أقام "مركز الحوار العربي" في واشنطن ندوة خاصة بمناسبة الذكرى 59 لثورة 23 يوليو في مصر وكان موضوع الندوة هو: "أين مصر ثورة يناير من مصر ثورة يوليو"، شارك في الندوة الدكتور سامر شحاته (أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج تاون) والدكتور كلوفيس مقصود (السفير السابق للجامعة العربية). كما تحدث في بداية الندوة الدكتور رشدي سعيد العضو السابق في مجلس الشعب المصري وعميد الجالية المصرية في واشنطن، والذي كرمّه "مركز الحوار العربي" العام الماضي في أمسية خاصة لمناسبة عيد ميلاده التسعين.
وقد نشر موقع "سويس أنفو – أخبار سويسرا" تقريراً عن الندوة هذا نصه:
28 يوليو 2011
التكامُـل بين ثورتَـي 23 يوليو و25 يناير في مصر.. هل هو ممكن؟
بقلم : محمد ماضي - واشنطن- swissinfo.ch
مع حلول الذِّكرى التاسعة والخمسين لقيام ثورة الثالث والعشرين من شهر يوليو 1952، وفيما تخُـوض مصر غِـمار ثورة الخامس والعشرين من يناير بكل التحديّـات التي تواجه البلاد بعد ستِّـين عاما من حُـكم الجيش وثلاثين عاما من فساد السُّـلطة وزواجها بالمال وسيْـطرة رأس المال على الحُـكم.. .. نظَّـم مركز الحوار العربي في واشنطن نَـدوة للمقارنة بين الثورتيْـن وتحديد نِـقاط التَّـشابُـه والاختلاف، وكيف يُـمكن تحقيق التكامل بينهما، بحيث يتم الإستِـفادة من تجارب الماضي في صناعة المستقبل.
بدأت الندوة بتحليل أكاديمي صادِم، حيث أكَّـد الدكتور سامر شحاتة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج تاون أن ثورة 23 يوليو 1952 كانت انقِـلابا عسكريا تحوَّل بمساندة وتأييد الشعب، ومن خلال إدخال تغييرات جِـذرية عميقة في المجتمع المصري والمُـحيط الإقليمي إلى ثورة، بينما أعْـرب عن اعتقادِه بأن ما حدث في مصر في 25 يناير، كان انتِـفاضة شعبية، شارك فيها ما يتراوح بين 12 إلى 20 مليون مصري للإحتجاج على مظالِـم طال أمَـدُها ومع نبْـل أهداف الحركة الإحتجاجية الشعبية وما أحدثته من ردود أفعال عالمية تستحق الإعجاب والتقدير، فإنها لم تصِـل بالتغيير إلى ما يُـمكن، من الناحية الأكاديمية، تعريفه بالثورة.
وقال الدكتور سامر شحاتة: "مع إعجابنا الشديد بالزِّلزال المُـبهر الذي تمكَّـن الشعب المصري من إحداثه بكسْـر حاجِـز الخوْف والخروج إلى شوارع ومدن مصر بالملايين، حتى تمكَّـن من إسقاط رأس النظام والتخلُّـص من الأسْـرة الحاكمة وإنهاء مشروع توريث السلطة ورموز النظام ومجموعة المُـستفيدين من زواج المال والسلطة، والذين حلّ معظمهم ضيوفا على سِـجن طُـرّة، فإن غَـضبة الشعب المصري يُـمكن أن تتحوّل إلى ثورة حقيقية بالتعريف العِـلمي لها، إذا تمكَّـنت من إنجاز تحوُّلٍ هيْـكلي في النظام السياسي المصري وهيكل السلطة السياسية وإحداث تغييرات اقتصادية واجتماعية أساسية."
وقال الدكتور سامر شحاتة: "مع إعجابنا الشديد بالزِّلزال المُـبهر الذي تمكَّـن الشعب المصري من إحداثه بكسْـر حاجِـز الخوْف والخروج إلى شوارع ومدن مصر بالملايين، حتى تمكَّـن من إسقاط رأس النظام والتخلُّـص من الأسْـرة الحاكمة وإنهاء مشروع توريث السلطة ورموز النظام ومجموعة المُـستفيدين من زواج المال والسلطة، والذين حلّ معظمهم ضيوفا على سِـجن طُـرّة، فإن غَـضبة الشعب المصري يُـمكن أن تتحوّل إلى ثورة حقيقية بالتعريف العِـلمي لها، إذا تمكَّـنت من إنجاز تحوُّلٍ هيْـكلي في النظام السياسي المصري وهيكل السلطة السياسية وإحداث تغييرات اقتصادية واجتماعية أساسية."
الدكتور سامر شحاتة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج تاون (swissinfo)
المجلس العسكري ومستقبل الثورة
وأوضح الدكتور سامر شحاتة، أن ثوار 25 يناير لم يشاركوا في السلطة بعدَ إسْـقاط رأس النظام، واكتفَـوْا بوضْـع ثِـقتهم في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي وقف إلى جانب الشعب، ولكنه سُـرعان ما عاد إلى الأسلوب الفَـوقي لمركزية اتِّـخاذ القرار وقلَّـص من سلطات رئيس الحكومة الانتقالية الدكتور عصام شرف، خاصة فيما يتعلَّـق بالاستِـجابة إلى مطالب الشعب في نقْـل قيادة وزارة الداخلية إلى شخص مدني، كما لم تتَّـسِـم تحرُّكات وقرارات المجلس، لا بالثورية ولا بالسُّـرعة التي تقتضيها مرحلة ما بعدَ سُـقوط النظام الشُّـمولي، بانتفاضة شعبية عارمة ولا بسِـمات ديمقراطية.
وقال الدكتور سامر شحاتة: "هناك شكُـوك حوْل مدى التغيير الذي يرغَـب أعضاء المجلس العسكري في إدخاله على الحياة السياسية في مصر، بل وعلى المصالح الاقتصادية للعسكريين، كما أن تصرُّفات المجلس لا تُـوحي بالبدْء في التحوُّل نحو الديمقراطية، مثل محاكمة المدنيين أمام محاكِـم عسكرية ومواصلة اتخاذ القرارات الفوقية وعدم الاكتِـراث بمطالب الشعب في الإعلانات الدستورية ورفض المجلس السَّـماح لمراقبين دوليين بمتابعة الانتخابات البرلمانية القادمة، ناهيك عن قصور الإصلاح المطلوب، بل والضروري لممارسة حياة ديمقراطية سَـليمة، والخاص بأجهزة وزارة الداخلية التي يعمل بها مليون ومائتا ألف، شارك الكثيرون منهم في إهدار كرامة المصريين وانتهاك حقوقهم الأساسية، ولن يُـمكن إجراء انتخابات حرّة ونزيهة وخالية من تأثير العنف وشراء الأصوات، بدون إصلاح حقيقي لم يتِـم بعدَ ستّـة أشهر من الاحتجاجات الشعبية".
وخـلـص الدكتور سامر شحاتة، إلى أن هناك تحدِّيات أساسية يجِب مواجهتها، حتى يمكن أن تتحوّل حركة الرّفض والغضب الشعبي، إلى ثورة حقيقية، مثل تحديد معالِـم وأسُـس الدستور الجديد والتمكُّـن من إجراء انتخابات حرّة ونزيهة وتفكيك هياكل نظام الحُـكم الذي تمَّ إسقاطه، والخروج بالاقتصاد المصري من أزمته وإنهاء الفساد والاحتكار وإعادة توزيع الدَّخل القومي، بما يضمَـن العدالة الاجتماعية وإنهاء التبَـعية للخارج وضمان التحوّل الحقيقي نحو الديمقراطية، بعيدا عن حُـكم العسكر أو سلطَـوِية توجُّـه أيديولوجي يحُـول دون التعدُّدية.
وقال الدكتور سامر شحاتة: "هناك شكُـوك حوْل مدى التغيير الذي يرغَـب أعضاء المجلس العسكري في إدخاله على الحياة السياسية في مصر، بل وعلى المصالح الاقتصادية للعسكريين، كما أن تصرُّفات المجلس لا تُـوحي بالبدْء في التحوُّل نحو الديمقراطية، مثل محاكمة المدنيين أمام محاكِـم عسكرية ومواصلة اتخاذ القرارات الفوقية وعدم الاكتِـراث بمطالب الشعب في الإعلانات الدستورية ورفض المجلس السَّـماح لمراقبين دوليين بمتابعة الانتخابات البرلمانية القادمة، ناهيك عن قصور الإصلاح المطلوب، بل والضروري لممارسة حياة ديمقراطية سَـليمة، والخاص بأجهزة وزارة الداخلية التي يعمل بها مليون ومائتا ألف، شارك الكثيرون منهم في إهدار كرامة المصريين وانتهاك حقوقهم الأساسية، ولن يُـمكن إجراء انتخابات حرّة ونزيهة وخالية من تأثير العنف وشراء الأصوات، بدون إصلاح حقيقي لم يتِـم بعدَ ستّـة أشهر من الاحتجاجات الشعبية".
وخـلـص الدكتور سامر شحاتة، إلى أن هناك تحدِّيات أساسية يجِب مواجهتها، حتى يمكن أن تتحوّل حركة الرّفض والغضب الشعبي، إلى ثورة حقيقية، مثل تحديد معالِـم وأسُـس الدستور الجديد والتمكُّـن من إجراء انتخابات حرّة ونزيهة وتفكيك هياكل نظام الحُـكم الذي تمَّ إسقاطه، والخروج بالاقتصاد المصري من أزمته وإنهاء الفساد والاحتكار وإعادة توزيع الدَّخل القومي، بما يضمَـن العدالة الاجتماعية وإنهاء التبَـعية للخارج وضمان التحوّل الحقيقي نحو الديمقراطية، بعيدا عن حُـكم العسكر أو سلطَـوِية توجُّـه أيديولوجي يحُـول دون التعدُّدية.
الدكتور كلوفيس مقصود، السفير السابق لجامعة الدول العربية في واشنطن (swissinfo)
المُـهِـم.. وِحدة الهدف
ثم تحدّث في ندوة مركز الحوار الدكتور كلوفيس مقصود، السفير السابق لجامعة الدول العربية في واشنطن ومدير مركز دراسات عالم الجنوب، فقال إنه كان من أوائل مَـن عرفوا ما حدث في مصر في الثالث والعشرين من يوليو عام 1952، بأنه انقلاب عسكري ورَوى كيْـف أنه عندما عبَّـر عن تلك القناعة في أول كتاب له بعنوان "نحو اشتراكية عربية"، استدعاه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى منزله في عام 1957 وأصرَّ طِـوال نقاش دام تسعين دقيقة، على أن ما قاده في مصر كان، ومِـن اليوم الأول، ثورة بكل معاني الكلمة. وأخفق الدكتور مقصود في إقناع عبد الناصر بأنها كانت انقِـلابا عسكريا تحوّل إلى ثورة من خلال التغييرات الجوهرية العميقة، التي تمَّ إنجازها في المجتمع المصري وفي دوْر مصر العربي والإقليمي.
وانتقل الدكتور مقصود للحديث عن ثورة الخامس والعشرين من يناير فقال: "لقد جاءت استجابة من الشعب المصري لشَـرارة الحركة الثورية التي انطلقت في تونس ثُـمَّ ألهَـمت الحركة الثورية المصرية شعوب اليمن وليبيا وسوريا، وجاءت كلها تمرُّدا على الظلم والطُّـغيان، ويمكن أن تتحوّل من حركة ثورية إلى ثورة مكتمِـلة الأركان، إذا تمكَّـنت من استكمال أهدافها في التغيير الهيكلي والجِـذري للنظاميْـن، السياسي والاقتصادي، والتحرر من التبَـعِـية للخارج، بعدَ أن أنجزت مهمَّـة تمكين الإنسان المصري وكسْـر حاجز الخوف إلى الأبد."
غير أن السفير مقصود نبَّـه إلى أن الحركة الثورية في مصر، رغم نجاحها في إسقاط رأس النظام ورموزه، فإنها تُـعاني حاليا من التَّـجاذُب بين تيارات متعدِّدة، ما بين الإخوان المسلمين والسلفيين والليبراليين واليساريين والناصريين والمتلوِّنين بين النظام السابق والقادم. فإذا فقدت الحركة الثورية المصرية بَـوْصَـلتها الموحّـدة نحو تحقيق الأهداف التي قامت من أجلِـها واستسلمت لتعدُّد البَـوْصلات، بحيث يُـحاول كل تيَّـار أن يوجِّـهها نحو ما يريد، فإنها ستفقِـد وِحدة الهَـدف وستضَـلّ الطريق نحْـو التحوّل إلى ثورة حقيقية تحقِّـق التغيير الجِـذري العميق والتحوّل المنشود نحو ديمقراطية حقيقية، من شأنها أن تكون نموذجا تحتذيه باقي الشعوب العربية.
وانتقل الدكتور مقصود للحديث عن ثورة الخامس والعشرين من يناير فقال: "لقد جاءت استجابة من الشعب المصري لشَـرارة الحركة الثورية التي انطلقت في تونس ثُـمَّ ألهَـمت الحركة الثورية المصرية شعوب اليمن وليبيا وسوريا، وجاءت كلها تمرُّدا على الظلم والطُّـغيان، ويمكن أن تتحوّل من حركة ثورية إلى ثورة مكتمِـلة الأركان، إذا تمكَّـنت من استكمال أهدافها في التغيير الهيكلي والجِـذري للنظاميْـن، السياسي والاقتصادي، والتحرر من التبَـعِـية للخارج، بعدَ أن أنجزت مهمَّـة تمكين الإنسان المصري وكسْـر حاجز الخوف إلى الأبد."
غير أن السفير مقصود نبَّـه إلى أن الحركة الثورية في مصر، رغم نجاحها في إسقاط رأس النظام ورموزه، فإنها تُـعاني حاليا من التَّـجاذُب بين تيارات متعدِّدة، ما بين الإخوان المسلمين والسلفيين والليبراليين واليساريين والناصريين والمتلوِّنين بين النظام السابق والقادم. فإذا فقدت الحركة الثورية المصرية بَـوْصَـلتها الموحّـدة نحو تحقيق الأهداف التي قامت من أجلِـها واستسلمت لتعدُّد البَـوْصلات، بحيث يُـحاول كل تيَّـار أن يوجِّـهها نحو ما يريد، فإنها ستفقِـد وِحدة الهَـدف وستضَـلّ الطريق نحْـو التحوّل إلى ثورة حقيقية تحقِّـق التغيير الجِـذري العميق والتحوّل المنشود نحو ديمقراطية حقيقية، من شأنها أن تكون نموذجا تحتذيه باقي الشعوب العربية.
الأستاذ صبحي غندور، مدير مركز الحوار العربي في واشنطن (swissinfo)
كيف يتم التكامل بين ثورتَـيْ مصر؟
وساهم الأستاذ صبحي غندور، مدير مركز الحوار، في موضوع الندوة من خلال حديثه ل"سويس أنفو" حيث طرح رُؤيته لكيفية تحقيق نوْع من التكامل بين الثورتيْـن المصريتيْـن، فقال إنّ ثورة 23 يوليو في عام 1952، بدأت "انقلاباً عسكرياً"، لكن هذا "الانقلاب" تحوّل إلى ثورة شعبية عارمة، بعدما وقف مُـعظم الشعب المصري مع التغيير الذي حدَث ونقَل مصر من حالِ نظام الفساد وحُـكم "النصف بالمائة" والارتهان للمستعمِـر" البريطاني، إلى حال من التحرّر الوطني والعدالة الاجتماعية والتنمية الوطنية وإنصاف الفلاّحين والعمال والفقراء، وتخليص مصر من تحكّـم الإقطاع ورأس المال المستغَـل والمرتبِـط آنذاك بالمصالح البريطانية والفرنسية.
وقال، إن ثورة يوليو سُـرعان ما انطَـوت على بدء دور مصر العربي والإفريقي في دعْـم "ثورات" التحرّر الوطني من قوى "الاستِـعمار" الأجنبي. وعاشت المنطقة العربية في بداية الخمسينات وحتى منتصَـف السبعينات من القرن العشرين – رغم الكثير من التعثّـر والانتكاس - صحوةً عربية لم تعرف لها في تاريخها الحديث مثيلاً. فالخمسينات التي كانت موقعاً زمنياً وسطياً للقرن العشرين، كانت أيضاً من خلال قيام "ثورة 23 يوليو" عام 1952 بقيادة جمال عبد الناصر، بدء انطلاق حركةٍ تحرّر عربية وسطية "لا شرقية ولا غربية"، ترفض الانحياز إلى أحد قطبَـيْ الصراع في العالم آنذاك وترفض الواقع الإقليمي المجزِّئ للعرب، كما ترفض أسلوب الضمّ العسكري وسياسة التحالفات الاستعمارية، وكانت كلها مصادر إشعال لتيّارٍ جديد قاده جمال عبد الناصر من خلال موقِـع مصر وثقلها القيادي وحقّق للمرّة الأولى صحوةً نهضويةً عربية تؤكّـد ضرورة التحرّر الوطني والاستقلال القومي والانتماء إلى أمَّةٍ عربيةٍ واحدة.
وأعرب الأستاذ صبحي غندور عن اعتقاده بأن هذه "الصحوة العربية" كانت في غالبيتها "حالةً شعبية" أكثر منها "حالة فكرية" أو "تنظيمية". فالشارع العربي كان مع جمال عبد الناصر "القائد"، لكن دون "وسائل سليمة" تؤمّـن الاتصال مع هذه القيادة. فأجهزة المخابرات كانت هي "وسائل الاتصال" في معظم الأحيان، بدلاً من البناء التنظيمي المؤسَّـساتي السَّـليم للمجتمعات ولهذه الملايين العربية في بلدان المشرق والمغرب معاً وقال:
"إنّ أهمّية ما حدث في "ثورة يناير"، هو إحياء الأمل لدى عامّة العرب بإمكان التغيير وبعدم الاستسلام لليأس القاتل لإرادة وأحلام الشعوب بمستقبل أفضل. فجدار الخوف النفسي الذي كان يفصِـل بين المواطن وحقوقه في الوطن قد تحطّـم وجرى إعادة الاعتبار لدوْر الناس في عمليات التغيير المطلوبة بالمجتمعات. وفيما يستذكر العرب هذه الأيام مصر 23 يوليو، مصر جمال عبد الناصر، مصر الرائدة والقائدة، مصر العروبة والتحرّر والكرامة الوطنية والقومية، فإنهم يشعرون بالأمل في أن تعود مصر إلى موقِـعها الطبيعي ودورها الطلائعي الإيجابي في الأمَّة العربية وقضاياها العادلة."
ويرى الأستاذ صبحي غندور أن أهمّية ما حدث في مصر في "25 يناير 2011" من "ثورة" شعبية، كانت في مُـجملها وفي شِـعاراتها، ثورة على الفساد والاستبداد والتبَـعية للخارج. وهناك أمَـل كبيرٌ بشباب مصر وطلائعها الوطنية، في أن تنتقل من "الثورة" الشعبية (في الأسلوب) إلى "الانقلاب" على ما كانت عليه مصر من واقع قبل "ثورة يناير"، لا على واقع الأوضاع الداخلية المصرية فقط، بل للتصحيح أيضاً لِـما اعتُمِـد من مسارٍ سياسيٍّ خارجيٍّ خاطِـئ في عهدَيْ السادات – مبارك.
وخلص الأستاذ صبحي غندور إلى وجود حاجة ماسَّـة إلى التكامل المطلوب بين ما قامت من أجله "ثورة يوليو" وما كانت عليه من نهْـجٍ تحرُّريٍّ عربي، وبين ما أجمعت عليه "ثورة يناير" من أهداف سياسية واجتماعية، وبحيث يتم الإستفادة من أخطاء الماضي في العُـبور إلى مستقبل أفضل، حيث أن مصر بحاجة إلى هذا التكامُـل بين الثورتيْـن، والأمّة العربية جمعاء بحاجةٍ إليه أيضاً.
وقال، إن ثورة يوليو سُـرعان ما انطَـوت على بدء دور مصر العربي والإفريقي في دعْـم "ثورات" التحرّر الوطني من قوى "الاستِـعمار" الأجنبي. وعاشت المنطقة العربية في بداية الخمسينات وحتى منتصَـف السبعينات من القرن العشرين – رغم الكثير من التعثّـر والانتكاس - صحوةً عربية لم تعرف لها في تاريخها الحديث مثيلاً. فالخمسينات التي كانت موقعاً زمنياً وسطياً للقرن العشرين، كانت أيضاً من خلال قيام "ثورة 23 يوليو" عام 1952 بقيادة جمال عبد الناصر، بدء انطلاق حركةٍ تحرّر عربية وسطية "لا شرقية ولا غربية"، ترفض الانحياز إلى أحد قطبَـيْ الصراع في العالم آنذاك وترفض الواقع الإقليمي المجزِّئ للعرب، كما ترفض أسلوب الضمّ العسكري وسياسة التحالفات الاستعمارية، وكانت كلها مصادر إشعال لتيّارٍ جديد قاده جمال عبد الناصر من خلال موقِـع مصر وثقلها القيادي وحقّق للمرّة الأولى صحوةً نهضويةً عربية تؤكّـد ضرورة التحرّر الوطني والاستقلال القومي والانتماء إلى أمَّةٍ عربيةٍ واحدة.
وأعرب الأستاذ صبحي غندور عن اعتقاده بأن هذه "الصحوة العربية" كانت في غالبيتها "حالةً شعبية" أكثر منها "حالة فكرية" أو "تنظيمية". فالشارع العربي كان مع جمال عبد الناصر "القائد"، لكن دون "وسائل سليمة" تؤمّـن الاتصال مع هذه القيادة. فأجهزة المخابرات كانت هي "وسائل الاتصال" في معظم الأحيان، بدلاً من البناء التنظيمي المؤسَّـساتي السَّـليم للمجتمعات ولهذه الملايين العربية في بلدان المشرق والمغرب معاً وقال:
"إنّ أهمّية ما حدث في "ثورة يناير"، هو إحياء الأمل لدى عامّة العرب بإمكان التغيير وبعدم الاستسلام لليأس القاتل لإرادة وأحلام الشعوب بمستقبل أفضل. فجدار الخوف النفسي الذي كان يفصِـل بين المواطن وحقوقه في الوطن قد تحطّـم وجرى إعادة الاعتبار لدوْر الناس في عمليات التغيير المطلوبة بالمجتمعات. وفيما يستذكر العرب هذه الأيام مصر 23 يوليو، مصر جمال عبد الناصر، مصر الرائدة والقائدة، مصر العروبة والتحرّر والكرامة الوطنية والقومية، فإنهم يشعرون بالأمل في أن تعود مصر إلى موقِـعها الطبيعي ودورها الطلائعي الإيجابي في الأمَّة العربية وقضاياها العادلة."
ويرى الأستاذ صبحي غندور أن أهمّية ما حدث في مصر في "25 يناير 2011" من "ثورة" شعبية، كانت في مُـجملها وفي شِـعاراتها، ثورة على الفساد والاستبداد والتبَـعية للخارج. وهناك أمَـل كبيرٌ بشباب مصر وطلائعها الوطنية، في أن تنتقل من "الثورة" الشعبية (في الأسلوب) إلى "الانقلاب" على ما كانت عليه مصر من واقع قبل "ثورة يناير"، لا على واقع الأوضاع الداخلية المصرية فقط، بل للتصحيح أيضاً لِـما اعتُمِـد من مسارٍ سياسيٍّ خارجيٍّ خاطِـئ في عهدَيْ السادات – مبارك.
وخلص الأستاذ صبحي غندور إلى وجود حاجة ماسَّـة إلى التكامل المطلوب بين ما قامت من أجله "ثورة يوليو" وما كانت عليه من نهْـجٍ تحرُّريٍّ عربي، وبين ما أجمعت عليه "ثورة يناير" من أهداف سياسية واجتماعية، وبحيث يتم الإستفادة من أخطاء الماضي في العُـبور إلى مستقبل أفضل، حيث أن مصر بحاجة إلى هذا التكامُـل بين الثورتيْـن، والأمّة العربية جمعاء بحاجةٍ إليه أيضاً.
محمد ماضي - واشنطن- swissinfo.ch
No comments:
Post a Comment