أبدت مستشرقة ألمانية كبيرة دهشتها من اتهام بعض القوى السياسية في مصر للدستور المطروح في مصر بأنه يؤسس لدولة دينية أو أنه يميز ضد المرأة والأقباط ، واصفة ذلك بأنه غير صحيح بالمرة وأنها قرأت الدستور المطروح بعناية ووجدته مميزا للغاية ، وفي حوار مع جريدة "فرانكفورتار روند شاو" عن الأوضاع في مصر قالت كبيرة أساتذة الإستشراق الألمانية "جودرون كريمار" صاحبة كتاب "مصر في عصر مبارك" الصادر مؤخرا باللغة الألمانية أن الرئيس المصري محمد مرسي يعاني من مواجهة شرسة مع رجال دولة مبارك الذين ما زالوا متنفذين في القضاء والإعلام والأمن والجهاز الإداري للدولة ، كما أثنت على مشروع الدستور المصري و نوهت إلى أن الرئيس المصري محمد مرسي في تجاوبه مع الرأى العام و شجاعته على إلغاء بعض قراراته يدل على أن مصر تعيش عهدا جديدا يتحول فيه الشعب إلى شريك في صنع القرار إلا أنها أكدت في الوقت نفسه أن الثمرة الوحيدة للثورة المصرية حتى الآن هى تنحي مبارك عن الحكم و بقاء دولته قائمة تحاصر الرئيس الشرعي المنتخب .
وردا على سؤال الصحيفة عما إذا كانت مصر في طريقها إلى ديكتاتورية كما يتردد على لسان المعارضة المصرية قالت المستشرقة الألمانية:
"أين هى الديكتاتورية؟ إن مرسي يتعرض للحصار من قبل قضاة تم تعيينهم بأدوات نظام مبارك، و حينما حاول فك هذا الحصار لتسيير شؤون الدولة بإعلان دستوري مؤقت... و اعترض الرأى العام على ذلك...قام بالغاء الإعلان الدستوري، و هو أمر يمثل شهادة جودة ديمقراكية للرئيس مرسي".
و ردا على سؤال الجريدة حول ما إذا كان مشروع الدستور المصري يقود إلى دولة دينية في مصر قالت المستشرقة الألمانيى التي تجيد اللغة العربية بعد أطلاعها على مشروع الدستور: "إن الدستور المصري في مشروعه الحالي ليس ذات صبغة إسلامية أيديولوجية. إن هذه الوثيقة بنصها الحالي تكفل الحقوق المدنية و المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون. إن هذا الدستور في مشروعه القائم يقوم على الفصل بين السلطات و تداول السلطة و الرقابة المدنية على الجيش و التنوع الحزبي و حرية تشكيل النقابات و غير من الحقوق و الحريات، إن هذا نظام سياسي ليس ذات أيديولوجية إسلامية... و كون مبادئ الشريعة مصدر القوانين فهذا ليس جديدا على الدستور المصري، بل كان من قبل كذلك"
وردا على سؤال الصحيفة عما إذا كان مشروع الدستور يحمل تمييزا ضد الأقباط قالت المستشرقة الألمانية المسيحية:"لايوجد في الدستور شئ من هذا القبيل، إن مشروع الدستور الذي بين يدي و الجاري الإستفتاء عليه يقول بصريح العبارة أن جميع المواطنين سواسية أمام القانون و أن للمسيحين و اليهود أن يعيشوا وفق شرائعهم بما في ذلك ما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية. إن الذي من الممكن أن يشكو من تمييز في هذه المسودة هو من لايدين بدين سماوي من هذه الأديان على الإطلاق"
وردا على سؤال الصحيفة: "ماذا عن معسكر مبارك القديم. هل من الممكن أن يعود للسلطة مرة أخرى؟"
أجابت المستشرقة الألمانية اللامعة:
"هذا مستحيل في انتخابات حرة. إلا أن رجال مبارك لازالوا يمسكون بالبنية التحتية لمفاصل الدولة: فمعظم حواريي مبارك لازالوا في مواقعهم في الإقتصاد و في الإدارة و في الإعلام و في الأجهزة الأمنية و في القضاء و في الجامعات و في المدارس، إن الذي حدث هو عزل رأس الدولة فقط و هو مبارك، أما مرسي فيرأس دولة مبارك التي لازالت باقية" و تابعت قائلة: "من كان يظن أن الربيع العربي سوف يأتي بالحرية و المشاركة و العدالة الإجتماعية بنفس السرعة التي يقوم فيها المرء بفسحة في ليلة صيف واهم... لأن عملية التحول الديمقراطي عملية بعيدة المدى". و أكدت المستشرقة الألمانية للصحيفة أن الرئيس مرسي هو الرئيس المنتخب و سواء يعجب البعض أم لا أنه إسلامي، فالحاسم في الأمر أن الأغلبية الديمقراطية في البلاد قد انتخبته رئيسا للبلاد في انتخابات حرة نزيهة و لو جاء الليبراليين الذين يعارضونه اليوم إلى سدة الحكم لن يكونوا أكثر منه ديمقراطية.
No comments:
Post a Comment