ناجي الغزي
بعد سقوط النظام التونسي العتيد على يد الاحرار وهروب رئيسه بن علي غير مؤسوف عليه. فقد أنتقل زلزال الانتفاضة التونسية العارمة كالنارفي الهشيم الى بقية الشعوب المضطهدة التي تأن من سطوة الحكام الدكتاتوريين. فهب الشعب المصري في جمعة الغضب الاحمر ليعانق ضوء الشمس وينسج خيوط الامل الذهبية لتحقيق الحرية ومبادئها. وعلى الرغم من الجهود التي بذلها الشعب المصري في الوقوف والتصدي للنظام الفرعوني المتجبر, الا أن النظام المستبد ظل يعاند ويكابر في قراءته للرسائل التي يبعثها الشارع المصري.
فقد بدأ النظام يناور في أعادة تركيب وترتيب أدواته الخشبية السياسية والأمنية, فقد أقالة الحكومة الوهمية وأبدلها برئيس المخابرات وطاقمه العسكري ليكونو سدا منيعا لأدامة أيامه المتبقية وأعادة أنفاسه الاخيرة. وهو يعتقد في هذا التغيير يستطيع أستغفال الشعب المصري الملتهب. ولكن النظام البليد لا يريد أن يفهم الموقف السياسي للشارع المصري المتأزم ومدى الصعوبة التي سيواجهها امام الشعب الغاضب.
ورغم تلك المماطلة من قبل النظام في تغيير هيكلية الحكومة الا أنه لابد أن يغادر فرعون مصر السلطة, وتنجلي شرعيته الملتبسة, وتنكسر سنوات الطوارئ وسنوات الفقر والفساد التي تساوي سنوات حكم حسني كلها. وحتى التصريحات الخجولة من قبل المجتمع الدولي كأمريكا وأوربا والتصريحات والبيانات العربية المنافقة والمساندة للدكتاتور, لا تثني عزيمة الشباب المصري الذي عاش سنوات الطوارئ والغلاء والبطالة المفعمين بالحرية والوطنية والشهامة المتدفقين الى الشوارع بصدور عارية وبروح مستعدة للتضحية منادين بسقوط الدكتاتور العتيد وازاحة زبانيته من جذور مصر ومدنه الجميلة.
ومنذ أنطلاقة ثورة الأنتفاضة في تونس الخضراء دق نواقيس الخطر في المنطقة العربية وأثارت الرعب في نفوس الزعماء العرب المتعكزين على أرذل العمر من غضب شعوبهم المحتقنة والمتأزمة من سطوة سياطهم وقمع أجهزتهم الامنية المختلفة. لذلك ما حدث في تونس وفي مصر يثير أعصاب المسؤولون العرب الغارقين في دماء الشعوب والعابثين بمقدراتهم المادية والمستهترين بحقوقهم المدنية. لذلك نرى الزعماء العرب يشدون أزر بعضهم البعض على ان لايتكرر مصير بن علي وان لاتنتقل عدوى الحرية الى شعوبهم المضطهدة مهما كان الثمن.
ولكن من الضروري جدا أن تنجح ثورة جمعة الغضب في مصر ويتحقق مشروع التغيير وتثمر جهود الشعب المظلوم بإنتاج قيم الحرية والانسانية والديمقراطية الغائبة بسقوط النظام الدكتاتوري. وفشل جميع المشاريع التي تنادي بالقومية ــ العربية التي لايتحقق منها سوى الشعارات الفضفاضة, التي خلقت طابور من الانظمة الدكتاتورية المتغطرسة بأجهزتها الامنية والمخابراتية القمعية والقابعة بها على صدور الشعوب العربية والعابثين بمقدراتهم. هؤلاء الرؤساء الذين خطفو السلطة بغفلة من الزمن لايفقهون شئ بإدارة الدولة ومستقبلها ويدركون سبل التعامل مع السلطة بأحترام ومسؤوليتهم أتجاه الشعوب. فكل زعيم يعيش مع حاشية حزبه وأقرباءه في عبث المال ونشوة السلطة على حساب استحقاقات الشعب المحروم.
لذا على الشعوب العربية والمؤسسات الفكرية والأكاديمية والمهنية المستقلة أن تتحرك وتحرك الشعوب معها أتجاه الحرية ونيل حقوقها وكرامتها من أفواه وعيون الأنظمة الدكتاتورية, لذا فسقوط فرعون مصر يعني الكثير الكثير في تاريخ الشعوب العربية. لأن بسقوط صنم القاهرة تسقط كل الرؤوس المجاورة والمحاذية لسمة السلطة الشمولية وتهتز عروش اخرى في طرابلس ودمشق وصنعاء وبقية العواصم العربية. أيها الشعب العربي في مصر لاتمنحو الفرعون فرصة السطوة والسلطة مرة أخرى كي لايعيش على دماءكم ويتنفس على حسابكم لا تجعلوا الامل يعود الى قلوب الطواغيت وتقهر إرادة الشعوب المتطلعة للحرية, رابطوا ولازموا وأحسنوا نواياكم الله يعينكم .
No comments:
Post a Comment