الكاتبة: زينب خليل عودة
ثورة الغضب قادها شباب مصر المتظاهرين الشرفاء الأحرار ثم شارك فيها الصغير والكبير المرأة والرجل والمسلم والمسيحي جنبا إلى جنب، المتابع لهذه الثورة العظيمة ينحني إجلالا وإكبارا للجميع على هذه الروح العالية، وهذا الصمود العظيم، والعطاء، والتنظيم، إرادة التحدي، مدفوعين بحرية التعبير بكل مظاهرها الحضارية الراقية، أمورا عدة قاموا بها المتظاهرين الشرفاء الوطنين يستحيل أن يقوم بها أكبر الجهات والمنظمين في العالم لهذا العدد الكبير وفى هذا الميدان ، ميدان التحرير بوسط القاهرة الذي سيبقى رمزاً وعنواناً لشباب 25 يناير، شباب 25 يناير، نتوخى فيهم وطنية صادقة وحسن النوايا وأمانة المسؤولية والحرص على مصلحة مصر ومقدراتها أولا وقبل كل شيء والتضحية من أجل مطالب عادلة وحقوق مشروعة.
نعم جيلاً... لم يكن أحدا يتوقع منه حتى أكبر المراهنين على هذا الوضع العربي المتردي، جيلاً لم يستخدم وسائل الاتصال للدردشة ولمضيعة الوقت والتسلية وتحميل الأفلام والأغاني والمسلسلات التركية وغيرها، هذا الجيل الذي يضم الجامعيين والخريجين والعاطلين عن العمل والمثقفين والفقراء والمقهورين والمظلومين والمقموعين، هذا الجيل أحس بكم كبير من المعاناة والظلم والقهر ولم ير على مدار سنوات عمره وأكثر أن حقوقا تلبى لهم منها الحق في الحرية والتعبير والمشاركة السياسية وحقه في العمل والعيش بكرامة وأمان وبالمختصر حقهم في الحياة والآمال والأحلام، فكل هؤلاء لم يشعروا بالحياة بل بالموت البطيء يتسلل إليهم يوما بعد يوم ينخر في عظامهم ويخر قوتهم ، نعم جيلا يفترض أن له حقوق كثيرة مشروعة في كل وطننا العربي وطناً وطناً..
ولاشك أن أسباب كثيرة أدت بهذا الجيل أن يتخطى حدود الأنظمة الحمراء وأسوارها الشاهقة، أبرزها إحساسهم بالظلم والمعاناة القاسية التي بلغت حد الانفجار، وسائل الاتصال التي توفرت كثيرا، الانفتاح الكبير الذي يشهده العالم خاصة في وسائل الإعلام والاتصال وانتشار القنوات الفضائية والوثائق السرية بين الحين والآخر، الأنظمة الحاكمة بكل أجهزتها من سلطة تنفيذية وتشريعية وغيرها صمت آذانهم للأسف، صمت آذانهم عن أبناء شعوبهم، كل ما سبق كسر حاجز الخوف وضاعف العزم والعزيمة على اختراق الميادين وغيرها، وهنا لا أريد أن أستثنى أيضا فئات ذات مصالح ضيقة قد تقحم نفسها في ظل مثل هذه الظروف التي تعصف بوطن كبير مثل مصر لان الباب أيضا مفتوح على مصراعيه لكل الأطراف من الشرق حتى الغرب وخاصة أمريكيا وإسرائيل كي تتدخل فيه وليس لمصر وحداها بل كل بلدان الوطن العربي صغيرها وكبيرها .
ميدان التحرير أو لنسميه ميدان الحرية التي باتت تنادى عاشقيها من الشباب المصريين المتظاهرين، ميدان الحرية الذي يتنسم هواء نقى معطر بآهات وصراخات كل الوطنين الشرفاء الأحرار، وأنين البواسل الذين يفترشون الأرض ليل نهار يتحملون كل شيء في سبيل ما يناضلون من أجله، وقد سبقهم محمد بوعزيزى في تونس وكل من انضم له ، سوف يسطر التاريخ بحروف وكلمات من ذهب هذه الحقبة في الزمن العربي الرديء...
كل التقدير والاحترام لكل المصريين المتظاهرين الشرفاء الأحرار الوطنين فعلا الذين مكثوا طوال الأيام السابقة على الأرض تركوا المال والجاه والبيت والأبناء ، تركوا الدنيا من اجل هدف الحرية، وسقط منهم شهيد وجرح واعتقل آخرين، هؤلاء المتظاهرين تحملوا حرارة الشمس وبرد الليل القارس، تحملوا الجوع والعطش، ولم تكل حناجرهم بالشعارات والأهازيج والأغاني الوطنية حبا في مصر، إنه منظر يستحق منا تعظيمه، فكل التقدير لكل هؤلاء من صغيرهم إلى كبيرهم إنهم يستحقون أن نرفعهم فوق رؤؤسنا ونكتب عن كل واحد منهم حكاية، وإنني أتوجه فعلا لكل وسائل الإعلام أن تأخذ من ساحة ميدان التحرير مساحات لقصص عظيمة، قصص وطنية عريقة عن كل لحظة وساعة ويوم قضاها كل شخص في هذا الميدان. ولنكتب يا وطن حديث كل متظاهر في سجل التاريخ .. اكتب ياوطن عن كل مصري حر وطني شريف محب لمصر مسئول عن هدفه حباً لمصر وحريصاً عليها، بعيدا عن أي أجندات خارجية وغيرها،، لم يفكر لحظة في تدمير مقدرات أو نهب أو قتل أو إحداث خلل في اقتصاد أو فتن أو انقسام أو غيره من كل الاتهامات .... وسجل يا تاريخ هنا في ميدان التحرير صوتاً لازل يصرخ بعزة وكرامة عالياً أنا مع الحق والعدل مع مصر كلها .... سجل يا تاريخ....
No comments:
Post a Comment