Thursday, October 31, 2013

سؤال وجواب بين ناصر والاخوان


بقلم: محمد شريف كامل*
@mskamel
27 أكتوبر 2013

قال صديق عزيز

في سؤال بقى لي مده عايز أسألك عليه وفعلا مهم اجابته بالنسبة لي وانت من يقدر عبدالناصر و كنت من اشد محبيه ولازلت واعتقد بقدر اكبر من النضج الان ولكنك صدقته يوما عندما اتهم الاخوان  بالاتصال بالإنجليز وقت مفاوضات الجلاء و محاولتهم بيع انفسهم كبديل لناصر مقابل تنازلات على حساب الوطن وصدقته عندما اتهمهم بمحاوله قتله وصدقته حين اتهمهم بالتخابر و لعلك صدقته حين اتهمهم بالتنسيق مع فيصل كطابور خامس من اجل افشال مشروع التحرر الوطني وامريكا ليست بعيده عن هذا الهدف ودعمه وايضا عاصرت عندما تحالفوا مع السادات للتخلص منكم في الجامعة و مسح عبدالناصر من ذاكره الشعب واتهامه بالكفر والشيوعية وغيره من العتاهات هل ما زلت تصدقه ام ان السنيين كشفت لك انه كاذب في كل هذا او بعضه*

فقلت

أولا الامر ليس اخوان أو جيش، الامر هو أين الحق؟

وأذكر هنا ما أشرت له في مقالي " هل شاء يونيو أن يكون شهر الانتكاسات؟"

 ".....إن محاوله تشبيه 1954 بانقلاب 2013، هي استكمال لخطايا تزييف الإرادة وقلب الحقائق التي دامت لأربعون عاما في مصر، والحقيقة أن محمد نجيب هو عدلي منصور الذي نصبه الجيش وعزل الأول لأنه تصور أنه الرئيس، ولن يسمح للشبيه بالوصول لذلك الوهم.

إن 1952 ثوره قادها الضباط الأحرار، و1954 لم تسمح باختطافها واعادتها لقيادتها الأصيلة، أما 2011 فهي ثورة شعب أنتجت ميلاد اول ديمقراطية حقيقيه، واليوم في يونيو ينقض عليها النظام القديم، الثورة المضادة، الذي يعيد ترتيب البيت لصالحه عن طريق أمواله التي أختلسها من قوت الشعب وشريكهم في ذلك أعلامه الرخيص المزيف، وسيستمرون جميعا في تزييف الحقائق، وسيشيعون أكاذيب من بينها أن 25 يناير لم تكن ثورة وان الثورة هي 30 يونيو، ولا عجب فهذا نهج المؤامرة...."

 

ولقد ذكرت ذلك في أكثر من مقال وكلمه وأحاديث إذاعية، وأكرر أنه لو كان يومنا هذا هو 1954 لوقفت بلا تردد بجانب بعبد الناصر.
إلا أن 2013 ليست 1954 وإخوان اليوم رغم اخطائهم هم ليسوا إخوان الأمس. وإن ما مر علي من خبرات عمليه واحتكاك بحركات ثورية مصرية في الداخل والخارج وحركات ثوريه ليبرالية وذات أيدولوجيات متباينة اسلاميه وشيوعية وغيرها، وعمل على الارض في هذه البقعة التي أسكنها الان، كندا، يجعلني على قناعة تامة ان ما يحدث في مصر منذ 11 فبراير 2011 هو تمهيد للثورة المضادة التي شهدتها مصر وهي حملة منظمة ضد الاسلام، وقد ذكرت ذلك في أحد مقالاتي الأخيرة." أمن المنطق أن نؤيد الانقلاب...!"

ونعم ما زلت على قناعة تامة بكل ذلك ولم يرد لعلمي عبر الأيام ما يخالف ذلك، وفي ذات الوقت فإنني ارفض بشدة،

- محاولات الاخوان تشبيه انقلاب 2013 الفاشي بما حدث في 1954
- محاولات الانقلابين والانتهازيين أمثال حمدين تشبيه قائد الانقلاب الفاشي (السيسي) بعبد الناصر
- محاولات الانقلابين والانتهازيين لاستغلال أخطاء الإخوان المسلمين في الماضي والحاضر لتبرير أسقاط الديمقراطية الوليدة وعزلهم سياسيا واتهامهم جنائيا
إن هذه الثورة المضادة قام بها:
-  النظام القديم ليعود بلا مبارك الذي أصبح عبئ عليهم.
- أدعياء الليبرالية، الذين استخدموا المناخ للتخلص بانتهازية لا مثيل لها من الاخوان الاقدر تنظيميا وشعبيا، ومن المهم قراءة توصيف الليبراليين الغربين لهم وتبريهم منهم.
- قوى عربية متضررة من الثورات العربية، وعلى رأسها السعودية والأردن والإمارات، والتضرر هو سياسي واقتصادي.
- قوى دولية، وبالتحديد الولايات المتحدة وإسرائيل
واجتماعهم على:
- ضرب الثورة
- ضرب الوحدة والتجانس المرحلي الذي خلقته ثورة يناير 2011
- إفشال التجربة الديمقراطية الوليدة
وقد نجحوا مرحليا في ذلك، ولكن ما يحدث الان يبشر بقرب الخلاص منهم، بإذن الله
اما عن تحالفهم مع السادات للتخلص منا (الناصريين واليساريين) في السبعينات ومحاولتهم مسح عبد الناصر من ذاكره الشعب واتهامه بالكفر والشيوعية وغيره من العتاهات، فكل هذا لم تقم به جماعة الاخوان بل إن العصابة المشكلة من رفعت المحجوب ومحمد عثمان إسماعيل (محافظ أسيوط في ذلك الوقت) والنبوي إسماعيل شجعوا ونظموا وسلحوا الجماعات الإسلامية الناشئة في ذلك الوقت، بل انهم انشأوا بعض اجنحتها للقيام بهذا الدور، وتحجيم الاتجاهات الإسلامية المعتدلة حين ذاك، بما فيها الاخوان المسلمون.

وعفواً مصر...فهذه هي الثورة المضادة


* لما كان السؤال سئل من صديق عزيز وقد طرحة علنا، فقد رأيت أنه من حقي نشره والإجابة في هذا المقال القصير



محمد شريف كامل

الخط الأحمر : فهمي هويدي


الخميس 31 أكتوبر 2013 
أحذر من الدببة الذين نصَّبوا من أنفسهم حماة للجيش ودعونا إلى تقديسه، فأساءوا إليه من حيث لا يحتسبون، إذ زعموا تارة أنه «فوق الجميع» وحدثونا تارة أخرى عن أنه يمثل «خطا أحمر» لا يجوز الاقتراب منه ناهيك عن تجاوزه، وقرأنا أن منهم من طالب «بقطع لسان» كل من داس للجيش على طرف أو ذكره بغير المديح والإجلال. وقال قائلهم إن أى ذكر من ذلك القبيل يعد إهانة له وإهدارا لثوابت الأمة.
لم أجد فرقا بين هؤلاء وبين دراويش الكمالية فى ثلاثينيات القرن الماضى. حين كان غلاتهم يعتبرون المساس بالذات الإلهية من قبيل ممارسة حرية الرأى، فى حين اعتبروا توجيه أى نقد «للغازى» مصطفى كمال أتاتورك مساسا بالثوابت الوطنية ينبغى أن يقابل بكل حزم، كانوا معذورين آنذاك، فذلك المجتمع المحارب بطبعه وجد فى الغازى مصطفى كمال الرجل الذى حقق له أمله وجسد كبرياءه، حين قاد فى عام 1920 حركة المقاومة الوطنية ضد جيوش الاحتلال التى توجت بتحرير الأناضول واسطنبول ومن ثم أنقذت الدولة من الانهيار. ولأنه قاد حرب التحرير فقد أصبحت رئاسة الأركان العامة هى مركز القرار السياسى فى الداخل والخارج، حتى إنه فى دستور عام 1921 أصبح مصطفى كمال هو القائد العسكرى العام، ورئيس مجلس النواب ورئيس هيئة الوكلاء التنفيذيين (مجلس الوزراء)، وجرى تحصينه ضد المساءلة أمام مجلس النواب، وبذلك جمع الرجل بين السلطات العسكرية والسياسية والتشريعية وأصبح معلوما للكافة أن الجيش يحمى الدستور والدستور يحمى الجيش، على نحو كاد يوحى بأنه ليس فى البلد سوى الجيش.
بعض صفحات هذا التاريخ أصبحت الآن موضوعا للتندر بين الأجيال الجديدة للمثقفين الأتراك. صحيح أن الجيش لايزال له احترامه هناك، ولكن الممارسة الديمقراطية نزعت عنه هالة القداسة التى أضفاها عليه البعض. وأصبح الآن يعامل بحسبانه مؤسسة وطنية شأنها شأن بقية مؤسسات الدولة، وليست متعالية فوق ما عداها. وهو ما تجلى ليس فقط فى تراجع الدور السياسى لرئاسة الأركان، لكنه تجلى أيضا فى إخضاع ضباط القوات المسلحة وقادتها للقوانين الحقوقية المقررة فى البلاد. وهو ما أدى إلى محاكمة نحو 300 من العسكريين بتهم التآمر ضد الحكومة، وقبل أسبوعين ــ فى 10/10 ــ أيدت محكمة الاستئناف أحكام السجن لمدة 20 عاما بحق ثلاثة من أولئك القادة بعد إدانتهم فى جريمة التآمر التى ارتكبوها قبل 10 سنوات.
من الأمور المثيرة للدهشة حقا، الدالة على الخلل الفادح فى ترتيب الأولويات، أن الجدل فى وسائل الإعلام حول الغيرة المفتعلة على كرامة الجيش بما استصحبه من مزايدات وترهيب، أخذ حظا من الاهتمام تجاوز بكثير أى قضية حيوية فى مصر. فقد سكت الجميع على إعداد الدستور الجديد فى السر، ولم ينشغل أحد بقضية العدالة الانتقالية المعلقة، ولم يفهم أحد لماذا يصدر قانون جديد للإرهاب، فى حين أن ما هو قائم بالفعل يؤدى الغرض وزيادة. ولايزال ملف انتهاكات حقوق الإنسان والمحاكمات العسكرية للمدنيين مؤجلا. كما أن ما يجرى فى سيناء لايزال بعيدا عن اهتمام الرأى العام، فى حين أن أهالى سيناء يضجون بالشكوى من المداهمات والاعتقالات والاجتياحات التى تتعرض لها قراهم، ولا يجدون أذنا تصغى إليهم أو يدا تضمد جراحهم.
إننى أخشى أن نكرر خطيئة مبارك، حين جمد كل شىء فى البلد طوال السنوات العشر الأخيرة من حكمه، لكى ينصرف إلى ترتيب مستقبل ابنه وتوليه السلطة من بعده. وهو ما يفعله المزايدون والمهللون والمهووسون هذه الأيام، حين يؤجلون كل شىء يخيروننا بين أن نشارك فى حملة مديح الجيش وتسويق الفريق السيسى أو أن نصمت. وجزاء الذين يفتحون أفواههم بما يخالف هذا السيناريو أن يتعرضوا للتشويه والتخويف والتخوين.
مثلما استفزتنى مقولة أن الجيش ينبغى أن يكون فوق الجميع، فقد أثار استيائى أيضا ذلك الادعاء بأن الجيش خط أحمر، ذلك أننى أزعم أن الخط الأحمر الحقيقى الذى ينبغى ألا نختلف عليه هو كرامة المواطن التى باتت تشكل علامة استفهام كبرى فى الوقت الراهن. أما أن يكون الجيش بمثابة خط أحمر يتفرد به بالمقارنة ببقية المؤسسات الوطنية فذلك تمييز لا مسوغ له، وتزيُّد لا محل له. لأن احترام مؤسسات الدولة ينبغى أن يظل من مسلمات ومقتضيات إقامة الدولة المدنية التى توقف الحوار بشأنها حتى نسيها كثيرون فى غمرة الصراع حول الأنصبة والحظوظ السياسية.
أليس غريبا بعد مضى نحو ثلاث سنوات على الثورة أن نبذل جهدا لإقناع الرأى العام بأن المجتمع لم يسقط دولة الشرطة فى عهد مبارك لكى يقيم بدلا منها دولة الجيش؟

Wednesday, October 30, 2013

Solidarité internationale avec les droits civils en Égypte/ international solidarity with the human right in Egypt

Français/English/عربي

Appel de la Coalition Égyptienne Canadienne pour la Démocratie (CECD) pour une Solidarité internationale avec les droits civils en Égypte, le 3 et 4 novembre 2013

Rappelons-nous des violations des droits civils sous le régime militaire.
Dénonçons le procès injuste contre le président élu Mohamed Morsi.
La Coalition Égyptienne Canadienne pour la Démocratie (CECD) appelle les Égyptiens et Égyptiennes résidant à l’étranger ainsi que tous les libre-penseurs du monde entier de se rallier le 3 et 4 novembre 2013 pour condamner le procès non fondé du président élu Dr. Mohamed Morsi, tenu en détention depuis le 3 juillet passé. 
 En ce jour de la traduction en cour du Dr. Morsi, le 3 novembre 2013, La Coalition vous interpelle aussi pour commémorer les milliers de manifestants tués par les forces de l'ordre et exprimer votre solidarité avec ceux qui sont détenus, sans fondement, dans des conditions déplorables.

La Coalition Égyptienne Canadienne pour la Démocratie (CECD) insiste sur la nécessité de mettre fin au coup d'État militaire et aux violations accrues des droits humains en Égypte et le retour au processus démocratique en Égypte.


A Call out from the Egyptian Canadian Coalition for Democracy (ECCD) for an international solidarity with the human right in Egypt, on Nov 3rd and 4th

Remember the injustice taking place in Egypt under the military coup.
Denounce the unjust trial facing elected president Mohamed Morsi.

The Egyptian Canadian Coalition for Democracy (ECCD) calls on all expatriate Egyptians to rally on November 3rd and 4th in condemnation of the unjust trial of our democratically elected president Dr. Mohamed Morsi. 

The ECCD calls for making the day of the trial a day for remembering the thousands of protesters killed and a day of solidarity with the thousands of Egyptians illegally detained by the military coup authorities in illegitimate and inhuman conditions. 

The Egyptian Canadian Coalition for Democracy (ECCD) insists on ending the coup and its human rights violations in Egypt and on a full return to democracy.



نداء من التحالف المصري الكندي لدعم الديمقراطية للتضامن العالمي مع حقوق الانسان في مصر، يومي 3 و4 نوفمبر

 تذكر الظلم المدقع الذي يعانيه الشعب المصري في ظل الانقلاب
إدانة الإجراءات الغير عادلة التي تواجه الرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي

يدعو التحالف المصري الكندي لدعم الديمقراطية أبناء الشعب المصري المتواجدين خارج الوطن وكل أحرار العالم للتظاهر يومي الثالث والرابع من نوفمبر تنديداً بالمحاكمة الظالمة والهزلية المزمع عقدها للرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي. 
ويدعو التحالف لجعل يوم المحاكمة المزعومة يوماً لتذكر ألاف الشهداء ويوما للتضامن مع الأف الأبرياء المحتجزين ظلماً في سجون الانقلاب تحت أوضاع لاإنسانية.

التحالف المصري الكندي لدعم الديمقراطية يؤكد إصراره على إسقاط الانقلاب وإنهاء الانتهاكات الفظة لحقوق الانسان في مصر والعودة الفورية للمسار الديمقراطي في البلاد.


Contact :
Français : Ashraf Fouad 514-984-3235

English/Arabic :
-          Ottawa : Ehab El-Komy 613-236-3434
-          Toronto : Mohamed Bakr 289-981-2686
-          Montreal : Samaa Elibyari 514-805-3220/ Ahmed Abdelkader 514-928-8887
-          Vancouver : Fatma Taha 604-218-2071
-          

Wednesday, October 23, 2013

من وحي جريمة الكنيسة

23 أكتوبر، 2013

من وحي جريمة الكنيسة

صحيفة السبيل الأردنيه الأربعاء  18 ذو الحجة 1434 –  23 أكتوبر 2013
من وحي جريمة الكنيسة - فهمي هويدي
لدىَّ كلمتان بخصوص جريمة كنيسة الوراق التي أفضت إلى قتل أربعة أشخاص وإصابة 18 آخرين،

الكلمة الأولى يلخصها السؤال:
من فعلها؟
ذلك أنني لا أتصور أن تنشق الأرض فجأة عن اثنين من الملثمين يقومان بإطلاق الرصاص على المشاركين في حفل الزفاف المقام بالكنيسة، ثم يختفي الاثنان ولا يعثر لهما على أثر بعد ذلك.

لقد ذكرت الصحف المصرية أمس أن خمسة من المشتبه بهم يجري التحقيق معهم في الجريمة، وتلك خطوة إيجابية لا ريب، لكن المهم أن يقود ذلك في نهاية المطاف إلى معرفة الفاعلين وتحديد هوياتهم،
وهل هم أشخاص مهووسون، أم أنهم ينتمون إلى جماعات معروفة او غير معروفة في مصر،
 أم أنهم طرف ثالث لا ينتمي إلى هؤلاء أو هؤلاء ولكن له مصلحة في تأجيج الفتنة وتوسيع نطاقها في مصر، بحيث لا تكون مقصورة على الصراع الدائر بين الإسلاميين والسلطة وإنما تمتد لكي تشمل الصراع بين المسلمين والاقباط أيضا.

إننا لم نعرف حتى الآن من حرق الكنائس في مصر في اعقاب فض اعتصام رابعة العدوية،
 بل إننا لم نعرف من فجر كنيسة القديسين في الاسكندرية في الاول من شهر يناير عام 2011،
وهي الجريمة الغامضة التي اثيرت شكوك قوية حول ضلوع اجهزة الأمن السرية فيها، حيث قيل إن تلك الاجهزة جندت احد العناصر المتطرفة لارتكاب الجريمة وهو اللغط الذي لم يحسم حتى هذه اللحظة، الأمر الذي يعني ان الشكوك بخصوصه ما تزال قائمة.

إن التقاعس عن تحديد الجناة لا يعني فقط أن ثمة فشلا امنيا ينبغي تداركه، لكنه أيضا يفتح الباب لإساءة الظن بدور الاجهزة الامنية في العملية
وقد سمعت شيئا من ذلك القبيل من اشخاص اصبحوا مقتنعين ان ما جرى في كنيسة الوراق يرضي الاجهزة الامنية لسببين أساسيين هما:
إنه يرفع من وتيرة التوتر في البلد ويشد انتباه الجميع إلى ضرورة الاحتشاد لمواجهة «الارهاب»، بما يؤدي تلقائيا إلى صرف الانتباه عن المشكلات الحياتية الاخرى التي فشلت الحكومة في حلها.
السبب الثاني ان عدم تحديد الفاعلين يفتح الباب لاتهام جميع الاسلاميين وفي المقدمة منهم التحالف الوطني للدفاع عن الشرعية الذي يعد الاخوان اهم فصائله.
في حين ان التحديد -إذا تم- من شأنه ان يشير بأصابع الاتهام إلى طرف بذاته، كما انه سوف يبرئ ساحة بقية الاطراف وذلك ليس مرغوبا في الوقت الراهن.

لقد سارعت وسائل الاعلام المصرية إلى استثمار ما جرى سياسيا، فضمت ما جرى إلى حملة الشيطنة وتعميق الكراهية الرائجة هذه الايام.
حتى كان العنوان البارز على الصفحة الاولى لجريدة التحرير كالتالي:
 جريمة الاخوان في الوراق،
وهو ذات الموقف الذي تبنته عدة تعليقات ورسوم كاريكاتورية اخرى.

كلمتي الثانية تتعلق بمصادفة لا تخلو من دلالة.
 إذ في الوقت الذي أجرت فيه وسائل الاعلام المصرية تغطية واسعة للضحايا الاربعة الذين قتلوا في جريمة كنيسة الوراق، كان قد تم التعرف على جثث اربعة اشخاص من المحترقين في مسجد الايمان بمدينة نصر، وتم دفنهم في مواكب حزينة صامتة.
 الاربعة هم:
 محمود عزب متولي من منيا القمح ــ شرقية
 ــ اسامة هلال عامر من المحلة الكبرى
ــ فكرى المغلاوي من دمياط
ــ مصطفى نور الدين فتحي المعداوي وهو مهندس برمجيات خرجت جنازته امس الأول من مسجد الحصري بمدينة 6 اكتوبر، ليس بعيدا كثيرا عن منطقة الوراق،

وهؤلاء الاربعة كانوا ضمن 42 جثة كان قد تم احراقها وتفحمت يوم 14 اغسطس الماضي بعد نقلها إلى مسجد الايمان ضمن 300 جثة اخرى لضحايا فض اعتصام رابعة،
وحسبما نشرت الصحف في الاسبوع الماضي فهناك اكثر من 25 جثة أخرى محترقة مودعة في مشرحة زينهم منذ نحو شهرين لم يتم التعرف على اصحابها.

كان شيئا جيدا ان يشيع الاربعة الذين قتلوا في حادث جريمة كنيسة الوراق في جنازة مهيبة تقدمها المحافظ وحضرها كبار رجال القوم، وان يجري رئيس الوزراء اتصالا هاتفيا مع بطريرك الاقباط ليقدم اليه العزاء والمواساة.

 لكني لم استطع ان انسى جنازات الاربعة الذين احترقوا وتم دفنهم في وقت متزامن بعيدا عن الأعين والاضواء،
ولم استطع ان اتخلص من صور اقرانهم الذين احترقوا في مسجد الايمان، ولا زملائهم الاربعين الذين احترقوا في عربة الترحيلات التي نقلتهم إلى سجن ابو زعبل، ولا الثلاثة آلاف الذين قتلوا أثناء فض الاعتصامات وأسقطهم المجتمع من الذاكرة.

لست أشك في ان المواساة المجتمعية لضحايا حادث اطلاق النار على رواد الكنيسة خففت بصورة نسبية من فجيعة اهليهم، لكنني لم افهم ذلك التجاهل الذي يصل إلى حد الشماتة والازدراء لضحايا فض الاعتصامات مع انهم ايضا مواطنون مصريون لهم حقهم في الكرامة حتى اذا كانوا معارضين،
 وإذا نزعت عنهم السياسة تلك الكرامة وهم احياء فإن الاخلاق الانسانية ينبغي ان تحتفظ لهم بكرامتهم وهم أموات.

Saturday, October 19, 2013

تنظيم للتظاهر أم تحريم له ؟

19 أكتوبر، 2013

تنظيم للتظاهر أم تحريم له ؟


تنظيم للتظاهر أم تحريم له ؟ – فهمي هويدي

قانون التظاهر الجديد في مصر يثير قلقنا ولا يشجعنا على إحسان الظن بما يجري.
أولا بسبب السياق الذي صدر فيه، حيث يبدو حلقة في مسلسل إجراءات تؤسس لدولة أخرى غير تلك التي بشّرتنا به وتطلعت إليه ثورة 25 يناير.
وثانياً لمضمونه الذي بمقتضاه تتراجع الثورة كثيراً إلى الوراء على نحو يفقدها أحد أهم مكتسباتها.

إذ حين يصدر قانون التظاهر في أعقاب تمديد فترة الحبس الاحتياطي الذي كان ينص قانون الإجراءات الجنائية على ألا تزيد على ثلاثة أشهر،
 الأمر الذي يعني إطلاق مدة الحبس بحيث تصبح أداة ضغط في أيدي الأجهزة الأمنية، فذلك يعني أن ثمة تراجعا في إحدى ضمانات العدالة.

وحين يجري تعديل قانون العقوبات للتوسع في مفهوم الإرهاب -الذي هو فضفاض ومطاط في الأساس- فذلك يفتح الباب لتوجيه التهمة لكل من تسول له نفسه أن يعارض.

 وحين يقرر وزير العدل إجراء محاكمة 140 متهماً في قضية مسجد الفتح داخل سجن أبو زعبل، في سابقة هي الأولى من نوعها، فذلك يعني أن إجراءات وضمانات العدالة تتعرض للعبث والإهدار.

وقل مثل ذلك عن إجراء التحقيقات في أماكن الاعتقال،
ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وما يتردد عن منع المحامين من حضور التحقيقات مع المتهمين أو التواصل معهم،
وما يشاع عن تعذيب لبعضهم وحرمان البعض الآخر من العلاج والدواء،
 مرورا بالتوسع في الاعتقالات والملاحقات الأمنية
وانتهاء بالتضييق على المنظمات الحقوقية التي تحاول تقصي حقائق الحوادث الجسيمة التي وقعت جراء فض الاعتصامات بالقوة، ما أدى إلى سقوط آلاف القتلى والجرحى. فضلا عن الأعداد غير المعروفة للذين حرقت أجسامهم.

حين تصبح في مواجهة مثل هذه الأجواء التي تضعنا بإزاء مواقف ظننا أننا تجاوزناها بالثورة، وأنها كانت من سمات زمن غابر لن يعود، فمن حقنا أن نستفز ونستنفر وأن نتساءل بصوت عال قائلين:
 إلى أين نحن ذاهبون؟

ليس سراً أن السؤال يتردد على ألسنة أعداد غير قليلة من الحقوقيين والناشطين المصريين طول الوقت، لكنني أزعم أن طرحه صار أكثر إلحاحا وأوجب بعد الاطلاع على نسخة قانون تنظيم التظاهر التي اعتمدها مجلس الوزراء وقدمها إلى رئيس الجمهورية للتوقيع.

وقد قيل لنا إن المشروع له أصل تم إعداده في عهد الرئيس السابق محمد مرسي،
وذلك لا يشفع له من حيث المبدأ،
 ثم إنني فهمت من المستشار أحمد مكي وزير العدل السابق أن ثمة اختلافات جوهرية بين السابق واللاحق،
وأن الأخير حفل بالضوابط والقيود التي حاصرت حق التظاهر السلمي حتى أفرغته من مضمونه وحولته إلى قانون لتحريم التظاهر وليس لتنظيمه.

من الملاحظات التي أبداها المستشار مكي، أن القانون الجديد ابتدع تصنيفات للتحركات الجماهيرية.
ففرق بين الاجتماع العام والموكب والمظاهرة،
 وحظر ممارسة تلك الأنشطة كلها في أماكن العبادة.
 في حين أن المشروع السابق أجازها، واشترط فقط ألا تتجاوز الحرم المخصص لتلك الأماكن.

الأخطر من ذلك أن القانون الجديد حظر الاعتصام أو المبيت في الأماكن العامة تحت أي سبب.
كما عاقب بغرامة بين ألف وخمسة آلاف جنيه كل من قام بتنظيم اجتماع عام أو موكب أو مظاهرة دون إخطار الجهات المعنية بذلك، في حين أن المشروع السابق خلا من العقاب في هذه الحالة، الأمر الذي فهم منه أن الأصل هو الإباحة.

في القانون الجديد نص يبيح للمحافظ أن يحدد أماكن للمظاهرات والمواكب وأعطاه الحق في أن يبين الحدود القصوى لأعداد المجتمعين، وحظر عليهم في هذه الحالة التحرك خارج نطاق تلك الأماكن،
 في حين أن القانون السابق كان خلوا من فكرة تحديد أعداد المتظاهرين.
بل إنه نص على جواز تحديد أماكن للتظاهر دون إخطار.

في القانون أيضاً تحديد لحرم أمام الأماكن العامة يجوز التظاهر فيه حده، الأدنى مائة متر والأقصى ثلاثمائة، وهو ما يمنع التظاهر عمليا أمام العديد من الجهات التي لا تتوفر فيها مثل هذه المساحات.
في حين أن المشروع السابق كان يسمح بالتظاهر في منطقة الحرم دون حد أدنى بحيث يبدأ من متر وحتى 300 متر.

انتقدت المنظمات الحقوقية المصرية المشروع الذي أعد في عهد الدكتور مرسي، ولم يقدر له أن يرى النور رغم إرساله إلى مجلس الشورى لمناقشته.

 أما المشروع الجديد الذي وضع قيودا شديدة على التظاهر ومنع الاعتصام فقد تعذر إيقافه، وإنما تم تمريره أمام مجلس الوزراء بفضل الضغوط الأمنية التي مورست وألغت أي تأثير للقوى الليبرالية التي سلمت بالأمر.
إلا أن ذلك لم يغير شيئا من المخاوف المثارة وإنما جدد السؤال القلق حول المسار والمآلات التي تنتظر البلد في ظل استمرار تلك الخطى،

الأمر الذي يقرب إلى الأذهان جمهورية الخوف، ويجعل من الجمهورية المدنية الديمقراطية حلما بقي عالقا في الفضاء، ولم يقدر له أن ينزل على الأرض بعد.

Thursday, October 10, 2013

وجهة نظر حول تجربة جمال عبد الناصر

وجهة نظر حول تجربة جمال عبد الناصر
صبحي غندور*

15-1-1918-------- 28-9-1970

إنّ الحديث عن جمال عبد الناصر ليس دائما حديث ذكريات إيجابية أو سرد لسيرة بطل تاريخي، بل نجد الحديث عن عبد الناصر في معظم الأحيان يتراوح بين حبّ العاشق الذي يرى الكمال في محبوبه، أو حديث الحاقد الذي يعمّم جزئية سلبية على كلّ الصورة، فلا يرى إلاّ السواد والظلم والظلام. فالحبّ الشديد والحقد الشديد كلاهما يتساويان في تسبّب غشاوة البصر وأحيانا في الإصابة بالعمى.
ولا أعلم إلى أي مدى سأكون قادراً على رؤية جمال عبد الناصر بعيْنٍ موضوعية مجرّدة عن العواطف والمشاعر، وهو كان بالنسبة لي، كما لعشرات الملايين من العرب، قائداً ورمزاً وبطلاً قومياً أعتزّ بالانتماء إلى مرحلته وإلى ما طرحه من أهداف وغايات.
لكن جمال عبد الناصر لم يكن قائداً عربياً فقط، بل كان أيضاً حاكماً ورئيساً لشعب مصر. فبينما عرفه العرب غير المصريين بدوره كقائد تحرر قومي، عرفه شعب مصر إضافة إلى ذلك كحاكم يحكم من خلال أجهزة وأشخاص، فيهم وعليهم الكثير من الملاحظات والسلبيات.

بدايةً أريد التأكيد أنّ الناصرية هي كلمة رفض عبد الناصر نفسه استعمالها. وقد استخدمت "الناصرية" للتعبير عن تيّار شعبي عربي مناصر ومؤيد لناصر، كالقول (الديغوليين في فرنسا)، وليس تسمية لعقيدة أيديولوجية شاملة. ولعلّ أفضل الحالات المشابهة والمعاصرة أيضا لحالة عبد الناصر هي:
أولا: حالة المهاتما غاندي في الهند (الذي قاد الأمّة الواحدة المحتلّة من الإنكليز).
ثانياّ: حالة ماوتسي تونغ في الصين (الذي قاد الأمّة الواحدة المحتلّة من اليابان).
ففي هاتين الحالتين ظهرت قيادة واعية مخلصة لأمّتها وطرحت أفكاراً من وحي ثقافة أمّتها وحضارتها وأضافت أبعاداً فكرية خاصة بحكم التجربة العملية، ومارست أساليب عمل متعددة (فيها إيجابيات وسلبيات).
وكما كان مستحيلاً وجود رأي حيادي في الصين تجاه ماوتسي تونغ، وفي الهند تجاه غاندي، كذلك الأمر عربياً تجاه ناصر، يستحيل الحياد والموضوعية المجردة.
ومن الطبيعي أن يكون لكلّ فكرة أو عمل من يستفيد ومن يتضرّر منهما .. حتى الرسالات السماوية كان هناك من هم معها، ومن هم ضدّها وحاربوها.

لذلك أقول:
أولاً : لا أستطيع أنا، ولن يستطيع أيّ إنسان عربي غيري أن ينظر إلى تجربة ناصر من موقع الحياد الموضوعي المجرّد.
لكن يمكن النظرة إلى هذه التجربة من أحد أربعة مواقع:
1 – الحقد الأعمى: الذي لا يرى أية إيجابيات، ويأخذ الكلّ بجريرة الجزء الصغير، وقد يكون دافعه: فكري/سياسي/حزبي/مصلحي خاص..
2- الحبّ الأعمى: الذي لا يرى سلبيات أو يضع الملامة كلها على "الآخر"، ولا يجد أية مشكلة ب "الذات".
3- الاختلاف الموضوعي: وهو الرأي الذي يُسلّم بوجود "الشكلين في الصورة الواحدة" – كالرسومات المستخدمة في علم النفس- لكنه ينظر إلى الشكل السلبي معظم الأوقات.
4- التوافق أو التأييد الموضوعي (وهو ما أحاول أن أنطلق منه): والذي يسلّم بوجود "شكلين في صورة واحدة" فيفصل بينهما ويجعلهما صورتين، ويعطي لكلّ واحدة منهما حجمها الحقيقي، إذ لا يصح المساواة بين الشكلين.

ثانياً : إننا كعرب لم نكن في فترة عبد الناصر (ولسنا كذلك الآن طبعاً) نعيش في ظلّ دولة واحدة، كما كان الأمر في حالة غاندي بالهند وماوتسي تونغ في الصين وديغول في فرنسا، ليكون الفرز على أساس المتضرّر والمستفيد من وجود طروحات وأعمال هؤلاء القادة التاريخيين ..
بل أيضا كنّا عربياً (وما زلنا) ننتمي إلى أمّةٍ واحدة لكن في إطار دول وحكومات متعدّدة، وأثر ذلك على فهم تجربة عبد الناصر كبير جدا.
فهو كان لعموم العرب قائدا تاريخياً وبطلاً تحرّرياً، لكنّه أيضاً كان للشعب المصري حاكماً ورئيسا .. والحاكم يعني حكومة وبيروقراطية وأجهزة وإجراءات ..إلخ. وليس فقط مواقف وأفكار قومية وتحررية.. كما كان عبدالناصر مصدر خطر على الوجود والمصالح لدى العديد من الحكومات..

ثالثاً : رغم كلّ ذلك، يكفي شهادة لشعبية عبد الناصر في المنطقة العربية ما حدث في مناسبتين: يوم استقالته بعد حرب 67 (9 و10 يونيو/حزيران)، ويوم وفاته في 28 سبتمبر/أيلول 1970، حيث خرجت الجماهير العربية إلى الشوارع، من المحيط إلى الخليج، وبدون دعوة من أيّ جهة، لتؤكد تأييدها وحبّها الجارف لجمال عبد الناصر.
وما أحاوله في هذا العرض الموجز عن تجربة عبد الناصر هو "الفصل بين الشكلين في الصورة الواحدة" والتعامل معهما من حيث محاولة فهم أسباب وجود كل "شكل" أكثر من الاكتفاء بتعظيمه أو لعنته:
nهناك طبيعة تأسيس لتجربة جمال عبد الناصر: فقد قامت ثورة 23 يوليو بواسطة جبهة "الضباط الأحرار" وليس من خلال حزب أو تنظيم موحد الفكر وأسلوب العمل، وباعتماد على أسلوب التجربة والخطأ في تطوير النظام السياسي والإجتماعي.
nهناك ظروف داخلية وخارجية محيطة بالتجربة: تجزئة عربية وتعامل مع الساحة العربية أما من خلال الحكومات أو أجهزة المخابرات المصرية، وحرب باردة بين الكبار لكنها ساخنة جداً في دول العالم الثالث، حيث تركت هذه الحرب الباردة بصماتها على كل المعارك التي خاضها عبد الناصر وعلى كل مراحل التجربة.
nهناك عمر زمني محدّد لهذه التجربة (لا أقصد طبعا الانجازات المادية المستمرة الآن): بداية (1952) ونهاية (1970).
nهناك مراحل مرّت فيها هذه التجربة، وكان لكلّ منها سمة خاصة بها:
-مرحلة التحرر الوطني (1952-1956): التي رافقها تشكيل تنظيم "هيئة التحرير" في مصر لمرحلة حرب السويس.
-مرحلة المد العروبي والتحرر القومي (1956-1961): التي رافقها تشكيل تنظيم "الاتحاد القومي" لمرحلة الوحدة مع سوريا، وسياسة عدم الانحياز وثورات الجزائر والعراق ولبنان.
-مرحلة الفرز الاجتماعي (1961-1967): التي رافقها تشكيل "الاتحاد الاشتراكي" لمرحلة الطرح الإشتراكي الذي بدأ مع قرارات يوليو/تموز 1961 الإشتراكية.
-مرحلة التضامن العربي والمواجهة مع إسرائيل: من مؤتمر الخرطوم(1967) إلى اجتماعات القاهرة لوقف مجازر الأردن(1970)، وهي مرحلة النضوج الفكري والسياسي لتجربة عبد الناصر، والبناء الداخلي السليم والعلاقات العربية التضامنية. وأهم مميزات هذه المرحلة: أولوية المعركة مع إسرائيل-أولوية التضامن العربي- أولوية البناء الداخلي السليم عسكرياّ واقتصادياً وسياسياً –إعلان بيان 30 مارس 1968 - رفض الوحدة الاندماجية الفورية مع السودان وليبيا لعدم تكرار أخطاء تجربة الوحدة مع سورية، ورفض الانجرار إلى صراعات عربية "تأخذ من المعركة مع إسرائيل ولا تعطيها"، كما قال عبد الناصر.

لكن المشكلة بثورة 23 يوليو أنّ ساحة حركتها وأهدافها كانت أكبر من حدود موقعها القانوني .. كانت قضاياها تمتدّ لكلّ الساحة العربية، وأيضا لمناطق أخرى في إفريقيا وآسيا .. بينما هي محصورة قانونياً في مصر.
والثورة تحوّلت في مصر إلى أنظمة وقوانين، وكانت في ذلك تتعامل مع جانب محلي داخلي هو أساساً مبرّر حدوثها عام 1952 (المبادىء الستّة للثورة كانت كلّها محليّة مصرية).
وأعتقد - كوجهة نظر خاصة - إنّ "23 يوليو" بدأت ثورة مصرية، ونضجت كثورة عربية، ثمّ ارتدّت إلى حدودها المصرية بعد وفاة ناصر.

أهداف التجربة الناصرية:
nشعارات ثورة 23 يوليو (المبادىء الستّة) كانت كلها محلية خاصة بمصر ولم يكن فيها أي شعار عربي أو حتى خاص بالصراع العربي الصهيوني: 1- القضاء على الاستعمار وأعوانه في مصر. 2- القضاء على الاقطاع. 3- القضاء على الاحتكار. 4- إقامة عدالة اجتماعية. 5-إقامة جيش وطني قوي. 6-إقامة ديموقراطية سليمة.
nعبد الناصر كان قائداً تحرريا بالمجالين: الوطني المصري والقومي العربي، ولم يكن صاحب فلسفة خاصة أو نظرية فكرية متكاملة (هو نفسه أكّد ذلك في "الميثاق" وفي مناسبات أخرى).
nعبد الناصر كان يقف على أرضٍ فكرية محسوم فيها الجانب الديني (وما فيه من أبعادٍ فلسفية) والجانب القومي (وما فيه من تأكيدٍ للهوية العربية).
nعبد الناصر طرح مجموعة أهداف وغايات هي حصيلة واقع عربي عام (وأوضح معها أيضاً أساليب الوصول إليها)، وعلى قاعدة من الإيمان بالله ورسله ورسالاته السماوية، ودور الدين في المجتمع:
-الثورة الشعبية/وليس عن طريق الصراع الطبقي/ والشعب هو: تحالف قوى الشعب العاملة: العمّال، الفلاحون، المثقفون الوطنيون، الجنود، الرأسمالية الوطنية غير المستغلة.
         من أجل:
الحرية الداخلية: ديموقراطية سياسية وديموقراطية اجتماعية.
الحرية الخارجية: التحرر الوطني من الإحتلال.
الاشتراكية: مفهوم التخطيط الاقتصادي الشامل، وبناء العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص في المجتمع.
الوحدة والتضامن العربي والاستقلال القومي.



خلاصات حول فكر جمال عبد الناصر:
          أولاً: فكر جمال عبد الناصر كان مزيجاً من أساسات فكرية شخصية عنده عبّر عنها في مبادىء ثورة 23 يوليو وفي كتاب "فلسفة الثورة" وفي خطبه بالخمسينات، ثمّ تبلورت حصيلة التجربة والخطأ في إعداد "الميثاق  الوطني"  وتقريره عام 1962.
          ثانياً: إنّ فكر جمال عبد الناصر تعزّز وتعمّق (بدعوةٍ منه أصلاً للمثقفين) من خلال كتابات عديدة ساهم بها مفكرون عرب، ومن مصر تحديداً، لبلورةٍ أكثر عمقاً لما وضعه عبد الناصر من خلاصات أهداف وغايات للأمّة العربية:
1-حرية بمعناها الشامل لحرية الوطن ولحرية المواطن.
2-حرية المواطن بمعناها المركّب من: الحرية السياسية والحرية الاجتماعية.
3-العدل الإجتماعي الذي كان ٌيعبّر عنه كمطلب باسم الإشتراكية.
4-الوحدة بمعناها الوطني الداخلي وبمعناها العربي الشامل، شرط الإجماع الشعبي عليها ورفض العنف كوسيلة لتحقيقها.
5-الإستقلال القومي في مجال السياسة الخارجية ورفض التبعية الأجنبية.

وقد إرتبطت هذه الغايات لدى عبدالناصر بثلاث مسائل:
- الأولى: من حيث نبذ العنف كوسيلة للتغيير الإجتماعي أو السياسي أو للعمل الوحدوي القومي.
- الثانية: من حيث الإستناد الى العمق الحضاري الإسلامي والدور الإيجابي للدين عموماً والقيم الروحية في المجتمع.
- الثالثة: من حيث مفهوم ناصر للدوائر الثلاث التي تنتمي مصر اليها: العربية والإفريقية والإسلامية، وبحالٍ من التفاعل والتكامل بين الوطنية والعروبة والإنتماء الحضاري الإسلامي.

سلبيات خلال التجربة الناصرية:
·دور أجهزة المخابرات (داخلياً وخارجياً) في المجال غير الأمني المحدد لها أصلاً، حيث حلّت الأجهزة مكان العمل السياسي المنظم والسليم البنية فكرياً وأخلاقياً، ثم آثار ذلك أيضاً على تعطيل الممارسة الديمقراطية السليمة رغم وجود البرلمان في مصر.
·دور البيروقراطية الإدارية (مراكز القوى) التي حلّت مكان الكوادر والقيادات وأصحاب الكفاءات.
·وجود المشير عبد الحكيم عامر لفترة طويلة في الحكم الى جانب عبد الناصر (وكذلك أنور السادات) والتساؤلات عن موقف عامر خلال أزمة السويس عام 56 ثم مسؤوليته عن أقليم سورية خلال الإنفصال عام 61 ثم مسؤوليته العسكرية عن نكسة 1967.
·حرب اليمن وتفاعلاتها السيئة عربياً، وخسائر مصر فيها، ووجود الجيش المصري هناك خلال حرب عام 1967.
·الدور الفكري السلبي لبعض الجماعات الماركسية داخل "الإتحاد الإشتراكي" و"التنظيم الطليعي"، خاصة بعد تعمق العلاقة المصرية-السوفياتية.
***
ناصر في حقبة ما بعد عام 1967.
nإعلان بيان 30 مارس عام 1968 -الذي وضعه عبد الناصر وأستفتى الشعب المصري عليه - أوضح في بُعدَيْه الداخلي والعربي أولوية المعركة مع إسرائيل وضرورة وقف الصراعات العربية/العربية (كما جاء في قرارات مؤتمر الخرطوم في العام 1967 ثم في إنهاء حرب اليمن)، والتركيز على بناء سليم للمؤسسة العسكرية المصرية وبدء حرب الاستنزاف مع إسرائيل التي مهّدت لحرب أكتوبر عام 1973.
nمقالات الأستاذ محمد حسنين هيكل بعد حرب 67 أشارت الى قناعة عبد الناصر باستحالة "تصدير الثورة" وبضرورة الوفاق العربي وتعزيز دور العمل العربي المشترك من خلال الجامعة العربية باتجاه التكامل العربي.

أي انتقلت التجربة الناصرية في مراحل مسيرتها من عقد الخمسينات (حيث مرحلة التحرر الوطني والمد القومي العربي) الى عقد الستينات/قبل نكسة 67 (مرحلة الطابع الاجتماعي والاشتراكي) الى ما بعد نكسة عام 67، حيث أولوية الصراع مع إسرائيل وإعتماد معيار الموقف من العدو الإسرائيلي (عربياً ودولياً).

ملخص وجهة النظر

·    النظر إلى تجربة عبد الناصر في إطار الأوضاع التي كانت سائدة مصرياً وعربياً ودولياً وفي إطار الظروف الدولية التي كانت سائدة (الحرب الباردة وصراع المعسكريْن)، وفي إطار طبيعة النظام السياسي الذي قام على جبهة ضباط وليس على تنظيم سياسي موحّد الانتماء والفكر والأهداف، علماً أن معظم "الضباط الأحرار" كان في مطلع الثلاثينات من العمر. فناصر قاد الثورة وله من العمر 34 سنة، وواجه أزمة السويس والعدوان الثلاثي وهو في عمر ال38 سنة، وكان رئيساً لمصر وسورية معاً وزعيماً عربياً ودولياً وهو في عمر الأربعين، ثم وافته المنية وهو في مطلع الخمسينات من عمره.

·         مقارنة الحقبة الناصرية (16 عاماً منذ أن تولى ناصر رئاسة مصر بعد اللواء محمد نجيب في العام 1954) مع ما تلاها في مصر وفي أكثر من بلد عربي.. أي مقارنة إنجازات التجربة الناصرية في 16 سنة مع ما قام به أكثر من زعيم عربي في المدة الزمنية نفسها.

·   دراسة الأهداف التي عمل من أجلها جمال عبد الناصر (مصرياً وعربياً ودولياً) وهل هي صالحة الآن وللمستقبل، مع أهمية المراجعة طبعاً في الأساليب والوسائل التي اعتمدت في حقبة زمنية مختلفة وفي ظروفٍ دولية لم تعد قائمة الآن. والنظرة إلى جمال عبد الناصر كقائد تحرّرٍ قومي عربي جسّد في في حقبة زمنية محدّدة مجموعة أهداف مشتركة بين العرب، حقّق بعضها وما زال الكثير منها لم يتحقّق بعد.

·   النظرة إلى الحقبة الناصرية كتجربة عربية مميزة في القرن العشرين جمعت بين أهداف ووسائل، حيث التمييز ضروري في مجال التقييم والتقويم بين: - ضرورة عدم التراجع عن الأهداف، وضرورة المراجعة في الأساليب ونقدها وتقويمها. كذلك ضرورة إعتماد الرؤية الشمولية لدراسة مراحل تجربة عبد الناصر والتطور الذي حدث في مرحلة نضوج الثورة والدولة والشخص والفكرة (حقبة ما بعد 67)، وليس الحكم على تجربة ناصر عبر إختيار عشوائي من المراحل.
***
أخيراً، فإنّ "الناصرية" هي كلمة تحمل الكثير من المعاني - وأحياناً المضامين المتناقضة وسط من يحملونها كتسميةٍ لهم-  وقد رفض عبد الناصر نفسه استخدامها كتعبير (أي الناصرية).. فإذا كان هناك قناعة الآن لدى العرب بأهمية بناء نهضة عربية شاملة تصون وحدة المجتمع في الأمّة، وتُحصّن الوحدة الوطنية في كلّ بلد عربي وتعمل من أجل بناءٍ ديموقراطي سليم وتنمية اجتماعية واقتصادية، وتعمل أيضاً من أجل تكامل الوطنيات العربية واتحادها مستقبلا، فإنّ "الناصرية" في هذا المنظار تُصبح تجربةً مهمّة في التاريخ العربي المعاصر، نستفيد من إيجابياتها ونسعى إلى عدم تكرار سلبياتها. ونكون أيضاً أوفياء لأهدافها العربية الكبرى التي بدأت قبل عبد الناصر ويجب أن تستمرَّ بعده.
لقد اخترت كعنوانٍ لهذا الموضوع (وجهة نظر حول تجربة عبد الناصر) ولم أقل حول جمال عبد الناصر أو فكر عبد الناصر، بل قلت تجربة  لأنّه هو نفسه اعتمد على أسلوب "التجربة والخطأ" محاولاً خدمة هذه الأمّة العربية وخدمة شعبها وخدمة وطنه مصر ومحيطها العربي والإفريقي والإسلامي، كما قال ناصر عن الدوائر الثلاث التي تحيط بمصر: العربية، الإفريقية والإسلامية، حيث كانت مصر وستبقى نقطة الارتكاز في هذه الدوائر الثلاث، إنْ صلح أمرها صلحت أوضاع الدوائر، وإن اختلّت فيها الأمور والموازين اختلّت الدوائر كلّها.
وإذا كان الذي يجتهد ويُصيب يُكافأ بأجريْن، ومن يجتهد ويخطيء له أجر واحد، فإنّ الحكمة في ذلك هي الحضّ والحثّ على الاجتهاد وعلى عدم الركون والرضوخ للواقع وما فيه من جمودٍ وتقليد، فإنّ عبد الناصر بهذا المعيار له حسنات عديدة.. لأنه لم يجتهد فقط فكرياً ونظرياً بل جاهد بحياته وعافيته من أجل العرب كلهم، فجرحه الأول كان في فلسطين ونوبة القلب الأولى أصابته بسبب الانفصال الذي حدث في سورية يوم 28 أيلول/سبتمبر عام 1961، وإذا بالإرادة الإلهية تجعل يوم موته هو أيضاً 28 أيلول/سبتمبر من العام 1970، ومن أجل صون الدماء العربية والفلسطينية التي كانت تُهدر في شوارع الأردن.
***
إن الوفاء سمة عربية وقيمة أخلاقية ودينية، وأعتقد أنّ من أدنى واجبات الوفاء أن نُكرم هذا البطل التاريخي الذي - بمعيار الوطنية المصرية- حقق الكثير من الانجازات لمعظم شعب مصر، و-بمعيار القومية العربية- فإنه أكّد وحدة هذه الأمّة العربية رغم المحاولات كلّها التي قامت بها القوى الكبرى منذ مطلع القرن العشرين من أجل تجزئتها وتفتيتها 
أيضاً، بمعيار القيم الدينية والخلقية، فإنّه كان حاكماً وقائداً نزيهاً ونظيفاً وزاهداً بالحياة الدنيا، فلم يعش حياة الثراء والبذخ وتوزيع مناصب الحكم على أفراد عائلته.
فرحمة الله على جمال عبد الناصر الذي جمع في شخصيته بين الإيمان بالله تعالى، وبين العمل الصالح من أجل الإنسان العربي أينما كان.

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن