Sunday, July 24, 2011

لا تجهضوا الثورة

بقلم: محمد شريف كامل*
23 يوليو 2011



أرض التاريخ تخط كل يوم سطر جديد فى اطهر كتب التاريخ – كتاب تنير سطوره دماء شهدائنا وجرحانا. إن خروج الجماهير كل يوم ومنذ الخامس والعشرين من يناير، هو الدليل على إصرار الثورة على أنها حية لم ولن تموت ولن تروض لصالح بقاء النظام البائد وأذنابه المنتشرون على أرض الكنانة وخارجها يحاكون فلسفة شمشون فى هدم المعبد على رؤوس شعب مصر أعدائهم الطبيعيين. إلا أن ذلك لن يكون لأن التاريخ لا يعود للوراء وعجلة الزمن تسير دائما للأمام.

إلا أنه وجب علينا أن ندرك أن هناك فارق كبير بين إشعال الثورة وإدارتها، فالثورة أشتعلت والنظام قد سقط ولن يعود مهما توهم زبانية جهنم وبقايا ذلك النظام العفن. وبالإضافه إلى أن خروج الألاف للشارع هو دليل ملموس على ذلك السقوط فهناك عدة أدله أخرى:

أولها: أن قيود الخوف قد سقطت ولن تستطيع أي قوة مهما كانت إعادة فرضها على الشعب، ومن ثم فلن تحكم مصر أبدا مثلما كان الحال عليه يوم 25 يناير يوم الثورة.

ثانيها: إن الشعب هو شريك حقيقى فعال فى ثالوث الحكم، مشاركه كامله مع عصام شرف والمجلس العسكرى، وهو المثلث الذى ذكرنا فى مقال سابق ضرورة إستمرار التوازن بينه حتى تستمر الثورة فى تحقيق أهدافها.

ثالثها: أن محاولات النظام السابق الإلتفاف على الثورة لن تنجح لأن أعين الشعب لن تنام ولن تترك لهم الساحة ليعاودوا التجمع للإنقضاض على الثورة.

رابعها: أن الحكومة المنتخبة القادمة ستكون إئتلاف حقيقى يمثل كل القوى الوطنية ولن يتاح لأذناب النظام الساقط بالقفذ عليها.  

وها نحن نخوض في أول مراحل إدارة الثورة، وأعتقد أننا مازلنا وحتى الأن نديرها بجدارة، حيث كل طرف من الأطراف الثلاثة يقوم بدوره على خير وجه، فالجيش ممسك بزمام الأمور وهو غير ثورى بطبعه، وعصام شرف يدير وزارة من التيكنوقراط عديمى الخبرة، والشعب يوجه الجميع وحين يرى تباطؤ أو إنحراف يثورعن حس وليس عن خبرة.

إلا أننا يجب أن ندرك عدة حقائق سوف أعيد تأكيدها لقناعتي بأهميتها:

 أولها: أن الجيش المصرى لم يخذل الثورة وأن المجلس العسكرى لن يجرؤ حتى على التفكير فى ذلك.

ثانيها: أن محاكمات النظام السابق هى ضرورية ولكنها ليست هدف في ذاتها، ولن تعود بالكثير ويجب أن لا نتوقف عندها كثيرا لأن هؤلاء اللصوص يحاكمون بقانون وضعوه هم ليحميهم.

ثالثها: إنه يجب على الحكومة والمجلس العسكرى الإستماع لنبض الشارع المصرى فهو الحس الحقيقى ولذا فإنه يجب تطهير جميع مستويات الدولة بقررات وليس بمحاكمات لا تصمد أمام دفاع مبتدئ.

لقد ولد فى مصر عصر جديد، ولقد عرفت مصر معنى الثورة ومعنى التغيير بإرادة شعبية، وللثورة حلاوة لا مثيل لها، ولنجاحها بهجة لا يضاهيها شيء، ولقد أنجبت الثورة ولابد من أن ترعى وليدها حتى ينضج، ولكن ذلك يجب أن يتم فى إطار من العقل والحكمة والتى يجب ان لا نفقدها.

فالإحتكام للشارع هو جزء من فن إدارة الثورة، ويجب أن تدرك أطراف الحكم الثلاثة أن ذلك الإحتكام يجب أن يراعى الخطوط الحمراء التي يجب أن لا يعبر كل منها خطه وحدوده، فالمجلس العسكرى عليه أن يستمع ويحاور وأن يستجيب لصوت الشعب مفجر الثورة كل الشعب وليس قطاع واحد منه.

وللمجلس العسكرى الحق فى أن يرفض أن يتهم بالخيانه، فلو لم يستجب للشعب فى 11 فبراير لأختلف الحال، ولقد سطر المجلس العسكرى مكانه فى التاريخ بخلعه مبارك ورجله القوي –عمر سليمان- ولوأراد المجلس العسكرى لأستولى على الحكم يومها، إختلفنا معه أو إتفقنا فهذا ما حدث وتلك هي الحقيقة، ولكن عليه أن يتجنب السقوط في مصيده تخوين الأخرين.

وعلى عصام شرف ألا ينساق وراء البيروقراطية وألا يستقطب فى دهاليز الخطط واللجان، وألا يستجيب لمثبطى الهمم رافعى شعار البورصة، الشعار الواهى الهزلى والذى لا معنى له ولا طعم، فقد إذدهرت البورصه الوهمية حين كانت أموالنا وثرواتنا تنهب.

ووجب علينا نحن الشعب المصرى والحاكم الفعلى، أن لا نتصور أن المجلس العسكرى إوعصام شرف سيخون الثورة ولإننا الحاكم الفعلى علينا أن ندرك أن الثورة تختلف عن الحكم وأن هناك مراحل لتحقيق حلم الثورة وأن حلمنا ببناء الدولة الحديثة يحتاج سنوات وليس سته أشهر، فما دمرته العصابة الملعونة فى أكثر من ثلاثين عام لا يمكن بناؤه فى ستة أشهر وإنه إن لم نتكاتف جميعا يد واحدة فلن نستطيع الصمود أمام الفتن والدسائس الداخلية والخارجية وهى كثير وعلى رأسها تبادل التخوين وعودة مخطط تقسيم مصر للظهور على السطح.

ولذا وجب علينا أن نتقدم نحو البناء وأن لا نقاطع الحوار مع شريكينا فى الحكم وأن لا نستجيب للإدعاءات المخربة بإسقاط المجلس العسكرى، فلن نكون ليبيا، فالمجلس العسكرى والجيش المصرى خط أحمر المساس به هو خيانة للثورة .

لقد جعلت ثورة 25 يناير من ميدان التحرير مثالا للثورة فى العالم كله وأصبح إسمه يتردد بكل لغات العالم، وتفوق بذلك على هايد بارك والفارق كبيرفهايد بارك هو أرض للخطابه والتنفيس الأجوف الذى يمثل الديمقراطية الغربية، إلا أن التحرير أصبح مثالا لفرض الإرادة الشعبية سلميا.

إلا أن ما يحدث الأن من إنقسام بين القوى السياسية قادر على أن يجهض الثورة لولم نتنبه ونعود لوحدة الصف التى بدأنا نفقدها.

لقد رفضنا توقيت وبنود الإستفتاء ولكن ما أن تم كأول تجربة ديمقراطية حقيقية فعلينا أن لا نسقطه، بل وجب علينا أن نتعامل معه كمعبر لأول مراحل بناء الدولة، ذلك لمن أراد المشاركه في بنائها.

لقد بدأ البعض يردد نداء بتأجيل الإنتخابات، ويطالب ذات البعض المجلس العسكرى بالتنحى وتسليم الحكم لإدارة مدنية، فأين هى السلطة المدنية التى يسلم لها إدارة البلاد. 

يجب أن ندرك أن سقف المطالب قد بلغ أعلى نقطة يوم رفض الشعب الإنسحلب من الميدان قبل سقوط مبارك فسقط ويجب أن ندرك أن سقف المطالب يجب ان يتناسب مع المرحلة.

 فالإدارة الحكيمة للثورة هى مرحلة اليوم وليس الإستمرار فى نشوة إشعال الثورة ولذا فإن بدء العمل والإستعداد لدخول الإنتخابات وأيدينا متحده هو الطريق، ولا ينقص من نجاح الثورة أن نوقف التظاهر ونمتنع عن تصور أن إسقاط المجلس العسكرى هو إستكمال لإسقاط النظام لأن فى ذلك النداء إسقاط لدرع الثورة الواقى وعصب مصر الوحيد والذى إن سقط، سقطت الثورة وسقطت معه مصر، وهذا لن يكون.



* Mohamed S. Kamel: is a Freelance writer, the editor of I.N. Daily, he is a professional engineer, a LEED Green Associate and a recognized project manager professional, he is Member of several civil society organizations, a co-founder of the Canadian Egyptian for Democracy (CEFD), Canadian Egyptian for Change (Tagheer-Canada), Alternative Perspective Media (APM-RAM), , Quebec Antiwar movement “Échec à la Guerre”, Coalition for Justice and Peace in Palestine “CJPP”  and ex-president and co-founder of the Canadian Muslim Forum. He could be reached at public@mohamedkamel.com

      

مقالات ذات علاقه

8 يناير 2011:

Is this Egypt that we knew?




21 يناير 2011:

الخوف..والوهن..ولقمه العيش في عيد الشرطه




13 فبراير 2011:

It is a Revolution that is changing the face of the Middle East




19 فبراير 2011:

الشعب يريد تطهير البلاد... كل البلاد




3 إبريل 2011:

Palestine and the Egyptian Revolution




2 يونيو 2011

الثورة المصرية بن الحلم و الواقع








                                

No comments:

Post a Comment