى السلطة غير صحيح، فهم لا يريدون السلطة، أو هذا ما قالوه لى بأنفسهم، أو على الأقل قيادتهم العليا لا تريد ذلك.

وأوضح زويل، أن خلطاً موجوداً فى الشارع المصرى الآن بين الجيش والمجلس العسكرى، مؤكداً أن المهمة الأولى لكليهما هى حماية البلاد من المخاطر.

واختتم كلامه، قائلا ً"من المعروف على مر العصور أنه كلما زادت الفترة الانتقالية زادت المشاكل".

Wednesday, December 7, 2011

استعداء واستعلاء




إزاء تصويت الأغلبية لصالح الإسلاميين ليس لدينا إلا أحد الاحتمالات الثلاثة: إما أن نقبل بحكم الصناديق، أو نعود إلى سياسة الإقصاء بالتزوير وإعادتهم للسجون والمنافي، والثالث إبادتهم في غرف الغاز 


لا أجد أبلغ من كلمة "المناحة" وصفا للأجواء المخيِّمة على مصر منذ ظهرت نتائج انتخابات المرحلة الأولى. فمنذئذ لم يعد المرء يسمع في فضائها الإعلامي سوى نواح الملتاعين وولولة الحزانى والمحسورين، الذين لم يكفوا عن الجؤار استهوالا للمعلوم وارتياعا من المجهول.



(1)

شاءت الأقدار أن أرى الصورة مكثفة. ذلك أنني كنت قد أدليت بصوتي في الانتخابات، ثم غبت عدة أيام خارج البلاد. وانقطعت صلتي بالصحف المصرية، في حين أتيح لي أن أتابع بعض البرامج الحوارية عبر الفضائيات. وحين عدت كانت على مكتبي الصحف المصرية التي صدرت خلال الأيام الخمسة التي قضيتها في الخارج. ولأنني وقعت عليها دفعة واحدة تخيل إليَّ أن الإعلام المصري في فضاء البلد سرادق كبير للعزاء، اجتمع فيه خلق كثير من نخبة المثقفين والسياسيين، الذين ظلوا طوال الوقت يتبادلون العزاء ويلطمون الخدود ويشقون الجيوب، في حين انتشرت فرق النائحين والنائحات في أرجاء السرادق الممتد تنعى الثورة التي سرقت ودماء الشهداء التي راحت هدرا، وحلم الدولة المدنية الذي تبخر أو كاد.



لم يكن ذلك أعجب ما في الأمر، لأنني لم أصدق عيني حين وجدت أن الفزع السائد في الصحف المصرية لا نظير له إلا في الصحف الإسرائيلية، التي أتابع ما تنشره يوميا، في حين أن وسائل الإعلام في الدول الديمقراطية المحترمة لم تخل من كتابات رصينة أشادت بإقبال المصريين على الانتخابات وبأجواء النزاهة والحرية التي سادت فيها، كما أشادت بتصويت الأغلبية للاعتدال الإسلامي في كل من تونس والمغرب.



صحيح أن الصحف الأميركية الموالية لإسرائيل تحدثت عن إرهاصات تحول مصر إلى "إمارة إسلامية"، إلا أن ذلك كان من أصداء الفزع الإسرائيلي من احتمالات صعود الإسلاميين في الساحة السياسية التي اعتبرتها أكثر الصحف الإسرائيلية "كابوسا" يؤرق الجميع هناك ويلاحقهم في الصحو والمنام.



بدا المشهد مفارقا ومستدعيا لعدة أسئلة، منها ما يلي: لماذا أصبحت خصومة أغلب الليبراليين والعلمانيين في مصر قريبة الشبه من بُغض الإسرائيليين وتوجسهم مما وصف بأنه صعود لما يسمونه بالإسلام السياسي؟ وإذا تصورت إسرائيل أن ذلك الصعود يمثل تهديدا وجوديا لها، فكيف ولماذا تصور الليبراليون والعلمانيون عندنا أن الإسلاميين يشكلون تهديدا مماثلا لوجودهم؟ ولماذا نجح التوافق بين الطرفين في تونس والمغرب في حين أنه فشل في مصر؟



(2)

في 2 ديسمبر/كانون الأول، أبرزت صحيفة "المصري اليوم" على صفحتها الأولى العناوين التالية: 14 طعنا تتهم الإخوان والسلفيين بالتزوير. صحف أميركية: مصر تتجه نحو إمارة إسلامية. عكاشة: إحباط المصريين يجعلهم متلهفين إلى من يوصلهم للجنة. وعلى إحدى الصفحات الداخلية نشر مقال ذكر أن "مصير هذا البلد أصبح في يد 40% من الجهلاء والفقراء".



في نفس اليوم نشرت الأهرام حوارا مع الدكتور محمد أبو الغار رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، تحت عنوان رئيسي هو: التيار الإسلامي يدير مخططا لاغتصاب البرلمان والحكومة، لم يكن المنشور حوارا حقيقيا مما نعهده في المدارس الصحفية، لكنه كان آراء بسطها المحرر لكي يكملها الدكتور أبو الغار. حتى وجدنا أنفسنا إزاء "دويتو" يتبادل فيه المتحدثان التعبير عن آرائهما. الآراء التي أبداها المحرر (يفترض أنها أسئلة) كانت كالتالي: التيارات الإسلامية مارست الخديعة على الأحزاب والقوى الليبرالية وضللتها في المعركة الانتخابية. التيارات الإسلامية تخطط للانقضاض على المشهد السياسي خلال الفترة القادمة. يقينك يستقر على استمرار التيارات الإسلامية في خروقهم للقانون في المرحلتين التاليتين. نتصور أن انغلاق قيادات التيارات الإسلامية على ذاتها يقود الحياة السياسية صوب الخطر.


دعك من ركاكة الأسلوب، لأن الأسوأ من ذلك أن المحرر لم يكن مستفهما ولا محاورا، لكنه كان معاديا ومحرضا، ومستخدما مفردات لغة "الفزاعة" التقليدية.



آخرون ذهبوا بعيدا، فمن قائل إن السلفيين يتأهبون لحرق مصر، وقائل إنهم ومعهم الإخوان عبروا فوق دماء الشهداء إلى البرلمان (لم يشيرا إلى الكتلة المصرية التي حصلت على 15% من الأصوات في المرحلة الأولى)، وحذر من التصدع التدريجي والتحطيم الممزوج لمقومات الدولة المدنية.



استوقفني في هذا السياق ما نشرته صحيفة اليوم السابع في 18 نوفمبر/تشرين الثاني على لسان أحد مرشحي الكتلة المصرية، وقوله إننا لن نترك مصر للتيار الإسلامي وسنقاومهم حتى إذا اضطررنا إلى "الكفاح المسلح" لكي نبقى شوكة في حلوقهم. هو التهديد الذي ما إن وقعت عليه حتى تذكرت تلويحا مماثلا صدر على لسان أحد متعصبي الأقباط (مايكل منير) الذي نشرت له اليوم السابع في 6 أكتوبر/تشرين الأول عقب أحداث ماسبيرو الأولى كلاما دعا فيه الأقباط إلى الإقدام على بناء ما يحتاجونه من كنائس دون انتظار أي إجراء قانوني، ثم أضاف قائلا: "وعليكم الوقوف وقفة رجل واحد في أية قرية لمواجهة الغوغاء إذا ما حاولوا إحراق ما بنيتموه، ولو حرقتم هؤلاء قبل أن يحرقوكم فستكون هذه رسالة للباقين تحذرهم من أنهم سيحرقون لو حاولوا الإقدام على هذه الخطوة".



إلى هذا المدى وصل التصعيد والتحريض والتلويح بالكفاح المسلح والعنف الطائفي. وهى إشارة صادمة تقابل بسكوت مستغرب، لا يكاد يقاس بالضجة التي حدثت في مصر حين تحدث أحد الدعاة السلفيين عن "غزوة الصناديق"، بعد الاستفتاء على تعديلات الدستور. الأمر الذي يثير العديد من علامات الاستفهام والتعجب حول أسباب الصمت على التهديد الأول وتعمد إثارة الرأي العام بعد الحديث الثاني.



هؤلاء جميعا وجدوا في التيار السلفي ضالتهم المنشودة، فاستثمروا غيبتهم عن الواقع وسوء تعبيرهم عن أنفسهم والخلل في أولوياتهم، الذي جعل اهتمامهم بالمظاهر والسلوك مقدما على الإنتاج والتعليم والصحة وكل أسباب العافية اللازمة للنهوض بالمجتمع، استثمروا كل ذلك في التشهير بهم وبتسفيه الإسلاميين جميعا.



(3)

مشهد "المندبة" وسرادق العزاء الكبير وعاصفة الشيطنة والتخويف تستدعي عدة ملاحظات، في مقدمتها ما يلي:



إن الحملة انطلقت من افتراض أن الإسلاميين انفردوا بحكم البلد واستهلوا مشروعهم بالتدخل في حريات الناس وإرغامهم على تغيير سلوكاتهم. وهم في ذلك لا يفرقون بين عقلاء وسفهاء ولا بين معتدلين ومتطرفين. فالكل عندهم سواء، وجميعهم في سلة واحدة. وتلك كلها افتراضات لم تخطر على بال أحد.



إن كثيرين تعاملوا مع نتائج المرحلة الأولى وكأنها نتائج المرحلة الأخيرة. علما بأن النتائج التي أعلنت حتى الآن قابلة للتعديل والانقلاب خلال الجولتين التاليتين.



إن المتحدثين نسوا أن هناك شعبا يقظا وواعيا وذكيا يراقب تحركات الجميع، وأن ميدان التحرير لم يغلق أبوابه ولم يُمح من الخريطة المصرية. الأمر الذي يعني أنه من الآن فصاعدا لن يكون في مصر حاكم مطلق اليد في البلد يفعل به وبأهله ما يشاء.



إن دلالة نتائج دائرة مصر الجديدة لم تستوقف كثيرين، لأن لها أكثر من مغزى عميق. فالأغلبية صوتت حقا للدكتور عمرو حمزاوي الأكاديمي الليبرالي كمرشح فردي، والأغلبية ذاتها صوتت لقائمة التحالف الديمقراطي الذي يقوده حزب الحرية والعدالة الإخواني. الأمر الذي يدل على أن الناخبين لديهم الوعي الكافي الذي دفعهم إلى اختيار من اعتبروه الأصلح بين المرشحين. فأعرضوا عن مرشح الإخوان في الفردي، وصوتوا للإخوان في القوائم.



إن نسبة غير قليلة من المثقفين الليبراليين تعاملت بدرجة عالية من الاستعلاء مع جموع المصريين، فزعموا أنهم أساؤوا الاختيار، وساروا وراء الذين اشتروا الأصوات بالبطانيات وزجاجات الزيت وبالرشاوى المالية الأخرى، وقد سبقت الإشارة إلى مقولة إن مصير البلد أصبح بين يدي 40% من الجهلاء والفقراء، ولم تنس بعد أن واحدة من قيادات آخر الزمان دعت لأن يكون للمتعلم في مصر صوتان في الانتخابات وللأمي صوت واحد.



إن احتقار الجماهير والاستعلاء عليها دفع بعض عناصر النخبة إلى القول بأن الناس تزاحموا على الصناديق خوفا من مطالبتهم بدفع غرامات الغياب (500 جنيه). وهو قول مردود بأمرين: الأول أن الناس أقبلوا بكثافة في التصويت على التعديلات الدستورية رغم أنه لم تكن هناك غرامات تهددهم إذا غابوا. الأمر الثاني أنه تم التلويح بالغرامة لحث الناس على المشاركة، لكي لا ينفرد المنتسبون إلى التيار الإسلامي بالصناديق. وكان المقصود هو حماية الأحزاب الأخرى وحث عناصرها على الاشتراك في التصويت لضمان تمثيلها في الانتخابات.



إن الأحزاب القديمة مثل الوفد والتجمع حققت فشلا ذريعا، في حين أن الأحزاب الجديدة أثبتت حضورها. الأمر الذي يعني أن العبرة ليست بالقديم أو الجديد، ولكنها بقدرة الحزب على الحركة ومدى قبول الناس لأفكاره.



إن الحملة المصرية التي قادها الليبراليون والعلمانيون ضد تقدم الإسلاميين تفقدنا الثقة في دعاواهم، وهم الذين ما فتئوا يعظوننا في احترام الآخر وتداول السلطة، لكنهم انقلبوا على القيم التي دافعوا عنها حين رسبوا في الاختبار أمام الآخر، ولم يصبوا غضبهم على منافسيهم فحسب، لكنهم دأبوا على إهانة الجماهير والطعن في إدراكها لمجرد أنها لم تنتخبهم.



(4)

ما العمل؟ ما الذي يتعين علينا أن نفعله إزاء تصويت الأغلبية لصالح الإسلاميين؟ إذا استبعدنا خيار الانقلاب العسكري الذي قد يرد على الخاطر في مثل هذه الحالة، فلدينا في الإجابة عن هذا السؤال واحد من احتمالات ثلاثة، هي: إما أن نقبل بحكم الصناديق ونلتزم بقواعد اللجنة الديمقراطية. فيظلون في السلطة إذا ما قبلهم الناس، ويتم إسقاطهم وإخراجهم منها إذا ما رفضتهم الأغلبية، وحبذا لو أن الإسلاميين نجحوا في التوصل إلى توافق مع بقية القوى الوطنية حول ما هو مشترك بينهما. الثاني أن نعود إلى سياسة الإقصاء إما بتزوير الانتخابات لصالح الليبراليين والعلمانيين، أو بحرمانهم (أي الإسلاميين) وإعادتهم إلى السجون والمنافي مرة أخرى. الثالث أن نتخلص منهم بأي وسيلة، بإلقائهم في البحر أو إبادتهم في غرف الغاز.



في هذا الصدد لا ينبغي أن ننسى أن فكرة التوافق التي طرحت في بداية الحملة الانتخابية كانت حلا كريما وديمقراطيا يمكن أن يجنبنا الموقف المحزن الذي نحن بصدده، وكان التحالف الديمقراطي الذي ضم 40 حزبا إلى جانب الإخوان والوفد صيغة إيجابية تمكن مختلف القوى السياسية من أن تنسق فيما بينها وأن تخوض المعركة الانتخابية بقوة الخير للجميع. ولكن الضغوط التي مورست وعمليات التعبئة والشحن التي لم تتوقف لم تُبق إلا على 9 أحزاب فقط في نهاية المطاف، وكان انفراط عقد التحالف له تكلفته الباهظة، التي تحمل حزب الوفد عبأها الأكبر.



لا أعرف إذا كان من الممكن تدارك ثغرات المرحلة الأولى في المرحلتين التاليتين أم لا، لكنني أعرف أن بعض السياسيين يفرطون في ثقتهم بأنفسهم ويفضلون أن يتغير الشعب على أن يمارسوا هم نقدهم لذواتهم، لنزواتهم، ويوهمون أنفسهم بأن الشعب لم يفهمهم في حين أنه في الحقيقة لفظهم ولم يقبلهم.


Tuesday, December 6, 2011

زويل: الإعلام الغربى لا يقدم الصورة الكاملة لـ الإسلاميين


وصف صعود الإخوان بـ"الإنجاز".. وشدد على أهمية الوحدة الوطنية

زويل: الإعلام الغربى لا يقدم الصورة الكاملة لـ "الإسلاميين"

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

 الدكتور أحمد زويل


يصل إلى القاهرة اليوم العالم المصرى الدكتور أحمد زويل مفعما بالتفاؤل بشأن مستقبل مصر، مؤكدا أن تفاؤله ليس مجرد تفاؤل عاطفى ولكنه تفاؤل مبنى على بعض الظواهر والحقائق.

وقال، فى حديث بمقر السفارة المصرية فى واشنطن بحضور السفير المصرى سامح شكرى، إنه كتب مقالة فى صحيفة "الإندبيندنت" اللندنية منذ خمس سنوات بعنوان "أسس التغيير الأربع فى مصر" فى أوج عصر الرئيس المخلوع حسنى مبارك، أكد فيها أن مصر لا يمكن أن تتقدم إلا إذا تحولت إلى دولة ديمقراطية علمية، شارحا 4 نقاط إذا لم تتحقق فلن تتقدم مصر، وهى تغيير الدستور، وتحقيق سيادة القانون ليطبق على الجميع كبيرا وصغيرا، وتحقيق نهضة فى التعليم، وإصلاح الإعلام.

ونوه بأن تغيير الدستور لن يبقى رئيسا لمصر أكثر من مدتين رئاسيتين، وسيادة القانون تتحقق مع تولى قضاة مصر للعملية الانتخابية بالكامل بكل نزاهة ووفقا للمعايير العالمية الصحيحة وفقا لما شهده العالم أجمع فى الانتخابات الأخيرة.

وبالنسبة لنهضة التعليم، أشار الدكتور زويل إلى أنه شهد مؤخرا افتتاح مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، بعد أن حارب على مدى 15 عاما فى ظل نظام مبارك لبدء النهضة العلمية فى مصر من جديد، ونوه بأنه وجه حديثا للشعب المصرى عن التبرعات وتم حتى الآن جمع حوالى مليار جنيه.. وكل هذا يعطى الإحساس بالتفاؤل بناء على أسس واقعية.

وشدد زويل على الحاجة إلى التغيير فى الإعلام، مشيرا إلى أنه مازال فى وضع لا يعرف فيه كيف يعطى فكرا جديدا ويكون لديه عمق بعيدا عن الإثارة، وتساءل عما إذا كان ما لدينا من أكثر من 100 قناة فضائية تعالج المشاكل الحقيقية لمصر مثل قضايا المياه والطاقة والكهرباء والدستور.. وإلى أين نتجه.. ونوه بأن هذا لم يتم بعد ولكنه يرى أن التغيير الذى تحقق فى الثلاثة أسس الأولى سوف يؤدى بالضرورة إلى تغيير فى الإعلام.

وفيما يتعلق بتقارير وصول الإسلاميين إلى السلطة فى مصر، لفت العالم المصرى الدكتور أحمد زويل إلى أن الدستور القوى والشعب الذى ينتخب هو الذى يقرر طبيعة الحكم فى النهاية، منوها بأن المصريين موجودين والتحرير موجود إذا حدثت مشكلة عميقة تستدعى تواجدهم، لافتا إلى أنه لا يأخذ الموضوع بأى من الطريقتين اللتين يتعامل بهما الإعلام المصرى أو الغربى مع الإسلاميين ودعا إلى الانتظار لرؤية كيفية عملهم.

ونوه بأن الصحف تفيد بأن الإخوان المسلمين يختلفون فى الرأى مع السلفيين.. والمهم أن يخرج كل طرف ما لديه بما يخدم الشعب فى النهاية.. وأكد أن الوضع اليوم لا يمكن تشبيهه بأنه كله عبارة عن كعكة شكولاتة، على عكس ما كان عليه الوضع سابقا.. والشعب المصرى هو من يقرر اليوم بصوته.. مشددا على الحاجة إلى الريادة
السياسية والفكرية للبلاد.

ولفت إلى أن الإعلام الغربى لا يوضح الصورة بالكامل بشأن ما يطلق عليه الإسلاميين، مشيرا إلى أن المجتمع الأمريكى نفسه فيه متحفظين مثل الإنجيليين وفيه متطرفى اليمين الذين يمثلون حوالى 30 فى المائة وفيه الجمهوريين الوسط وفيه الديمقراطيين الليبراليين، وتأتى حكومات أمريكية يطغى عليها المتحفظون أو الليبراليون وهكذا، وأكد ثانية أن من يقرر فى النهاية هو الدستور القوى والشعب الذى ينتخب.

كما نوه زويل بأن الإعلام العربى أيضا مقصر لأنه لا ينقل الصورة بدقة، فإما أنه ينقلها بصوت عال، أو بشكل خاطئ، أو يسىء التعبير عما يريد، أو لا يعرف كيف يعبر عن وجهة نظره، ولكن إذا عرف كيف يخاطب المجتمع الأمريكى والغربى بالطريقة التى يفهمها وبهدوء فإن ذلك سيكون له مردود هائل، لأنهم يسمعون ويقرأون جيدا.

وأكد الدكتور زويل ضرورة عدم الاستهانة بالمصريين.. مشيرا إلى أن المواطن البسيط، رجلا كان أو امرأة، سيشارك عندما يرى بلده تتحرك فى الاتجاه الصحيح.. والمهم هو توفير نظام صحيح والريادة الصحيحة.

وقال العالم المصرى الدكتور أحمد زويل إن مصر مليئة بالكنوز.. وأعجبه رد السفير سامح شكرى سفير مصر لدى الولايات المتحدة عندما سوئل خلال غداء تكريم أفضل 7 قيادات على مستوى الولايات المتحدة بشأن ما إذا كانت مصر تحتاج إلى مساعدة من حيث الخبرات من الخارج فى الفترة القادمة.. وكان رده أن مصر مليئة بالشخصيات الواعية التى تستطيع القيادة، لافتا إلى أن كل ما تحتاج إليه مصر هو الوقت.. وبمجرد تشكيل مجلس الشعب سواء من الإسلاميين أو العلمانيين فإن التجربة ستفرز القادة.. منوها بأن من يسعى إلى الديمقراطية لا يمكنه أن يطلب توجها معينا.. فالأمر متروك للشعب يختار من يراه صالحا لتحقيق طموحاته.

ولفت زويل إلى أن الإخوان المسلمين حققوا إنجازا ضخما خلال الثلاثين عاما الماضية، حيث كانوا يقومون ببناء المستشفيات والمدارس والمصانع حتى فى ظل ما كان موجودا من فساد فى ظل النظام السابق.. وهو ما جذب لهم أعدادا كبيرة جدا من المصريين.. ولذلك لابد أن نمر بالتجربة الديمقراطية.. وإذا لم يؤد الإسلاميون عملهم على مستوى عال فى مجلس الشعب.. يمكن للشعب حينئذ أن يخرج مرة أخرى وينتخب مرة أخرى ويأتى بأناس آخرين.

وفيما يتعلق بنصائحه للمصريين ككل فى الوقت الراهن من أجل الإصلاح، أكد الدكتور زويل أهمية الوحدة الوطنية لمصر فى هذا التوقيت على وجه الخصوص.. ومع إصلاح العملية التعليمية والبحث العلمى.. شدد على أنه لابد من إصلاح الإعلام لمخاطبة العقل المصرى بأسلوب القرن الواحد والعشرين.. بشأن معنى الديمقراطية والعلاقة بين العلم والدين.. إضافة إلى الريادة.. على أن تكون هناك منظومة يكون شعارها حقا "مصر أولا" ولا تؤثر عليها المصالح الشخصية.

وأبدى الدكتور زويل عدم رضائه عن الأعداد اللانهاية من الفتاوى، مشددا على ضرورة إتباع الإجراءات الصحيحة للفتاوى.. وأشار إلى أنه فى مجال تخصصه لا يمكنه أن يخرج من خلال التليفزيون ويعلن اكتشافه لشىء جديد دون أن يتبع الإجراءات الصحيحة.. وهى تدوين اكتشافه بشكل منسق فى صورة بحث وإرساله للمراكز العلمية المحايدة لتقييمه، بحيث يأخذ المراحل الصحيحة له لضمان مصداقيته.. وتساءل زويل قائلا هل مر من يقومون بالفتوى على الأزهر وتأكدوا من صحة فتاويهم.. وأضاف أن هذا الخلط موجود أيضا فى الإعلام للأسف.

وفيما يتعلق برؤيته لحل مشكلة التعليم فى مصر اليوم، قال العالم المصرى الدكتور أحمد زويل إنه إذا ادعى أن لديه العصا السحرية لحل هذه المشكلة فإنه لن يقول الحقيقة بذلك.. مشيرا إلى أنها مشكلة معقدة تراكمت على مدى 30 إلى 50 عاما.. من جيله هو شخصيا حتى هذا اليوم.

ولكنه أوضح أن هذا ليس معناه أنه ليس لها حل.. مشيرا إلى أن لديه رؤية فى هذا الصدد ولكن مرة أخرى هذا ليس معناه أنها الرؤية الوحيدة.. وأن التعليم لابد أن يكون فيه وفاقا وطنيا.. ونوه بأن مدينة زويل للعلوم سيكون فيها ما يعرف بمراكز الفكر والأبحاث وسيكون أحداها مخصصا للمشاريع القومية الكبرى.. وآخر لمحو الأمية.. وآخر لقضية التعليم فى مصر.. وهكذا.

وأكد الدكتور زويل ضرورة تمشى التعليم مع العصر والابتعاد عن التلقين وخاصة سؤال "أكتب ما تعرفه عن"، مشيرا إلى ضرورة مشاركة وزارة التربية والتعليم والمدارس الحكومية والخاصة ومختلف أطياف المجتمع، وإلا لن يمكن تحقيق تطوير منظومة التعليم.

وفيما يتعلق بتطوير البحث العلمى فى مصر، أكد زويل ضرورة إنشاء ما يعرف بمراكز التميز التى لا تقل عن المراكز الموجودة فى أمريكا مثل "تالتاك" و"إم آى تى" و"هارفارد" وستانفورد" و"جورج تاون"، وأعرب عن سعادته ببدء مشروع مدينة زويل للعلوم بعد حلم استمر أكثر من 12 عاما.

وأكد الدكتور زويل أن تكنولوجيا المعلومات سيكون لها فريق دائم بمدينة زويل للعلوم ومن بينهم أستاذ كان فى أمريكا ويتركها ليعود إلى مصر لهذا الغرض ليقود المسيرة فى المدينة.. وأكد أن مدينة زويل للعلوم ستبنى على كل ما هو موجود من مراكز التميز فى مصر ومنها القرية الذكية.. مشيرا إلى أنها لن تكون جزيرة
معزولة.. بل ستعمل على تحقيق تكامل على مستوى الجمهورية.. ونوه بأنه بعد الانتهاء من إنشاء مدينة زويل للعلوم لابد أن تكون هناك مدينة أخرى للأقمار الصناعية على سبيل المثال فى الإسكندرية.. وغيرها فى أسوان وهكذا.

وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادى فى مصر، فقد وصفه العالم المصرى الجليل الدكتور أحمد زويل بأنه "صعب"، مشيرا إلى أن السياحة هبطت إلى نسبة 10 إلى 20 فى المائة.. كما أن الوضع الأمنى لا يساعد على الاستثمار وهو أكبر عامل يحقق النقد الأجنبى.. إضافة إلى فقد مبالغ ضخمة من الاحتياطى النقدى.

ونوه أيضا بأن التوقعات والطموحات بعد الثورة عالية ومن كان يحصل على 100 جنيه يريد الآن أن يحصل على 2000 جنيه وهكذا.. وأكد ضرورة الانضباط وتحقيق الأمن والعمل الجاد والإنتاج.. وإلا فلن يمكن تحريك الاقتصاد.. ولم يصف الدكتور زويل الوضع بالخطر ولكنه أبدى قلقه الشديد.. مشيرا إلى أن أكثر ما يمكن أن يهز مصر أكثر مما رأيناه بكثير هو "ثورة الجياع".. محذرا من أنه إذا وصل الاقتصاد إلى وضع سيئ جدا فالكل سيعانى.

وأكد الدكتور زويل أن مصر مازال أمامها فرصة جيدة، مشيرا إلى أن مصر مازال فيها خير ونوه بأن سبب هذا الخير هو العامل الدينى.. وهو ما قد لا يوجد فى بلاد أخرى.. مشيرا إلى أن المصريين لازالوا حريصين على أن لا يناموا وهم شبعى وأحد جيرانهم ينام وهو جوعان.

وأعرب الدكتور زويل عن أمله فى أن تتمكن الحكومة الانتقالية من العبور بمصر خلال فترة الانتخابات على أن يكون تركيزها على الأمن والاقتصاد. وفيما يتعلق بالدعم الخارجى لمصر وخاصة من أمريكا خلال هذه المرحلة وعدم رضاء الكثيرين عنه، اتخذ زويل من تمويل مدينة زويل للعلوم مثالا للرد على هذا السؤال.

مشيرا إلى أنه توجه للشعب المصرى بحديث أكد فيه أنه لا يمكن بناء هذه المدينة بانتظار تبرعات من خارج مصر.. بمعنى تبرعات عربية من الخليج كما كان النظام السابق يحاول.. أو تبرعات من أمريكا أو أوروبا.. وقال زويل إنه يقول بدلا من ذلك "لابد من التعاون.. وإذا كان المصريون يريدون حقا تحقيق شىء على المستوى العالمى فلابد أن يكون ذلك بأياد مصرية.. مشيرا إلى أن مصر عندما بنت الهرم لم تفعل ذلك بمساعدة من أحد بل بسواعد مصرية مائة فى المائة.. وإذا كنا نريد اليوم بناء مشاريع عملاقة ونغير من الوضع المصرى الحالى.. فلن يبنى مصر غير المصريين.. وهذا ليس معناه ألا نتعامل مع القوى الخارجية.. كما لا يعنى ألا نكون فى المنظومة العربية.. ولكن ذلك يأتى بعد أن "تحترمك الناس" كمصرى وتعرف أنك لديك الإرادة القومية أن تفعل شيئا.. وعندها سيأتيك الكثير.. اقتصاديا وسياسيا وثقافيا... إلخ.. حتى إذا تطلب هذا ربط الحزام".

وأعرب زويل عن أمله فى أن تكون القيادة السياسية أمينة مع الشعب المصرى وتقول هذا الكلام.. فحتى إذا تطلب ذلك ربط الحزام.. فإن المصريين قادرون على ذلك.. حتى تصبح مصر فى النهاية مصر غير التى نعيشها اليوم.

وأكد العالم المصرى الدكتور أحمد زويل أنه ليس له تطلعات إلى كرس سواء لرئاسة الجمهورية أو غيرها ولم يتطلع فى حياته إلى أى منصب سياسى.. مشيرا إلى أنه تلقى العديد من العروض لكى يكون رئيس أكثر من جامعه ومؤسسة ولكنه رفض لأنه سعيد جدا بما يقوم به ولأن التأثير الذى يحققه فى بلد مثل مصر وهى بلده الأم لا يحتاج إلى كرسى كما أنه تأثير باق إلى الأبد لشبابنا وأبنائنا ومستقبلنا.

وفيما يتعلق بشكل التواصل مع النخب السياسية فى مصر، قال الدكتور زويل إنه لا يمكنه أن يأخذ أى صبغة سياسية حتى يتمكن من عمل ما يقوم به وما يريد القيام به، ولذلك فإنه يتحرك من منطلق قومى وليس حزبيا.

وأضاف زويل أنه بالتالى عندما يخاطب فإنه يخاطب الشعب المصرى سواء من خلال كتاباته أو من خلال الأحاديث والمقابلات التليفزيونية أو من خلال اللقاءات العامة. وأشار إلى أنه عندما يكون هناك نداء وطنى مثلما حدث عند قيام ثورة 25 يناير فإنه يكتب، مثلما كتب مقالة فى صحيفة "نيويورك تايمز" فى اليوم التالى للثورة مباشرة وألقى بيان على قناتى "الجزيرة" و"دريم" أكد فيه أن الرئيس مبارك لابد أن يتنحى.. لأن هذا عمل وطنى وليس له علاقة بحزب


حمدى قنديل يكتب: شهادة لـ«الجنزورى» وشهادة عليه

٥/ ١٢/ ٢٠١١
علاقتى بالدكتور كمال الجنزورى لا يزيد عمرها على عامين، أى بعد مجىء الدكتور البرادعى إلى مصر مباشرة.. تفضل بالاتصال بى، والتقينا، وتكررت لقاءاتنا منذ ذلك الحين، خاصة أنه يسكن الحى نفسه: مصر الجديدة.. أظن أن الكل بات يعرف الآن أنه يستأجر هناك شقة متوسطة المساحة لايزال يقطنها منذ نحو ٣٠ سنة، أما «المكتب» الذى نلتقى فيه فهو شقة أعارها له زوج ابنته ليستقبل فيها ضيوفه..
الدكتور الجنزورى، على ما أعلم، ليست لديه أملاك، بل إنه لا يملك سيارة، وهو رئيس الوزراء السابق الوحيد الذى لم يتعطف عليه مبارك بعد خروجه من الوزارة برئاسة بنك أو إدارة شركة أو وسام، مثل ذلك الذى منحه لوزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان.. هو رجل شريف، وهذا ما زاد من إعزازى له، ومن تقدير الناس.
سجل الدكتور الجنزورى فى الحكم ليس على المستوى نفسه من الوضوح، ففى حين يتغنى أنصاره بإنجازاته، نجد لدى خصومه قوائم جاهزة من الإخفاقات، بدءاً من توشكى وشرق التفريعة وحتى سياسة الخصخصة وقروض رجال الأعمال الكبار، إلى عدائه لحرية الصحافة.. لكنه حتى وإن كان قد أخطأ فقد يغفر له أنه لم يكن يسمح بالفساد، وهو ما استعدى الثالوث الأشهر: يوسف بطرس غالى وصفوت الشريف وزكريا عزمى، وأطاح به فى النهاية.. الروايات حول مشهد النهاية لا تحصى، لكن ما أستطيع استخلاصه هو أن الرجل كان كثير الاعتزاز بنفسه، وكان يريد أن يمارس صلاحيات منصبه دون نقصان.
معظم أحاديثنا كان فى الشأن السياسى، ولم يكن مفاجئاً لى استياؤه البالغ من عموم الأوضاع فى البلد.. الذى فاجأنى فيما بعد أنه كان دائم الاتصال بعدد من الكتاب المعارضين وبعض الرموز السياسية أيضاً، بل إنه حملنى رسائل إلى بعضهم، وكان متحمساً بصفة خاصة للجمعية الوطنية للتغيير وإن لم يبد الحماس بنفسه للدكتور البرادعى..
أكثر ما كان يحيرنى فيه هو أنه كان دائم النصح لبعض رموز عهد مبارك، بل ولمبارك نفسه، برسائل غالباً ما كانت تتعلق بشؤون الاقتصاد، وأنه كان يلبى دعوات الرئاسة للحضور فى المناسبات الرسمية، وكنت بحسن الظن دائماً ما أعتقد أنه يريد أن ينقذ ما يمكن إنقاذه من المستنقع الذى هوت إليه مصر، وأنه يريد أن يأمن جانب السلطة حتى يتحين الفرصة للانقضاض.
ما لا يعرفه كثيرون أن تردده الدائم فى إبداء الاعتراض العلنى كان يرجع إلى تعلقه بحفيده، ووسواسه الدائم أن أياً ممن يريدون تصفية الحسابات معه سوف يتصيدون الحفيد.. وكنت أرى أن هذا التخوف مبالغ فيه، بل وإن حماية الحفيد يمكن أن تكون فى إعلان الاعتراض، حيث سيكون الجرم عندئذ مشهوداً والدافع إليه غير خاف على أحد.. وكنت أقول له إن من يراقبون مكالماتك ويرصدون تحركاتك وضيوفك بدأوا يتيقنون من نواياك، والأفضل أن تباغتهم قبل أن يقنصوك..
 قبل الثورة بأسابيع قليلة بدأ يميل إلى إصدار بيان ينضم فيه إلى صفوف المعارضة، بل إننى يمكن أن أجزم بأنه أسر إلى اثنين من القريبين منه بأنه أعد أول مسودة للبيان وأنه عازم على نشره، إلا أن الثورة هى التى فاجأت الكل.. وعندما عدنا بعدها إلى الحديث عن البيان، لم يقبل أن يظن به أحد أنه ينتهز الفرصة ليركب موجة الثورة.
فى الشهور الثلاثة الأخيرة لم يباعد بينى وبين الدكتور الجنزورى الانشغال ببرنامجى الجديد فى قناة «التحرير» فقط، ولكننى لاحظت الاتصالات بينه وبين المجلس العسكرى، الذى كانت شكوكى فى نواياه قد تزايدت، وفهمت من العالمين ببواطن الأمور أنه يعد ليكون المرشح الرئاسى المفضل، وليس رئيساً لحكومة تحل محل حكومة شرف.. فى المقابل كانت القوى الوطنية قد بدأت الدعوة إلى حكومة إنقاذ برئاسة الدكتور البرادعى، ورغم خلافى المعروف معه فقد أبلغت كل رفاقنا بأننى متفق مع ما تتجه إليه الغالبية، وأننى لا يمكن أن أنكر دور الدكتور البرادعى المشهود فى الثورة..
 لكن المجلس العسكرى، اتساقاً مع غطرسته التى تنامت مؤخراً ومع ازدرائه للقوى السياسية، اتخذ قراره بتكليف الدكتور الجنزورى برئاسة ما سمى «حكومة الإنقاذ»، وتشكيل المجلس الاستشارى الصورى، وهو ما زاد من حدة الانقسام بين صفوف الشعب.. لهذا عارضت حكومة الجنزورى بصرف النظر عن شخص رئيس الحكومة، ولا أزال أعارضها.
أعرف أن المجلس العسكرى لا يمكن أن يعود عن هذا القرار ويشكل حكومة ثورية، وأقر له بأنه كان ماهراً فى اختيار توقيته والبلد مشغول بالانتخابات، يكاد لا يعنى بشىء آخر، وسيظل مشغولاً بها حتى منتصف يناير.. كغيرى، أكره أن يرغمنا المجلس العسكرى على تقبل الأمر الواقع، ولكننى لا أجد بديلاً سوى الوهم بأن الثورة ستستطيع أن تفرض حكومتها.. بموازين القوة القائمة، يمكننا أن نسقط الجنزورى، لكنه يستحيل علينا أن ننصب رئيساً من صفوفنا الآن، وحتى لو حدث هذا فسوف يكون ثمنه صراعاً لن يخلو من إراقة مزيد من الدماء.
ربما يكون الأجدى والأكثر تعقلاً الآن أن نقبل، ولو مرغمين، بإتاحة الفرصة لحكومة الجنزورى حتى ٢٥ يناير، عيد الثورة.. حينها نحاسبه عما أدى فى مجال الأمن وفى مجال الاقتصاد، ونحاسبه عما حققه من أهداف الثورة وفى مقدمتها المحاكمة العادلة الناجزة لمبارك ولقتلة الثوار، وعزل من أفسدوا الحياة السياسية، وإيقاف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، والإفراج الفورى عن المعتقلين والمسجونين من شباب الثورة، وعلاج المصابين وتعويض أسر الشهداء.. لن يطول انتظارنا إذن أكثر من شهرين، وانتظارنا هذا ليس هزيمة..
نحن لم نهزم.. لقد حققت الثورة الكثير.. أسقطنا مبارك، وأقلنا حكومة شرف، وفتحنا الطريق أمام الملايين ليقرروا بأصواتهم مستقبلهم، وسحقنا فلول الحزب الوطنى فى الانتخابات، وغيرنا وجه مصر.. ولكن لابد أن نعترف فى الوقت ذاته بأن قبضة الثورة بدأت تتراخى قليلاً، وأن أعداءها يتربصون بها، وأن عموم الناس يريدون فسحة وقت لالتقاط الأنفاس.. لتكن إذن فرصة حدها الأقصى ٢٥ يناير لإعادة تنظيم الصفوف ومواصلة الضغط على المجلس العسكرى وعلى الحكومة ذاتها، حتى نقطع دابر أى محاولة لإجهاض الثورة.
أعرف أن هذا ليس الوقت المناسب لطرح اقتراحى والدكتور الجنزورى يتخبط فى اختياراته ويبدو كما لو كان يشكل حكومة شرف معدلة، يتصدرها مرشحون من غياهب عهد مضى، وأعرف أنه أخطأ خطأ فادحاً بقبوله هذا التكليف، وأعرف أن البعض سيتفق معى وسيختلف آخرون، لكننى لا أود أن أسترضى هؤلاء أو أستفز أولئك.. يكفينى أن أرضى ضميرى.
 

مرحباً بالإخوان فى الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة

د. إبراهيم البحراوى   
 ٦/ ١٢/ ٢٠١١

فى عز جبروت النظام البائد نشرت مقالاً هنا فى «المصرى اليوم» بتاريخ ٢١/٥/٢٠٠٥ أعترض فيه على حملة الاعتقالات، التى شملت عدداً من رموز الإخوان المسلمين تحت عنوان «سيادة الرئيس حاور الإخوان ولنخمد الفتنة». كانت الجملة الختامية فى المقال متحدية لمنطق القمع ومصادرة حريات الإخوان قلت فيها مخاطباً الرئيس «لكل هذا حاور الإخوان يا سيادة الرئيس أو اعتقلنى معهم».

فى نفس المقال أبديت اعتراضى على تصريح أدلى به رئيس الوزراء آنذاك د. أحمد نظيف وهو فى الخارج يبرر فيه قيام حكومته باعتقال الإخوان بقوله إن الحكومة تعتقلهم، بسبب خروجهم فى مظاهرات للشارع. أعتقد أن التذكير بهذا المقال المنشور منذ ست سنوات يمثل ضرورة موضوعية ليكون ترحيبى اليوم بالفوز الذى حققه حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين فى المرحلة الأولى من انتخابات البرلمان واقعاً فى سياق تاريخى واضح.

لقد جلست أمام مشهد الحوار بين وائل الإبراشى والدكتور محمد مرسى، رئيس هذا الحزب، يوم الخميس الماضى فى برنامج الحقيقة، وأنا أمنى نفسى مع كل وعد يقطعه الرجل على حزبه بأن تكون مصر مقبلة على حالة من الازدهار الديمقراطى وتفتح الحريات الأساسية والتنمية الشاملة القادرة على تكبير كعكة الاقتصاد الوطنى، وكفالة آليات عدالة التوزيع للثروة الوطنية.

قال الدكتور مرسى إن حزبه ملتزم بما نصت عليه وثيقة الأزهر حول طبيعة الحكم والدولة مكرراً ومعدداً سمات هذه الدولة على أصابعه، وهى دولة وطنية ديمقراطية دستورية حديثة بكل المعانى، التى تنطوى عليها هذه الصفات. لو صدق وعد الرجل فى الممارسة، واستطاعت قيادة الإخوان التى تضم كوادر رفيعة من حيث المستوى العلمى أن توجه حركة القواعد الحزبية فى اتجاه الالتزام بهذه السمات للدولة، فإن مصر ستفوز حتماً ببرلمان عصرى قادر على إصدار تشريعات تقدم مصلحة الأمة ووحدة نسيجها ونهضتها الشاملة. لقد لمحت فى حديث الدكتور مرسى وذكره تجربة إعداده الدكتوراه فى الولايات المتحدة- أفقا لعالم متمكن فى العلوم التطبيقية، وعندما سألت الدكتور عصام العريان عن تخصصه قال إنه متخصص فى مادة المواد materials وأنه أستاذ فى كلية الهندسة.

إننى أعتقد أن من حقى على الإخوان أن أطالبهم بالتزام الصدق فى هذه الوعود حول طبيعة الدولة، وأن أقول لزعمائهم نفس ما سبق أن قلته للرئيس السابق فى مقالى المذكور المنشور فى مايو ٢٠٠٥، فقد قلت بالنص «سيادة الرئيس.. دعنى أقل إننى قد أحتمل أى شىء وأصبر على أى مكروه. إلا أن أرى شعب مصر أو قطاعاً منه أو فصيلاً سياسياً مهما كان خلافى معه عميقاً يهان بالاعتقال ويزج به وراء القضبان دون محاكمة عادلة». فى أعقاب نشر ذلك المقال نشطت حالة التحريض ضدى من العناصر، التى لم تكن تريد لمصر نظاماً ديمقراطياً، وتحرص على احتكار السلطة والثروة ووصل التحريض إلى حد إخطار أحد كبار المسؤولين عن «المصرى اليوم» بأن هذا الكاتب والمقصود كاتب هذه السطور هواه إخوانى. عندما سألنى مسؤول بـ«المصرى اليوم» عن باعث هذه الشائعة قلت إن الهوى الوحيد الذى يسيطر على نفسى هو أن تكون مصر دولة ديمقراطية قادرة على إشراك جميع أبنائها فى إدارة حياتها السياسية دون إقصاء لأحد.

إن تلك الموجة من التحريض لم تردعنى عن المناداة بحرية الإخوان كفصيل سياسى وطنى قادر على إثراء الحياة المصرية، ولم تردعنى أيضاً عن الدفاع عن حق كل السياسيين فى التعبير الحر عن آرائهم أيا كانت اتجاهاتهم، وهو ما ظهر فى إدانتى لعملية اختطاف الكاتب عبدالحليم قنديل وإلقائه عارياً فى الصحراء.

مرة أخرى أقول إن من حقى أن أناشد الإخوان أن يقدموا لمصر أكثر درجة من الاستنارة الفكرية، وأن يجنبوها التيه فى تجارب فكرية متخلفة حتى لا يقدموا الذرائع لأعداء الديمقراطية للقول بأن الإخوان سيقودون مصر إلى حكم طالبان فى أفغانستان بمواصفاته، التى تجانب التقدم والنهضة والحداثة، وإطلاق الطاقات الكامنة فى القوى البشرية المصرية العملاقة، التى ما زالت تنتظر لحظة التحرر من أسر البيروقراطية المعرقلة والمحسوبية والفساد المهدر للطاقات.

إننى أرجو من الدكتور مرسى، عالم الهندسة، أن يقرأ مقالى المنشور هنا يوم الثلاثاء ١٥/١١/٢٠١١ تحت عنوان «دعوة لمواجهة تحديات استراتيجية إسرائيل ٢٠٢٨». لقد وضعت فى هذا المقال حوالى عشرين تحدياً تفرضها علينا إسرائيل بقدرتها على التخطيط بعيد المدى للتنمية الشاملة، التى تستهدف وضع إسرائيل فى مصاف الدول العشر إلى الخمس عشرة الأولى فى العالم بمعيار معدل النمو الذى يصل إلى ٦٪، وبمعيار متوسط دخل الفرد، الذى يصل إلى خمسين ألف دولار، وبمعيار تطوير نظام الحكم ليجمع بين النظام الرئاسى والبرلمانى المختلط ليتفرغ الرئيس المنتخب لشؤون الدفاع والسياسة الخارجية ويتفرغ رئيس الوزراء، وهو أيضاً منتخب، للشؤون الداخلية، وبمعايير التقدم التكنولوجى والارتقاء بتكنولوجيا الفضاء المتقدمة أصلاً والبحث العلمى وتطوير الصناعات التقليدية، وتقليص الفجوات الاجتماعية بالبحث عن صيغة حميدة للرأسمالية تضمن النمو وعدالة التوزيع، وبمعيار الارتقاء بالقوى البشرية عن طريق التعليم العام والجامعى، وتشجيع الابتكار والاختراع وروح المبادرة.

أقول للإخوان إذا كان قدر مصر أن تقودوا الدورة الأولى فى برلمان الثورة، فإننى أرجو أن يسجل لكم التاريخ أنكم استطعتم وضع برنامج عمل تحتل مقدمته الأولويات الخاصة ببناء مصر وقوتها ومنعتها والخاصة بازدهار علومها والنهوض بالطبقات الضعيفة والارتقاء بالقوى البشرية والاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية. أرجو أن يسجل لكم التاريخ أنكم تمثلون قوة نهضة وتوحيداً لنسيج المجتمع.

ولأننى أتمنى النجاح لكل من يختاره شعب مصر بإرادته الحرة، فإننى أرجو أن تنجح تجربة الديمقراطية الوليدة بأن يحترمها كل من صعد على سلالمها إلى مقاعد السلطة، وأن يحرص على إنضاجها وتنمية الثقافة الملازمة لها من احترام للآخر واحترام للحوار، والأخذ بمبدأ الشفافية، وبمبدأ توسيع المشاركة فى المسؤولية.

الميدان والبرلمان وما بينهما


  بقلم   د.عمار على حسن  

«١»

الشعب الذى يمتلك حق وحرية الاختيار، يمتلك أيضا القدرة على تنقيح اختياره وتصحيح مساره، المهم أننا فى طريقنا إلى امتلاك قرارنا كاملا لأول مرة فى تاريخنا المديد.. الشكر والعرفان لشباب مصر الأبى، والمجد لشهداء ثورتنا العظيمة.

«٢»

وزراء بلا صلاحيات هم مجرد «أسماك زينة» أو رهائن جدد عند صاحب السلطة، ولا أمل ولا خير فى رجل يتولى مصالح الناس وهو مجرد من أى قدرة على اتخاذ القرار، ولا حول له ولا طول، وليس أمامه من سبيل سوى البقاء إلى جانب هاتفه فى انتظار الأوامر. هذا عار بعد ثورة أريقت فيها دماء زكية من أجل الحرية.

«٣»

يظن المتعجلون أن «البرلمان» و«الميدان» أمران متناقضان. فى الحقيقة هما مساران متعانقان، لا غنى لأحدهما عن الآخر، بشرط أن يؤمن من ينوب عن الأمة أن الشعب اختاره ليكمل طريق الثورة لا أن ينضم إلى الثورة المضادة، ويؤمن من يعتصم من الغاضبين أن الثورة فى حاجة ماسة إلى مؤسسات تدافع عنها، ليبقى «البرلمان» مسيراً و«الميدان» ضميراً.

«٤»

فقد «أحمد حرارة» نور عينيه من أجل أن يدخل حزب «النور» إلى دنيا السياسة من أوسع الأبواب. وفقد علاء عبدالفتاح حريته من أجل أن يتقدم حزب «الحرية والعدالة» على ما عداه. لا بأس هنيئا للإخوان والسلفيين بما حصدوا، وأعانهم الله على التركة الثقيلة التى خلفها مبارك وعلى تكليف الشعب لهم باستكمال الثورة، وكلنا يجب أن نتكاتف فى سبيل عبور أزمتنا وإكمال رحلتنا. المهم ألا ينسى من فاز فى غمرة الانتشاء بالنصر حق وثأر أمثال حرارة وعبد الفتاح، وكل أولئك الذين هدموا الجدران وفتحوا أمام الذاهبين إلى الجلوس على مقاعد البرلمان طريقا إلى التمكن.

«٥»

الإسلام لم ولن يكون محل تنازع بين المصريين، فحتى المسيحيون الشرقيون ديانة هم مسلمون ثقافة وأغلبيتهم تقر بهذا وترى فى اعتراف الإسلام بالأديان السماوية السابقة عليه نقطة التقاء يجب تعزيزها. والإسلام، دين عظيم خاتم، ليس حكرا على أحد ليتكلم باسمه ويحتكر خطابه، وكثير ممن ينتقدون أو يتحفظون على أداء من يتخذون من الإسلام أيديولوجية لهم ليسوا خائفين من الدين لكن خائفون على الدين.

«٦»

ما اختلى «عسكر» بـ«ثورة» إلا كان الشيطان ثالثهما. وما انفرد بها« فلول» على اختلاف ألوانهم وأصنافهم إلا واغتصبوها.

«٧»

السلطة الذكية هى التى تدع المستقبل يولد على أكف الحاضر من دون عنت ولا عناء. أما الغبية فتتباطأ وتراوغ وتتجبر حتى يؤخذ منها كل شىء عنوة، فتنقضى وتسقط وتصبح نسيا منسيا.

«٨»

الغضبة القادمة لن تجعل على أرض بلادنا من الظالمين المستبدين الفاسدين ديارا. فلا يعتقد الواهمون أن ثورتنا قد انقضت، ورست على شاطئ النهاية، بل ليعلموا أنها تلفظ الآن خبثها، وتفصل بين المؤمنين بها والرافضين لها وتعرى كل المنافقين، ثم تعود نقية جلية كماء هادر يجرف أمامه كل النفايات.

«٩»

الثورة كالبركان، ينفجر نارا تلظى ثم يهدأ لتصير حممه تربة خصبة ينبت فيها القمح، وتزهو الرياحين.

«١٠»

اللهم احفظ مصرنا العظيمة، ووفق أهلها الطيبين إلى إبصار قيمتها وقامتها، فيأخذوا بيدها، ويرفعوا هامتها بين الأمم، لتصير دوما منارة للعالمين