http://aljazeera.net/news/pages/fb82ac55-01d6-40a4-a0e8-1f5df65ac99a?GoogleStatID=21
أنس
زكي-القاهرة
بعد أيام من تقرير نشرته صحيفة "تلغراف" البريطانية يزعم أن مئات الآلاف
من الأقباط المصريين يستعدون للهجرة من بلادهم بعد وصول الإسلاميين إلى السلطة،
حسمت قيادات قبطية هذا الجدل بنفي قاطع لهذه الأنباء، بينما ما اعتبر ممثلون لقوى
سياسية أن الأمر في حقيقته خليط بين المبالغة والرغبة في خلط الأوراق.
وجاء النفي بشكل حاسم من رأس الكنيسة الأرثوذكسية البابا تواضروس
الثاني، حيث أبرزت وسائل الإعلام المحلية الأحد انتقاده لما يتردد عن هجرة الأقباط
من مصر، وتأكيده عدم وجود إحصائيات محددة, نافيا الأنباء التي تتحدث عن تزايد أعداد
المهاجرين، ومشيرا خلال احتفال بالإسكندرية إلى أنه يقابل غربيين يحلمون بالعيش في
مصر، "فكيف يهاجر منها المصريون؟".
وكانت تلغراف قد تحدثت عن هجرة نحو مائة ألف قبطي خلال 2011، منهم 40
ألفا إلى الولايات المتحدة، مرجعة ذلك إلى الانتصارات التي حققتها جماعة الإخوان
المسلمين في الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية، فضلا عن التقدم الواضح للسلفيين
حيث حصد حزب النور الذي يمثلهم على أكثر من خمسة مقاعد في أول برلمان بعد
الثورة.
مبالغة
لكن
القس أندريا زكي نائب رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر قال للجزيرة نت إن الأرقام التي
ترددت مؤخرا متناقضة ومبالغ فيها، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود حالة من الخوف غير
المبرر لدى بعض الأقباط، لكنها تتزامن فمع تصريحات غير موفقة تصدر عن بعض المحسوبين
على تيار الإسلام السياسي، حسب قوله.
وعبر زكي عن اعتقاده بأن الأمور ستهدأ بعد فترة، معتبرا أن حالة
الارتباك الحالية أمر طبيعي بعد الثورات، ومتوقعا أن تهدأ حدة التصريحات وردود
الفعل المتطرفة مع الوقت بحيث يعود التوازن والاستقرار إلى المجتمع المصري.
وبدوره، وصف المفكر القبطي جمال أسعد عبد الملاك الحديث عن هجرات واسعة
للأقباط بأنه أمر مبالغ فيه، مشيرا إلى أن دراسة جرت مؤخرا أشارت إلى أن عدد
الحاصلين على تأشيرات للهجرة بعد الثورة لا يختلف كثيرا عما قبلها، ومؤكدا أن دوافع
الهجرة تكون غالبا لأسباب اقتصادية يشترك فيها المسيحيون والمسلمون على حد
سواء.
لكن المحامي والناشط القبطي رمسيس النجار له رأي آخر، حيث قال للجزيرة
نت إنه يعتقد بأن أعداد المهاجرين تتزايد سواء من الأقباط أو من أصحاب التوجهات
الليبرالية، وذلك على خلفية مخاوف من سيطرة التيار الإسلامي على السلطة، معتبرا أن
هذه المخاوف ناتجة عن تصريحات بعض الإسلاميين من جهة وتصرفاتهم -ومنها الهيمنة على
كتابة الدستور- من جهة أخرى.
شركاء
الوطن
في المقابل، أكد أحمد سبيع المنسق الإعلامي بحزب الحرية
والعدالة -الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين- للجزيرة نت أنه يستغرب تصاعد
نغمة الحديث عن هجرة واسعة للأقباط، بل ولا يصدق وجودها، مؤكدا أنهم شركاء في الوطن
وجزء من الشعب وهو ما أكد عليه الدستور الجديد.
وأضاف سبيع أن تجربته الشخصية تؤكد أن معارفه من الأقباط لا يفكرون أبدا
في الهجرة، بل إنهم يعتقدون بأن الوضع بات مهيأ لتغيير الأوضاع التي سادت في عهد
الرئيس المخلوع حسني مبارك، لكن البعض يريد توجيه الرأي العام باتجاه زعم غير حقيقي
عن تعرض الأقباط للاضطهاد.
أما ياسر محرز المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين، فاتخذ منحى
عمليا بالتأكيد أن الجماعة تبحث حاليا التنسيق بين ذراعها السياسي وبعض الشخصيات
القبطية للترشح على وقوائمه في الانتخابات البرلمانية القادمة، مشيرا إلى أن جماعة
الإخوان منذ نشأتها على علاقة طيبة مع الأقباط باعتبارهم مكوناً أساسياً للوطن لا
يمكن بأي حال من الأحوال الإساءة إليه أو تهجيره.
ليس
واردا
من جانبه قال هشام برغش نائب رئيس حزب الإصلاح للجزيرة نت إن
اضطهاد الأقباط ليس واردا في الحالة المصرية بالنظر إلى شواهد التاريخ وطبائع
المصريين، مؤكدا أن حالات الاحتقان التي ظهرت في الفترة الأخيرة كانت بسبب النظام
السابق الذي كان يستخدمها من أجل ترتيب أوضاع أو توازنات خارجية, كما أن الإعلام
اعتاد على تضخيمها، وكذلك بسبب الكنيسة التي أوغلت في السياسة وتعاملت أحيانا كدولة
داخل الدولة.
وأضاف برغش -وهو عضو الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح- أن الشباب الذي
يهاجر يضم مسلمين ومسيحيين يمتلكون بالأساس تطلعات اقتصادية ومعيشية، بعيدا عن
مزاعم الاضطهاد التي يروجها البعض.
ولفت النظر إلى أن الدستور الجديد الذي انتقده البعض راعى مصالح الأقباط
رغم انسحاب ممثليهم من الجلسات الأخيرة، وأقر المواد التي جرى التوافق عليها قبل
ذلك، كما أنه كان سباقا بالنص على احتكام أصحاب الديانات السماوية الأخرى من
مسيحيين ويهود لشرائعهم، وهي رسالة إيجابية ينبغي استقبالها بشكل إيجابي.
No comments:
Post a Comment