Monday, December 15, 2008

منتظر الذيدي بقلم: محمد شريف كامل


منتظر الذيدي

*بقلم: محمد شريف كامل

15 ديسمبر 2008

ما قام به منتظر الذيدى البارحة من محاولة إغتيال لجورج بوش بالحذاء، هو عملية إنتحارية بطولية لا تقل أهميتها عن كل عمليات المدافعين عن حقوقهم فى كل مكان. ما قام به الذيدى هو عمل بلا شك عفوى غير مرتب والدليل على ذلك أنه لم يصب الهدف عمليا ولكنه أصابه معنويا.

الملايين من العراقيين، بل أن الملايين من العرب والمسلمين لا يعرفون الذيدى ولا تربطهم به غير الرجولة والضيق والألم وأنت ترى قاتلك وقاتل شعبك يستقبل إستقبال الأبطال وأنت محروم من كل حق لك ولا يوجد من يردعه ولا يوجد من يرد عنك ظلمه، فلم يملك الذيدى غير حذائه.

إن حذاء الذيدى هو إضافه لكل أحذية الشعب الفلسطينى الذى إستقبل بها وزير الخارجية المصرى من قبل فى القدس. أليس الألم واحد وأليس العدو واحد؟

إن الذيدى ليس من مقاتلى الساحات ولا حاملى السلاح لأنه وكل شعبه ممنوعين من ذلك الحق ولكن إذا فاض الكيل فالحذاء سلاح، ومن منا لا يحمل بصدره ذات الضيق الذي حرك منتظر الذيدى ، ومن منا لم يتمنى أن يكون منتظر الذيدى.

ألم يذكرنا الذيدى بسليمان خاطر، ذلك الجندى المصرى البسيط الذى إستفذ ونفد صبره من تصرفات المغتصب على الحدود وهو  يتألم ولا يجد قوت يومه، فكان رد فعله العفوى ولكنه بطولى ثم قيل أنه إنتحر!

المؤلم حقا فى الأمر أن يكون دور الأمن الداخلى وكالعادة هو قمع رافضى الخنوع، والله وحده أعلم بما حدث وما يحدث للذيدى على أيدي الصامتون على أبو غريب وغيرها الكثير.

إن الذيدى سيدفع الثمن، وما الغريب ألم تدفع شعوبنا ثمن سطوة حكامها وخضوعهم لأكثر من ثلاثون عاما، ألم تدفع شعوبنا دمائها ثمن لكرامتها ولم يكن من حكامها سوى قمعها وجني ثمار المقاومة لجيوبهم وجيوب أبنائهم.

نرجو ألا يكون ما قام به الذيدى مبررا لأن تجبرنا حكوماتنا على خلع الأحذية قبل مقابلة جلادينا ولعله قد يليها الجوارب وماخفي كان أعظم، ذلك ليس بغريب.

الذيدى يستحق منا كل إحترام ولايجب أن نتخلى عنه، وجلاديه لا يستحقون سوى الإحتقارلعلهم ولعلنا نفيق. وحتى لو كان حذائه سببا فيما يلحق به اليوم فلا ينسى جلاديه أن هناك مئات الملايين من الأحذية سوف تلحق بهم أحياء وأمواتا وربك العليم الحكيم يمهل ولا يهمل فلعلهم يدركون ذلك قبل أن يدركهم.   



* محمد شريف كامل: كاتب وناشط عربي من مونتريال