Saturday, December 12, 2009

أليس ذلك كله يشوبه شيئا؟ ومن يقف وراءه؟ (مباراة مصر والجزائر) بقلم: محمد شريف كامل


أليس ذلك كله يشوبه شيئا؟ ومن يقف وراءه؟
(مباراة مصر والجزائر)

بقلم: محمد شريف كامل*

12 ديسمبر 2009

الذي نراه اليوم هو عبث بتاريخ ومستقبل أمه بأكملها. إن كل ما مر بنا في الثلاثين عاما الماضيه، ومنذ خروج مصر عن الإجماع العربي بدخولها المفوضات ثم توقيع إتفاقيه كامب دافيد، كل ذلك هو أمر يحاكيه التاريخ. ولكن ما يحدث اليوم هو أخطر من كل ذلك.

 إن ما يحدث اليوم هو ليس تداعيات مباراه للكره، ولكن ما يحدث اليوم هو وقيعه متعمده للإيقاع بين الشعب العربي، وما هي إلا الفصل الأخير من مسلسل كتبت فصوله منذ عشرات السننين، مسلسل يقضي بسلخ مصر مما بقي من إنتمائها العربي.

فالفريقان المصري والجزائري لعبا مبارتان في عده أيام يحيطهما شحن إعلامي غوغائي لم يسبق له مثيل، وكانت المبارتان في الملعب تتميزان بالشد العصبي المعروف للمباريات النهائيات، ولكنهما تميزتا بالخلو من الخشونه غير المعتاده، حتى نستطيع دون تردد أن نصفهما بالمبارتان النظافتيين.

فمنذ عشرون عاما أعتدي على الفريق المصري في الجزائر، ولكن الأمر عولج بعقل وحكمه، هذا ما كان البارحه، أما اليوم فالأمر مختلف تماما.

فالعجب هو ما يبثه الإعلام من تحريض على الإعتداء، مختل يقول "سنذبح المصريين عقب المباراه" ، ويرد عليه مختل على هيئه مذيع، وهو للأسف نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام، ليقول "ارجو تدخل سريع ولادنا في السودان بيموتوا"، وهو كذب بين، نعم كانت هناك إعتداءات، ولكن إستخدام كلمه " بيموتوا" هذا تحريض حقير. ثم يتمادى في تحريضه ويقول: " نناشد جمهورنا يقتل الجزائريين الموجودين في مصر،

نخرج على الجزائريين الموجودين في مصر. عندنا جزائريين في مصر نروحلهم نموتهم طالما ولادنا بيتقتلوا في السودان، ناخد بتارنا".

 والطامه الكبرى تكمن فيما قاله علاء مبارك، النجل الاكبر للرئيس المصري، والذي لا يتدخل عادة في الشأن السياسي خلافا لشقيقه جمال، في برنامج تلفزيوني، عرض مساء الخميس، إن على مصر "اتخاذ موقف" وان ترد على "الارهاب والاعتداءات" التي تعرض لها المشجعون المصريون في الخرطوم على حد تعبيره. وأضاف علاء مبارك إن "احداث الخرطوم كشفت عن حقد الجزائريين وسوء نيتهم" تجاه مصر.وقال: "يستحيل علينا كمصريين ان نتقبل هذا. علينا الوقوف والقول: يكفي، يجب ان نتخذ موقفا، فقد طفح الكيل."، مضيفا "عندما تهين كرامتي، فسأضربك على رأسك".[i]

إن كل الشحن السابق للمباراه لم يكن إلا سؤ أدب من البعض وهدفه معروف في مثل تلك المباريات وهو ما يعرف بالحرب النفسيه، إلا أن سؤ الأدب تحول على أيدي الغوغاء إلى إعتداءات هنا وهناك، حتى أنها لم تقتصر على القاهره والجزائر ، بل وإمتدت إلى مرسيليا (فرنسا) وأم درمان (السودان).

إن تلك التداعيات كانت تحاج إلى حكومات قويه وذات مصداقيه، وهو ما تفتقده البلدان.

أليس ذلك كله يشوبه شيئا؟

إن القراءه المتمعنه لهذه التداعيات تصل بنا إلى عده إستنتاجات، أود أن أحذر شعبنا العربي منها.

أود أن أحذر الشعب العربي في مصر من أن يقع في مصيده النظام المصري، الذي يسعى إلى تحويل تلك الإعتداءات إلى بطوله وهميه فيبدوا وكأنه مدافع عن كرامه المواطن المصري، وماهو إلا جلاده الحقيقي الذي أغتصب حريته ورغيف خبزه ودماء شهداءه.

أود أن أحذر الشعب العربي في مصر من أن ما يحدث هو الفصل الأخير من مسلسل كتب فصوله أعدائه الحقيقيين، مسلسل يقضي بسلخ مصر من الأمه العربيه وتحويلها إلى كيان هش يسهل تمذيقه إلى كيانات صغيره وإدخاله في دوامه حرب أهليه داخليه.

أود أن أحذر الشعب العربي في مصر من أن ما يحدث هو محاوله لإلهائه عن واقعه المرير الذي تفسخ تدريجيا على مدار الثلاثون عاما الماضيه، حيث عمل النظام ومن تحالف معه على مسح تاريخ مصر المشرف من العمق المحلي إلى العمق العربي، كأكبر مدافع عن الحق العربي من فلسطين إلى الجزائر إلى اليمن....!

أود أن أحذر الشعب العربي في مصر من أن ما يحدث هو مخطط لتبرئه الجاني الحقيقي وتمرير مخطط التوريث لأحد أبناء الرئيس أو أحد أتباع النظام، وإلا لما لم نراهم مدافعيين عن الشعب يوم تركت العباره لتغرق ويوم ترك الجبل لينهار سفحه على سكان العشش ويوم شاركوا العدو الحقيقي في حصار غزه وهم يدعون لعدونا بالنصرعلى شعبنا في لبنان وغزه ويوم إستقبلوا مدمر العراق إستقبال الأبطال على أرض سيناء.

أود أن أحذر الشعب العربي في كل أرض العرب من أن تترك مصر لتنسلخ من عروبتها أكثر من ذلك. إن ذلك هو نسف ما بقي من الوحده العربيه.
إن أشد الأذى والألم يحل بحرق علم الجزائر في القاهره، إن هذا التصرف الأحمق هو بمثابه إهانه لقاهره المعز ومحتضنه الأزهر، والمؤيد الأكبر للثوره التي خرج منها ذلك العلم.
لقد وجب على كل الشعوب العربيه أن تنتصر للعقل والمستقبل، ولعلنا نشهد عما قريب مبادره من عقلاء مصر والجزائر من غير الحكومتيين، ليذكرونا بدماء المليون شهيد مسلحيين بدعم مصر، ليذكرونا بدماء شهدائنا الجزائريين والمصريين ممزوجه برمال سيناء. ليذكرونا بالجماهير العربيه حين نسفوا خطوط البترول لكيلا يضخ للغرب بعد عدوان 1956 ليذكرونا بمواقف الجماهير العربيه حين حملت سياره عبد الناصر في الخرطوم رفضا للهزيمه عام 1967.

إننا نريد شعوب كهذه حتى تفيقنا من سكرات العداوات المصطنعه.

أنه من الواجب على كل عربي أن يوجه التهنئه للفريق الفائز والممثل الوحيد للكره العربيه في كأس العالم 2010، وعلينا أن نؤازره جميعا، داعيين الله أن يمثلنا تمثيلا مشرفا.

إن شعوب وحدها الله بالتاريخ والدين واللغه والمصير المشترك حتما لا يصح أن يفرقها محترفي التهييف والإثاره الإعلاميه، الذيين تخاذلوا عن إفاقه شعبنا لإتخاذ موقف من الإذلال اليومي الذي نتعرض له جميعا على أيدي العدو الحقيقي.

 أو كما قال علاء مبارك: "يستحيل علينا كمصريين ان نتقبل هذا. علينا الوقوف والقول: يكفي، يجب ان نتخذ موقفا، فقد طفح الكيل."، مضيفا "عندما تهين كرامتي، فسأضربك على رأسك"، ولكنه قالها في المقام الخطأ، فمن شابه أباه فما ظلم.
 
* Mohamed S. Kamel: is an engineer and a recognized project manager professional (PMP), a freelance writer, the editor of I.N. Daily http://indaily.net/, co-founder of the Canadian Egyptian for Democracy (CEFD), Alternative Perspective Media (APM-RAM) and the Canadian Muslim Forum (FMC-CMF), could be reached at info@apm-ram.org 
* Mohamed S. Kamel: Est un ingénieur et reconnu comme un gérant de projet (PMP), il est un écrivant indépendant, éditeur de « I.N. Daily » http://indaily.net/, co-fondateur de Canadien égyptien pour la démocratie (CEFD), Regard Alternative Media (APM-RAM) et le Forum musulman canadien (FMC-CMF), peut être contacté à info@apm-ram.org