أخذتم فرصتكم فضيعتموها.. وأعلنتم المواثيق وخالفتموها.. فهنيئاً لكم جولة اليوم الخاسرة
لماذا أخذتنا الحميّة بعيداً عن مواطن الحكمة.. ولماذا فعلنا مع غيرنا ما نُنكِره عليه ـ من التحرّش فضلاً عن الإقصاء -؟!
عائدٌ من ميدان التحرير .. بعد مليونية 29 يوليو
والقلب يلهج : ربح السلفيون ـ مؤقتاً ـ وخسر الوطن كله ..
أعلم أنّ الضجيج وارتفاع الأصوات يُخمِد صوت العقل ويطمس الحكمة ..
وأعلم أنّ نشوةَ الانتصار ـ ولو كان موهوماً ـ تحول دون الاستماع أو الاستجابة ..
ورغم اجتماع هذه الظروف فإنّ علينا أمانةً نؤدّيها ، وإنْ لم يستمعها مَنْ وُجِّهت إليه ..
لقد كانت هذه المليونية ” ضرورة ” فرضها تغوّل الليبراليين وشطط مطالبهم ، لذا خرجنا..
كما كانت ” فرصة ” رائعةً لحوارٍ بنّاء يؤسّس لمستقبلٍ يؤمّله الجميع .
فلماذا أخذتنا الحميّة بعيداً عن مواطن الحكمة ؟!
ولماذا فعلنا مع غيرنا ما نُنكِره عليه ـ من التحرّش فضلاً عن الإقصاء ـ ؟!
يا أهل ديني : لو سألنا عشرةً من إخواننا الكرام المطالبين بتحكيم الشريعة :
ما الشيء الذي لو حدث في البلاد لأيقنتم أنّ الشريعة مطبّقة ؟! فهل تظنّ أنك ستحصل
على إجابةٍ واحدة من عشرة أشخاص ؟! فكيف بمائة ، فكيف بألف ، فكيف بمليونين ؟!
إخوتاه :
إذا كنا نحن أصحاب الهمّ نختلف حول الأمر ، فكيف الظنّ بغيرنا ؟!
بل كيف الظنّ بقوم ساءت علاقتنا بهم لعقود طويلة .. كيف يفهمون الأمر ؟!
كان أمامنا الكثير والكثير لنغنمه من هذا الموقف التاريخيّ
ولم يكن لذلك كُلفةٌ عليكم إلا ما وصّتكم به شريعتكم التي جأرتم بضرورة تطبيقها
فقط أنْ تملكوا أنفسكم ، ولا تنساقوا وراء أهواء النفوس بالتباهي والاستعراض
لقد أضعتم جهود كثيرين مهّدوا بالخير لنزولكم ، واستقطبوا الشباب إليكم
فلم يكن عليكم سوى أن تقطفوا ثماراً غرسها ورواها غيركم
ماذا لو أنكم صافحتم مخالفيكم ، وأهديتم مبغضيكم ، وابتسمتم في وجوه الناس ؟!
إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكنْ يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ..
ماذا يكلّفكم ذلك ؟!
وكأننا لا نذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة ؟؟!!
إننا دعاةٌ قبل أن نكون ساسةً .. رحمةٌ قبل أن نكون حزماً وردعاً
وإنما يرحم الله من عباده الرحماء .. ومن لا يَرحم لا يُرحَم
أخذتم فرصتكم فضيعتموها ..
وأعلنتم المواثيق وخالفتموها ..
فهنيئاً لكم جولة اليوم الخاسرة ..
واعلموا أنّ الحياةَ أكبر من موقف ، وأعظم من مجرّد جولة
فإن تماديتم فأبشروا بعواقب الجهل والبغي عاجلاً غير آجل
وإن تعتذروا عن الخطأ فذاك الظنّ بالكرام .. وكلّ بني آدم خطاء
No comments:
Post a Comment