غريب جدا أن يختار السيد أحمد أبوالغيط هذا التوقيت بالذات لكى يطل بمذكراته، فى اللحظة التى تستعد فيها مصر لاستقبال الذكرى الثانية لثورتها التى قامت ضد نظام كان أبوالغيط أحد أذرعه الباطشة.
لكن الأغرب هو هذا الاحتفاء الإعلامى والاحتفال المجتمعى بها، وإن كان لا ينفصل عن سياق جديد سمح لفلول مبارك بالحضور نكاية فى نظام الحكم الحالى.
غير أنه فى وقت صار فيه أحمد شفيق يتحدث عن الثورة وباسمها لم يعد غريبا أن يعود أبوالغيط إلى فاترينات الكلام، بالطريقة ذاتها التى تسرب بها أعداء الثورة إلى ميادين الثورة نهارا جهارا.
ولو تابعت ما يصدر عن معسكرى السلطة والمعارضة على السواء من مغازلات وعبارات تدليل لبقايا النظام الساقط بمناسبة مولد الانتخابات، ستصبح الدهشة من طرح أبوالغيط مذكراته فى أسبوع ذكرى الثورة عملا مدهشا وغريبا.. دهشة من الدهشة على طريقة جنرال دبى «ثورة على الثورة».
والسؤال هنا: هل كان أبوالغيط يقدم على نشر مذكراته قبل عام مضى؟ بالتأكيد لا.. ذلك أن المناخ الثورى قبل سنة لم يكن قد صار قابلا للتشبع بأبخرة الفلول وغازاتها على غرار ما نراه الآن.. بل إن أحدا من هذه الوجوه لم يكن ليجرؤ على الظهور على الشاشات وفى حفلات المجتمع الفوقى.
وإذا كان وزير الإعلام القادم من جماعة الإخوان يتحدث عن المصالحة مع ماضى مبارك فى مناسبة عامة، بينما مبارك وعصره لم يصبحا ماضيا بعد، وإذا كانت بعض أطياف المعارضة الثورية تكد وتشقى فى إعادة تعريف «الفلول» كى تلعب بهم فى مباراة الانتخابات القادمة، فلا غرابة أن يأتى السيد أبوالغيط ليلتحق بقطار الثورة وكأنه لم يكن فى طليعة المحاربين ضدها.
وحتى لا ننسى أعيد التذكير ببطولات أبوالغيط الباسلة دفاعا عن الثورة من واقع مستندات الخارجية التى نشرتها فى هذا المكان فى فبراير 2011.
ومن مستندات العار برقية صدرت من مكتب وزير الخارجية برقم 177 بتاريخ 3 فبراير وتحمل اسم المتحدث باسمه حسام زكى إلى البعثات الدبلوماسية فى الخارج تطلب منها إبلاغ وزارات خارجية الدول الأجنبية بالآتى:
فقرة رقم 2 من البرقية تقول: أدت الاشتباكات حتى فجر اليوم 3 فبراير إلى انزواء أطراف الاعتصام إلى أقلية تستخدم العنف من خلال العبوات الحارقة.
وتقول الفقرة رقم 4 من البرقية ذاتها: تكشف اتصالاتنا مع الأجهزة الأمنية أنه يتم القبض حاليا على عناصر أجنبية كما أن هناك معلومات مؤكدة عن مبالغ مالية بالعملات الأجنبية تدفع للمعتصمين للإبقاء عليهم فى أماكنهم.
وقبل ذلك أرسلت خارجية مصر برقية رقم 1439فى 23 ديسمبر 2010 بعد فضيحة انتخابات مجلس الشعب برقية تتضمن مقالات أحمد عز المنشورة بالأهرام للرد على الانتقادات الموجهة للعملية الانتخابية الأسوأ والأردأ فى تاريخ مصر.
والسؤال لا يزال قائما: هل علمتم الآن لماذا صغر حجم مصر وخف وزنها فى الخارج، وانحدر مستوى دبلوماسيتها على هذا النحو المخجل؟
إنها الخارجية المصرية عندما تضاءلت وتصاغرت حتى تحولت إلى مجرد وحدة متناهية الصغر فى شركة حديد عز.
No comments:
Post a Comment