Monday, July 12, 2010

شهيد الصمت بقلم: محمد شريف كامل


شهيد الصمت

بقلم: محمد شريف كامل*

12 يوليو 2010

لقد تناول العديد من الكتاب والمحللين واقعة إغتيال الشاب خالد سعيد من عدة جوانب، فمنهم من ردها إلى جبروت الأمن والنظام الحكومى فى مصر والذى تشرب الفساد من كل أجهزته ولم يعد هناك من يردع أدواته وألياته من رجل الأمن البسيط وحتى أعلى الدرجات وهذه للأسف حقيقة مؤلمه ولكنها الحقيقة.

فساد متنوع الأدوات والأشكال من جبروت وإضطهاد وإستغلال للسلطات والإغتيال، المادى منه والمعنوى، والتستر على جرائم رواده وتلفيق التهم لمعارضيه. حتى أصبح كل جهاز قى الدولة يدار على أنه عزبه خاصة، والمهيمن على كل إدارة فى الدولة هو الأمر الناهى لا راد لكلمته ولا أمره صلح أو طلح.

والبعض الأخر رأى فى إغتيال خالد سعيد دليل على الخواء السياسى الذى تعيشه مصر وهى حقيقة مؤلمة أخرى وغير خافية بلا جدال. فلا يوجد فى مصر الأن حزب سياسى أو حركة سياسيه، مهما كان إنتمائها، تستطيع أن تقود الشعب المصرى للخلاص من التسلط والفزع الذي يعيشه الشارع المصرى.  ولذا حاول العديد أن يروج لحرك التغيير الجديدة التى ليس مجالها هنا وقد تحدثنا عنها من قبل .

والبعض الأخر تعرض لحياة خالد الشخصية وأسباب صدامه بأجهزة القمع وتلفيق محضر وفاته، فالبعض حاول أن يصفه بالبطل الذى رفض الخضوع لذل ومهانة أدوات الأمن المصرى، والبعض تعدى عليه بإتهامه بالإنحراف وتعاطى المخدرات بل والإتجار فيها. وهذا ما لا يهمنا، فالأمر يخص خالد سعيد وأسرته. إن ما يخصنا كمصريين وأدميين هو ما أصاب خالد سعيد كإنسان وكيف نحفظ أبنائنا من أن يلاقوا ذات المصير.

فأي مواطن صالح أوطالح يجب أن تحفظ له كرامته، فلا يحق لأى أداة قمعية أن تتعدى عليه  فالمفترض فى رجال الأمن أنهم أدوات لتنقيذ القانون وليسوا بلطجية. إن المواطن أي أن كان سلوكه أوأصله أوأسرته أوعلمه أولونه أودينه فهو أولا إنسان يجب أن يحترم وأن تصان كرامته ولا يحق لأحد أي أن كان أن يتعرض له باللفظ أوالفعل المهين، إلا إذا أردنا العيش فى غابة ورضينا بإنتهاك كرامتنا كل صباح ومساء وللأسف هذا هوالحال فى مصر الأن.

إن الأصل فى الأمور هو القانون، فلو أخطأ شخص أو أجرم يجب أن يقدم للقضاء ويحاكم وفق قانون وإجراءات عادلين، فإما أن يبرئ أويدان بحكم القضاء بإفتراض نزاهته، وليس كل من تحلى بلباس عسكري نصب نفسه وصي على المجتمع.
لقد دفع خالد سعيد الإنسان حياته ثمنا لصمتنا ولخنوعنا، عن خوف تارة وعن جهل تارة أخرى، حتى سلمنا حقوقنا كأدميين لإدوات القمع. إن خالد سعيد هو شاهد على نذالة وجبن جيل بأكمله رضى بالذل فأنتهكت حرمة أبنائه وبناته فى كل أرض عربية من شرقه إلى غربه.

إن قصص التعذيب وإرسال المعارضين من كل أنحاء العالم للسجون العربيه لتعذيبهم وأخذ أقوالهم بوسائل الإذلال المختلفة، ومشاركة رجال الأمن العرب فى التحقيقات المخذلة التى تمت فى سجن جواتانامو غير القانوني وما حدث فى سجن أبو غريب بالعراق ...... كل هذا ليس إلا سلسلة واحدة فى منظومة الفساد والإمتهان الذى أصيبت نفوسنا فأصبحنا جميعا راضين بالذل فسلمنا أمرنا لجلادنا وليس لله كما يدعى البعض.

فأين كان دينك أومبدئك أوخلقك فالكل يحرم عليك الصمت والخنوع والرضى بالذل.

ونتساءل لمذا هذا التخلف الذى نعيشه ولمذا فقدنا الحضارة ونحن بناتها. الأمر واضح وجلى، كنا أهل الحضارة حينما أحترمنا الإنسان الذي خلقه الله وكرمه فوق كل المخلوقات.

إن الغابة التى يحكمها الأسد يسودها دوما العدل والحب والرحمة، أما الغابة التى يحكمها الذئاب يسودها الظلم والفساد. فهل يفيق الأسد النائم ويثورعلى الذئاب ليحق الحق ويسود العدل على أرض مصر وكل الأرض العربية؟

هذا السؤال لا يجيب عليه ألا الشعب، جموع الشعوب ولن يتحقق العدل إلا بتخلينا عن صمتنا، وإلا فلا تحزن لو كان التالى هو إبنك فأنت الذي سلمته بيديك للغدر والإهانة، ولا ألوم هنا والد خالد سعيد بل نحن كلنا الملومون، فدم الشهيد خالد سعيد فى رقابنا وسوف نحاسب عليه جميعا فى حياتنا الدنيا ويوم نلقى خالقنا.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد

* Mohamed S. Kamel is a professional engineer, a LEED Green Associate and a recognized project manager professional (PMP).  He is a freelance writer, the editor of I.N. Daily, co-founder of the Canadian Egyptian for Democracy (CEFD), Alternative Perspective Media (APM-RAM), Quebec Antiwar movement “Échec à la Guerre”, and Coalition for Justice and Peace in Palestine (CJPP) and the ex-president and co-founder of the Canadian Muslim Forum (FMC-CMF).  Could be reached at public@mohamedkamel.com


     

Sunday, May 2, 2010

قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك بقلم: محمد شريف كامل


قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك

بقلم: محمد شريف كامل*

 2 مايو 2010

إن سوء الأحوال فى بلادنا الحبيبة لايخفى على أحد، وكل من يدعى أنه لا يراها فهو كاذب سواء لإنتفاعه من سوء الأحوال أو لنفاق أوجبن زرع فى قلوبنا عبر أكثر من ثلاثون عاما. فلا يخلو بيت عربى فى مصر أو خارجها إلا ويتباكى على حال مصر من كل الجوانب الداخلية والخارجية وخاصة بيوت المصريين الذين يعصرهم الألم وهم يعيشون المعاناه اليوميه ويشاهدون معانات الشعوب العربيه الناتجه عن تدهور الحال في مصر.

فكم زايد المزايدون على دور مصر فى الماضى من دعم وحماية للأمة العربية بشكل عام وللشعب الفلسطينى على وجه التحدي، حتى أباحوا التحول إلى معاداة كل ما هوعربى وفلسطينى على أيدى النظام وإعلامه المنافق دائما والكاذب غالب الوقت.

ولكن هذا ليس حديث اليوم، حيث أن المأساة تتركز فى الداخل، فى داخل مصر، حيث الفساد يعم كل الفئات وكل المجالات ولا نستطيع أن نرى بارقة أمل واحدة. ولن أعود لما كتبت منذ خمسة عشرة عاما محذرا المهللين للكبارى وللطرق الدائرية والمدن الفارغه الجديدة، لن أعود لهذا لأنه مثل بدايه صناعه الوهم الذى أشربناه كما أشرب بنى إسرائيل عجلهم الذى عبدوه من دون الله.

أطالت المقدمه؟ ربما، إلا أنه وجب رسم الصوره واضحه، قبل السعي للمشاركه في وصف الحل.

وكما ذكرنا، فلا يوجد بيت عربى بالداخل أوالخارج لايتطلع لحال مصر كل يوم وكل ساعة. ذلك لأن إصلاح حال مصرهو المخرج الوحيد من كل أزمات الأمه العربيه، فيوم يمرض رب البيت لا يجد أهله من يأخذ بيدهم للطريق السليم ومن يضمد جراحهم.

وبيتنا مثل كل بيت عربي لا يمر عليه يوم دون أن يعترض حال مصر حالنا وحوارنا، حتى أن إبنتى منذ سنوات عديدة رأت أن الحل أن تتقدم هى لإنتخابات رئاسة مصر، وكم سخرنا منها. فقد نشأت فى مجتمع وإن عابه الكثير، فهو يتنفس الديمقراطية وهذ ما جعلها لا تستوعب لماذا لا يتصدى المصريون المخلصون لهذا الحال بالترشح لرئاسة الدولة ولعضوية المجالس المختلفة .

تذكرت كل ذلك وأنا أتابع لعدة أسابيع مشروع الخلاص من الفساد، ذلك المشروع المسمى البرادعي. ولكني لم أشارك فى الحوار الدائر حتى استوعب كل التوابع لهذا المشروع، ومثل الكثير من المصريين ترددت فى البداية فى تأييد فكرة ترشيح البرادعى لرئاسة الجمهورية لعدة أسباب منها: أنه عاش طوال الفتره السابقه خارج البلاد فلم يعش مشاكل مصر اليوميه، ولم يلمس عن قرب الحال الداخلى، كما أنه نشأ فى أحضان النظام الأمريكى برئاسته الوكالة الدولية للطاقة الذرية ونعرف جميعا حجم المأساة التى أصابتنا من تلك المنظمة. وإنه طوال حياته لم يكن معارضا ولم يكن ممن مارسواالعمل السياسى على أرض الواقع .

فكيف لرجل مثله أن يكون رئيسا لمصر ويواجه ويحل كل المشاكل؟ أم هى مسرحية أمريكية حتى نلهو فى وهم جديد.

هذا ما منعنى ومنع كثير من المصريين من تأييده، ولكن هل نحن على صواب؟ أم أننا لم نكن منصفيين للفكره؟ هذا يستدعي تحليلا دقيقا.

أولا إن عمل الرجل فى الأجهزة الدولية قد يجعله هو الأمثل لقيادت التجربه، فقد شعر مثل ما شعرت إبنتى، وتسائل كيف يعيش شعب بلا ديمقراطية؟ حيث إطلع فى محك اليومى على كل الأنظمة العالمية ولمس بيده ضروره الديمقراطية فى إتخاذ القرار ودور الشعوب في توجيه حكوماتها وقوه المعارضه وأهميتها خاصه فى زمن الحرب، أمر لم نعرفه ولم نعشه ولم نتخيل إمكانية حدوثه .
وعن نشأته فى أحضان النظام الأمريكى فقد سخرت من نفسي، أسيكون هو أم النظام الحالى فى مصر؟ أكثر خدمه لمصالح الولايات المتحدة وإسرائيل؟ لا أظن ابدا. فهذا وهم.

اما عن رئاسته للوكالة الدولية للطاقة الذرية وما جلبته علينا تاك المنظمة فهذا هو قمة الوهم، فتلك المنظمة لم تجلب علينا سوى رد فعل ما فعلناه بانفسنا.  لقد وقعنا معاهدتها ولم نجبر على ذلك إلا بضعف فهمنا للوضع الدولى. فلم تتخذ المنظمة قرار الحرب على أفغانستان أوالعراق ولكن حكوماتا هى التى تهافتت على الغزاه. هذا ما يؤكد أن الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية هو خير من كل حكامنا.

وعن كونه لم يمارس العمل السياسى داخل مصر، فأعتقد أن هذا هو الوضع الأمثل، فللأسف أغلب من مارس العمل السياسى داخل مصر قد تلوث بالفساد، حيث أمتد فساد الحياة السياسية من النظام الحاكم إلى أحزاب المعارضة.

لعل هذه الأسطر تزيل الغشاوه عن أعيننا وتجعلنا نلمس الواقع وندرك انه قد حان الوقت ليقوم الشعب بواجبه ويمارس دوره فقد يكون الوقوف في صف البرادعى هو الشعلة التى قد تضئ الطريق.

ولكن لا يجب أن يتحول ذلك إلى تفويض أو توقيع على بياض، بل يجب ان يشكل ذلك الموقف عقد إجتماعى وسياسى يوقعه كل من الشعب المصري، والبرادعى جزء منه، عقد يخط أمال الشعب المصرى ويفندها تفنيدا دقيقا، شاملا عدة أصلاحات اساسية منها :

- تغيير النظام إلى نظام برلمانى ويصبح الرئيس حكما، يملك البرلمان عزله ولا يملك هو حل البرلمان.
- رفع وصاية وزارة العدل عن القضاء.
- تعيين لجنة دائمة للإنتخاب تحت إشراف أعلى سلطة قضائية.
- إستبدال نظام الإنتخاب الحالى بنظام يضمن الشفافية.
- جعل المشاركة فى الإنتخابات إلزاميا.
- رفع الحظرعن التظاهر ورفع الحظرعن تشكيل الأحزاب.

لقد تعرضت هنا فقط للنقاط التى تمس الديمقراطية ولم أخوض في مشاكل مصر ولم أتعرض لأي أمور أخرى. فحتى تنجح حملة البرادعى، أرى ان يكون ذلك العقد محدد الأهداف والمدة، حيث لاتتعدى الأهداف إصلاح الحياة السياسية، و حيث لاتتعدى المده عامين، بعدها تجرى إنتخابات برلمانية على النظام الجديد يتلوها إنتخاب أخر لرئيس الجمهورية.

 ويجب أن لا يشمل ذلك العقد أي من القضايا الفكريه أوالعقائدية أوالإقتصادية، لأنه إذا ظن البعض أن مشاكل مصر  المعقده من طبقية ورشوة وفساد ونقص قى الغذاء وسوء حال التعليم وفشل نظام العلاج وندره فرص العمل.... إذا ظن البعض أن النظام الإنتقالى سوف يحل كل تلك المشاكل فنحن نحكم عليه من اليوم بالفشل.

فتلك المشاكل التى فرضت علينا بالإفسادالأخلاقى لن تنتهى على أيدى هذا الجيل بل سيحلها الجيل التالى، إذا أراد، عبر نظام ديمقراطى برلمانى حر يشارك كل الشعب فى إنشائه.

فهل تنجح تجربة البرادعى؟

هذا السؤال لا يجيب عليه إلا الشعب نفسه، فهل وعى الشعب الدرس بعد طول إستكانة ورضوخ، وأدرك أن أمامه فرصة حقيقية؟
 إلا إننا يجب أن ندرك أن النظام لن يستسلم، وأنه قد حفر خندقا عميقا من الإعلام والإجهال والإذلال، وسوف يلجأ لكل المكايد، حتى أنه فى أخر لحظة قد يقتل البرادعى بسائق سيارة مجهولة أوطلقة رصاص طائشة.

وسوف تتعاون الأنظمة العربية الفاسده مع الفساد الحاكم في مصر، وسوف يحارب مؤيدي التغيير في أكل عيشهم ويطرد مؤيدى البرادعى، وهذا ما قد بدأ بالفعل، وهل ذلك بجديد فكم من شخصية مصرية طريدة من كل الأراضى العربية لأنها تعارض النظام المصرى.

فذلك الفساد يجامل بعضه البعض، لذا وكما نعرف جميعا أن قضية مصرهى قضية كل الشعب العربى وليس الحكومات العربية.
فلهذا يجب أن نحول مشروع البرادعى إلى رمز وليس إلى شخص، نعم يجب ان نلتف حوله ولكن فى ذات الوقت يجب ان ندرك ان الحرب طويلة وشاقة وإنه بلا تضحيات فلا إنتصار.

هل توقع أحدا أن يسقط شاه إيران رغم الحماية الأمريكية والجيش الحليف له؟ ألا نشاهد عبر الشاشات ثورة شعب تايلاند؟
لقد حان الوقت وإن لم نتحرك اليوم فمتى نتحرك، وهذا لكل العرب وليس للمصريين فقط: قوم يا عربى مصر دايما بتناديك
حان الوقت لكل مصرى وعربى أن يقوم ويقول لجلاديه "كفاية" .

فإن لم نفعل فلا نلومنا إلا أنفسنا.

* Mohamed S. Kamel: is an engineer and a recognized project manager professional (PMP), a freelance writer, the editor of I.N. Daily, co-founder of the Canadian Egyptian for Democracy (CEFD), Alternative Perspective Media (APM-RAM) and the ex-president and co-founder of the Canadian Muslim Forum (FMC-CMF), could be reached at public@mohamedkamel.com