Thursday, February 28, 2013

إسرائيل تقود الثورة المضادة بمصر

http://www.elshaab.org/thread.php?ID=51906

كتب: محمد رجب
<< نتنياهو يطالب أمريكا بالضغط على العسكر فى مصر لعدم تنازلهم عن صلاحياتهم<< مركز أبحاث إسرائيلى: «كامب ديفيد» أهم الأسس التى يقوم عليها «الأمن القومى» الصهيونى
أبدى العديد من المفكرين الإسرائيلين تخوفهم من صعود الرئيس محمد مرسى إلى سدة الحكم بمصر، وأوصى العديد منهم بضرورة شن حملة إعلامية عدائية ضده حال فوزه وإنهاكه بمزيد من الخلافات الداخلية. وهوما أكدته القناة الثانية الإسرائليه فى 22 مارس من العام الماضى؛ فقد كشف تخوف نتنياهو من وصول الإسلامين إلى حكم مصر، ما دفعه إلى الاتصال بالإدارة الأمريكية مطالبا بالضغط على العسكر بعدم التنازل عن صلاحياتهم لأية قيادة مدنية مصرية منتخبة، خاصة من التيار الإسلامى. ترجع تلك المخاوف لأسباب رصدها العديد من المفكرين والمستشرقين اليهود، أهمها:
ما صدر عن مركز أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى تحت عنوان الهزة فى العالم العربى، ومغزاها للجيش الإسرائيلى؛ إذ أكد أن «كامب ديفيد» التى وقَّعتها مصر وإسرائيل عام 1979، أحد أهم الأسس التى يقوم عليها «الأمن القومى» الإسرائيلى؛ إذ إن هذه الاتفاقية أخرجت أكبر دولة عربية من دائرة العداء مع إسرائيل، مما منح تل أبيب القدرة على التفرغ لمواجهة التحديات الاستراتيجية على الجبهات العربية الأخرى، إضافة إلى أنها قلَّصت إلى حد كبير إمكانية اندلاع حرب كبيرة بين إسرائيل والدول العربية تشكل تهديدا وجوديًّا للكيان الصهيونى، وهو ما أكدته مجلة «عدكون استراتيجى»، وكشفت عن أهمية إسهام «كامب ديفيد» فى الأمن القومى الإسرائيلى، لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن هذه الاتفاقية شكَّلت الأرضية لنقل العلاقة المصرية- الإسرائيلية من مرحلة إنهاء العداء إلى الشراكة الاستراتيجية الكاملة، وذلك فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك. فقد وظَّف مبارك الوزن الإقليمى لمصر فى مساعدة إسرائيل على تنفيذ مخططاتها الاستراتيجية ضد الأطراف العربية الأخرى. ومما لا شك فيه أن إسرائيل شنت الحرب على لبنان عام 2006، والحرب على غزة عام 2008 فى ظروف مثالية بفضل المظلة الإقليمية التى وفرها مبارك، فضلا عما كشفه «يوسى ميلمان»، معلق الشئون الاستخبارية بصحيفة «هاآرتس»، عن أن إسرائيل باتت مهددة بخسران التعاون الأمنى والاستخبارى القوى والعميق الذى كان قائمًا بين الأجهزة الأمنية المصرية ونظيراتها الإسرائيلية، والذى لعب اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات المصرية السابق، الدور الحاسم فى بلورته وتطويره.
وما أكده «يهودا دحوح هليفى»، الباحث فى معهد القدس لشئون الجمهور والمجتمع؛ فقد كتب:
إن أحدًا فى إسرائيل لا يساوره أدنى شك فى أن مصر فى عهد مرسى لن تقبل بمواصلة الشراكة الاستراتيجية مع تل أبيب؛ فسياسات الأمن القومى المصرى فى العهد الجديد سترتكز على مبادئ مناقضة تمامًا للأسس التى كانت تستند إليها فى عهد مبارك، وعلى الرغم من تشديد الرئيس مرسى على أن مصر تحت قيادته ستلتزم بكل الاتفاقات الدولية، فإن صناع القرار فى تل أبيب ينطلقون من افتراض مفاده أن التحولات التى طرأت على البيئة الداخلية المصرية ستفضى فى النهاية إلى جعل اتفاقية «كامب ديفيد»، ليست أكثر من مجرد اتفاق لوقف إطلاق نار. لقد دفع الواقع الجديد العديد من الجنرالات الإسرائيليين المتقاعدين إلى دعوة صناع القرار فى تل أبيب بصراحة إلى الاستعداد لتحول مصر إلى طرف عدو، مع كل ما يتطلبه ذلك من استعدادات أمنية وعسكرية، ولا يمكن هنا تجاهل الحكم القاطع الذى أصدره وزير الخارجية الإسرائيلى «أفيغدور ليبرمان» الذى اعتبر أن مصر فى عهد مرسى ستكون أخطر بكثير من إيران، وهو ما دفعه إلى الدعوة إلى إعادة تقييم خارطة المخاطر الاستراتيجية التى باتت تواجه إسرائيل، مما دفع «يهودا بلنغا» أبرز المستشرقين الإسرائيليين، للدعوة إلى ضرورة إعادة إسرائيل إلى مفهوم الأمن القومى الإسرائيلى فى أعقاب فوز مرسى.
لم تتوقف المخاوف الإسرائيلية من فوز مرسى عند هذا الحد، بل امتدت إلى عدم قدرتها على ضرب المقاومة الفلسطينية، وهوما كشفه «بن كاسبيت» كبير المعلقين بصحيفة «معاريف» الإسرائيلية، حيث طالب صناع القرار فى تل أبيب بإبداء أقصى درجات الحذر قبل أن يأمروا بشن أى عمل عسكرى ضد حركات المقاومة الفلسطينية، سيما فى قطاع غزة بعد فوز مرسى،
 فضلا عن رعب القادة الإسرائيليين من  أن تنتقل التجربة المصرية فى حال نجاح مرسى إلى دول عربية أخرى؛ إذ يمثل هذا التطور مناخًا مناسبًا لسيطرة الحركات الإسلامية على مقاليد الأمور فى المزيد من الدول فى العالم العربى، فصلاعن تخوف صناع القرار فى إسرائيل من أن يؤثر صعود مرسى على مستقبل نظام الحكم فى الأردن، الذى يوصف فى أوساط القيادة الإسرائيلية بأنه «أوثق حلفاء» إسرائيل فى المنطقة؛ فقد كشفت دراسة «عوديدعيران» السفير الإسرائلى لدى الأردن تحت عنوان «الأردن.. مظاهرات وإصلاحات على نار هادئة» كشف فيها عن تخوف النخبة الإسرائيلية أن يؤدى وصول الإخوان المسلمين إلى سُدَّة الحكم فى مصر إلى تشجيع «الإخوان» فى الأردن على مواصلة الضغط بقوة من أجل تحويل النظام الأردنى إلى «الملكية الدستورية»، فيصير الملك مجردًا من الصلاحيات التى مكَّنته حتى الآن -حسب اعتقادهم- من توظيف الأردن فى خدمة المصالح الإسرائيلية، وهو ما نقلته القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلى فى 22 يونيه 2012 نقلا عن مصادر رسمية أبدت قلقها من زياده تأثير الإسلاميين فى دول الجوار كالأردن وسوريا، ويخشون تداعيات سقوط نظام الرئيس السورى بشار الأسد فى أعقاب حديث إسرائيل المفاجئ عن «تعاظم دور الإسلاميين فى الثورة السورية»، ويرى الكثير من النخب الإسرائيلية أنه فى حال تم تحويل النظام فى الأردن إلى الملكية الدستورية، وفى حال تولى الإسلاميين مقاليد الأمور فى سوريا، فإن إسرائيل ستفاجأ وقد أحاط بها طوق سنى يبدأ بتونس ويمر بليبيا ومصر والأردن وسوريا وينتهى بتركيا.
فضلا عن التكلفة الاقتصادية التى تكبدها الاقتصاد الإسرائيلى من فوز مرسى؛ فنشر موقع صحيفة «معاريف» التكلفة الاقتصادية لإعادة بناء القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلى عقب فوز مرسى؛ فقد طلبت هيئة أركان الجيش الإسرائيلى من وزارة المالية تحويل 4.5 مليارات دولار عاجلا إلى موازنة الأمن، وذلك لتمويل متطلبات إعادة بناء قيادة الجبهة الجنوبية فى الجيش، والمكلفة بمواجهات التحديات الناجمة عن التحولات المتوقعة فى السلوك المصرى تجاه إسرائيل فى المرحلة المقبلة. مما دفع القادة الإسرائيليين إلى الدعوة إلى عدم الاستسلام بل ومقاومة الوضع الجديد فى مصر، وهو ما أكده «بن أليعازر» فى حديثه لصحيفة «ذى ماركير»؛ فقد  دعا صناع القرار فى تل أبيب إلى ألا يستسلموا لما آلت إليه الأمور فى مصر؛ الذين شرعوا بالفعل فى تحرك مباشر من أجل تقليص الأضرار الناجمة عن تولى مرسى مقاليد الأمور فى مصربكافة الطرق، وأكد أن مصالح إسرائيل «القومية» تقتضى مواصلة قادة العسكر فى مصر الاحتفاظ بمعظم الصلاحيات التى يتمتعون بها، سيما تلك المتعلقة ببلورة سياسات الأمن القومى المصرى. وقد اعتبر «بنيامين بن أليعازر»، وزير الحرب الإسرائيلى الأسبق، ومهندس العلاقات المصرية الإسرائيلية، أن أى مساس بالصلاحيات التى حصل عليها العسكر بعد انتقال السلطة إليهم فى أعقاب خلع مبارك يمثل ضررًا بمصالح إسرائيل «القومية». وقد حرصت إسرائيل منذ خلع مبارك على الحفاظ على صلاحيات العسكر من خلال حملات دبلوماسية سرية هدفت إلى مساعدة العسكر على مواصلة الاحتفاظ بالصلاحيات، وهو ما كشفته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلى فى 22 مارس 2012 عن اتصالات نتنياهو بالإدارة الأمريكية وحثها على الضغط على العسكر بعدم تنازلهم عن صلاحياتهم لمرسى، وقد حثَّ كثير من الباحثين الإسرائيليين صنّاعَ القرار على مواصلة الضغط على الولايات المتحدة للحيلولة دون استتباب الأمور لأى رئيس مصرى يصعد إلى الحكم من صفوف الحركات الإسلامية، أبرزهم الباحث والدبلوماسى السابق «إيلى فيدر» فى صحيفة «معاريف». فضلا عن مطالبة البعض باستخدام المعونة الأمريكية لردع مرسى، وهو ما كشفه «يوسى بلين» فى إسرائيل اليوم فى 27 يونيه 2012؛ فقد أكد أنه على الرغم من المخاوف الكبيرة التى تعبِّر عنها النخبة الإسرائيلية فى أعقاب فوز مرسى، فإن هذه النخب تراهن على آثار الواقع الاقتصادى والاجتماعى السيئة التى ورثها مرسى عن النظام السابق. وتأمل بعض النخب الإسرائيلية أن تجعل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة فى مصر، الرئيس الجديد يبدى حرصًا على الحفاظ على المعونة السنوية التى تقدمها الولايات المتحدة لمصر. وهذا بالضبط ما دفع بعض السياسيين الإسرائيليين إلى الدعوة لتوظيف هذه المعونة فى الضغط على الرئيس مرسى وردعه عن الإقدام على خطوة من شأنها المس بطابع العلاقات الذى كان سائدا بين مصر وإسرائيل فى عهد مبارك؛ فعلى سبيل المثال، دعا وزير القضاء الإسرائيلى الأسبق «يوسى بيلين» إدارة أوباما والكونجرس إلى إنذار مرسى بقطع المساعدات الأمريكية للقاهرة؛ ليس فقط إذا عطل مرسى اتفاقية السلام مع إسرائيل، بل إذا لم يوافق مرسى على مواصلة الشراكة الاستراتيجية والتعاون الأمنى والاستخبارى بين مصر وإسرائيل أيضا.
تلك المخاوف من حكم مرسى، دفعت الجانب الإسرائيلى إلى تدشين حملات لنزع الشرعية عن حكم مرسى بحملة دعاية منظمة تشرف عليها ماكينة الدعاية الإسرائيلية التى تعمل.
لقد شرعت إسرائيل الرسمية، انطلاقًا من وزارة الخارجية الإسرائيلية، بالتعاون مع الأجهزة الاستخبارية -وهو ما كشفه «أمنون أبراموفيتش» كبير معلقى القناة الثانية فى التلفزيون الإسرائيلى، فى 29يونيه2012، من أن وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان هو الذى اقترح شن حملات دعاية ضد مرسى قبل ظهور نتائج الانتخابات والربط بين الإخوان والمنظمات الإرهابية فى الولايات المتحدة وأوروبا.
وفى هذا السياق، حرصت الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية على تسريب تقييمات أمنية تفيد بأن حركة حماس ستتحول إلى ذراع مسلح لجماعة «الإخوان المسلمين» فى عهد مرسى.  ومن أجل التدليل على مصداقية حملة التشكيك التى تشنها ضد جماعة الإخوان المسلمين، فإن نخبا إسرائيلية لجأت إلى الاستناد إلى كتابات كتّاب وباحثين عرب مناوئين للجماعة وفكرها فى محاولة لإقناع الغرب بأن «الإخوان المسلمين» هى الحركة التى أضفت شرعية على استخدام «الإرهاب» فى تحقيق الأهداف السياسية؛ فعلى سبيل المثال، اعتمد دورى جولد مندوب إسرائيل الأسبق ورئيس «مركز القدس لدراسات الجمهور والمجتمع»، على كتابات وزير التعليم الكويتى الأسبق أحمد الربعى المناوئة لـ«الإخوان المسلمين» للتدليل على أنه يتوجب نزع الشرعية عن حكم الرئيس مرسى، على اعتبار أنه ينتمى إلى جماعة «إرهابية».
عموما، نحن نؤكد أن إسرائيل هى قائدة الثورة المضادة بمصر.

Tuesday, February 26, 2013

المهندس محمد شريف كامل: المقاطعه هي خسارة للمقاطع ولمصر كلها




http://www.rcinet.ca/arabe/a-l-affiche/societe-canada-2012/16-26_2013-02-25-egypt-legislative-elections-mohamed-shareef-kamel/

هل الأجواء مناسبة لإجراء انتخابات تشريعية في مصر؟ فادي الهاروني طرح السؤال على المهندس محمد شريف كامل، العضو المؤسس في جمعية "كنديون مصريون من أجل الديمقراطية".




رفضت هيئة الإنقاذ الوطني، أكبر تجمع للمعارضة المصرية، دعوة الرئيس محمد مرسي ممثلي المعارضة للاجتماع به اليوم الاثنين كي يعرضوا عليه تحفظاتهم على إجراء الانتخابات التشريعية في نيسان (ابريل) المقبل "ولإجراء حوار لبحث الضمانات اللازمة لنزاهة انتخابات البرلمان".وقال الرئيس المصري إن "الحكومة منحت تصاريح لخمسين منظمة محلية وأجنبية لمراقبة الانتخابات ولضمان شفافيتها، لكن لن يسمح لها بالتدخل في سير العملية الانتخابية".
وحذر محمد البرادعي، أحد أبرز أقطاب هيئة الإنقاذ الوطني، من أن "هذه الانتخابات ستقود البلاد إلى الفوضى"، متحدثاً عن "خديعة في إجراء هذه الانتخابات" ومتطرقاً إلى "عمليات التعذيب والخطف ونقص العدالة الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع المصري".

وتبدأ الانتخابات التشريعية في 22 نيسان (ابريل) المقبل وتجري على أربع مراحل لتنتهي في حزيران (يونيو). ويرى الداعون لمقاطعتها أن أجواء الاحتقان التي تعيشها مصر لا توفر مناخاً مناسباً لإجرائها. يُشار في هذا الصدد إلى سقوط نحو 60 قتيلاً في سلسلة مصادمات وقعت في القاهرة ومناطق عديدة أخرى بين المتظاهرين ضد الرئيس مرسي وقوات الأمن منذ عشية الذكرى الثانية لثورة 25 يناير

الصراع المفتعل بين الرئاسة والجيش في مصر

http://www.aljazeera.net/analysis/pages/eb3354db-c066-4f7f-8fc0-f0f12256648a?GoogleStatID=1


تنشد العلاقات المدنية العسكرية ضبط وتأطير ملامح العلاقة بين القوات المسلحة من جانب ومؤسسات السلطة المدنية من جانب آخر، بحيث تحتفظ الأولى بحرفيتها العالية ووحدتها وتماسكها وكفاءتها كما كل المسوغات الموضوعية التي تكفل لها إبقاء مكانتها في الدولة بغير تعويق من الثانية، كما تتمكن تلك الأخيرة من مباشرة مهامها في حكم الدولة وإدارتها على النحو الأفضل من دون تدخل الأولى أو سعيها للتأثير في مجريات الأحداث على نحو يعرقل أو يقوض عملية التحول الهادئ صوب الحكم المدني الديمقراطي.
ورغم حرصها، الذي لا يقبل التشكيك، على مجافاة السياسة والتفرغ كلية للعمل الاحترافي، خصوصا بعد تجربتها المريرة في إدارة شؤون البلاد طيلة الثمانية عشر شهرا، الممتدة من تنحي الرئيس السابق حتى اختيار الدكتور محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الحديث نهاية يونيو/حزيران الماضي، استبدت بقيادة القوات المسلحة مخاوف من أن تفضي التداعيات الأمنية والاقتصادية الخطيرة لحالة الاستقطاب السياسي الحاد وأجواء عدم التوافق بين الفرقاء السياسيين إلى إمكانية انجراف الدولة المصرية إلى غياهب الفشل والانهيار. وهو ما قد يضطر الجيش للتدخل، حسبما حذر وزير الدفاع ورئيس الأركان.
فقد مهدت مواقف قوى الحكم والمعارضة عقب إحياء الذكرى الثانية لثورة يناير السبيل لاستدراجالجيش إلى معترك السياسة، إن من خلال مطالبة بعض القوى السياسية المدنية لإشراكه في الحوارات الوطنية ضامنا، أوعبر موافقة الحكومة على استدعاء الرئيس للجيش بعد خمسة أشهر فقط من إقالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان، وتمرير مشروع قانون لتعديل بعض أحكام القانون رقم 107 لسنة 2012 بهدف إشراك القوات المسلحة في حماية المنشآت الحيوية للدولة والأمن بمدن القناة ومنح رجالها مهام الضبطية القضائية وكل واجبات مأموري الضبط القضائي المقررة في قانون الإجراءات الجنائية.
خيم على العلاقة بين الرئاسة والجيش توتر لافت على خلفية ترويج شائعات بإقالات محتملة لكبار قادة القوات المسلحة وعلى رأسهم قائدها العام الفريق أول عبد الفتاح السيسي
حرب الشائعات
خيم على العلاقة بين الرئاسة والجيش توتر لافت على خلفية ترويج شائعات بإقالات محتملة لكبار قادة القوات المسلحة وعلى رأسهم قائدها العام الفريق أول عبد الفتاح السيسي. وهو الأمر الذي رد عليه مصدر عسكري وصف بالمسؤول، بأن القوات المسلحة لن تسمح بأي حال وتحت أي ظرف بتكرار سيناريو المشير طنطاوي والفريق سامي عنان، مؤكدا أن المساس بقيادة القوات المسلحة خلال الفترة الراهنة سيكون أشبه بحالة انتحار سياسي للنظام القائم برمته.
وقد تناغمت تلك التصريحات مع أخرى لكبار المسؤولين العسكريين، حيث لوح الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربى في 29 يناير/كانون الثاني الماضي بإمكانية تدخل الجيش إذا ما عجز الفرقاء السياسيون عن التوافق للحيلولة دون انهيار الدولة، كما أكد في لقائه مع القادة والضباط بمقر نادي الجلاء يوم 14 فبراير/شباط الماضي، أنه لن يسمح أبدا بأخونة الجيش المصري وسيقطع أي ذراع تمتد لمحاولة النيل من هذا الجيش أو اختراقه، وقال إن جيش مصر سيبقى فقط منحازاً للشعب المصري، وإن وقف على مسافة واحدة من الجميع.
في السياق، جاءت تصريحات الفريق صدقي صبحي رئيس الأركان لفضائيات عربية، على هامش فعاليات مؤتمر ومعرض الدفاع الدولي إيدكس 2013 بأبو ظبى، والتي أضاف فيها أن القوات المسلحة عينها دائماً على الداخل، وإذا احتاجها الشعب ستكون في الشارع بأقل من الثانية.
الرئاسة من جانبها نفت من جانبها أية نية لتغيير قيادات القوات المسلحة مؤكدة تقديرها للفريق السيسي وتثمينها لموقفه أثناء نقل القيادة العامة للقوات المسلحة من المشير طنطاوي إليه، كما ردت قيادة الجيش في المقابل بالتبرؤ من أية بيانات تحذيرية من طرفها.
وبينما عزت الرئاسة أية شائعات بهذا الصدد إلى جهات مغرضة في الداخل والخارج تسعى إلى إرباك الجيش المصري والوقيعة بينه من جهة والإخوان والرئاسة من جهة أخرى، إلا أن تلك الشائعات قد أماطت اللثام عن وجود شيء من الحساسية بين الرئاسة والجيش، بدت ملامحها جلية في إبداء قيادات ذلك الأخير استعدادها للتدخل في الشأن الداخلي إذا ما استوجب الأمر أو ناشدها الجماهير، فضلا عن تأكيدها على التزامها الحياد تارة والانحياز للشعب وليس للشرعية تارة أخرى.
المؤامرة
في حين تصر كل من الرئاسة وجماعة الإخوان على أن مصدر الشائعات هو جهات خارجية وداخلية ترمى إلى تقويض الثورة والنيل من استقرار البلاد وتماسك جيشها، يذهب خبراء إلى الزعم بأن شائعات من هذا النوع غالبا تكون وراؤها جهات سيادية كالمخابرات العامة أو الحربية أو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان بغرض قياس ردود الفعل المختلفة والمتوقعة في حالة إقدام الرئيس على إصدار قرارات من هذا القبيل بالفعل.
وفي تبرير ذلك الطرح، مضى تيار آخر مدعيا أن ما دفع بتلك الدوائر لإطلاق هكذا شائعات كبالونات اختبار لقياس مدى التقبل العام للإطاحة بالفريق السيسي، هي حزمة من الأسباب، لعل أبرزها: بلاء الجيش بلاء حسنا في أزمة عصيان مدن القناة ونجاحه في ترميم علاقته بسكان تلك المدن كما بجموع الشعب في الوقت الذى اتسعت الفجوة بينهم وبين الرئاسة والإخوان والشرطة، إضافة إلى إصرار الجيش على تقويض أية مخططات لحركة حماس في سيناء حول التوطين وغيرها وإصراره على هدم الأنفاق الحدودية مع القطاع وتصفية العناصر المسلحة ذات الخلفيات الإسلامية في سيناء، فضلا عن إبداء الجيش رفضه لأي تقارب عسكري بين مصر وإيران بعد تصريحات مستفزة للرئيس نجاد إبان مشاركته في القمة الإسلامية الأخيرة بالقاهرة، باستعداد بلاده للدفاع عن مصر.
وربما لا يكون مستبعدا وجود مؤامرة خارجية لتفتيت الجيش المصري وكسر شوكته، خصوصا أنه الناجي الوحيد من مقصلة المؤامرات والصراعات السياسية والاضطرابات الاقتصادية والأمنية التي دهمت جيوش دول الربيع العربي. هذا علاوة على مساعي الفريق السيسي الدؤوبة لإعادة تحديث القوات المسلحة تسليحا وتدريبا من خلال عقد صفقات سلاح متطورة وإجراء مناورات عسكرية وتشديد الرقابة على حدود البلاد، وهي المساعي التي قد لا تروق لدوائر إقليمية ودولية عديدة تتربص بمصر وأمنها.
السيسي:
القوات المسلحة لديها معلومات مؤكدة عن مؤامرة تستهدفها، وسوف نتصدى لأي محاولة تستهدف تفتيت الجيش أو إلهائه عن أداء واجبه الوطني
وهو طرح يبدو أن وزير الدفاع المصري يتفق معه، حيث أكد في لقائه مع القادة والضباط بمقر نادي الجلاء يوم 14 فبراير/شباط الماضي على أن القوات المسلحة لديها معلومات مؤكدة عن مؤامرة تستهدفها، وأنه سوف يتصدى لأي محاولة تستهدف تفتيت الجيش أو إلهاءه عن أداء واجبه الوطني.
وبناء عليه، لم يكن غريبا أن تنسب شائعات إقالة الفريق السيسي وقيادات القوات المسلحة إلى مواقع إلكترونية وهمية تناقلتها عنها وسائل إعلام روسية، وفقا لتأكيد مصادر في الرئاسة. كما لم يكن مفاجئا أن تكون صحيفة "وورلد تريبيون" الأميركية هي مصدر الادعاءات الخاصة بمطالبة الرئيس مرسي القوات المسلحة بالتدخل لقمع المتظاهرين المناهضين له، وكذا وجود خلافات عميقة بين الرئيس وقيادات الجيش.
تسييس الجيش
كان من أبرز التداعيات اللافتة للأزمة المفتعلة بين الجيش والرئاسة أن مواقف قوى المعارضة المدنية منها بدت كما لو كانت منحازة للقوات المسلحة في مواجهة الرئاسة والإخوان، وكأنها تريد توظيفها في الصراع السياسي الدائر باستدراج الجيش لمساندة القوى المدنية في مواجهة الإخوان والتيار الإسلامي.
فبعدما لم تتورع جبهة الإنقاذ عن استحضار الجيش في المعادلة السياسية، سواء بذريعة ضمان تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، أو الإشراف على العملية الانتخابية، وفيما بدا وكأنه توافق حول تفسير تسريبات الجيش، اعتبرت قيادات جبهة الإنقاذ والقوى المدنية أن تصريحات المصادر العسكرية تعد إنذارا أخيرا لمؤسسة الرئاسة من احتكار السلطة أو أخونة الجيش. وإلى أبعد من ذلك، ذهب متحدثون باسم تلك القوى المدنية، إذ اجترأ بعضهم على الزعم بأن إزاحة قيادات الجيش للرئيس مرسي وتوليها السلطة ستقابل بتفهم من القوى المدنية التي تعد ذلك إنقاذا للدولة من الانهيار وليس محاولة لفرض الحكم العسكري.
ويبدو أن تزامن أزمة الشائعات مع تنامي التوتر بين جماعة الإخوان وحزب النور السلفي قد أغرى ذلك الأخير لتوظيف الشائعات في الأزمة، حيث أعلن بسام الزرقا، مستشار الرئيس مرسي المستقيل احتجاجا على إقالة زميله خالد علم الدين إن إقالة الفريق السيسي ستكون نهاية نظام الرئيس مرسي، لأن القوات المسلحة لن تسمح بإقالة وزير الدفاع أو أية قيادة عسكرية أخرى.
وعلاوة على ما سبق، من شأن فشل النخبة المدنية في إدارة البلاد في الوقت الذي تتعاظم ثقة الجماهير في الجيش، أن يزيد الطلب الشعبي على عودة الجيش للسياسة. وفي هذا الإطار، لم يتورع نشطاء عن إطلاق حملات شعبية وإلكترونية لمطالبة الفريق عبد الفتاح السيسي بتولي رئاسة الجمهورية لفترة رئاسية واحدة بغية إنقاذ البلاد في ظل الظروف العصيبة التي تعصف بها.
وأعلن هؤلاء النشطاء أن استطلاعات الرأي التي أجراها ائتلاف "مصر فوق الجميع" في محافظات شتى أظهرت أن 85% من المواطنين يريدون عودة الجيش للحياة السياسية، وهو ما استاءت منه جماعة الإخوان وعدته لعبا بالنار.
مخاطر
تكمن خطورة مساعي تسييس الجيش من قبل القوى المدنية المعارضة في مواضع ثلاثة، أولها، أنها تجعل القوات المسلحة طرفا في الصراع السياسي بغرض الاستقواء بها في مواجهة الصعود المدوي لتيار الإسلام السياسي.
الأمر الذي ينال من حيادها وتماسكها وحرفيتها، لا سيما بعد أن ضربت أمثلة رائعة في المهنية والمسؤولية الوطنية منذ اندلاع ثورة يناير 2011، كان أبرزها مساندتها للثورة، فضلا عن التصرف بمسؤولية أثناء عملية التغيير الناعم لقيادات الجيش بإحالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان إلى التقاعد في أغسطس/آب الماضي.
ويتمثل الخطر الثاني في تفخيخ العلاقة بين القوات المسلحة وفصائل من الشعب كجماعة الإخوان أو مؤسسة الرئاسة، على النحو الذي ينذر بتآكل التفاهم المزمن بين الأخيرة والجيش، والذي كان مستندا ليس فقط على اعتبارات دستورية وإنما على كون رئيس الدولة ينحدر من المؤسسة العسكرية طيلة ما يربو على عقود ستة خلت.
واليوم وبعد فك الارتباط بين قيادة القوات المسلحة ورئاسة الدولة بتولي رئيس مدني منتخب قيادة البلاد للمرة الأولى، لم يتبق سوى الركائز الدستورية للعلاقة التفاهمية بين الرئيس والقائد العام للقوات المسلحة.
أول مخاطر مساعي المعارضة لتسييس الجيش أنها تجعله طرفا في الصراع السياسي بغرض الاستقواء به في مواجهة الصعود المدوي لتيار الإسلام السياسي
ومن شأن مثل هذه الشائعات والتوترات أن تفضي إلى تلغيم تلك الركائز التي لم تتجذر بالعمق الكافي لترسيخ دعائم تلك العلاقة في دولة حديثة العهد بالحكم المدني الديمقراطي. وليس أدل على اهتزاز الثقة بين الرئاسة وقيادة القوات المسلحة من تعثر التواصل والحوار المباشرين بين الطرفين، حيث انطلقت حرب التصريحات والشائعات الاستفزازية بينهما عبر أطراف مجهولة وغير محسوبة صراحة على أي منهما، أو هكذا بدت، وبنفس الأسلوب، جاء التراجع عن ذات التصريحات والشائعات من دون أن يخرج مسؤولون رسميون من الجهتين يوضحون الحقيقة بغير التباس.
أما الخطر الثالث، فيتجلى في تسلل أجواء من الإحباط والتذمر إلى صفوف القوات المسلحة، إذ أشار مصدر عسكري مسؤول إلى وجود حالة من السخط بين القادة والضباط في مختلف التشكيلات التعبوية جراء شائعات تغيير قيادات الجيش التي يتضامنون معها ويرفضون الإطاحة بها.
ولفت المصدر نفسه إلى وجود عدد من الصفحات العسكرية على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تدعو للاحتشاد والعصيان والإضرابات داخل معسكرات الجيش ووحداته للمرة الأولى في تاريخ العسكرية المصرية حال تعرض رموز القوات المسلحة لإقالات، وحذر من أن غضب شباب الضباط لن يستطيع أحد السيطرة عليه كما لن تكون عواقبه محمودة على الإطلاق.

هيستيريا دق طبول العسكرة


http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=25022013&id=442a37c6-d1d7-4942-9ae7-826f7a905147وائل قنديلتتدحرج هيستيريا النداء على الجيش للعودة مرة أخرى إلى مستنقعات السياسة من صفحات الفضاء الإلكترونى إلى واقع الجماعة السياسية، على نحو يصيبك بالأسى على ما وصلت إليه «النخب» السياسية.

إن أحدا لا يريد أن يستوعب أن المؤسسة العسكرية خرجت من تجربة العامين الماضيين مثخنة الجراح مما أصابها من إقحامها قسرا فى تفاصيل العملية السياسية، وتحاول الآن ترميم الصورة التى تعرضت لكثير من الشروخ، وبالتالى فهى لن تغوص فى هذه البحيرة المليئة بالزجاج المكسور والطحالب والمخلفات الفاسدة مرة أخرى.

وبصرف النظر عن أن محاولات الاستدعاء والتوريط والتفخيخ وتأليب مؤسسات الدولة على النظام لن تؤتى ثمارا، دعونا نتخيل سيناريو افتراضيا مستحيلا يقوم على استجابة الجيش لهذه الهيستيريا.

وما عليك إلا أن ترجع إلى بدايات القصة منذ 11 فبراير 2011 حين وجد العسكريون أنفسهم فجأة قائمين على إدارة عملية سياسية شديدة التعقيد، فواجهوا قائمة طويلة من الاتهامات لا تزال مشرعة حتى هذه اللحظة، من قتل وتعذيب الثوار والنشطاء، حتى الانحياز إلى فصيل الإسلام السياسى وتسليم البلد للإخوان كما يقولون.

ومن هنا يبدو مفارقا ومثيرا للشفقة أن يستنجد بعضهم بمن اتهموهم هم أنفسهم بأنهم الذين جاءوا برئيس إخوانى إلى سدة الحكم، وهذا أمر لا يستقيم منطقا ولا سياسة، فإذا كانت المؤسسة العسكرية قد وصمت بالانحياز والميل إلى الإسلاميين سابقا فكيف يعقل أن تكون هى طوق النجاة منهم لاحقا؟

وإذا افترضنا أنها دخلت مرة أخرى إلى المشهد فهل لهذا الدخول مسمى إلا «الانقلاب» على رئيس منتخب انتخابا تم تحت إشراف وإدارة المجلس العسكرى، وهى الانتخابات التى لا تزال المؤسسة العسكرية بها حتى الآن؟

ولنهمل المسميات ونستمر فى هذه الفرضية: ماذا بعد أن يعود الموقف إلى نقطة الصفر، وإسقاط نظام منتخب.. كيف ستدار البلاد عندها؟ لا شك أننا سندخل مرحلة انتقالية جديدة تدار فيها البلاد عسكريا لفترة معلنة من الوقت، ثم بالضرورة تنشأ مشكلات اقتصادية واجتماعية وأمنية تمد أجل المرحلة الانتقالية.. ثم احتراب سياسى على: تعديلات دستورية أم دستور جديد.. وانتخابات برلمانية أولا أم رئاسية أم مجلس رئاسى انتقالى؟ مدنى أم بمشاركة عسكريين؟

وعليك أن تأخذ فى الاعتبار أن كل ذلك من المفترض أن يدور فى مناخ شديد الاحتقان، حيث الكل يتربص بالكل ويخونه، بالتوازى مع أوضاع اقتصادية شديدة التردى، وشارع غاضب وساخط وملتهب الأعصاب، الأمر الذى سيحدث معه بالضرورة أزمات وتوترات وتظهر محطات للصدام لن تختلف ملابساتها كثيرا عما عشناه على مدى عامين كاملين.

وعليه فإن هذا الشبق غير المعقول لدق طبول العسكرة مرة أخرى لا يعنى سوى إنفاق شهور وأعوام أخرى فى الاشتباك السياسى والنزيف السياسى والاجتماعى، وكأن شيئا لم يحدث، وأحدا لم يتعلم.

ويبقى هذا النكوص إلى «العسكرة» تعبيرا عن إفلاس سياسى وفقر فكرى مدقع.

Wednesday, February 20, 2013

المخلوع بين ثلاثين عاما ديكتاتورية .. و18يوما للتنحي .. فيديو


المخلوع بين ثلاثين عاما ديكتاتورية .. و18يوما للتنحي .. فيديو

http://rassd.com/1-53765.htm

مر عامان على انتهاء حكم الرئيس السابق حسني مبارك الذي أمتد ما يزيد عن ثلاثين عامًا، ولم يتخيل المصريين أنفسهم خلال الأيام الأولي للثورة أن الشباب سينزل بهذا العدد للشوارع واضعين النظام أمام خيارين إما الرحيل أو البقاء في الشوراع.                                
ولم يتخيل أحد أن يسقط النظام في 18 يومًا قضاها الثوار في ميدان التحرير يوحدهم هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام"، "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، وقضاها البعض في محاولات للتفاوض والحوار مع أبرز رموز مبارك ، تحاورت الرموز وبقى الثوار في الشارع وكان انضمام الطبقة العاملة إليهم بالإضراب والتظاهر الخطوة الحاسمة التي حسمت مصير الديكتاتور.
ثلاثون عاما وصفهم المصريون بأكثر السنوات قمعيه وديكاتاتورية على مر حياتهم ، ثلاثون عامًا وصفها الحقوقيون بسنوات كبت الحريات وتكميم الأفواه وصفها السياسيين بسنوات الفساد والظلم.
لم تكن ثورة 25 يناير كما حللها البعض وليدة اليوم واللحظة بل كانت تراكمات سنوات وسنوات حيث عاش المصريين يعانون من التهميش, وزيادة الأسعار, والبطالة, والفقر،والفساد،والقمع كانت الأسباب التي دفعت الشباب للاتفاق على ان نظام مبارك لم يعد يلبى احتياجات المواطنين.
ومع تفاقم الأوضاع فى السنوات الأخيرة ، كانت الحوادث المتكررة بمثابة المسمار الأخير الذى دق فى نعش هذا النظام ومن اهمها التخطيط لتوريث الحكم للابن الأكبر "جمال مبارك"، بغض النظر عن صلاحيته للمنصب، و إهمال مشاكل المصريين بالداخل والخارج،وغلق القنوات الدينية وانتشار الظلم فى معاملة الشرطة للشعب وقتل خالد سعيد وغيره من الشباب فكانت هذه الأسباب هي قبلة الموت لنظام مبارك نفسه الذي تداعى تحت وطأة مشروع التوريث.
الإهمال والخصخصة
انتشرت ظاهرة احتجاجات القطاع الحكومي والخاص بسبب عدم صرف مستحقاتهم أو للمطالبة بالتثبيت وبالمساواة في الأجور، يليها المطالبة بالتعيين، وضد تعسف الإدارات والمطالبة بزيادة الأجور، والمطالبة بإقرار كادر خاص، بالإضافة للإجبار علي الخروج المبكر للمعاش.
عبارة السلام 98
العبارة المصرية والتى غرقت في 13 فبراير 2006 في البحر الأحمر وهي في طريقها من مدينة ضبا السعودية والعائدة من منطقة تبوك إلى سفاجا وكانت السفينة تحمل 1312 مسافرا و 98 من طاقم السفينة ولم يتم انقاذ سوى 113 مواطن من أصل 1410 راكب .
قانون الطوارئ
القانون الذى وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور ، كما أمر بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات وكافة وسائل التعبير قبل نشرها ، ومنح قانون الطواريء الحكومة الحق في أن تحتجز أي شخص لفترة غير محددة لسبب أو بدون، ولا يمكن للشخص الدفاع عن نفسه وتستطيع الحكومة أن تبقيه في السجن دون محاكمة.
و بموجبه احتجز ما يزيد عن 17 ألف مواطن ووصل عدد السجناء السياسين إلى ما يزيد عن 30 ألف سجين.
مثلث الرعب
ازدادت الأوضاع سوءً يوما بعد يوم فى مصر اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، و كشفت المنظمات الدولية عن ازدياد نسب البطالة والفقر فى مصر وإهمال العشوائيات والقرى النائية وفشل محو الأمية.
كما ازدادات أعداد المرضى بالأمراض الخطير مثل الفشل الكلوى والسرطان وغيرها من الأمراض التى نتجت عن الفقر وسوء الخدمات الطبية فى مصر .
قمع الشرطة
ومن أهم الأسباب التى اشعلت النيران فى نفوس المصريين وقيامهم بالثورة هى جرائم رجال الشرطة حيث زادت حوادث التعذيب والتى كان ابرزها مقتل خالد سعيد الذي قتله رجال الأمن فى قسم سيدي جابر يوم 6يونيو 2010، بعد أن تم ضربه وسحله حتى الموت أمام عدد من شهود العيان، ووفاة شاب آخر هو السيد بلال أثناء احتجازه في مباحث أمن الدولة بالإسكندرية، بعد تعذيبه في إعقاب حادثة تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية.
تصدير الغاز لإسرائيل
في عام 2004 أبرمت أربعة عقود تقوم بموجبها مصر بتصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل، يمتد العمل بها حتى عام 2030، وتسببت هذه العقود في أزمات عدة بسبب معارضة خبراء بترول وسفراء سابقين، خاصة أن التصدير لا يجب أن يبدأ إلا في حالة وجود فائض وهو مالا يتوفر في مصر، واعتبرت تلك العقود إهداراً للمال العام ومجاملة لإسرائيل فضلا عما يشوبها من فساد وعدم شفافية، ما دعا المحكمة الإدارية العليا لإصدار أحكام ببطلان قرار وزير البترول سامح فهمي لتكليفه مديري شركات عامة ببيع الغاز لشركة حسين سالم، التي تقوم بدورها بتصديره إلى شركة الكهرباء الإسرائيلية.
انتخابات مجلسي الشعب والشورى
الحدث الذى كان بمثابة ناقوس الخطر الذى دق على الأبواب ، فلم يكتفى النظام السابق بسنوات وسنوات من التزوير فجاءت هذة المرة بشكل اثار الغضب فى قلوب الجميع حيث كان التزوير فى هذة الأنتخابات يفوق كل التوقعات حيث نجح الحزب الوطني بنسبة 95% من المقاعد في مجلسي الشعب والشورى، الأمر الذي أدى الى اندلاع الاحتجاجات في جميع المحافظات اعتراضًا على نتيجة الانتخابات قبل نحو شهرين من اندلاع الاحتجاجات أجريت الأنتخابات البرلمانية في مصر لمجلسي الشعب والشورى، والتي حصد فيها الحزب الوطني الحاكم على ما يزيد عن 95% من مقاعد المجلسين, ماحيا بشكل كامل أي تمثيل للمعارضة.
الأمر الذي أصاب المواطنين بالإحباط، ودفع قوى سياسية عدة لوصفها بأسوأ انتخابات برلمانية في تاريخ مصر لأنها تناقض الواقع في الشارع المصري، بالإضافة إلى انتهاك حقوق القضاء المصري في الإشراف عليها بعد أن أطاح النظام بأحكام القضاء في عدم شرعية بعض الدوائر الانتخابية، ومُنع الإخوان المسلمون من المشاركة فيها بشكل قانوني.
إشعال الفتن
ومن الخطط الواضحة للنظام السابق اشعال الفتن بين الاقباط والمسلمين حيث ساعدته وسائل الاعلام فى خلق نوع من الشحونات بين الطرفين ، وكانت اخر هذة الحواداث هى استهداف كنيسة القديسين في محافظة الإسكندرية .
وأولى ساعات بداية عام 2010 في الساعة الثانية عشر مساءا واثناء احتفالات رأس السنة الميلادية والتى اسفرت عن 23 قتيلا كما أصيب نحو 97 شخصًا آخرين.
و اتهم فيها بعد الثورة وزير الداخلية حبيب العادلى وتكليفة القيادة 77 بالعملية بمساعدة جماعات ارهابية، وان هناك سلاح سري تم تاسيسه من اثنين وعشرين ضابطا وتحت اشراف وزير الداخلية لترهيب المواطنين وزعزعة إحساسهم بالأمن، والترويج لأفكار الفتنة الطائفية.
وأخيرا وقبل أسبوع من بداية الأحداث، قام أربعة مواطنين مصريين في الثلاثاء 18 يناير 2011 بإشعال النار في أنفسهم بشكل منفصل احتجاجاً على الأوضاع المعيشية والاقتصادية والسياسية السيئة هم محمد فاروق حسن ، سيد علي ، محمد عاشور سرور من القاهرة ،أحمد هاشم السيد من الإسكندرية.
بداية الثورة وتجاهل المخلوع لها
وبدأت ثورة 25 يناير وبدأت المسيرات تجوب شوارع محافظات مصر ولأول مرة يخرج المصريين مسلم وقبطي ليبرالي واسلامي وإشتراكي وفى هتاف واحد "الشعب يريد إسقاط النظام" وتجاهل الرئيس المخلوع لطلبات الشعب بالرغم من ان بداية هذة الطلبات كانت مجرد اقالة حكومة واعادة انتخابات مجلسي الشعب والشورى ولكن مع زيادة تجاهله ازداد غضب الشعب وانفعاله.
فشل مبارك ومن حوله في إدارة الأزمة التى وجدوا أنفسهم بداخلها حيث كان يحاول كلاً ممن هم قريبين منه ان يصوروا انها مجرد انفعال من الشعب المصري سينتهي ويسيطر عليه بالأمن والتموية الإعلامي ، ولكن كان الأمر أكبر من ذلك، كما جاءت عملية قطع الأتصال والتى اقترحها وزير الداخلية بنتيجة عكسية مع ثوار 25 يناير فكانت دافع أكبر لهم للخروج.
موقعة الجمل
و دبر فيها النظام هجوم بالجـِـمال والبغال والخيول تشبه معارك العصور الوسطى, و قام به الموالون للحزب الوطني الحاكم ولنظام مبارك بتاريخ 2/2/2011 للانقضاض على المتظاهرين في ميدان التحرير في القاهرة لإرغامهم على إخلاء الميدان حيث كانوا يعتصمون.و تم اخراج المسجلين خطر من السجون للتخريب والأعتداء على المتظاهرين.
و بدأ منذ هذا اليوم الهتاف الذى أصر عليه المصريين "الشعب يريد اسقاط النظام" حيث كان النظام يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد فشله في إخماد هذه الثورة.
خطابات المخلوع
كانت من أهم الأدوات الاستفزازية التي زادت الثورة اشتعالا، والتي جاءت لترفع طلبات المتظاهرين لأقصى سقف ممكن، فخرج للمرة الأولى 28 يناير يوم جمعة الغضب ليكتفي فى خطابه بطلب استقالة الحكومة، مشددا فى كلمته على انه مع الثورة "قلبا وقالبا"، وانه مع التظاهرات السلمية؛ وبعد أيام قليلة خرج "مبارك" بخطابه الثاني، والذى يعد واحدا من اهم الخطابات الثلاثة، فقد استخدم فيه "المخلوع" كل طاقاته البلاغية، وقدراته الأدائية، وتعمد الميل للغة العواطف والاحاسيس، قاصدا التلاعب النفسي والعقلي بالجماهير.
وصف "مبارك" نفسه خلال هذا الخطاب البليغ الذي لعب على وتر العواطف بـ"أب لكل المصريين"، وانه عاش معهم طيلة ثلاثين عاما يكن لهم كل الحب، ويعمل دائما عل مصلحتهم.
رفض مبارك لمطالب الثورة الشعبية
بعدإذاعة الخطاب الثاني ظهرت ردود افعال المواطنين فى الشارع المصري؛ حيث انقسموا بين متعاطفين مع الرئيس ومُصرين على رحيله، ولكن "مبارك" سرعان ما فقد هذا التعاطف بعد أحداث موقعة "الجمل" ليلة إلقاء "مبارك" لخطابه.
أما الخطاب الثالث كان مخيبا لآمال لمواطنين، فبعد ساعات طويلة من إعلان التلفزيون المصري عنه، وانتظار الملايين لخطاب توقعوا أن "مبارك" سيعلن فيه تنحيه، بدأ كلمته بالحديث عن "الشهداء" الذين سقطوا خلال الأحداث، مؤكدا إنه سيحاسب المسؤولين عن ذلك، وشدد على استعداده للاستماع للشباب وزيلها بقوله: "الحرج والعيب أن أستمع لإملاءات أجنبية أيا كان مصدرها أو مبرراتها".
فوض "مبارك"- خلال خطابة الثالث- عمر سليمان رئيسا للجمهورية، ولاحظ المواطنين "المونتاج" الذى أدخل على الخطاب المُسجل؛ فزادت ثورتهم، وقرروا التوجه إلى القصر الرئاسي والاعتصام أمامه، حتى يرحل "مبارك".
مبارك يفوض سلطاته لنائبه عمر سليمان
وفى اليوم التالي، صدر بياناً من رئاسة الجمهورية أعلن فيه "مبارك" تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وسلم إدارة شئون البلاد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية؛ وبهذا حققت الثورة اكبر مطالبها.
كانت آخر كلمات "المخلوع" فى صوت إذاعى له عقب التنحي بأيام: "تألمت كثيراً- ولا أزال- مما أتعرض له أنا وأسرتي من حملات ظالمة وادعاءات باطلة تستهدف الإساءة إلى سمعتي، والطعن في نزاهتي، ومواقفي، وتاريخي العسكري، والسياسي، الذي اجتهدت خلاله من أجل مصر وأبنائها؛ حرباً وسلاماً"؛ وأبدى فيه استعداده للخضوع لأي مسائلة؛ الامر الذي استفز النيابة العامة، ودفعها الى فتح ملفات التحقيق معه.
سقوط حسني مبارك

فرحة مصرية بنهاية عهد مبارك

العالم العربي يحتفل من المحيط إلى خليج بسقوط مبارك
كواليس خطاب تنحي مبارك داخل ماسبيرو

المخلوع بين ثلاثين عاما ديكتاتورية .. و18يوما للتنحي .. فيديو


Monday, February 11, 2013

الحرية



http://www.aljazeera.net/pointofview/pages/09843235-171f-4a81-adc0-dd7e09ab9088?GoogleStatID=1

ثمة اعتقاد شائع عند بعض أصدقائنا الغربيين -ولو أن التصريح به جهرًا قلّ منذ انطلاق الثورة العربية- هو أن الحرية قيمة غربية بامتياز، يتم تصديرها عبر الديمقراطية، لشعوب كانت إلى أمد غير بعيد تجهلها أو تتجاهلها.

إن القول بأن الشعوب العربية تجهل أو تتجاهل الحرية، كالقول بأنها تجهل أو تتجاهل الحاجة إلى الأكل والشرب، أو الحب والاحترام.

وراء هذا الرأي، هناك أيضا جهل مركّب بأمة تاريخها مسلسل من الحروب والاضطرابات الداخلية التي لم تتوقف لحظة، وكلها رفض للاستبداد، أي طلب لحرية لم ننجح لحدّ الآن في تثبيتها، رغم كونها تحتل في مخيالنا الجماعي مكانة مركزية.

أيُّ عربي لا تسكنه الصرختان الشهيرتان، تفعلان فيه فعلهما الخفي؟

الأولى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟"، والثانية "كرّ وأنت حر" لعمرو بن شداد والد عنترة، إذ يستنهض ابنه العبد الذي رفض الخروج للحرب دفاعا عن عشيرة سلبته حريته وتريد منه الدفاع عن حريتها.

صرخة عمر احتجاج واستنكار، لأن الاستعباد ينفي حاجة غريزية عند الإنسان، ويتصدى للمشيئة الربانية التي قررت أن البشر يولدون ويموتون أحرارا. جريمتان إذن لا جريمة واحدة، يرتكبهما الاستعباد: التطاول على طبيعة الإنسان، والتطاول على إرادة الله.

تُدخلنا صرخة والد عنترة إلى مستوى آخر لمفهوم الحرية.. هي تذكّر الابن/العبد أنه أيضا ابن حر، وإن كان ابنَ أمَة.. أنه يتأرجح بين وضعيتين، وهو وحده الذي يختار أين يريد التموقع.. أنه إذا أراد الحرية فلا بدّ من دفع ثمنها، لأنها لا تُمنح وإنما تؤخذ غلابا.. أن الثمن يتطلب وضْع الحياة نفسها على المحكّ، وإلا فلا مكان إلا أسفل السلم، ولا مكانة إلا أوضعها، لأننا نولد ونموت في نظام اجتماعي سياسي مبني منذ الأزل على الظلم واللامساواة.

الحرية حق فردي يمنحه الله لنا وينكره علينا الإنسان.. حق باهظ الثمن، يبدأ بالتغلب على كل أنواع الخوف، خاصة خوف الموت، ويتواصل بصراع مرير ضد كل الظالمين

الحرية إذن حق فردي يمنحه الله لنا وينكره علينا الإنسان.. حق باهظ الثمن، يبدأ بالتغلب على كل أنواع الخوف، خاصة خوف الموت، ويتواصل بصراع مرير ضد كل الظالمين.. حق يستأهل أن نموت من أجله، لأنه الشرط الأساسي لاستقلالنا الذاتي ولتمتعنا بالكرامة.. حق يضمن ألا نتبع أحدا صاغرين، وأن كل موقف أو قرار نأخذه هو بمحض إرادتنا.

ما تعرضنا له لحدّ الآن هو المستوى النفسي، لكن الحرية قضية اجتماعية قبل كل شيء.

لماذا تكتسب الحرية أهميتها البالغة تلك، ومنذ القدم؟ لأنها المكسب الذي يمكّن من تكديس كل المكاسب.

هي أولا مكسب شخصي لعنترة الذي يستطيع عبر التمتع بها تبوّؤ مكانة اجتماعية رفيعة، وهي ثانيا مكسب للقبيلة وعنترة سيف إضافي لا يمكّنها من زيادة سؤددها وثروتها فحسب، بل ومن المحافظة على كيانها.

ثمة بُعد أهمّ وأعمق.
.

عودة إلى صرخة عمر.. تلك الصرخة تعبّر عن موقفٍ هو استنكار الاستعباد، وعن رأيٍ بضرورة أن ينعم بالحرية من ولدتهم أمهاتهم أحرارا، وعن قرار أنه يجب وضع حد لخلل غير مقبول. 

هذا الرفض للعقلية والممارسة القديمتين هو صدى لعقلية سيّد الأحرار الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وسلم)، وبداية ثورة هائلة ستؤدي إلى تغييرات عميقة في تركيبة المجتمع.

إنه القانون الأزلي القاضي بأن من يغيرون المجتمعات في العمق، سواء أكان ذلك على الصعيد الديني أو الفكري أو السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، هم دوما أشخاص تحرروا من القوالب الفكرية ومن العادات والتقاليد التي وجدوها.. مما يعني أن الحرية أهم عوامل التغيير، والقوة الأساسية التي تدفع المجتمعات إلى الأمام وإلى الأعلى، ولولاها لبقيت مستنقعات راكدة تكرّر نفسها بثبات ممل عقيم.


ليس من باب الصدفة أن أقوى المجتمعات المعاصرة هي التي ضخّت في شرايينها هذه القوة الجبارة، وأن أكثرها فقرا وتخلفا هي التي ترسف في أغلال الاستبداد.

الحرية إذن عنصر تقدّم ورقيّ للأفراد وللمجتمعات على حدّ سواء، ومن ثم فهي قوة لا تقدّر بثمن.


المشكلة أن لها كعملة النقد وجهين: وجه وضاء هو الذي ركزنا عليه، وآخر أقل إشراقا. 

عودة من جديد إلى عنترة.. طالما هو عبد مذعن لعبوديته فهو لا يشكّل خطرا على أحد، لأنه ليس منافسا يحسب له أدنى حساب في الصراع الشرس على السلطة والثروة والاعتبار، والمسكين لا يملك شيئا بل لا يملك حتى نفسه. أمَا وقد انتزع حريته بحدّ سيفه فإنه يعود طرفا في هذا الصراع، ويمكن أن يشكل خطرا على بقية المتنافسين وحتى على المجتمع ككل، إذا كان صاحب شخصية قوية وطموح كبير.


كم مرة خرج فيها المستعبَد القديم على منظومة القوة التي استعبدته، لا ليلغيها وإنما ليفوضها لحسابه! كم مرة رأينا الحرّ الذي تخلّص من كل خوف، لا يخدم إلا مصالح مبادئه ومبادئ مصالحه!

إنها نفس الظاهرة على الصعيد الجماعي، فعندما تحدث الثورة ويتحرر الشعب من الخوف يصبح طرفا في معركة توزيع الثروة والسلطة والاعتبار، مشكّلا خطرا لا على الأقليات الظالمة التي سلبته حريته وكرامته فحسب، بل على المجتمع ككل.

انظر إلى ما جرى ويجري في تونس ومصر وليبيا واليمن من انفلات أمني وإعلامي..

ما زلنا -سنتين بعد الثورة- نعاني من تصرفات تطال قطع الطريق وحرق مراكز الأمن ومنع العمال من دخول المصانع، وسبّ الناس دون رادع في كم من صحيفة مأجورة يحركها المال القذر.

هذه الحرية الخطيرة على الحرية نفسها هي من تبعات انتصاب الذات كمصدر للتشريع ومصدر للشرعية، ومن نتائج تصرفات قوامها المطلبية المشطّة واللحظية، وعدم القبول بأن تغيير الواقع عملية جماعية صعبة شاقة طويلة النفس، تتطلب الكثير من الصبر والحكمة والاعتدال.

نتيجة وضع كهذا معروفة مسبقا، خاصة إذا تفاقمت الأمور بسرعة. فبعد فترة من عدم الاستقرار -تطول أو تقصر- يعود الاستبداد تحت الزغاريد، لأن المجتمعات تتحمل الظلم ولا تتحمل الفوضى.

لقائل أن يقول إن ما نشاهده خاصية ثقافية.. هكذا نعود إلى جلد الذات المعروف في فترة ما قبل الثورة، عندما كان البعض يصفون الشعوب العربية بأنها قطعان وميتة.. إلخ.
إذا عنّ لك إنكار المحرقة أو مذبحة الأرمن بحجة حرية الرأي، فإنك ستجد نفسك أمام محكمة فرنسية، لأن القانون الفرنسي يعاقب على مثل هذا الرأي
لمن سيتهم التونسيين والمصريين والليبيين واليمنيين بأنهم غير ناضجين حضاريا للديمقراطية، لأنهم عرب يحملون "جينات" الاستبداد والفوضى، أدعوهم قبل إصدار مثل هذه الأحكام إلى قراءة تاريخ الشعوب التي قامت قبلنا بثوراتها، إذ يظهر أن عملية الترويض والتمكين للديمقراطية كانت طويلة وصعبة، وهي دوما مهددة، خلافا لمن يعتقدون بأن التقدم والحرية والسلام مكتسبات أزلية لبعض الشعوب، وأهداف بعيدة المنال لشعوب أخرى.

يمكن أيضا تفحّص الوضع الحالي للحرية في أعرق البلدان ديمقراطية عبر القوانين التي تنظمها، لنكتشف أنها تعكس مخاوف الماضي والمستقبل معا. 

مثلا، أنت لا تتحرّك في لندن إلا تحت المراقبة المستمرة لآلاف الكاميرات المزروعة في كل مكان..


إذا شاركت في مظاهرة غير مرخص لها في نيويورك، فلا تتوقع أن تُضرب بالورد..

إذا عنّ لك إنكار المحرقة أو مذبحة الأرمن بحجة حرية الرأي، فإنك ستجد نفسك أمام محكمة فرنسية، لأن القانون الفرنسي يعاقب على مثل هذا الرأي..

يمكنك أن تقع تحت طائلة القانون في ألمانيا إن انخرطت في أحزاب معينة معروفة بتطرفها اليميني أو اليساري..

من مصلحتك إن كنت إسكندنافيا وخاصة سياسيا، أن تكون بالغ الحذر بخصوص من تشغّل؟ وهل ظروف التشغيل قانونية؟ وهل سددت ضرائبك؟ لأن هناك دوما من يحصي عليك أنفاسك..


لكن، لماذا البحث عن نماذج بعيدة؟ انظر قانون الطرقات..

قد لا يوجد قانون مقيّد للحرية قدره -عدا سماحه لك بأن تتحرك متى تشاء وإلى أين تريد- فإنه قائمة طويلة من الممنوعات ومن العقوبات: ممنوع أن تسوق دون رخصة.. دون ربط الحزام.. أو مخمورا.. أن تتجاوز سرعة معينة.. إلخ.

ما وراء كل هذه الموانع لممارسة الحرية؟ وما دوافع مَن شرّع هذه القوانين، ونحن نعرف أنه ليس عدوّا للحرية وإنما هو نصير لها؟

هي محاولات لتدارك نقص أو حتى غياب العنصر الأساسي في الممارسة السليمة للحرية: المسؤولية..
أن أكون مسؤولا يعني أساسا أن أكون حريصا على عدم الإضرار بالمصالح المشروعة للآخرين أثناء سعيي لتحقيق مصالحي المشروعة.. أن أتمثّل دوما بالمقولة الشهيرة "تنتهي حريتي أين تبدأ حرية الآخرين".

بديهي أنه لو تحلى جميع السائقين بالتصرفات المطلوبة لممارسة سليمة لحرية التنقل، لما لزم إيجاد قانون للسير أصلا.. نفس الشيء بالنسبة للقوانين التي تنظم أي تحديد لحرية التعبير والتظاهر والتنظيم.

المشكلة أن حسّ المسؤولية صِفة فردية وممارستها مجهود شخصي، ولا علاقة لهما بهذه الثقافة أو تلك.. هي صفة يتحلى بها البعض وينأى عنها ويهملها آخرون، ممن لم يواكب عدّادُ النضج لديهم عدّادَ السنوات، ليبقى المجتمع يعاني من تصرفات فردية لأطفال في الثلاثين والخمسين، وحتى لأطفال يناهزون سن الشيخوخة.

من السذاجة إذن تصور عراقة النظام الديمقراطي في بريطانيا أو فرنسا كنتيجة نضج اكتسبه الأفراد بطول ممارستهم للحرية، فنسبة من يتحلون بالمسؤولية ومن لا يتحلون بها، لا تتغير كثيرا من مجتمع إلى آخر، تماما كما هي نسبة الأذكياء والأغبياء.

قسّم أحدهم البشر إلى أربعة "أعراق"، والمقياس ليس لون البشرة وإنما طبيعة الأفعال التي تميّزهم:

- الذين تعود أفعالهم بالنفع عليهم وعلى الآخرين وهم الأذكياء.
- الذين تعود أفعالهم بالنفع عليهم وبالضرر على الآخرين وهم الأشقياء.
- الذين تعود أفعالهم بالنفع على الآخرين وبالضرر على أنفسهم وهم السذج.
- الذين تعود أفعالهم بالضرر على أنفسهم وعلى الآخرين وهم الأغبياء.

إذا تفحّصنا هذا التقسيم سنكتشف أنه ليس لدينا إلا أقلية -هم الأذكياء- يمكن أن نتوقع منها ممارسة الحرية بالقدر الأقصى من المسؤولية. أما الأعراق الأخرى فلا تنتظر منها إلا الوبال، لذلك لا بدّ من برلمانات وقوانين وشرطة ومحاكم.
أضف إلى هذا أن على النظام الديمقراطي أن يتعامل مع أجيال متتابعة لا تولَد ديمقراطية، وإنما يجب تعليمها قواعدها كما تعلّم المدارس قواعد اللغة، مع كل ما يعنيه الأمر من نتائج متباينة فيها دوما عدد متقلب من الناجحين والراسبين.
هذا ما يجبر كل الشعوب التي تريد الحفاظ على حريتها أن تسن القوانين كمحاولة لملء جزء أو كلّ من فراغ في طبيعتنا البشرية، لأننا لم نولد باستعداد فطري للمسؤولية ولا باستعداد فطري للعدل.

إن عراقة نظام ديمقراطي هي في قدرته على الصمود أطول وقت ممكن في وجه الفوضى والاستبداد، بالتعامل الحكيم مع نقص مزمن في طبيعتنا البشرية، وهو ما يتطلب منه على الدوام تحديث قوانينه ومؤسساته، لكي تبقى ضامنة لوجود قوة لها من قدرة الخلق ما لها من قدرة التدمير.
يمكّننا هذا التصوّر من فهم -وآمُل، من تحمّل- واقعنا الصعب والاستعداد لما هو أصعب، أي لبناء نظام سياسي ثقافي اجتماعي لا أكثر منه دقة، حيث المطلوب أمران ليس من السهل التوفيق بينهما: الأول تعهّد الحرية لأنها المصدر الأساسي لقوة الأفراد والمجتمع، والثاني تقييدها دون شلّها حتى لا ينقلب الوعد وعيدا.
إن العملية بمثابة السير على حبل ممدود على هاوية اسمها الفوضى فالاستبداد، "ثم الاستبداد فالفوضى، لأن ما يقودنا دوما إلى الفوضى هو الاستبداد، وما يعود بنا إلى الاستبداد هو الفوضى".
ما تعاني منه بلدان الربيع العربي من انفلات، مُتوقَّع ومصاحِب لكل المراحل الانتقالية، ولا يُقبَل أن يكون حجة لأعداء الحرية أو ذريعة لتبرير عودة الاستبداد

لكل من يريدون إنجاح ثورة ديمقراطية هي كل أملنا في بناء الغد الأفضل لهذا الجيل والأجيال القادمة، يجب التمسّك بهذه الثوابت.

خيار الحرية لا رجعة فيه، فهي القوة الخلاقة التي تجعل من الأفراد أشخاصا، ومن الرعايا مواطنين، ومن المجتمعات الراكدة مجتمعات خلاقة.

أما ما تعاني منه بلدان الربيع العربي من انفلات، فمُتوقع ومصاحِب لكل المراحل الانتقالية، ولا يُقبَل أن يكون حجة لأعداء الحرية أو ذريعة لتبرير عودة الاستبداد.

ثمة دوما داخل المجتمع قوى تتسم بقدر خطير من اللامسؤولية، تضع المصالح الفردية والقطاعية المشروعة واللامشروعة، فوق المصالح الجماعية التي تتطلب غالب الوقت الكثير من الصبر والاعتدال والتوافق. هذا ما سيجعل من بناء النظام الديمقراطي صراعا مريرا ضد القوى التي تسعى لبث الفوضى، وصراعا أمرّ ضد القوى التي تريد وضع حد له بالعودة إلى الاستبداد، وشعارها "داوني بالتي كانت هي الداء".

لكل هذا يجب على كل القوى السياسة التي تقود عملية التغيير، أن تتحلى بالقدر الأقصى من المسؤولية لتعويض كل النقص منها عند الأطراف الأخرى، مستبطنة أن الانتصار الحقيقي ليس انتصار شق على آخر، بل هو انتصار مشترك على المشاكل التي تأخذ بخناقنا جميعا، ونحن على مركب واحد تتقاذفه العاصفة، والمرفأ ما زال بعيدا.

Sunday, February 10, 2013

فيلم قديم


فيلم قديم


نشر فى : الأحد 10 فبراير 2013 - 8:00 ص
هذا فيلم قديم رأيناه من قبل. أن يعمد الساعون إلى إثارة الفتنة وتأليب الرأى العام إلى قتل أحد خصوم التيار الإسلامى لتوجيه أصابع الاتهام إلى الإسلاميين باعتبار أنهم أصحاب المصلحة المباشرة فى الخلاص منه، التاريخ التركى الحديث يحفل بمثل هذه المشاهد. وكان أحدثها ما وقع فى شهر مايو من عام 2006، فى ظل حكومة حزب العدالة والتنمية، حين اقتحم شاب اسمه ألب أرسلان أصلان مقر مجلس الدولة فى أنقرة. وأطلق الرصاص على مجموعة من القضاة. الذين كانوا ينظرون فى دعوى قدمت لطلب حل الحزب، فقتل واحدا منهم وأصاب أربعة بجراح، ثم فر هاربا. ونقلت وسائل الإعلام عن قاضية من الذين كانوا قريبين من الحادث قولها انها سمعته يصيح قائلا: نحن جند الله ــ الله أكبر.

اللقطة التى تصيدتها الأبواق العلمانية المخاصمة أشارت بأصابع الاتهام إلى حزب العدالة والتنمية قائلة بأنه بعد أن تمكن من السلطة بدأ يصفى خصومه بمثل هذه الأساليب الإرهابية. بعد تحقيق طويل تبين أن ضابطا متقاعدا من غلاة العلمانيين هو الذى حرض القاتل على أن يفعل فعلته، ودلت التحريات والاعترافات على أن ذلك الضابط على علاقة بمنظمة «أرجنكون» السرية التى شكلت إحدى ركائز الدولة العميقة فى تركيا، ولم تتوقف عن  تشويه واتهام الاتجاهات الإسلامية، بدعوى أنها تهدد العلمانية والجمهورية. وقد تم القبض على الضابط المتقاعد وعلى الجانى، ولايزال الاثنان فى السجن إلى الآن، مع غيرهم من عناصر المنظمة الإرهابية التى فضحتها حكومة حزب العدالة والتنمية، ولاتزال تلاحق أعضاءها وتكشف أوراقها ومخططاتها طوال السنوات الماضية.

حدث ذلك فى إيران أيضا، أثناء ثورة الحوزة الدينية ضد الشاه ودعوة الإمام الخمينى إلى إسقاطه. إذ تم إحراق إحدى دور السينما بروادها قبل عام من سقوط الشاه (سنة 1978)، حيث اشتعلت النيران فجأة فى «سينما ركس» بمدينة عبدان، وقتل فى العملية أكثر من 370 شخصا. وقصد بالعملية التى تبين لاحقا أن جهاز استخبارات الشاه وراءها، توجيه أصابع الاتهام إلى رجال الحوزة العلمية والايحاء بأنهم وراء الجريمة لأنهم يعارضون الفنون ويعتبرون السينما من المنكرات غير المشروعة.

هذه الخلفية تداعت إلى ذهنى حين علمت بما جرى فى تونس خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تم قتل أحد أشد المعارضين للإسلاميين، القيادى اليسارى شكرى بلعيد، وهى الجريمة التى هزت المجتمع التونسى، واستنفرت قطاعات واسعة من الغاضبين. الذين تظاهروا ضد حكومة حركة النهضة ذات الخلفية الإسلامية، وقد تراوحت الاتهامات الموجهة إليها بين تحميلها المسئولية عن قتل الرجل الذى كان خصما شرسا لها، وبين تهيئة الأجواء التى أدت إلى وقوع الجريمة. لم تعرف نتائج التحقيقات الجارية فى الجريمة بعد، لكن حملات قوى المعارضة استثمرت الجريمة فى السعى للانقضاض على حكومة حركة النهضة. الأمر الذى يعنى أن الهدف الذى سعى إليه قتلة شكرى بلعيد يجرى تحقيقه.

القصة ليست جديدة إذن، ولكنها فى الحالة التونسية ساذجة أيضا. فبشاعة الجريمة لا جدال فيها، لكن توجيه الاتهام إلى حركة وحكومة النهضة يبعث على الدهشة والارتياب، لأن الحركة التى عرفت باعتدالها وبرفضها الدائم للعنف، مع حرصها الشديد على التوافق الوطنى لا يصدق أى عقل رشيد أن تكون لها أية علاقة بجريمة القتل ولا بتفجير الموقف الداخلى، حيث يفترض أن ينصب جهد حكومتها على إشاعة الاستقرار والانتقال بتونس إلى عصر جديد. ولكن من الواضح أن بعض القوى السياسية المخاصمة انتهزت الفرصة لتصفية حساباتها القديمة ضد الحركة من خلال إثارة الاضطرابات وإشاعة الفوضى والمطالبة بإسقاط الحكومة.

هذه اللقطة الأخيرة لها شبيه بالحاصل فى مصر هذه الأيام، حيث يشيع بعض خصوم الإخوان أن «جهازهم السرى» (!) هو الذى يطلق الرصاص على المتظاهرين ويلقى بقذائف المولوتوف على قصر الاتحادية، لكى يبرر ذلك الإجراءات القمعية التى يمكن أن يلجأ إليها الرئىس مرسى. وهو منطق ساذج بدوره، ويحاول إقناعنا بأن حزب الإخوان هو الذى يسعى إلى إشاعة الفوضى لإفشال حكم الإخوان(!). لقد قيل إن الغضب ريح تهب فتطفئ نور العقل، ومن جانبى أيضا أن البغض والكراهية يفعلان الشىء ذاته فيعميان البصر ويعطلان البصيرة.

Wednesday, February 6, 2013

أهلا وسحلا


أهلا وسحلا


نشر فى : الأربعاء 6 فبراير 2013 - 8:00 ص
آخر تحديث : الأربعاء 6 فبراير 2013 - 8:55 ص
الحدث فى الإعلام المصرى هذه الأيام هو قصة المواطن المصرى الذى تم سحله بواسطة الشرطة بعد تعريته فى فضيحة مدوية هزت المجتمع المصرى وترددت أصداؤها قوية فى أنحاء الكرة الأرضية. ولأن الحدث كان جسيما ومشينا فقد صار محورا لسيل من التعليقات فى جميع منابر التعبير من جانب الذين استفزهم وأهانهم ما جرى. وتنافس فى ذلك المدونون الذين كتب أحدهم قائلا إن شعار وزارة الداخلية الآن هو: أهلا وسحلا!

لا مفر من الاعتراف بأن الداخلية صارت إحدى الوزارات سيئة السمعة، منذ جرى توظيفها لعدة عقود لكى تصبح السوط الذى يلهب ظهور المصريين، والمختبر الذى تمارس فيه أساليب قمعهم وإذلالهم. باسم التأديب والتهذيب والإصلاح.

ولا مفر من الاعتراف أيضا بأن التخلص من ذلك الميراث من خلال تهذيب وإصلاح الداخلية ذاتها بعد الثورة صار مهمة مستعصية إلى حد كبير، لسبب أساسى هو أن دورها القمعى تحول من مهمة مؤقتة إلى ثقافة مستقرة لا تقيم وزنا للقانون أو كرامة المواطن، وتتعامل مع إهدار الاثنين باعتباره من بديهيات ومستلزمات الأداء الشرطى. ولأن أجيالا عدة من رجال الشرطة التحقوا بالخدمة فى ظل قانون الطوارئ الذى أطلق يدهم بغير ضابط ولا رابط، ومنهم من أحيل إلى التقاعد فى ظل الطوارئ أيضا، فقد غدت مهمة تغيير «عقيدتهم» الشرطية أمرا بالغ الصعوبة. وإذا لاحظت أنه خلال السنتين اللتين أعقبتا الثورة تم تغيير أربعة وزراء للداخلية والحالى خامسهم، فى حين أنه خلال الثلاثين سنة التى أمضاها الرئيس السابق تعاقب على الوزارة سبعة وزراء فقط، فإن ذلك يصور لك مدى حيرة الثورة فى أمر إصلاح وزارة الداخلية واستعصاء محاولة إقناع جهازها بأن الدنيا تغيرت فى مصر، وأن القانون ينبغى أن يحترم كما أن كرامة المواطنين يجب أن تصان.

أدرى أن ثمة أجواء خانقة وضاغطة بشدة على رجال الشرطة، وأن هناك انفلاتا وبلطجة متنامية فى الشارع المصرى، إلا أن ذلك لا ينبغى بأى حال أن يبرر للشرطى إهدار القانون واستباحة كرامة المواطنين. وإذا عجز جهاز الشرطة على حل هذه المعادلة، فإن ذلك ينبغى أن يعد فشلا من جانبها، وفى هذه الحالة فإنه ينبغى البحث عن حل آخر أبعد من تغيير وزير الداخلية.

إلا أننا ينبغى أن نرصد أمرا له دلالته فى حادث تعرية المواطن وسحله أمام قصر الاتحادية، ذلك أنه خلال ساعة بعد بث الشريط على التليفزيون قدم المتحدث باسم وزارة الداخلية اعتذارا إلى المجتمع عن الحادث. وهذا تصرف يحدث لأول مرة، لأننا لم نعهد ذلك السلوك من جانبها فى كل التجارب السابقة. إلا أننا فوجئنا بعد ذلك بكلام آخر على لسان المواطن المجنى عليه يبرئ الشرطة ويتهم المتظاهرين بالمسئولية عما جرى له. وبدا أن ذلك كان بمثابة «تلقين» من جانب بعض عناصر الشرطة التى تنتمى إلى مدرسة القمع القديمة (غير أقواله لاحقا واعترف بمسئولية الشرطة).

من جانبى قرأت المشهد باعتباره تجسيدا للصراع فى الداخلية بين رجالها الذين ينتمون إلى المدرستين القديمة والجديدة. فالأولون يصرون على الإنكار، كما حدث فى جريمتى قتل خالد سعيد وسيد بلال، والآخرون يقاومون هذا السلوك ويستنكرونه على النحو الذى تجلى فى المسارعة إلى الاعتذار عما جرى. وهو تحليل إذا صح فإنه ينبهنا إلى حقيقة أن نفوذ مدرسة القمع لايزال قائما، وهو ما لمسناه فى عمليات التعذيب التى يتعرض لها النشطاء مما أدى إلى مقتل بعضهم فى الآونة الأخيرة.

لا أعرف أى التيارين أقوى فى الداخلية، ولا أستبعد أن يكون للصراع نظيره فى الأجهزة الأمنية الأخرى، لكن ما أعرفه أن التيار الإصلاحى يستحق التشجيع والترحيب، الذى لم يكترث به كثيرون. أفهم أن الاعتذار ليس كافيا، وسوف يكون أكثر جدية وحزما إذا ما ترتب عليه محاسبة المسئولين عما جرى، لكننى لا أريد أن أقلل من شأنه، وأعتبره نقلة مهمة، زاعما فى هذا الصدد أننا ينبغى ألا يكون خيارنا بين الحد الأقصى أو لا شىء على الإطلاق.

الملاحظة الثانية التى قد تكون وثيقة الصلة باعتذار وزارة الداخلية هى أن بعض الجماعات السياسية والأبواق الإعلامية بدا أن حماسها أكبر للتوظيف السياسى للحدث، حين تلقفته وحولته من قضية لها وجه سلبى وإشارة ايجابية إلى قذيفة ملتهبة جرى إلقاؤها فى فناء الاتحادية وواقعة استخدمت للتشهير بالرئيس محمد مرسى وتلطيخ صورته. وبدلا من أن تشد من أزر وزير الداخلية وتدعوه إلى مواصلة مهمته فى إعادة هيكلة جهاز الشرطة من خلال اتخاذ المزيد من المبادرات الإصلاحية الشجاعة، فإن أصوات المهيجين والمحرضين شغلت بتكثيف القصف ضد الرئيس وحكومته ووزير الداخلية. وقرأنا لأحدهم أمس ادعاءه بأن المعتصمين فى الميدان لن يغادروا قبل أن يسقط المعبد فوق رأس الجميع.

ولأن أصوات المعارضة التحريضية وظفت تعرية الرجل لفضح النظام وفعلت نفس الشىء مع حوادث التعذيب التى قيل إنها أفضت أخيرا إلى موت ثلاثة من المتظاهرين، فإنها تجاهلت حوادث التحرش المخزى التى تعرضت لها نحو عشرين فتاة وسيدة فى ميدان التحرير أثناء مظاهرات ذكرى الثورة. وكان السبب فى ذلك أن الفضيحة الأخيرة لا تصلح للاستخدام ضمن القذائف الملتهبة التى يدعون إلى إلقائها فى فناء الاتحادية.

Saturday, February 2, 2013

أي ديمقراطيه...وأي حريه



بقلم: محمد شريف كامل*
@mskamel
2 فبراير 2013

أصبح من المعتاد أن يدعي البعض العلم والمعرفه، والأدهى أن يدعي ذلك البعض قواعد للحياه السياسيه ويحولون إدعائهم  لوهم يعيشون فيه ويصرون أن يكون هو الفيصل في كل الأمور. فيعيش هؤلاء إذدواجيه المعايير، ويسعون لفرضها مدعيين أن تلك هي المعايير الدوليه.

فحريه الإعلام، مقصوره على أرائهم وتتضمن حق ترويج الأكاذيب والسب العلني والتحريض على القتل. أين ذلك من المعايير الدوليه!

وحريه التظاهر مقصوره على أتباعهم وتشمل الحق في أستعمال العنف والدعوة له. أين ذلك من المعايير الدوليه!

وحريه الرأي مقصوره عليهم ومن يخالفهم في الرأي فهو متلون، وخائن وأخونجي، أحدث تهمه. أين ذلك من المعايير الدوليه!
ويسعى مدعي المعرفه ليصوروا لنا أن في الدول الديمقراطيه عندما ينقلب قطار، يستقيل رئيس الدوله! وعندما يهان أو يقتل مواطن، تقال الحكومه! وأنه عندما يتظاهرعدة ألاف، على الدوله أن تركع لهم! وعندما يستعمل المتظاهرون العنف، لا تتحرك الشرطهّ!
أتحدثوننا عن الدول الديمقراطيه أو عن مجتمع الغابه!
نحن بحاجة لأن نتعلم من الديمقراطيات الأخرى. فدور القضاة هو تطبيق القانون وليس وضعه، ولا يستطيع موظفي الخارجية إتخاذ مواقف ضد تعليمات الدولة التى يمثلونها، ولا يسمح المتظاهرين الاقتراب من القصور الرئاسية، ولا يسمح للإعلام نشرالأكاذيب!
لقد قضيت حياتي كلها أدافع عن الحق، وسأظل كذلك، ولست طامع في أي من صكوك الغفران التي يعتقد البعض أنه يملكها. ولن أتوقف عن الدفاع عن كل الحقوق، بما فيها حق الخلاف معي. ولكني لن أقبل الصمت على: إتهام أي شخص زورا، أو إستخدام أي من أشكال العنف في التظاهر، أوالدعوه لتدخل أجنبي أي أن كان الحال، أوالتعدي على حق الشعب  بالتعدي على الممارسه الديمقراطيه بمحاوله تغير ناتجها بالعنف، أو محاوله تفتيت مصر أو تقسيمها.

مع أسفي الشديد وحزني لتلك الدماء التي إختلط العفن منها بالشريف، فكل من يخرج للشارع متظاهرا في تلك الأيام وكل من يدعوا لذلك فهو مساهم في تدمير مصر، إن من يخرج مدعي التظاهر وهو يحمل المولوتوف ومن يُقتل وهو يهاجم منشئات الشعب المصري ليس بشهيد وقاتله على حق. وللأسف فإن البعض لا يفرق بين الثوره والتخريب وبين الدعوة لبناء مصر والدعوه لهدمها لأن البناء لا يتفق مع بعض الرغبات الشخصيه.
 
ولقد ظهر الوجه القبيح للمعارضه، والذي بدأ برفض إنتخابات مجلس الشعب والتي تمت بشفافيه عاليه والإستعانه بقضاء المخلوع والتحالف مع إعلامه، ثم العمل يد بيد مع الفلول. ثم الإنسحابات غير المبرره من لجنة الدستور ورفضه عقب إقراره ديمقراطيا. وبدء دعوات إسقاط الرئيس المنتخب وأخيرا العنف والتخريب المتعمد لإسقاط الدوله، ودعوة الجيش للإنقلاب.
ولا محال إلا بالبقاء بجانب النظام المنتخب ديمقراطيا والدستور الذي قبله الأغلبيه، راجيا أن يوقف ذلك التخريب المتعمد، ويضرب المخربين بكل قوة لننقذ مصر من ما تسمى جبهه الإنقاذ. وأعتقد أن دور كل المواطنين أن يقفوا وراء الحكومة والشرطه والجيش لوقف محاولة عصابه المخلوع تدمير مصر. ولن أصتف أبدا بجانب الإنتهازيه والمتاجرة بالشعارات.
ما يحدث تلك الأيام دليل واضح على الفارق بين ثوره 25 يناير 2011 التي خاضها شرفاء مصر لإسقاط الظلم وبهروا العالم بتحضرهم، وذلك التخريب المتعمد الذي يقوم به تحالف غير مقدس من بقايا الظلم والمعارضه المضلله اللذان لا هدف لهما إلا الحكم أو تدمير مصر، وكلاهما لن يفلح.

محمد شريف كامل


* Mohamed S. Kamel: is a Freelance writer, the editor of http://forafreeegypt.blogspot.com/, he is a professional engineer, a LEED Green Associate and a recognized project manager professional, he is Member of several civil society organizations, a co-founder of the Canadian Egyptian for Democracy (CEFD), National Association for Change in Egypt (Taghyeer – Canada), Association of the Egyptians of Montreal (AEM), Alternative Perspective Media (APM-RAM), , Quebec Antiwar movement “Échec à la Guerre”, Coalition for Justice and Peace in Palestine “CJPP”, ex-president and co-founder of the Canadian Muslim Forum (CMF), member of the board of trustee in the Canadian Muslim for Palestine (CMP) and Community Center for Montreal Muslims (CCMM) . He could be reached at public@mohamedkamel.com