كتب صلاح الدين أحمد (المصريون): | 27-03-2011
كشف سقوط النظام السابق عن تفاصيل تتعلق بالقضايا التي جرى تلفيقها للعديد من الشخصيات العامة وصدرت فيها أحكام بالحبس، وأن بعض القضاة تعرضوا لضغوط وإملاءات من قصر الرئاسة وصلت إلى حد تحديد مدد العقوبة في قضايا كانت محل اهتمام الرأي العام، وكانت إحدى الوثائق السرية لمباحث أمن الدولة قد أثارت جدلا بعد أن أشارت إلى أن المستشار عادل عبد السلام جمعة رئيس محكمة جنايات القاهرة تلقى تعليمات بإصدار حكم بحبس الدكتور أيمن نور زعيم حزب "الغد" في قضية اتهامه بتزوير توكيلات تأسيس حزبه خمس سنوات في أواخر ديسمبر 2007م، وأنه بناء على طلب القاضي الذي أصدر الحكم تم تشديد الحراسة عليه وعلى منزله.
ويذكر أن جمعة هو الذي أصدر حكما على النائب السابق عماد الجلدة بالحبس 3 سنوات, وقضى بمنع المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لـ "الإخوان المسلمين" ومعه 28 آخرين من التصرف في أموالهم وقضى بالتحفظ على أموالهم ومنعهم وزوجاتهم وأولادهم من التصرف فيها، وأصدر حكما بحبس مجدي حسين رئيس تحرير جريدة "الشعب" السابق، والصحفي صلاح بديوي لمدة عامين ومعهما رسام الكاريكاتير عصام حنفي وتغريم كل واحد منهم 20 ألف جنيه، بتهمة سب وقذف الدكتور يوسف والي نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة الأسبق، بعد أن اتهموه بإدخال مبيدات مسرطنة للبلاد من إسرائيل.
وهو الذي أصدر حكامًا أخرى بالحبس على شخصيات أخرى، ومن بينها الدكتور سعد الدين إبراهيم رئيس مركز "بن خلدون" وضد عبد الله طايل رئيس بنك مصر "اكستريور" ورئيس اللجنة الاقتصادية الأسبق بمجلس الشعب، وإصداره حكما بالسجن 35 عاما على محمود عيد دبوس بتهمة التخابر لصالح الحرس الثوري الإيراني والتخطيط لاغتيال الرئيس السابق حسني مبارك.
ودفعت الوثيقة المزعومة بالمستشار فؤاد راشد رئيس محكمة اسئتناف القاهرة، وأحد أعضاء "تيار استقلال" بنادي القضاء إلى التقدم ببلاغ إلى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود لفتح تحقيق حولها، واعتبر أن هذا الأمر بالغ الخطورة لأنه يؤدي إلى إضعاف ثقة المواطنين في القضاء المصري، وطالب التحقيق الفوري في الأمر، وإعلان الحقائق للرأي العام، وإعلان براءة القاضي أو اتخاذ الإجراءات القانونية ضده في حال ثبت صدق ما نشر تدعيما للثقة في القضاء المصري.
وفي ظل النظام السابق لم يستطع أحد أن يصرخ من ظلم الأحكام التي تصدر ضده سواء كانت تلك الأحكام بالعزل من الوظائف القيادية الكبرى أو كانت تلك الأحكام صادرة من القضاء بالحبس ليقضي الأبرياء سنوات من عمرهم وراء القضبان، إلى أن أسقطت ثورة 25 يناير هذا المحظور، وجد هؤلاء الأبرياء طوق النجاة لإعادة كرامتهم التي أهدرها النظام السابق ورموزه وأبرزهم الدكتور زكريا عزمي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية والذي كان همزة الوصل بين الرئيس السابق حسني مبارك وجميع المسئولين بالدولة ورجال الأعمال وأعضاء البرلمان.
وبدأ المضطهدون في عهد مبارك التقدم ببلاغات إلى النائب العام، للمطالبة بإعادة فتح التحقيق، خاصة بعد تسريب وثيقة "أمن الدولة"، وقرر المستشار عبد المجيد محمود إعادة التحقيق في ملف قضية التزوير الخاصة بجمع توقيعات لتأسيس حزب "الغد" والتي سجن بسببها الدكتور أيمن نور، على إثر تقدم الأخير بطلب إلى النائب العام بفتح التحقيق في القضية مرة أخرى لإثبات براءته.
في الوقت الذي تقدم فيه النائب البرلماني السابق ورجل الأعمال عماد الجلدة بثلاث بلاغات إلى النائب العام يتهم فيها كلا من الدكتور زكريا عزمي وأحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب "الوطني" وأحمد حسين عثمان أمين الحزب بالبحيرة بتدميرة وعائلته وأبناء دائرته بعد أن أرهقته عمليات الابتزاز المالي وأعلن تمرده عن الدفع.
وكشف حسين الجلدة الأسباب الخفية لما تعرض له شقيقه، حيث قال إنه عندما كان شقيقه عضوا بالبرلمان تقدم بطلب إحاطة عاجل للدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب وقتذاك حول توزيع بسكويت على تلاميذ المدارس يحتوي بداخله على عملات إسرائيلية "شيكل".
وأضاف: فما كان من عزمي إلا الانتظار بعد إنهاء الجلدة حديثه عن الموضوع الخطير، وطلب منه الابتعاد عن هذا الأمر، لأنه يخص رجل أعمال صديق له، فاعتبر النائب أن ما يقوله رئيس ديوان الرئاسة ليس سوى مزاج وأصر على مناقشة طلب الإحاطة.
فضلا عن رفض عزمي وقوف الجلدة بجانب المعارضة عند مطالبتها فتح معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، وعنفه عزمي قائلا له: كيف تتحدث في هذه الموضوعات دون إذن، كما أكد شقيق الجلدة خلال ندوة بنقابة الصحفيين.
وبلغ الغضب ذروته على الجلدة أثناء الانتخابات الرئاسية، وهو ما كشفه البلاغ الذي تقدم المحامي والنائب السابق سعد عبود- وكيلا عن الجلدة- حيث تعود الواقعة إلى يوم 22/8/2005م وكانت بالنوبارية عند حضور الرئيس السابق المؤتمر الشعبي بمناسبة ترشيحه للرئاسة.
فقد استفسر مبارك من الجلدة بحضور زكريا عزمي عن تمويل رجل الأعمال لمرشح الرئاسة آنذاك أيمن نور فنفى الجلدة وجود أي علاقة به سوى أنه محام، فقال له الرئيس السابق بسخرية: "يعني بيفهم في المحاماة"!!
وتضمن البلاغ اتهاما لعزمي بالوشاية بالجلدة على غير سند من الحقيقة لدى الرئيس السابق، وتلك كانت بداية الانتقام واستدعاء رجل الأعمال إلى مكتب عزمي مستغلا غضب الرئيس عليه وطلب منه مليون دولار بادعاء أنها مساهمة في الحملة الانتخابية الرئاسية.
إضافة إلى تدخل أحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب "الوطني" لدي مباحث أمن الدولة لمنع السعيد الجلدة والد الجلدة من الترشح للانتخابات البرلمانية عن دائرة شبراخيت، وبالفعل تم إجباره على الانسحاب بعد بدء العملية الانتخابية بساعة واحدة، رغم حصولة في هذه الساعة على 12 ألف صوت.
وسبق هذا البلاغ بلاغات أخرى للنائب العام تقدم بها الدكتور إبراهيم صالح نائب رئيس محكمة النقض السابق ضد عزمي وعز وأحمد حسين، في وقائع تكشف عن نفوذ عزمي وتأثيرة القوي في اتخاذ أي قرارات، ومنها رفض التصديق علي قرار مكتب شئون أمن الدولة الصادر بتاريخ 29/7/2009م بوقف عقوبة الحبس على 38 من أنصار عماد الجلدة في قضية ملفه لأشقاء الأخير وأبناء دائرته، ومن بين هؤلاء شقيقه الذي كان يدرس الدكتوراة بالطب بالولايات المتحدة، حتى لا يتمكن من العودة بعد أن حضر إلي مصر لتلقي واجب العزاء في والدته.
واعتبر الجلدة أن قضيته هي نتيجة رفض أسلوب الابتزاز المالي الذي كان يتعرض له، وقال إن البداية كانت في مطالبته بدعم الحزب "الوطني" ماديا مثله مثل باقي رجال الأعمال، لكن الأمور وصلت بعد ذلك إلي المطالبة بدفع أموال تصل إلي الملايين بصورة فجة تشبه أفلام فتوة الحارة، بحسب تعبيره.
وأضاف: عندما أعلنت رفضي فوجئت بفتح أبواب جهنم وتلفيق ضدي برشوة أحد قيادات البترول في مشروع تابع لوزارة البترول، وهذا كلام غير صحيح بعد أن أحضروا شاهدًا ضدي محبوس داخل السجن ومقيده حريته، وطبقا للقانون لا تجوز شهادة المقيدة حريته.
وقال إنه رغم مطالبة الدفاع عني بمواجهة الشاهد أمام المحكمة لكن لطلب لم يستجب له. وذكر أن الدفاع طلب من المحكمة حضور المهندس سامح فهمي وزير البترول لكنه لم يحضر أيضا ولم تلزمه المحكمة بالحضور طبقا للقانون
وكانت محكمة جنايات القاهرة قضت بحبس الجلدة بالسجن ثلاث سنوات، بعد أن أدانته بتهمة تقديم رشوى مالية، نظير إفشاء معلومات سرية محظور تداولها خاصة بالأماكن المحتمل وجود بترول بها في الصحراء الغربية والمناطق المطلة على البحر الأحمر.
في حين أكد الجلدة أن بعض الشهود من خبراء البترول أكدوا في شهادتهم أمام المحكمة أنه لا توجد معلومات سرية في هذا الشأن، وأوضح أن الدفاع استند إلى ما أعلنه أكبر معهد جيولوجي بالولايات المتحدة الذي أكد أن منطقة البحر الأحمر غنية بخام البترول والغاز الطبيعي وحدد أماكن وجود البترول والغاز وكمياتها.
وقال الجلدة إن الدفاع قدم العديد من المستندات التي تؤكد أنه لا يوجد لي أي علاقة بهذه القضية، خاصة وأن شركة "أليكس أويل" التي كنت شريكا فيها قد خرج منها عام 2002م بإحكام مصرية ودولية من سويسرا، وأن الواقعة الخاصة بالقضية بدأت خيوطها عام 2005م وبدأت إجراءات التحقيق والمحاكمة عام 2007م بعد خروجي من هذه الشركة بخمس سنوات.
لكنه أكد أن "التعليمات الفوقية" الصادرة من الدكتور زكريا عزمي "كانت فوق القانون"، وكشف أن أحد الضباط وهو ابن شقيقة زكريا عزمي أبلغه أنه سوف يصدر عليه حكما بالسجن ثلاث سنوات في القضية.
وأكد الجلدة أنه فوجئ أيضا بحملة شرسة ضد عائلته وأشقائه وأبناء دائرته وإصدار أحكام عليهم بالحبس وطالت هذه الأحكام أحد أشقائي رغم أنه يدرس الدكتوراه في الولايات المتحدة وحضر بعد أن علم بوفاة والدته، لكنة فوجئ بوضع اسمه من ضمن المحكوم عليهم في السجن في قضية تجمهر أمام المحكمة.
وأضاف: صدر حكم بحبس ما يقرب بـ 38 شابا منهم من يعمل طبيبا ومهندسا ومحاسبا ومدرسا ومنهم من أصحاب أعمال ومن يملكون بعض الشركات والمصانع، وقال: رغم صدور قرار بمذكرة مدون عليها رئاسة الجمهورية.. مكتب شئون أمن الدولة بوقف تنفيذ عقوبة الحبس علي جميع المتهمين حفاظا علي مستقبل أسرهم ومن يعملون لديهم ورعاية لأبنائهم وعملهم، إلا أن الدكتور زكريا عزمي رفض التصديق على القرار وختمه بخاتم رئاسة الجمهورية وأقسم بالله بأنه لم ينفذ هذا القرار حتى يعلّم عماد الجلدة.
أما المستشار ماهر الجندي محافظ الجيزة السابق، والذي عوقب بالسجن سبع سنوات في قضية رشوة والتي قضى منها 63 شهرا خلف القضبان فقد وصف النظام السابق بأنه كانت تحكمة عصابة يتزعهما الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان الجمهورية، وقال إن هذه العصابة وراء تلفيق تلك القضية ضدي، متهما عزمي بأنه "لعب دور الشيطان".
وأضاف: لقد ظلمت من النظام السابق ومن زكريا عزمي بعد الزج باسمي في قضية ملفقة، وأشار إلى أنه بعد نجاح ثورة 25 يناير قام بتقديم التماس بإعادة النظر في القضية الظالمة التي لوثت سمعته، لافتا إلى أن الالتماس ليس لإلغاء الحكم الصادر ضدي، لكن لإثبات براءتي أمام الرأي العام وأسرتي وزملائي بالهيئة القضائية.
وأكد الجندي أنه في ظل العهد البائد كان لأحد يستطيع مقابلة مبارك إلا من خلال زكريا عزمي فهو الرجل الأول في النظام، وتابع: طلبت مقابلة مبارك وأرسلت طلبا بذلك إلى عزمي أطلب فيه تحديد موعد ولم أتلق أي رد منه.
وقال "كانت الأمور تسير عن طريق عزمي والأوامر تصدر أيضا منه، وهو المتحدث باسم الرئيس، لذلك لم يكن يجرؤ أحد على مخالفة أوامره وتعليماته، ومن يخالف يتعرض لغضب الرجل الأول الذي لعب دور الشيطان في الرئاسة الذي استولي على أذن الرئيس فأصبح الحاكم بأمر في مؤسسة الرئاسة".
واستطرد: "بعد خروجي من السجن علمت أن الرئيس سوف يقابلني بعد أن أوضح له مرتضي منصور أنني مظلوم في تلك القضية إلا أن عزمي قال للرئيس: معقول يا ريس هتقابل واحد خارج من السجن في قضية رشوة، وأكد له أن مقابلتي ستفتح الباب أمام آخرين لطلب مقابلة الرئيس".
وأكد الجندي أن "شلة الرئيس وأفراد العصابة التي كانت تحيط به ومنهم عزمي وصفوت الشريف وزوجته سوزان مبارك وابنه جمال مبارك وأحمد عز تمكنوا من عزل مبارك من الشعب". واتهم تلك "الشلة" المحيطة بالرئيس السابق بأنها "نهبت ثروات مصر بمعرفة الرئيس واستولوا على الأراضي وحصلوا على الفيلل بأرقي المناطق من خلال شرائها بثمن بخس وبالتقسيط من بنك الإسكان والتعمير وبيعها بأسعار باهظة".
وكشف الجندي من إرسال زكريا عزمي له إحدى السيدات تطلب تسوية نزاع علي قطعة أرض بطريق مصر إسكندرية الصحراوي وادعت أنها مالكة لهذه الأرض، إلا أنني اكتشفت أنها مملوكة لآخرين فرفضت طلبها وغضب بشدة مني عزمي، لأنه تعود إذا طلب شيئا من أحد مهما كان منصبة في الدولة فإنه يقول له "شبيك لبيك، وبعدها كان يعطيني ظهره في كل مناسبة قد تجمعنا".
من جهته، اتهم المستشار محمود أبو الليل وزير العدل الأسبق الحزب "الوطني" بأنه شن الحرب عليه لتبنيه إقرار تعديلات قانون السلطة القضائية والتي كانت تهدف إلي تعزيز استقلال القضاء من خلال نقل تبعية إدارة التفتيش القضائي من وزارة العدل إلي المجلس الأعلى للقضاء.
وقال: حاولت إقرار هذه التعديلات التي ظلت حبيسة الأدراج لمدة 16 عاما في عهود وزراء العدل السابقين لكنني فوجئت من خلال لجنة شكلها الحزب "الوطني" لمناقشة التعديلات ضمت جمال مبارك والدكتور أحمد نظيف والدكتور أحمد فتحي سرور وصفوت الشريف بالإضافة إلي الدكتور مفيد شهاب ومدير مكتب رئيس الجمهورية وعدد من مستشاري رئاسة الجمهورية برفضها، باعتبار أن هذه التعديلات ستؤدي إلى فقدان السلطة التنفيذية سيطرتها علي القضاء من خلال إدارة التفتيش القضائي التي تتحكم في مصير القضاء وأعمالهم وانتدابهم.
وذكر أنه أجبر على اتخاذ قرارات ضد مصلحة القضاة، وكانت هناك أوامر بمنع إمدادات نادي القضاة المالية إلا أن اعتذر عن الاستمرار في منصب وزير العدل وقلت لرئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف" إنني لا أصلح أن أكون وزيرا للعدل وسحب كلامي مع القضاة ووعدوي لهم، دليل علي أني موظف مش مظبوط وهذا لا أقبله".
وأكد أبو الليل أنه رفض إحالة المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي للجنة تأديبية فغضب الرئيس مبارك من ذلك، وأكد أن النظام السابق قام بتزوير انتخابات مجلسي الشعب والشورى.
وأكد أن مكوثه بالوزارة لمدة عامين فقط كانت بسبب سياسته الرافض لتدخلات جمال مبارك في سلطة القضاء، وكشف عن رفض صفوت الشريف الأمين العام للحزب "الوطني" السابق ورئيس مجلس الشورى السابق لنتائج المرحلة الأولي من انتخابات مجلس الشعب عام 2005م لأنه لم يعرضها عليها، وأكد له أن الرئيس مبارك أنزعج من القضاة الذي شاركوا في الكشف عن تزوير الانتخابات.
No comments:
Post a Comment