Saturday, June 11, 2011

الثورة المصرية بن الحلم و الواقع

بقلم: محمد شريف كامل*
2 يونيو 2011

إنه حلم جميل يود الإنسان ألا يفيق منه، ففى ليلة 25 يناير لم يتصور كائن ما كان إنها ثورة، وإنها سوف تحقق حلم الملايين فى إزالة النظام البائد. فهذا كان الحلم وتحقق، والحمد لله، فهل نعيش فى الحلم أم نفيق للواقع وندرك دورنا اللازم لتحقيق باقي أحلام الثورة.
لقد عجب البعض من ثورة 25 يناير،لأنها ثورة فريدة من نوعها، فهى الثورة الوحيدة فى العالم التى عقب إنتصارها سلمت الحكم لأخرين ليديروا البلاد وليحققوا حلم الملايين فى بناء الدولة الحديثة العادلة.
وإن كانت هذه المقولة تعبر عما يبدو في الصوره، إلاأن ما يبدو لم ينتج عن نقصا فى وعى الثورة ولكنه تتج عن نضجا حقيقيا لأحلام الشعب المصرى، فهذه المقولة تتوهم أن من يحكم مصر الأن لا يمثل الثوره.
إلا أن هذه ليست الحقيقة فمن يحكم مصر الأن هى ثلاثة جهات مشتركة في الحكم: أولها وأهمها نبض الشعب لأنه حينما يشعر الشعب بعدم الإطمئنان فهو مازال قادراعلى الخروج للشارع حيث أسقط الديكتاتور، وثانيها هو شخص رئيس الوزراء "عصام شرف" الذى هو جزء من الثوره وكان من أوائل من خرجوا مناديين بإسقاط النظام، ولأنه يتسم بالعقل والحكمة فقد ولاه الشعب ووهبه ثقته، وثالث تلك الأطراف هو المجلس العسكرى الذى يملك الكلمة الأخيرة فى كل القرارات، وهو أيضا محل ثقة الشعب لأنه ورغم شبهة أفساد بعض قياداته فقد إستجاب لإراده الشعب وخلع رأس الفساد، ويرجع ذلك لكون الجيش المصرى وكما كان طوال تاريخه ممثلا لكل شرائح الشعب المصرى، ولذلك فهو جزا منه فلكل عائلة مصرية عضوا فى هذا الجهاز الشريف.
ويصطدم كل ذلك ببطيء الحركة مما أدى لأن يتهم البعض المجلس العسكرى، وحتى منهم من إتهم عصام شرف، بالتخلى عن الثورة، وهذا بلا شك ليس حقيقيا، فإن قرار المجلس العسكرى الإنضمام للثورة وتبنيها هو الذى أتم نجاح الثورة المصرية بأقل خسائر ممكنة، وإلا لما عزل مبارك وإلا للقت مصر مصير ليبيا واليمن، أعان الله شعبيهما.
إن هذا البطئ الذي نتملل منه جميعا هوليس خروجا عن الثورة، إنه بطئ مؤلم نتج عن عدة أسباب:
1- أن الثلاثة جهات المشتركة في إداره مصر ليس لدى أي منها أدنى خبرة بشؤن إدارة البلاد .
2- أن النطام الذى سقط رأسه فى 11 فبراير، بل منذ 25 يناير، بقي منتفعيه اللذين لديهم قدرة عالية على توجيه الأمور.
3- أن هناك كثير من الأظافر التي تسعى لنهش وتحطيم الثوره لتعارضها مع مصالحها وتود لوعادت عقارب الساعه للوراء، منها عناصر داخليه وعناصر خارجيه، منها بعض الأنظمه العربيه والغربيه، بالإضافه لإسرائيل.
والأهم من كل ذلك، هوالناتج عن تلك الأسباب الثلاثه، وهوالفارق بين الحلم والواقع، فتحقيق الحلم لا يكون بالإستمرار فيه وإلا لتحولنا ألى نائم لا يريد الإستيقاظ أومراهق يعيش أحلام اليقظة. إلا أن الشعوب ليست كذلك،  فالشعوب تنضج ثوراتها بمرور الوقت ولذلك فهى تستسيقظ وتعمل بجد لتحقيق أحلامها.
وهذا لايتعارض مع إستمرار الحس الثورى ولكنه يقوم بتوجيه ذلك الحس فيحولة من فورة إلى ثورة، فالخروج للشارع وإسقاط الديكتاتور ونظامه هو الفورة وتحويلها إلى ثورة يكون هوالطريق لتحقيق الحلم. إلا أن البعض يعرقل خطواتنا بتاجيل خطوات العمل متناسيا ان النظام قد سقط.
إن التخوف من البطئ هوأمر مشروع، ولكن أن يتحول هذا التخوف إلى مشروع لتقسيم الثورة فهو أمر غير مشروع وهناك دليلان على ذلك.
أولهما: الإنقسام حول تظاهرة 27 مايو وأهميتها ودورها، وواكبتها الظاهرة الثانية والتى تمثلت فى تخوين المجلس العسكرى. والأمران خطيران فكلاهما سوف ينتقل بالثورة المصرية إلى نقطة الجمود، ونحن أمام منعطف خطير وتاريخى ألاوهو الإنتخابات النيابيه، وعدم دخول تلك الإنتخابات ككتلة واحدة هوالطريق لهزيمة الثورة.
لقد إختلفنا على قبول الدستور من عدمه، ولكن لاخلاف أن الإستفتاء على الدستور كان نظيفا فى إجراءاته، أما التساؤل حول إستغلال البعض لجهل قطاع من الشعب لإستمالته نحو إتجاه دون الأخر هو تساؤل يتسم بالسذاجة فكل هذه الأمور هى وللأسف جزءا من الممارسة الديمقراطية بصورتها التى نعيشها فى الغرب.  حقيقه مؤسفه ولكن يجب أن نتعلم التعايش معها ونحن مقدمون على خوض مرحلة البناء التي ستبدأ بالإنتخابات النيابيه وستشمل بناء الشخصية المصرية.
إن إختلافنا على قبول الدستور من عدمه لا يغير الواقع وهو أن الإعلان الدستورى أصبح واقعا وعلينا التعامل معه كخطوة من خطوات إرثاء الديمقراطية دون أن ننسى أنها ممارسة بشرية بعيدة عن الكمال، إلا أننا لو أقدمنا على إنتخابات مجلس الشعب بهذا الإنقسام سو ف ينتج لنا مجلس تركيبته غير مواكبة للثورة وأحلامها.
إن الطريق هنا واضح فعلينا أن نوقف سيل الإتهامات المتبادلة بين أطراف الشعب المصرى وأن نعود جميعا للمفهوم المشترك الذى هدفه الأوحد نجاح الثورة، نجاح يتمثل فى إسترداد كرامة المواطن المصرى.
إن العودة لإفتعال قضايا ليست على قمة الأولويات هوالخيانه الحقيقة للثورة، ومن تلك القضايا:
1- أنه لابد من محاكمة النظام السابق وهذا أمر حتمى لا جدال فيه، ولكن أن يكون محور إهتمامنا هو كم مرة بكى مبارك أثناء التحقيق فهذا هزل وإهدار للثورة وإستخفاف بإرادة الشعب، وهل سينفد البعض بجريمته ؟ نعم سوف يحدث كما يحدث فى كل الجرائم ولذا وجب علينا ان نركز كل جهدنا فى البناء وليس في ترقب المحاكمات فالحكم الأهم قد صدر وقد أدين نظام بأكمله إدانة شعبية وتاريخية.
2- إنه لابد من التعامل بجدية مع المشكلة الطائفية والتى فجرها النظام الأسبق بحادثة الزاوية الحمراء، ولكن أن لا يكون هم لنا إلا عبير وجاكلين فهذا هزل. كما أن يقوم حقير بدعوة اسرائيل والولايات المتحدة لحماية الأقباط فهذه خيانة. إلاأن الأمر لن يستوى إلا بالمساواة الكاملة بين المسلمين والأقباط أفرادا ومؤسسات.
3- إنه لابد أن تعود مصر لدورها فى التعبير عن أمال الشعوب العربية وعلى رأسها الشعب الفلسطينى، وهو ما بدأ تحقيقه  بالمصالحة الفلسطينية والتى كان عمر سليمان هوالعقبة الرئيسية فى طريقها، وفتح معبر غزة الذى كان إغلاقه منافيا لكل الشرائع السماوية والأرضية. إلا أنه محاولة البعض توريط الثورة المصربة فى معركة غير محسوبة بإقتحام السفارة الإسرائيلية فهذا خيانة للثورة.
 ويتضح من ذلك أن خيانة الثورة لا تاتى ممن يحكمها، وهو نبض الشعب وعصام شرف والمجلس العسكرى. إنما الخيانة الحقيقية تنبع ممن يسعى لإحراز مكاسب فئوية وإمتيازات بالتسلق على أكتاف الثورة والإدعاء بحمايتها أوأسترداد حقوق البعض. مثل: وقفات الإحتجاج الفئوية، مظاهرات الأقباط والسلفيين، محاولة إقتحام السفارة الإسرائيلية، حصار الكنائس، وتخوين بعضنا البعض.
إن الثورة لم يمر على نجاح مرحلتها الأولى سوى أربعة أشهر، وأربعة أشهر فى تاريخ الشعوب لسيت بالكثير ولإيماننا بالثورة وخوفنا عليها نردد يوميا السؤال الملح علينا جميعا هل نجحت الثورة؟ والإجابة واضحة، إن مرحلتها الأولى قد نجحت فقد تم تنفيذ قرار إزالة البناية العفنة بزوال الطغيان، ولكن خطواتها يجب ألا تتعثر فى إقامه بناء قوى سليم .
فعلينا أن ندرك أننا نمر بأحرج مراحل الثورة وهى المرحلة التى قد تستمر لعام أخر حيث يجب أن يتم تثبيت دعائم الثورة، أمر لن يتحقق حتى يسقط من القاموس المصرى كل أشكال إستغلال النفوذ وإستقواء بعضنا على بعض، وهي المرحلة التي بدأت خطواتها بسقوط أل مبارك.
وسيتواكب مع ذلك المرحلة الثانية والتى تتمثل فى إنتخابات مجلس الشعب المؤقت والرئيس مؤقت، والذان ستكون مهمتهما تسيير الأمور ووضع دستور جديد، وهى من أحرج مراحل الثورة حيث يجب علينا التكاتف حتى ننتخب رئيسا ترضاه الأغلبية ومجلس نيابى ينتج عنهما دستور يرضى عنه كل الشعب المصرى، والرضاء هنا لا يعنى الموافقة على كل بنوده بل قبول مجمله كاسلوب للعيش بكرامة. 
وعند ذلك تبدا المرحلة الثالثة وهى بناء الدولة، ولن تبدأ هذه المرحلة حقيقة إلا حين يتم إنتخاب رئيسا ومجلسا نيابيا وفقا للدستور الجديد. مرحلة سوف تمتد سنوات عديدة وتحتاج جهد كل مصرى داخل مصر وخارجها وعندها فقط سوف يبدا جنى ثمار الثورة بعد أن يكتمل نمو زرعا فيحل لنا حصادها وتؤتى ثمارها. وهل منكم من قرا قى التارخ عن ثورة أثمرت قبل تمام دورتها؟
إنه قد أن للشعب المصرى أن يعمل بجد مدركا أنه هوالجانى الوحيد لثمار عمله وليس شياطين النظام المخلوع.

* Mohamed S. Kamel: is a Freelance writer, the editor of I.N. Daily, he is a professional engineer, a LEED Green Associate and a recognized project manager professional, he is Member of several civil society organizations, a co-founder of the Canadian Egyptian for Democracy (CEFD), Canadian Egyptian for Change (Tagheer-Canada), Alternative Perspective Media (APM-RAM), , Quebec Antiwar movement “Échec à la Guerre”, Coalition for Justice and Peace in Palestine “CJPP”  and ex-president and co-founder of the Canadian Muslim Forum. He could be reached at public@mohamedkamel.com
       
مقالات ذات علاقه
8 يناير 2011:
Is this Egypt that we knew?
21 يناير 2011:
الخوف..والوهن..ولقمه العيش في عيد الشرطه
13 فبراير 2011:
It is a Revolution that is changing the face of the Middle East
19 فبراير 2011:
الشعب يريد تطهير البلاد... كل البلاد
3 إبريل 2011:
Palestine and the Egyptian Revolution

No comments:

Post a Comment