Saturday, September 25, 2021

محمد شريف كامل لـ "صدى المشرق": الجالية أحسنت التعامل مع التصويت الاستراتيجي

 

محمد شريف كامل لـ "صدى المشرق":  الجالية أحسنت التعامل مع التصويت الاستراتيجي

 

 


https://www.sadaalmashrek.ca/ar/Interviews/content/9b0782fb-387d-424b-89c3-730fdd8b4e85

 


-
كيف تقرؤون نتائج الانتخابات الفدرالية بشكل عام وآثارها على الساحة الداخلية الكندية وعلى الجالية العربية والاسلامية بشكل خاص ؟

اولا لابد ان نقر ان العملية الديمقراطية وإن شابها قصور الا انها الطريق الوحيد لإنفاذ إرادة الشعوب، وتميزت كندا ضمن بضع من الدول بان انتخاباتها لا تشوبها المخالفات التي قد نراها في الكثير من الانتخابات حتى في بعض الدول الديمقراطية.

ولم تكن انتخابات هذا العام في الحقيقة انتخابات بمعنى الكلمة، بل كانت استفتاء حول فترة جائحة كورونا وكيفية التعامل معها، وأثبتت نتيجتها أن الكنديين راضيين عن الأسلوب التي تعاملت به الحكومة الحالية مع الجائحة وكذلك منهج المعارضة في التعامل مع الازمة، فجاءت بنتيجة نسخة مطابقة لما أتت به انتخابات ٢٠١٩.

والعودة الى حكومة أقلية ليبرالية (حزب الأحرار) وأحتفاظ كل الاحزاب بنسبة تمثيلها كما هل، بل وتقريبا بنسبة التصويت العام، وهي رسالة واضحة للأحزاب بضرورة العمل سويا لعبور هذه الازمة، فهي بمثابة إعادة الحكومة لإتمام العمل والانتهاء من الازمة ثم يأتي وقت الحساب الحقيقي في انتخابات ما بعد كورونا.


وهذه النتيجة ولا شك لصالح الاقليات والفئات المهمشة فقد تأتي بإنجازات قيمة، خاصة وان الاحرار يحتاجون الى الحزب الديمقراطي لتمرير الكثير من المشروعات وبالذات مشروعات الموازنة التي قد يرى النور من خلالها مشروعات مثل الاسكان المنخفض التكاليف، وتقوية الشبكات المحلية، وتعميم دور الحضانة المدعومة، وقد ينجح الحزب الديمقراطي في الضغط على الاقلية الحاكمة لتمرير موازنة داعمة للقطاع الصحي والدواء ورعاية المسنين.


وعلى مستوى الجالية العربية والاسلامية فقد نرى تحرك أفضل في مجال محاربة الاسلاموفوبيا ونمو التطرف بشكل عام بالإضافة للوقوف في وجه القانون العنصري المعروف باسم القانون ٢١.

-
قد يكون من المبكر تقييم نسبة مشاركة الجالية في هذه الانتخابات ولكن واضحا ان هناك توجها عاما من الجالية لانتخاب الحزب اللبرالي.. كيف تقيّمون هذا الخيار؟ هل كان خيارا صحيحا ام كان يمكن ان يكون لدينا خيارا آخر مع طرف خاسر قد يكون اقرب للجالية؟


من المؤكد أن نسبة مشاركة الجالية العربية والاسلامية تزداد في كل انتخابات عن سابقتها، سواء الانتخابات الفيدرالية أو انتخابات المقاطعات أو حتى الانتخابات البلدية، وكما تزداد نسب المشاركة في الادلاء بالأصوات تزداد كذلك المشاركة في العمل داخل الأحزاب بل والترشح أيضا

.
وبخصوص الاختيار، اعتقد أن الجالية أحسنت التعامل مع التصويت الاستراتيجي واختارت حزب الأحرار لإيقاف احتمالية تقدم الأحزاب اليمينية والانفصالية وأختارت الحزب الديمقراطي في دوائره وفي الدوائر التي لا يوجد حظ لحزب الأحرار بها، وهذا يعني أن الجالية استوعبت ما تحدثنا عنه من قبل وهو محاولة الدفع بحكومة اقلية من احرار مدعومة بالحزب الديمقراطي


واعتقد دائما ان هذا هو الخيار الانسب حتى نصل لمرحلة يكون الحزب الديمقراطي فيها قادرا على اجتذاب شعبية تمكنه من الحكم أو على الأقل العودة ليصبح المعارضة الرئيسة وحينئذ يصبح من الافضل الوقوف بقوة مع الحزب الديمقراطي الذي هو بلا شك أقرب من الجالية.

 

 

محمد شريف كامل

 22 سبتمبر 2021

Monday, September 13, 2021

محمد شريف كامل في حديث لجريدة صدى المشرق: لا بديل عن التصويت الاستراتيجي

 





محمد شريف كامل في حديث لجريدة صدى المشرق: الحزب الديمقراطي الجديد فرصه ضعيفة جدا في إمكانية تشكيل حكومة لذا لا بديل عن التصويت الاستراتيجي

https://www.sadaalmashrek.ca/ar/Interviews/content/e6dd4783-cb83-410a-98e7-f9a923484900

 

- ما هي اهمية المشاركة في التصويت في الانتخابات القادمة، سيما ان الكثيرين يعتبرون ان هذه المشاركة لا تقدم ولا تؤخر وبالتالي لا داعي لنا كجالية لكي نذهب الى صناديق الاقتراع خصوصا في المناطق التي لا يشكل فيها العرب والمسلمون الا نسبة ضئيلة؟

للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نحدد ماهية مخرجات الانتخابات، نتيجة الانتخابات هي حكومة تدير شئون حياتنا اليومية ومستقبل أولادنا، تدير حياتنا هنا على أرضنا في كندا وكذلك تؤثر بشكل غير مباشر، بل أحياناً بشكل مباشر على قضايانا الأساسية الدولية مثل قضية فلسطين وقضايا حقوق الأنسان والاقتتال في العالم.

بالإضافة للحكومة، فالانتخابات تقدم أعضاء برلمان في حزب الحكومة وأحزاب المعارضة، وبلا شك نحن نحتاجهم جميعا كل يوم، فتكون اهتماماتنا وقضايانا ومستقبل أبنائنا نصب أعينهم.

ومقولة البعض بأن هناك بعض الدوائر أصواتنا لا تؤثر فيها هي مقولة مغلوطة، فيجب ألا ننسى نتيجة الانتخابات الديمقراطية لا تحسم إلا مع احتساب أخر صوت لأن صوت واحد كفيل بتغير نتيجة الانتخابات.

فلكل ذلك، ليس من المقبول أن نتوارى خلف بعض الاستنتاجات والتوقعات وألا نقوم بدورنا، ولذا فإن المشاركة في الانتخابات لها ضرورتها التي تجعلها واجب شخصي وجلوي ووطني بل وديني أيضا.

-  ما هي معايير الخيار الافضل للتصويت ؟ هل هي للحزب ام للمرشح؟ هل نقدم التصويت الاستراتيجي على المبدئي او العكس؟

أعتقد أننا قبل التصويت يجب أن نُقيم مواقف الحزب والمرشح أيضاً، لأن أعضاء الحزب لهم تأثير حقيقي على سياسية الحزب وقرارته، ومن الأمور الهامة ألا نغتر بالوعود البراقة، وأن نُقَيم ما قامت به الأحزاب وتاريخها وليس ما تعد به.

وبلا شك يجب أن نقيم الموقف العام قبل أن نتخذ أي قرار حتى لا نصل إلى نتيجة غير مرضية، ومن الضروري ان نضع أسس موضوعية للتقييم وألا يكون التقييم مبني على قضية واحدة، ويجب أن ندرك أنه لا يوجد على وجه الأرض أي حزب قد نتفق معه أتفاق كلي.

ولذا علينا أن نأخذ بقاعدة "أقل الضررين" وأن نختار من سيكون أقرب لأفكارنا وأصلح للمجتمع ككل، ولنراجع اتجاهات التصويت في الانتخابات السابقة، والنتائج كلها متاحة على عديد من المواقع منها:

https://en.wikipedia.org/wiki/Results_of_the_2019_Canadian_federal_election_by_riding

 

- هل الاولوية للخطط الداخلية ام المواقف الخارجية للاحزاب ؟

الأمر لا ينفصل، فالمواقف المبدئية لا تتجزأ، ويجب أن نقيم الأحزاب والمرشحين وفقا لموافقهم وليس أقوالهم، ومثال لذلك رئيسة حزب الخضر التي ادعت مساندتها لحقوق الانسان وبعد انتخابها ظهرت حقيقة موقفها من التأييد المطلق للكيان الصهيوني، وكذلك أحزاب اليمين مثل المحافظين الذي يدعي الدفاع عن الأديان ويؤجج مشاعر الكراهية ضد الأقليات ويلتقي في ذلك مع مواقف حزب الشعب ولكن بفارق وحيد أن حزب الشعب واضح في كراهيته للمهاجريين والأقليات.

فلا يجب أن نتناسى أن حقوق الأنسان لا تتجزأ، ولذا فالأمور الداخلية والخارجية مرتبطة ارتباط كلي.

- الكثيرون في الجالية مترددون في خياراتهم بين الاحزاب ولمن يجدر بهم اعطاءه صوتهم ... ماذا تقولون لهؤلاء وهل يترك الخيار للناس ام يمكن تحديد الجهة التي ينبغي ان تذهب اليها الاصوات؟

بلا شك الخيار شخصي وهذه هي الديمقراطية، وما نقوم به نحن من خلال تلك الكلمات هو محاولة للتفكير الجمعي وصولا لقناعات مشتركة وليس توجيه لأي شخص، وأنا أعتقد أن أنسب حال للمجتمع الكندي والأقليات معا هو حكومات الأقلية، وليست الأغلبية التي تحول الديمقراطية الى ديكتاتورية الحزب الحاكم لمدة أربعة سنوات.

وباستعراض مواقف الأحزاب وتاريخها القريب والبعيد، وكذلك النظام الانتخابي المعمول به، نجد أن أحزاب الوسط واليسار هي دائما الأقرب والأقل ضراراً، ولذا فحزبي الأحرار والديمقراطي الجديد هما الأقرب، وتلاحظون أنني استبعدت حزب الخضر من الاختيار في هذه الانتخابات لضرورة التخلص من رئيسة الحزب، وهذا لن يكون إلا بتراجع نسبة التصويت للحزب في هذه الانتخابات، وكذلك حزب الكتلة الكيبكيه الذي فقد سبب وجوده وأظهر حقيقة موقفة من الأقليات ومشاركته المباشرة في تعميق التفرقة العنصرية. 

- هناك من يتخوف من وصول المحافظين لسدة الحكم لذا يدعون الى التصويت لحزب الاحرار ما رايكم بعيدا عن تقييمكم لمواقف الاخير؟

أعتقد أن ليس هناك أدنى شك بأن وصول المحافظين للحكم، سيكون له تأثير سلبي على كل شيء، لأنه ليس ما كان يعرف من قبل من المحافظين التقدمين فهو بلا شك امتداد لحركة اليمين العنصري كترامب وأمثاله، لذا يجب أن نركز على كيفية إيقاف المد اليميني المتطرف ومنعه من إغراق كندا، ولكن ذلك يجب ألا يكون استسلام كامل لحزب الأحرار، ولا تسليم كندا لديكتاتورية حزب الأحرار الذي يعتقد أنه يمكنه أن يلعب على التوازنات ليبقى في الحكم.

 ولذا علينا أن نبدأ بتقييم كل دائرة انتخابية على حدى، وأن نحدد لمن ندلي بأصواتنا دون الإخلال بالهدف والتوازن المطلوب تحقيقه.      

ولأن الحزب الديمقراطي الجديد فرصه ضعيفة جدا في إمكانية تشكيل حكومة، فلا أجد بديلا هن التصويت الاستراتيجي، وسأضرب مثال بنفسي، سأراجع نتائج الانتخابات السابقة في دائرتي، وسأبني قراري وفقا للتالي:

- إذا كان نصيب مرشح الأحرار أكثر من 50% من إجمالي الأصوات، أصوت للحزب الديمقراطي الجديد

- إذا كان موقف مرشح الأحرار حرج، أصوت لحزب لأحرار

- إذا كان حزب الأحرار ليس لديه أية فرصة، أصوت للحزب الديمقراطي الجديد

-  برأيكم ما هو دور النائب من أصول عربية وعليه ما هم تقييمكم لدور من انتخبوا منذ العام 2015؟

رغم قناعتي بضرورة المشاركة والترشح، وأن وجود المرشحون من أصول عرقية أمر هام، إلا أن العبرة ليست بالاسم ولا الصورة ولكن بالمواقف، فهناك من الأسماء العربية من أستخدم الجالية ولم يقدم شيء للجالية أو للمجتمع الكندي ككل، ولكن هناك الكثير منهم كان معبر حقيقي عن الجالية وقدم الكثير، ونعود مرة أخرى للتقييم ويجب أن يكون ذلك مبني على الأسس التي تحدثنا عنها وليس على الوعود البراقة ولا الاسم ولا العرق.   

 - ما هو السبب في ندرة المرشحين من أصول عربية في الانتخابات الفدرالية الحالية ؟

الترشح للانتخابات يحتاج لكثير من الأمور، يبدأ بالعمل التطوعي داخل الأحزاب وعلى الأرض في الدوائر الانتخابية، القدرة على حشد عدد كبير من المتطوعين خلفة وجمع التبرعات ثم عدم الاقتصار على العمل داخل الجالية، معرفة كيفية التعامل داخل الأحزاب واختيار الحزب الأقرب لأفكاره، ومعرفة كيفية التعامل مع نقاط الاختلاف بين مبادئ الشخص ومقررات الحزب وكذلك كيفية بناء تحالفات داخل الحزب المنضم إليه، واختيار التوقيت المناسب والدائرة المناسبة وعدم مناطحة قوى سياسية وجلويه هي قريبة منا، وهناك تقاطعات كثيرة بين مطالبنا، وهناك العديد من الأمثلة الجيدة ومنها عضو البرلمان النائب عن دائرة "بيرفوند-دولار" الأستاذ سمير زبيري الذي أحيي فيه صلابته واتباعه لكل هذه الخطوات فكان ممثل حقيقي للشباب الكندي من أصول عرقية غير بيضاء.     

-  هل من كلمة توجهونها للأحزاب الفدرالية والجالية والمرشحين ؟

الأحزاب والمرشحين أقول يجب أن يدركوا أن لعبة الوعود الزائفة قد كشفت، وأن الأسماء والأقوال بلا أعمال حقيقية لا قيمة لها، وإن لم تقف بجانب قضايانا فلا تستجدي أصواتنا

وللجالية أقول صوتنا أمانة وادلائنا به ضرورة إن لم نحسن العمل به سندفع ثمن غالي في حياتنا ومستقبل أبنائنا، وسنحاسب عليها يوم الحساب.

Monday, July 5, 2021

مصر الحزينة بقلم: محمد شريف كامل

 

مصر الحزينة

بقلم: محمد شريف كامل*

 4 يوليو2021

 https://resalapost.com/2021/07/05/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B2%D9%8A%D9%86%D8%A9/

https://www.sadaalmashrek.ca/ar/Opinions/content/6b2e35a9-5c24-45d7-87ec-738693f2c3dc





 

منذ 3 يوليو 2013 وطوال ثماني سنوات نتصور كل يوم أن الحكم في مصر قد بلغ قمة الفاشية وأننا قد وصلنا إلى قاع التهاون والإهمال والخيانة، ثم يأتي يوم أخر يضيف ملحمة جديدة من ملاحم السقوط والتردي.

منذ هزيمة 1967 خيم الحزن على مصر، ولم تسترد عافيتها بعد ولم يُسمح لها أن تفعل، وكلما سعت لفض الغبار لُطمت وصُدمت بأسوأ مما كانت عليه، ولم نمر طوال تلك السنوات إلا بمحاولتين شبه ناجحتين وقد تم أفشالهما، فكانت المحاولة الأولى هي حرب 1973 والتي انتصرت فيها إرادة الإنسان المصري تم ارتد السادات على ذلك الانتصار باستسلام كامب دافيد الذي فاق هزيمة 1967، ثم كانت المحاولة الثانية هي الثورة في 25 يناير 2011 والتي خزلها كل من شارك فيها فأنقض عليها العدو وسيطر على كل ما بقي من الأمل.

لقد استرجعت ذلك الماضي القريب والحزن يحيط بنا من كل جانب ونحن ننعى نهر النيل في أيامه الأخيرة، وبدلا من أن نوحد جهودنا لاسترجاع حق أضاعه عملاء الاستعمار المتجدد ومعاونيهم من المغيبين والمنتفعين بتوقيع اتفاقية المبادئ في 2015 والتي يتم توثيقها الأن بمهزلة التقدم لمجلس الأمن بلا استعداد، بل وبإسقاط كل الأوراق فنذهب لمجلس الأمن باتفاقية 2105 بدلا من أن نذهب لهناك باتفاقيات الحقوق المثبتة، ونهدد أوروبا بالهجرة غير الشرعية، وما كل ذلك إلا لإضعاف مصر لإسقاط كل الاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق دول المصب وتحديدا مصر.

 وبدلا من أن يقوم النظام الحاكم في مصر بتوحيد الجهود لاسترداد الحقوق، يستمر ذلك النظام في القيام بدوره لتدمير العلاقة الوطيدة التي شملت الشعب المصري والعربي يوما ما، وبدلا من لم الشمل يزداد الشقاق، ونتلقى نبأ تأكيد أحكام الإعدامات فيما عرف باسم قضية "فض رابعة" وجميعنا يعلم أن من وقف في قفص الاتهامات هو المجني علية ووقف الجاني يحاكمه للمرة الثانية، فبعد أن أصدر النظام الفاشي الحكم عليه ونفذه بلا محاكمة في 14 أغسطس 2013، عاد ليصدر عليه ذات الحكم بعد محاكمة صورية قيمتها لا تتعدى قيمة الأوراق المكتوبة عليها.

ومن منا لا يعرف ما حدث في مذبحة رابعة، التي ارتكبتها حكومة الانقلاب ووثقتها هيومن رايتس ووتش في تقرير وثق الواقعة "حسب الخطة،* والذي وصف المذبحة بأنها جريمة مكتملة مع سبق الإصرار والترصد، لا تختلف عن كل جرائم النظام التي نراها في مصر اليوم حيث التصفية الجسدية هي شعار النظام وطريقة لإسكات كل أشكال المعارضة وتكامل معها حكم الإعدام الذي يستغل فيه القضاء المسيس، فمنذ عام 2013 تم إصدار أكثر من 1500 قرار إعدام لأسباب سياسية، فهي قرارات وليست أحكام،  تم تأكيد أكثر من 160 حكم من بينها، ومنها تم تنفيذ 98 اعدام حتى يومنا هذا، والأصح أن يقال عليه هو الأخر قتل مع سبق الإصرار والترصد.

أعلم أنه وللأسف هناك من يقبل أن يلقى كل من عارض في السجن دون سبب، ولا يقدر معنى الاختلاف في الرأي وحق المعارضة وحرية التعبير ولا يدرك معنى الديمقراطية، لكن لا يمكن أن نختلف على أن استخدام عقوبة الإعدام لإسكات المعارضة هو جريمة قتل، ولو لم نرى ذلك فبلا شك هناك خطأ في تركيبتنا أو عقلنا، بل هي خطيئة كبرى أن نعيش حياتنا ونستمتع بها وأيدينا وطعامنا ومتعة أطفالنا ملطخة بدماء ضحايا ذلك النظام الذي منا من أعانه على ظلمه.   

إن مصر اليوم حزينة فقد فقدت المياه والغاز والأرض يوم صمت العديد أمام اعدام أبنائها في رابعة، وأعادت محاكمتهم وقررت اعدامهم، فكانت رسالة واضحة للعالم كله أن النظام في مصر لا يحترم أي شيء فوضاعته تجاوزت كل الحدود، وهذا حاله وهذا هو الواقع المؤلم الذي نستيقظ علية كل يوم، ولكن السؤال إلى متى سيظل المؤيدون لذلك النظام يسبحون في بركة الدماء ويهدرون ثروات مصر البائسة؟ وهم ولا شك يدركون أنهم يدمرون مستقبل أبنائهم وذلك من باب العند فقط، وإلى متى سيظل الصامتون يقبلون أن يتناولون طعام مخضب بدماء الأبرياء؟

 

* https://www.hrw.org/ar/report/2014/08/12/256580

 

 

 

* محمد شريف كامل مهندس ومدير مشروعات، شغل مناصب مهنية عديدة، بالإضافة لكونه مدون وكاتب مستقل، هو أحد المؤسسين وعضو مجلس الادارة لحركة حقوق المواطنين، هو أحد المؤسسين والأمين العام والمتحدث الرسمي السابق للمجلس الثوري المصري، و أحد مؤسسي الائتلاف الكندي المصري من أجل الديمقراطية، وحركة مصريون حول العالم من أجل الديمقراطية والعدالة، هو احد القيادات الطلابية المصرية  في السبعينات، عضو نشط في العديد من المنظمات المحلية والدولية الدفاع عن حقوق الإنسان، بالإضافة لانتخابه مفوض بمجلس إدارة المدارس بقطاع المدارس بجنوب مونتريال لمدة 4 سنوات. هو أحد مؤسسي الجمعية الوطنية للتغيير في مصر (كندا) قبل الثورة، وتجمع الاعلام البديل بكيبيك – كندا، كذلك أحد مؤسسي والرئيس السابق للمنتدى الإسلامي الكندي، كما انه أحد المؤسسين حركة كيبيك - كندا المناهضة للحرب، وأحد المؤسسين التحالف الكيبيكي-الكندي من أجل العدالة والسلام في فلسطين. وهو عضو نشط في العديد من منظمات المجتمع المدني ومن بينها اتحاد الحقوق والحريات بكيبيك – كندا. عضو في مجلس الأمناء لجمعية الكندين المسلمين من اجل فلسطين، ومركز مسلمي مونتريال (الامة الإسلامية). نشر له العديد من المقالات حول العديد من القضايا المحلية والدولية بلغات ثلاث (العربية، والانجليزية، والفرنسية)، ومدون ومؤسس مدونة "من أجل مصر حرة".

محمد شريف كامل يمكن للتواصل معه عبر:

1-514-863-9202, e-mail: public@mohamedkamel.com, twitter: @mskamel, blog: http://forafreeegypt.blogspot.com/  https://www.facebook.com/APresidentForEgypt/, https://www.youtube.com/channel/UCl3y4Hxgf05Xr0iDU68r8GQ

Monday, May 31, 2021

سد النهضة: مصر وافريقيا بين الماضي والحاضر والمستقبل المحور الخامس: رؤية للمستقبل بقلم: محمد شريف كامل*

سد النهضة: مصر وافريقيا بين الماضي والحاضر والمستقبل

سلسلة من خمسة مقالات

المحور الخامس والأخير: رؤية للمستقبل

 

بقلم: محمد شريف كامل*

27 مايو 2021

https://forafreeegypt.blogspot.com/2021/05/blog-post_31.html

 

https://resalapost.com/2021/06/01/%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9-%D8%8C%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1-%D8%B1%D8%A4%D9%8A%D8%A9/

https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2021/06/01/538721.html

https://www.amad.ps/ar/post/406726/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1-%D8%B1%D8%A4%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84

 

(هذا مقال من سلسلة من خمسة مقالات، فبرجاء قراءة المقدمة وقراءة المقالات بالترتيب حتى يكتمل الهدف من السلسلة)

المقدمة: https://forafreeegypt.blogspot.com/2021/05/blog-post_26.html

 

اقتربت اللحظات الحاسمة من مشروع سد النهضة، وهي اللحظة التي ستؤثر على مصر إلى الأبد، حيث من المنتظر أن تبدأ المرحلة الثانية، أو (الأولى ب) وفق مخطط بناء السد، وهذه المرحلة من ملئ الخزان تبدأ مع قدوم موسم الفيضان والذي بلا شك سيؤثر تأثيرا كبيرا على مخزون السد العالي الذي مع انخفاضه قد تتوقف معه التوربينات ولو جزئيا، مما يؤثر على توليد الطاقة، والتي انخفضت من 18% إلى 4% فقط من احتياجات مصر من الطاقة، وبلا شك سيكون الـتأثير الأكبر على تدفق المياه التي تعتمد عليها مصر اعتمادا كليا.

وتتنادى الأصوات لإنقاذ مصر، ولا يملك اغلب تلك الأصوات رؤية حقيقية لما فيه مصلحة مصر، وتتبارى الأصوات في الطلب لإعلان الحرب وتدمير السد، وكأننا نتلهف للقيام بدور البلطجي، ودعاوي البعض بأنهم سوف يصطفون خلف النظام في حال إعلان الحرب، ولم يدرك أي من تلك الأصوات أن هذه العملية ليست إلا توريط مصر على عدة مستويات، أولها أن تقديم صورة مصر كبلطجي افريقيا يعيد صورة الاستعمار القديم ويضع مصر في مواجهة مع كل افريقيا، ويورث الشقاق بين الشعوب الافريقية والشقاق الأبدي بين شعبي مصر واثيوبيا.

لن أتحدث هنا عن الإمكانية العسكرية، ولن أدخل في سجال حول قدرات مصر العسكرية، ولكني اكتفي هنا بالتأكيد على أن أي ضرر بجسم السد سوف يغرق السودان في فيضان صناعي يدمر الأخضر واليابس.

ويخرج البعض من هذا الفخ ليقع في فخ أخر ألا وهو الحديث عن تخريب جسم السد لإيقافه وقتيا، أو جر اثيوبيا لحروب حدودية أو خلافات قبيلة وإقليمية، وكل هذه ليست إلا صورة أخرى من هزل ضرب السد ولن يعود على مصر إلا بالعداوة والكراهية حتى ولو تأخر المشروع، علما بأن الشركات القائمة لن توقفها أي من تلك الأعمال الصبيانية.

ويذهب البعض لأن انقلاب عسكري موالي لمصر قد يكون الحل الأوحد، ولو سلمنا بنجاح ذلك الانقلاب فـإنه أي حكومة مهما كانت ولاءاتها فليس لها أن توقف أعمال السد لأنها لا تستطيع أن تُقف أمام تقدم المشروع الذي أولا أصبح جزء من كيان وأحلام الشعب الاثيوبي، ثانيا أن هناك ارتباط تعاقدي قد يتطلب منها دفع غرامة تأخير للشركة المنفذة.    

وكل تلك الأحوال تُحول مصر إلى بلطجي، ويقضي على ما بقي من احترام مصر، التي كانت يوما معين لكل لأفريقيا في احتياجاتها وتحررها وتطورها وتصديها للبلطجة والاستعمار والانقلابات.

وقد أوصلتنا عشرات السنوات من سوء إدارة ملف العلاقة المصرية الأفريقية وسوء إدارة ملف السد عن قصد أم غير قصد إلى ما نحن فيه الأن، ولذا لا يمكن أن نعَول عليهم في حل الأزمة لأنهم هم من تسببوا فيها، فلا حل إلا على أيدي مؤمنة بالحق ومدافعة عنه وليست الأيدي التي أضاعت الاتفاقيات وفرطت في الحقوق.

ولا بد أن ندرك الفخ الأخر المنصوب لمصر وافريقيا وألا نقع فيه، وهو ما يبدوا من ظاهره المنفعة وباطنه ضرر بين، كنقل الملف للأمم المتحدة والذي الهدف منه تحويل ملف نهر النيل من ملف خاص بدول حوض النيل إلى ملف دولي وألا يصبح النهر ملك دول المنبع والمصب وحسب ويصبح مشاع لكل دول العالم ويصبح الجميع صاحب مصلحة في ذلك النهر، إن الأمم المتحدة يجب عدم الذهاب لها إلا بعد الاتفاق بين الدول على عقد سياسي واجتماعي جديد يودع لدى الأمم المتحدة كضامن لتنفيذه وليس كوسيط لإبرام الصفقة.   

وخطوات الحل، كأي مشكلة، تبدأ بإيقاف أسباب المشكلة، والخطوة الأولى تكون بألا نعَول على من تسبب في هذه الأزمة وأن نخرجهم من المعادلة لأنه لن يأتي من ورائهم إلا كل شر، ثم إلغاء اتفاقية المبادئ الموقعة في عام 2015 والعودة إلى ثوابت اتفاقية 1929 واتفاق التعاون مع أثيوبيا الموقع في عام 1993، وعلى جانب أخر فإن يجب التفاوض مع اثيوبيا للقبول بتوزيع ملئ الخزان على 5-7 سنوات بدلا من 3 سنوات، وأن تتكفل كل دول المصب بمساعدة اثيوبيا في تعويض الضرر المادي الناتج عن ذلك، وتلتزم أثيوبيا بتعويض الضرر الواقع على دول المصب.

ونرى أن يتزامن ذلك مع العودة لمبادرة عام 1999 التي ضمت كل دول حوض النيل التي وقُعت بهدف تدعيم التعاون بين هذه الدول عن طريق شراكة إقليمية من أجل تنمية وحسن استخدام وادارة مياه النيل والتي تبدأ بالإقرار بضرورة العمل من خلال مبدأ الانتفاع المنصف الذي يبنى على حق الشعوب في التنمية حيث يحق لجميع دول حوض النيل أن توفر احتياجاتها من المياه بغرض الاستخدام المباشر أو غير المباشر مثل توليد الطاقة والتخزين، مع الحفاظ على حقوق دول المصب.

ويكون من المناسب أن يشمل الحوار إنشاء صندوق تنمية مشترك تساهم فيم كل دول حوض النيل، وأن يضاف نهر الكونجو إلى الاتفاقية، وهنا يبدأ العمل الحقيقي من خلال تكتل دول حوض النيل ووضع دراسة مفصلة عن احتياجات كل منها من المياه والتنمية، وهو مبدأ يجب ألا يكون هناك خلاف حوله ولكن لا بد أن يتضمن محددات لا تخرج عن مبادئ وثوابت اتفاقية 1929.

قد يكون هذا الطرح مقبول، أو قد يراه البعض مثالي أو وهمي، ولكن كل الأضرار هي أهون وأقل ضررا من خسارة معركة العلاقات مع العمق القومي الطبيعي لمصر وللأمة العربية، ألا وهي القارة السمراء التي كانت يوما تنظر لمصر كملهم وكأب روحي للتحرر والتنمية قبل أن تتحول لألعوبة في أيدي قوى الاستعمار والاستغلال الجديدين.   

وعلى من يرى في هذا الطرح أنه وهمي أو مثالي وغير عملي، أن يتقدم بحلول عملية أخرى ولكن اياكم والحلول التي تعمق الخلاف والعداوة من حروب وانقلابات أو تدويل نهر النيل، وخروجه من حوض النيل التاريخي.

مع رجاء أن أكون قد وفقت في طرح الأمر من كل جوانبه التي أعتقد أنها لازمة للإلمام بالأمر، وطرح فكرة لمستقبل أفضل لنا وللقارة السمراء التي عانت ومازالت تعاني من الاستعمار وشركاءه المحللين.

 

* محمد شريف كامل مهندس ومدير مشروعات، شغل مناصب مهنية عديدة، بالإضافة لكونه مدون وكاتب مستقل، هو أحد المؤسسين وعضو مجلس الادارة لحركة حقوق المواطنين، هو أحد المؤسسين والأمين العام والمتحدث الرسمي السابق للمجلس الثوري المصري، و أحد مؤسسي الائتلاف الكندي المصري من أجل الديمقراطية، وحركة مصريون حول العالم من أجل الديمقراطية والعدالة، هو احد القيادات الطلابية المصرية  في السبعينات، عضو نشط في العديد من المنظمات المحلية والدولية الدفاع عن حقوق الإنسان، بالإضافة لانتخابه مفوض بمجلس إدارة المدارس بقطاع المدارس بجنوب مونتريال لمدة 4 سنوات. هو أحد مؤسسي الجمعية الوطنية للتغيير في مصر (كندا) قبل الثورة، وتجمع الاعلام البديل بكيبيك – كندا، كذلك أحد مؤسسي والرئيس السابق للمنتدى الإسلامي الكندي، كما انه أحد المؤسسين حركة كيبيك - كندا المناهضة للحرب، وأحد المؤسسين التحالف الكيبيكي-الكندي من أجل العدالة والسلام في فلسطين. وهو عضو نشط في العديد من منظمات المجتمع المدني ومن بينها اتحاد الحقوق والحريات بكيبيك – كندا. عضو في مجلس الأمناء لجمعية الكندين المسلمين من اجل فلسطين، ومركز مسلمي مونتريال (الامة الإسلامية). نشر له العديد من المقالات حول العديد من القضايا المحلية والدولية بلغات ثلاث (العربية، والانجليزية، والفرنسية)، ومدون ومؤسس مدونة "من أجل مصر حرة".

محمد شريف كامل يمكن للتواصل معه عبر:

1-514-863-9202, e-mail: public@mohamedkamel.com, twitter: @mskamel, blog: http://forafreeegypt.blogspot.com/  https://www.facebook.com/APresidentForEgypt/, https://www.youtube.com/channel/UCl3y4Hxgf05Xr0iDU68r8GQ


Sunday, May 30, 2021

سد النهضة: مصر وافريقيا بين الماضي والحاضر والمستقبل المحور الرابع: سد النهضة والحق الأثيوبي في التنمية بقلم: محمد شريف كامل*

سد النهضة: مصر وافريقيا بين الماضي والحاضر والمستقبل

سلسلة من خمسة مقالات

المحور الرابع: سد النهضة والحق الأثيوبي في التنمية

بقلم: محمد شريف كامل*

27 مايو 2021


https://resalapost.com/2021/05/31/%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9-%D8%8C-%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD/

https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2021/05/31/538709.html

 

https://forafreeegypt.blogspot.com/2021/05/blog-post_30.html

 

 

(هذا مقال من سلسلة من خمسة مقالات، فبرجاء قراءة المقدمة وقراءة المقالات بالترتيب حتى يكتمل الهدف من السلسلة)

المقدمة: https://forafreeegypt.blogspot.com/2021/05/blog-post_26.html

 

 

نبدأ حديثنا عن سد النهضة بالتأكيد على أهمية الأمر بالنسبة لمصر دون غيرها، فمصر هي الدولة الوحيدة التي تعتمد اعتماد كليا على مياه نهر النيل لأنها الدولة الوحيدة من دول حوض النيل التي ليس لديها أي مصدر أخر للمياه العذبة لندرة الامطار بها، فالنيل ينبع من أوغندا وكينيا وتنزانيا وأثيوبيا، وخلال رحلته للمصب النهائي تزداد طاقته المائية خلال عبوره السودان والتي تتمتع بالتقاء العديد من الروافد بالإضافة لسقوط الأمطار في العديد من ارجائها وبالتحديد في منطقة ما يعرف الأن بجنوب السودان.

وقد استعرضنا سابقا الاتفاقيات الدولية الخاصة بتوزيع مياه نهر النيل، وفندنا ادعاء البعض بأن اتفاقية 1929 ليست اتفاقية لمجرد انها تمت من خلال تبادل رسائل بين الحكومة المصرية والبريطانية، فقد أقرت كل الحكومات بأن تلك المراسلات هي اتفاقية ووثقتها باسم اتفاقية 1929 لنهر النيل.

وفي عام 1911 انعقدت في مدريد الدورة العامة لمعهد القانون الدولي، وأقرت بأنه لكون مجرى النيل يمر عبر عدة دول فلا يجوز لدولة إحداث أي تغيير أو إقامة أية مشروعات عليه بدون موافقة الدول الأخرى، ولا يجوز لأي دولة أن تستغل أو تسمح باستغلال المياه في إقليمها بطريقة تضر بالدول الأخرى. وكذلك فأنه لا يجوز سحب كميات من مياه النيل لاستغلالها في توليد القوى الكهربائية إذا كان ذلك يؤثر على مجرى النهر أو كمية المياه في دول المصب.

ويجب أن نذكر أن مصر عند الشروع في بناء السد العالي احترمت نص تلك المذكرة القانونية والتي تنص على أنه لا يجوز لدولة المصب أن تقيم منشآت على إقليمها تؤدى إلى إحداث فيضانات في دول المنبع، ولذا كان من الضروري ان يبرم الاتفاق المصري السوداني عام 1959 قبل البدء في مشروع السد العالي، فتطبيق مصر لتلك المذكرة القانونية يحميها من محاولات البعض اسقاطها، وللأسف ذلك البعض "مصري".

وتاريخ رغبة اثيوبيا المشروعة في استخدام نهر النيل في التنمية وتوليد الطاقة ليس بجديد، فبداية مشروع سد النهضة أو كما يعرف باسم سد الألفية يعود إلى منتصف القرن الماضي وتحديدا في الفترة بين 1956-1964 وبعد تمهيد جيد من رجال المخابرات الأمريكية في المنطقة، قام مكتب الولايات المتحدة لاستصلاح الأراضي بإجراء مسح شامل للنيل الأزرق لتحديد أنسب الأماكن لإقامة سد على النيل الأزرق، على أن تقوم الولايات المتحدة والبنك الدولي بتمويله، وكان ذلك محاولة للضغط على مصر لإفشال مشروع السد العالي.

 ولما كانت علاقات مصر وأثيوبيا قوية، وكان التواجد المصري في أفريقيا له احترامه، وكانت للعلاقة الوطيدة بين الإمبراطور هيلا سيلاسي وعبد الناصر أثر كبير على ذلك، فتم التشاور في الأمر وأتفق على أن يتم التعاون على مثل تلك المشروعات بين البلدين، ولذا بدأت مصر في التفكير في إقامة عهد جديد من التعاون الأفريقي الذي يسمح لباقي دول المنطقة من التنمية بدون أن يؤثر ذلك سلبا على دول المصب وتحديدا مصر، فكانت الفكرة التي وئدت لتوصيل نهر الكونجو بنهر النيل وإعادة توزيع حصص المياه.

ولا شك أن هزيمة 1967 غيرت من الأولويات المصرية، ثم كانت فترة السبعينات والثمانينيات من ضياع الرؤية وتسليم المنطقة بالكامل للولايات المتحدة واتباعاها في المنطقة هي السبب الرئيسي في وئد فكرة التعاون وفك أوصال الارتباط المصري الأفريقي، ولعله لا يكون فك ارتباط أبدي

وتزامن ذلك مع دخول أثيوبيا في دوامة الحكم العسكري بعد انقلاب 1974 وحتى مطلع التسعينيات، وبعد الإطاحة بالحكومة العسكرية ووصول مهندس التنمية الأثيوبي "ملس زيناوي" لصدرة الحكم، والذي تولى رئاسة الجمهورية المؤقتة ما بين 1991- 1995 ثم رئاسة الوزارة ما بين 1995- 2012، عادت الفكرة للحياة، ولذا وقعتا مصر وإثيوبيا عام‏ 1993 الإطار العام للتعاون بينهما والذي نص على امتناع الطرفين عن القيام بأي نشاط يتعلق بمياه النيل يمكن أن يضر على نحو محسوس بمصالح الأطراف ألأخرى، وعلى ضرورة التعاون والتشاور بخصوص المشروعات بما يساعد علي تعزيز مستوي تدفق المياه وتقليل الفاقد منها‏، وعدم المساس بالاتفاقيات السارية.

وفي عام 1999 أعلن ما سمي في ذلك الوقت "مبادرة 1999" التي ضمت مصر والسودان وجنوب السودان وأوغندا واثيوبيا والكونجو وبورندي وتنزانيا ورواندا وكينيا وأريتريا، وتم توقيع المبادرة بهدف تدعيم التعاون بين هذه الدول عن طريق شراكة إقليمية من أجل تنمية وحسن استخدام وادارة مياه النيل.

وقد رفضت مصر فيما بعد التوقيع على الإطار القانوني للمبادرة إلا إذا تضمن عدم المساس بحصة مصر من مياه النيل وحقوقها التاريخية، والالتزام بالإخطار المسبق بأي مشروع يقام بأعالي النيل، وضرورة ألا يتم تعديل الاتفاق إلا بالإجماع وليس بالأغلبية.

وفى عام 2010 انفردت أثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا بالتوقيع على مبدأ الانتفاع المنصف والمعقول بلا محددات تحفظ حقوق دول المصب وتسقط الاتفاقات الدولية السابقة، علما بأنه تلك الدول الموقعة غير معنية بأي مشروعات على النيل الأزرق الذي ينبع من أثيوبيا ويغذي نهر النيل بالسودان متجها لمصر، وقد رفضت مصر والسودان وباقي دول حوض النيل التوقيع.

وبدأت مشروعات السدود الأثيوبية عام 2002 بسد تيكيزي، الذي بني على نهر عطبرة، وانتهى العمل به عام 2009، وإن كان هذا السد لم يؤثر تأثيرا كبيرا على تدفق المياه إلا أنه قام بحجز 40% من الطمي المغذي للنهر وهو المصدر الرئيسي لمصر من الطمي، ومثل ذلك المشروع بداية الفشل أو التخاذل المصري في إدارة الصراع.

 ولم يكن ذلك هو السد الأوحد بل وقعت اثيوبيا عقود لبناء 5 سدود أخرى، وجميعها كانت من نتائج دراسة مكتب الولايات المتحدة لاستصلاح الأراضي المشار إليه بعد ترتيبات أولية عن طريق المخابرات الأمريكية، والأمر الخطير في كل ذلك ان تلك السدود تقع في اثيوبيا والتي ينبع منها النيل الأزرق والذي يغذي نهر النيل بـنسبة 80-85% من مياه نهر النيل الإجمالية، ولا يحدث ذلك إلا أثناء مواسم الصيف بسبب الأمطار الموسمية على مرتفعات إثيوبيا، وهو ذات الوقت المحدد لمراحل ملئ الخزان خلف سد النهضة.

وبصورة عامة فأن جميع دول حوض النيل لا تعتمد على نهر النيل كمصدر للمياه إلا بنسبة ضئيلة جدا، فأثيوبيا تحديدا لا يمدها نهر النيل إلا بـــ 1% من إجمالي احتياجاتها من المياه، وباقي دول حوض النيل لا تعتمد على مياه النيل إلا بنسب متفاوتة تتراوح يبن 0-5% فقط، بينما تعتمد السودان عليه بنسبة 77%، وتعتمد مصر اعتماد كلي على مياه النيل بنسبة 97%،

ورغم كل ذلك فقد وقعت مصر والسودان مع اثيوبيا اتفاق مبادئ في 23 مارس 2015 والتي بموجبها تلتزم الدول الثلاث بـمبادئ عامة، وقد أكدت الاتفاقية على حق اثيوبيا في بناء سد النهضة، وأن تتعاون الدول الثلاثة على المنفعة المشتركة وحسن النوايا وتحقيق المكاسب للجميع، وأن تتخذ الدول الثلاث الإجراءات المناسبة لتجنب التسبب في ضرر.

ثم نصت على الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي لسد النهضة، والتي يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لآخر مع إخطار دولتي المصب، وأن تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا.

ومن الواضح أن هذا الاتفاق حول الإلزام المنصوص عليه في الاتفاقيات الدولية إلى إخطار وليس اتفاق ولا حتى استشارة، فمَثل ذلك صك استسلام بلا مبرر.  

وما هذا إلا دليل على أن توقيع مصر على اتفاق المبادئ في 23 مارس 2015، كان بمثابة إهدار كامل لكل حقوق مصر وتفريط واضح في مصدرها الأساسي من المياه، مما يهدد ليس فقط كل اشكال التنمية في مصر بل يمتد لتهديد كل اشكال الحياة على أرض مصر، وأن سوء الإدارة وليس ثورة 25 يناير 2011 كما يدعي البعض هي المسئولة عن تلك المصيبة الكبرى.   

ولكن ما هو الحل وكيف لمصر أن تنجوا من ذلك الفخ الذي نصب لها عبر عشرات السنوات ووقعت مصر فيه بسوء إدارة الملف أو بسوء نية، ولذا مقال التالي والأخير في تلك السلسلة.

..... يتبع بالمقال الخامس والأخير    رؤية للمستقبل

 

* محمد شريف كامل مهندس ومدير مشروعات، شغل مناصب مهنية عديدة، بالإضافة لكونه مدون وكاتب مستقل، هو أحد المؤسسين وعضو مجلس الادارة لحركة حقوق المواطنين، هو أحد المؤسسين والأمين العام والمتحدث الرسمي السابق للمجلس الثوري المصري، و أحد مؤسسي الائتلاف الكندي المصري من أجل الديمقراطية، وحركة مصريون حول العالم من أجل الديمقراطية والعدالة، هو احد القيادات الطلابية المصرية  في السبعينات، عضو نشط في العديد من المنظمات المحلية والدولية الدفاع عن حقوق الإنسان، بالإضافة لانتخابه مفوض بمجلس إدارة المدارس بقطاع المدارس بجنوب مونتريال لمدة 4 سنوات. هو أحد مؤسسي الجمعية الوطنية للتغيير في مصر (كندا) قبل الثورة، وتجمع الاعلام البديل بكيبيك – كندا، كذلك أحد مؤسسي والرئيس السابق للمنتدى الإسلامي الكندي، كما انه أحد المؤسسين حركة كيبيك - كندا المناهضة للحرب، وأحد المؤسسين التحالف الكيبيكي-الكندي من أجل العدالة والسلام في فلسطين. وهو عضو نشط في العديد من منظمات المجتمع المدني ومن بينها اتحاد الحقوق والحريات بكيبيك – كندا. عضو في مجلس الأمناء لجمعية الكندين المسلمين من اجل فلسطين، ومركز مسلمي مونتريال (الامة الإسلامية). نشر له العديد من المقالات حول العديد من القضايا المحلية والدولية بلغات ثلاث (العربية، والانجليزية، والفرنسية)، ومدون ومؤسس مدونة "من أجل مصر حرة".

محمد شريف كامل يمكن للتواصل معه عبر:

1-514-863-9202, e-mail: public@mohamedkamel.com, twitter: @mskamel, blog: http://forafreeegypt.blogspot.com/  https://www.facebook.com/APresidentForEgypt/, https://www.youtube.com/channel/UCl3y4Hxgf05Xr0iDU68r8GQ