Tuesday, August 9, 2011

لم أرَ الطاغيةَ فى قفصه

بقلم : د. محمد الصنهاوي





لم يسعفنى حظى وطبيعة عملى كصيدلانى فى بلاد النفط متآزرَيْن مع قبضة المشرف الأمنية بمشاهدة محاكمة المخلوع على الهواء فى بثها المباشر ....فلم أرَ الطاغية فى قفصه .!!



1-      لم أرَ الطاغية فى قفصه .!!

لم أر وجهه المريض المتمارض , لكنى رأيت المرض أعواماً بطول الهم فى وجوه مصرية أنهكها الفشل الكلوى , وأضناها فيروس سى , وتكفل السرطان ببقيةٍ من لحم وعظام وأمل ..!...كانوا أطهر من الطاغية قلباً وأقصر أملاً ..!



2-      لم أرَ الطاغية فى قفصه .!!..

لم يُسمح لنبضة تعاطف مع الطاغية أن تتسلل لقلبى ..غُرف القلب مزدحمة باُخَر !..فهنا فزعة طفلة طُردت من حلمها على صوت طرقات " فُجّار الفجر " ...وهناك انقباضة أُمّ بُشِّرت بفقد وحيدها فلم تجد حولاً ولا " حيلة " فى دفع الأذى عن ابنها " الحيلة " ...!





3-      لم أرَ الطاغية فى قفصه .!!

لم أر ابنَى الطاغية وقوفاً أو حُوَّماً ..لكنى من قبل رأيت " خالد سعيد " مسجّى ..و" مصطفى الصاوى " مطروحاً لظهره ..لم يُسمح لهما بالوقوف فى وجوه جلاديهم أو التحويم حول قلوب أحبابهم !...فى بلاد الطاغية التحويم حق حصرى للمخبرين والقناصة !





4-      لم أرَ الطاغية فى قفصه .!!

لم أر ابن الطاغية يحمل المصحف ..لكن مما حفظت من المصحف طفلاً : ( ولكم فى القصاص حياة ياأولى الألباب لعلكم تتقون ) ...ومن ذا يكره الحياة ؟!...نحب الحياة لأن الله منحها , ولأن الطاغية سلبها آلافاً : إخوة وأحبابا وأصدقاءاً ...نحب الحياة منحاً وسلباً ..ونحب القصاص !





لم أر ابن الطاغية يحمل المصحف ..لكن مما حفظت من المصحف طفلاً : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به ) ...ألا ماأشد كرمنا أن لم نعاقب الطاغية بمثل ماعاقبنا به ..فلم نسحبه مكبلاً إلى غرفة بمقر أمن الدولة ليس بها من الحياة إلا الذل ولقيمات من قهر الرجال .!..ولم نجبره على الوقوف عارياً لساعات بطول ليل المهموم ..ولم نُفقره حتى لايجد قوتاً ثم نضطره للهجرة اللاشرعية ليعود غريقاً فى عوامة أو عبارة !..ثم لم نخرج جثته لنحشر في حلقه لفافة بانجو أو نحرقها فى قطار آلافاً من المرات بعدد من صُعقوا وأُغرقوا وأُحرقوا ..!!



لم أر ابن الطاغية يحمل المصحف ..لكن مما حفظت من المصحف طفلاً     : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ) ومما حفظت من المصحف طفلاً : ( ولاتأخذكم بهما رأفة فى دين الله ) ...ومما حفظت من المصحف طفلاً مايختم حكم الطاغية بخاتم من خزى !



لم أر ابن الطاغية يحمل المصحف ..لكنى رأيت المصحف ذاته على رفوف المساجد فى عهد الطاغية وقد حيل بينه وبين تاليه وحامليه ومرتليه !...وكم مُنعت مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ...وكم سُعِى فى خرابها !





5-      لم أر الطاغية فى قفصه ..!!

لم أسمح لمستقبلات المنطق عندى أن تتعامل مع مستهلكى : ( ارحموا عزيز قوم ذل ) ...ليس لأنى أعلم أنه لم يكن عزيز قوم , أو لأنى أعلم أن القوم لم يختاروه أو يرغبوه عزيزاً بل فرض نفسه عزيزاً على مصر بذل أهلها !...بل لأنى أعلم أن من اشتهر عنه قولها هو القائل : (وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها ) .!..وهى العزيزة بنت العزيز





6-      لم أر الطاغية فى قفصه ..!!

لم أر المتأسفين على الطاغية وهم يبكونه خارج القفص والقاعة ..لكنى رأيت أمى وأمهات إخوانى يبكين غير ذى مرة ...وأعلم أن غيرهن كن يبكين غير ذى مرة ..فماذا يضير لو بكيتم مرة ياأبناء الطاغية ؟!...رغم أن الدموع ليست كالدموع !





7-      لم أر الطاغية فى قفصه ..!!

لم أر إصبع الطاغية فى أنفه ...لكنى رأيت العصا فى دُبر " عماد الكبير رغم " أنفه " !...ساعة كان الإدبار شيمة من يتعاطفون اليوم مع الطاغية !!





8-      لم أر الطاغية فى قفصه ..!!

 لم أطرب لنغمته : ( كل هذه الاتهامات أنكرها تماما ) ...فقدت تذوق النغم مع وضاعة موشح :( عبارة من اللى بتغرق ؟! ) ....تصاممت !



9-      لم أر الطاغية فى قفصه ..!!



لم أر وجه الطاغية ...خجلت من عينىْ جَسورٍ وهبهما لمصر فى ثورتها مهر حرية عطاءاً من كرمه وسلباً من خسة الطاغية ..!..تغامضت  !!





10-  لم أر الطاغية فى قفصه ..!!

تصاممت وتغامضت ..لكنى رأيت وسمعت بعينى وأذنى ضميرى آيةً من آيات الله فى أخذ الظالمين بما قدمت أيديهم ...فسبحان من له الملك ...وماأغفل من ركن إلى كرسيه !





11-  لم أر الطاغية فى قفصه ..!!

لم أر هامانَ فرعون يقف بجواره فى قفصه بعدما كانا فى منعة الصروح المشيدة لبلوغ الأسباب !...لكنى رأيت آثار من طغوا وبطشوا جبارين ...بقيَت وزالوا ...وصدق فيهم قول الملك : ( وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ) !





12-  لم أر الطاغية فى قفصه ..!!

لكنى رأيت مصر كثيراً فى قفصها ..كُبّلت لكل مغتصب , وهُيئت لكل هاتك , وأبيحت لكل نخاس ...وأهيل على وجهها البهى تراب المذلة !





13-  لم أر الطاغية فى قفصه ..!!

لكنى رأيت الحق له حلاوة وعليه طلاوة ويعلوا ولايعلى عليه فى حوارى مع شخص سعودى فى الصيدلية

قال : ( والله حرام اللى بتعملوه فى مبارك ده ..أنا معاك انه قتل ونهب بس كده كفاية )

قلت : ( تعالى واحنا بنتفرج على المحاكمة تنسى إنك سعودى قاعد تحت التكييف وان أنا صيدلى قاعد فى الصيدلية تحت التكييف برضه ...ونبقى أم فقدت ولدها الوحيد أو طفل اتيتم وفقد والده )

قال : ( ده أنا أدخل أقطعه بايدى جوه القفص ) !!





14-  لم أر الطاغية فى قفصه ..!!

لكنى رأيت الله وحكمه وحكمته وعدله فى الدنيا وأراه عين اليقين فى الآخرة.




No comments:

Post a Comment