داعبت مخيلتي المثقلة بهموم لاتحصى بعض ذكريات حرب الأمم على العراق وأنا أتابع الثورة المصرية على فرعونها حسني مبارك، فهذا الرجل لم يكن ليصلح رئيس دولة عربية كبيرة كمصر، ولم يكن للقدر دور في إستلامه لزمام الأمور بعد مقتل السادات، بل هي المؤامرة المستمرة على مصر والدول العربية من خلال ترأس العملاء لقيادات بعض الدول العربية لأيقاع أبلغ الأثر في زعزعة ثقة الشعوب العربية بتحقيق مستقبل أفضل للوقوف بوجه المخططات الأمبريالية.
تذكرت كلام حسني الخفيف عندما قال معلقا على أسلحة الدمار الشامل المزعومة (دي أمريكا يابا)، وتذكرت حينما وصف رؤيته لها في جولة مع الشهيد صدام حسين في بغداد وكأنه عميل يدلي بمعلومات إستخبارية عن بلد شقيق دون أي وازع لوطنية أو أخلاق أو دين، فهو بذلك يألب قوى الشر على بلد عربي شقيق ويحاول الأيحاء بأن تلك الأسلحة ستستخدم ضد العرب قبل غيرهم، وهو ليس وحده بهذا الرأي، فقد شاركه البعض من الأشقاء العرب الذين فضلوا الحماية الأمريكية على الحماية العربية المتمثلة بالعراق، ولم يعلموا أو قد علموا بأن أمتلاك دولة عربية لسلاح نووي سيخلق توازن لصالح جميع الدول العربية وربما للمنطقة بأسرها.
أتمنى اليوم أن أراه وهو يترنح تحت ضربات الجموع الحاشدة لشعبنا المصري الذي قرر الأقتداء بتونس الخضراء، أتمنى أن أسمعه وهو يهاتف قادته في أمريكا محاولا أستجداء بعض أياما أخرى زائلة من حكمه المنهار، وسنرى مدى إلتزام أمريكا بتعهداتها لعميلها الذي باع العراق مقابل مساعدات مالية لم تزد مصر إلا فقرا وجوعا لكونها سحت حرام أخذت عن طريق الباطل لتنفق على الباطل، وهو بذلك قد وضع نقطة سوداء في تأريخ مصر العروبة وتأريخها النضالي المشرف.
سنرى نهايتك أيها الخفيف كما رأينا نهاية من خنته وشتان مابين النهايتين، فنهايتك ذل وهوان وأنت في أرذل العمر، ونهاية من خنته عز وشرف ومحاربة للمحتلين ونيل شرف الشهادة التي لاتفهمها أنت أو زملائك في العمالة، نهايتان تسجلان في التأريخ كشهادتان لأثبات الفرق بين العمالة وبين الوطنية، بين الخنوع والخيانة وبين الكبرياء والشموخ والتصدي لقوى الأستدمار العالمي، فروقا شاسعة يمكن للبصير رؤيتها ولكن يصعب على أصحاب القلوب العمياء فهمها، فقد غلف الله سبحانه قلوبهم ففقدوا البوصلة والقدرة على التمييز بين الصالح والطالح، فيصفون حسني مبارك بأنه الرئيس الذي يعرف مصلحة شعبه فيفيدهم حتى ولو كان ذلك على حساب شعوبا أخرى، بينما يستنكرون وقوف الرئيس الشهيد مع قضايا شعبنا العربي ومحاولة أبداء كل المساعدات اللازمة لتخفيف أزمات الشعوب العربية.
قبل أسابيع قليلة ألتقيت بأخ مصري ترك مصر بسبب وضعها المأساوي برغم شهادته العليا تاركا أبناءه لأكمال دراستهم في مصر مبديا قلقه عليهم من تسارع الأحداث السياسية وأحتمال أنهيار النظام المصري في الأيام القادمة ، فقلت له هل من الممكن أسقاط حسني مبارك؟ قال لي لم يعد هنالك رئيس بأسم حسني مبارك، فهو غير قادر على أدارة دفة الحكم بسبب مرضه، والذي يحكم مصر اليوم هو أحمد عز السياسي والملياردير المصري مع بعض الحاشية وهم قد بدأوا بنقل أموالهم إلى خارج مصر لتوقعهم بحدوث ثورة عارمة، وهنالك طائرات تجثم على مطار القاهرة تنتظر ساعة الصفر لرحيل أعضاء الحزب الحاكم، تلك المؤشرات مذهلة وأنا أسمعها من طبيب يفترض إنه يعيش حياة هانئة نسبيا فكيف بالبسطاء الذين لايجدون مكانا للنوم أو طعاما وخط الفقر يصل إلى أسوء معدلاته.
في نهاية حديثي مع أخي المصري سألته سؤالا توقعت أن يكون محرجا بالنسبة له، فقلت له كيف يمكن لمصر العروبة ذات التأريخ الثوري و النضالي أن يحدث كل هذا فيها ويتحكم بها أمعة مثل حسني مبارك فأدهشتني أجابته حينما أنهى حديثه معي متألما فقال ( ذلك جزاء ما فعلناه بالعراق) وهو بذلك يحمل نفسه البريئة مسؤولية ما أقترفه الخائنون من أبناء جلدته بحق العراق، فشتان مابين المواطن المصري الشريف وبين قادة عملاء ارتضوا لأنفسهم الأستقواء على شعوبهم بالشيطان، وهنا لم أستطع التعبير عن مدى إعجابي الشديد بصدق حديثه بسبب تأثري الشديد بكلامه ولكني أقول له عبر مقالي هذا بأننا لازلنا نعتبر مصر أم الدنيا برغم ما يقترفه العملاء من سيئات، ولازال أملنا كبيرا بأمتنا العربية مهما طال السبات، وسنبقى أمة عربية واحدة برغم الخيانات.
وليد المسافر
في السابع والعشرون من ك2/ 2011
No comments:
Post a Comment