بقلم: محمد شريف كامل*
يوليو 2010
لقد تناول العديد من الكتاب والمحللين واقعة إغتيال الشاب خالد سعيد من عدة جوانب، فمنهم من ردها إلى جبروت الأمن والنظام الحكومى فى مصر والذى تشرب الفساد من كل أجهزته ولم يعد هناك من يردع أدواته وألياته من رجل الأمن البسيط وحتى أعلى الدرجات وهذه للأسف حقيقة مؤلمه ولكنها الحقيقة.
فساد متنوع الأدوات والأشكال من جبروت وإضطهاد وإستغلال للسلطات والإغتيال، المادى منه والمعنوى، والتستر على جرائم رواده وتلفيق التهم لمعارضيه. حتى أصبح كل جهاز قى الدولة يدار على أنه عزبه خاصة، والمهيمن على كل إدارة فى الدولة هو الأمر الناهى لا راد لكلمته ولا أمره صلح أو طلح.
والبعض الأخر رأى فى إغتيال خالد سعيد دليل على الخواء السياسى الذى تعيشه مصر وهى حقيقة مؤلمة أخرى وغير خافية بلا جدال. فلا يوجد فى مصر الأن حزب سياسى أو حركة سياسيه، مهما كان إنتمائها، تستطيع أن تقود الشعب المصرى للخلاص من التسلط والفزع الذي يعيشه الشارع المصرى. ولذا حاول العديد أن يروج لحرك التغيير الجديدة التى ليس مجالها هنا وقد تحدثنا عنها من قبل .
والبعض الأخر تعرض لحياة خالد الشخصية وأسباب صدامه بأجهزة القمع وتلفيق محضر وفاته، فالبعض حاول أن يصفه بالبطل الذى رفض الخضوع لذل ومهانة أدوات الأمن المصرى، والبعض تعدى عليه بإتهامه بالإنحراف وتعاطى المخدرات بل والإتجار فيها. وهذا ما لا يهمنا، فالأمر يخص خالد سعيد وأسرته. إن ما يخصنا كمصريين وأدميين هو ما أصاب خالد سعيد كإنسان وكيف نحفظ أبنائنا من أن يلاقوا ذات المصير.
فأي مواطن صالح أوطالح يجب أن تحفظ له كرامته، فلا يحق لأى أداة قمعية أن تتعدى عليه فالمفترض فى رجال الأمن أنهم أدوات لتنقيذ القانون وليسوا بلطجية. إن المواطن أي أن كان سلوكه أوأصله أوأسرته أوعلمه أولونه أودينه فهو أولا إنسان يجب أن يحترم وأن تصان كرامته ولا يحق لأحد أي أن كان أن يتعرض له باللفظ أوالفعل المهين، إلا إذا أردنا العيش فى غابة ورضينا بإنتهاك كرامتنا كل صباح ومساء وللأسف هذا هوالحال فى مصر الأن.
إن الأصل فى الأمور هو القانون، فلو أخطأ شخص أو أجرم يجب أن يقدم للقضاء ويحاكم وفق قانون وإجراءات عادلين، فإما أن يبرئ أويدان بحكم القضاء بإفتراض نزاهته، وليس كل من تحلى بلباس عسكري نصب نفسه وصي على المجتمع.
لقد دفع خالد سعيد الإنسان حياته ثمنا لصمتنا ولخنوعنا، عن خوف تارة وعن جهل تارة أخرى، حتى سلمنا حقوقنا كأدميين لإدوات القمع. إن خالد سعيد هو شاهد على نذالة وجبن جيل بأكمله رضى بالذل فأنتهكت حرمة أبنائه وبناته فى كل أرض عربية من شرقه إلى غربه.
إن قصص التعذيب وإرسال المعارضين من كل أنحاء العالم للسجون العربيه لتعذيبهم وأخذ أقوالهم بوسائل الإذلال المختلفة، ومشاركة رجال الأمن العرب فى التحقيقات المخذلة التى تمت فى سجن جواتانامو غير القانوني وما حدث فى سجن أبو غريب بالعراق ...... كل هذا ليس إلا سلسلة واحدة فى منظومة الفساد والإمتهان الذى أصيبت نفوسنا فأصبحنا جميعا راضين بالذل فسلمنا أمرنا لجلادنا وليس لله كما يدعى البعض.
فأين كان دينك أومبدئك أوخلقك فالكل يحرم عليك الصمت والخنوع والرضى بالذل.
ونتساءل لمذا هذا التخلف الذى نعيشه ولمذا فقدنا الحضارة ونحن بناتها. الأمر واضح وجلى، كنا أهل الحضارة حينما أحترمنا الإنسان الذي خلقه الله وكرمه فوق كل المخلوقات.
إن الغابة التى يحكمها الأسد يسودها دوما العدل والحب والرحمة، أما الغابة التى يحكمها الذئاب يسودها الظلم والفساد. فهل يفيق الأسد النائم ويثورعلى الذئاب ليحق الحق ويسود العدل على أرض مصر وكل الأرض العربية؟
هذا السؤال لا يجيب عليه ألا الشعب، جموع الشعوب ولن يتحقق العدل إلا بتخلينا عن صمتنا، وإلا فلا تحزن لو كان التالى هو إبنك فأنت الذي سلمته بيديك للغدر والإهانة، ولا ألوم هنا والد خالد سعيد بل نحن كلنا الملومون، فدم الشهيد خالد سعيد فى رقابنا وسوف نحاسب عليه جميعا فى حياتنا الدنيا ويوم نلقى خالقنا.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد
No comments:
Post a Comment