Tuesday, July 3, 2012

نهــايـــة إسرائيـــــل العنــصريــــة



مقال لم ينشر من قبل للمسيري 
خصت زوجته به الاهراملم يحاورني أحد.
لم تكن الدكتورة هدي حجازي زوجة عادية لرجل غير عادي هو المفكر الدكتور عبد الوهاب المسيري صاحب الموسوعة الكبري اليهود واليهودية والصهيونية‏.‏ بل كانت وفق ماقال في كتابه رحلتي الفكرية هي التي قرأت كل ما كتبت و حاورتني كما ورحلة هدي وعبد الوهاب بدأت منذ تعارفا في قسم اللغة الانجليزية بآداب الاسكندرية عام1958( كانت في الصف الأول وكان هو في الصف الرابع والأخير).وهي معرفة توجاها بالزواج في عام.1960 ولأنها لم تكن زيجة لمجرد بناء البيت وإنجاب الأولادنور و ياسر), فقد شاركت هدي رفيق عمر عبد الوهاب في العمل بموسوعته الذي إستغرق أكثر من16 عاماو كتبت لها كل ما يتعلق بالتعليم والتربيةكما شاركته ترجمة كتاب الغرب والعالم لصديقه المؤرخ الأمريكي المجدد كافين رايليوفوق هذا وذاك كانت رفيقة وشريكة سنوات الفاعلية السياسية الأهم للمسيري خلال أنشطة ومظاهرات حركة كفاية التي تولي مسئولية منسقها العام منذ يناير2007 والي حين وفاته فييوليو.2008الدكتورة هدي حجازي نادرا ما تتحدث للإعلامفهي وفق وصف المسيريإنسانة خاصة جدا ترفض أن تكون جزءا من الحياة العامة أو علي الأقل من حياتي العامةوالي حد أنه روي في كتابه المشار اليه سابقا كيف رفضت أن يهدي لاسمها واحدا من أهم كتبهلكن بمناسبة الذكري السنوية الرابعة لرحيله تحدثت الينا وأهدت الأهرام مقالا لم ينشر له من قبلوروت تفاصيل وقائع لم ترد في كتاب رحلتي الفكرية الذي كان يحلو له وصفه بـ سيرة غير ذاتيه غير موضوعيةتذكرت كيف طلب خطبتها في أحد ممرات الكلية بعد شهرين فقط من التعارف فوافقت علي الفوروبعدما لفت نظرها هذا الشاب الوسيم حاد الذكاء خفيف الدم المثقف جداوقالتطلب مني أن أكتب موضوعا باللغة الإنجليزية في مجلة الجمعية الإنجليزية التي يرأسها وهي بالأصل تابعة للكليةوكان الموضوع إجابة عن السؤالهل يعيش المثقف في برج عاجي أم عليه أن يتفاعل مع المجتمع؟.. فانحزت للخيار الأخير.قبل أشهر قليلة من تعارفهما بجامعة الاسكندرية كان المسيري قد تعرض لتجربة اعتقال قصيرة علي ذمة أحد التنظيمات الشيوعيةوعندما سألتها عما علق بذهن مفكرنا عن هذه التجربة بخلاف ما ورد في كتابه من إشارة سريعة عنهاقالتلم تترك التجربة أثرا كبيرا في نفسه.. كانت التجربة فجائية وقصيرة.. لكنه روي لي اندهاشه من أنمكوجيامعه في التنظيم ظل معتقلا لفترة طويلة بعدما جري إطلاق سراحه هوأما كتاب ماو تسي تونج عن التناقض الذي كان قد ترجمه لتثقيف رفاقه في التنظيم في ذلك الوقت فلم يكن ـ كما قالت الدكتورة هدي ـ محل أي اهتمام لاحق من جانبهوأضافتعبد الوهاب تطور كثيرا بعدها.وتصف أربع سنوات أمضاها بين الاسكندرية والقاهرة كي يظفر ببعثة الدراسات العليا في الولايات المتحدة بأنها كانت حربا شعواء كشفت عن طبيعة شخصيته المقاتلة التي لا تيأسكما روت الأيام الصعبة القاسية التي عاشاها في أحد أحياء الزنوج بنيويورك خلال التحاقه بجامعة كولومبيا فور وصوله الي الولايات المتحدةوقالتكانت أموال المنحة التي تأتي من مصر شحيحة جدا.. وكنا نعيش في غرفة واحدة في حي تهاجم فيه الفئران الأطفالولما سألتها عن كيف بدأ انشغاله الأكبر بالظاهرة الصهيونية عندما سافر لدراسة الأدب الانجليزي في الولايات المتحدة قالت انه جاء إثر حوار له مع زميلة طالبة أمريكية يهودية و اندهاشه لهذا الخلط عندها بين الديانة والقومية الجنسية بالنسبة لليهودية.علاقة المسيري مع المؤرخ المجدد كافين رايلي التي تستعد الدكتورة هدي حجازي لاصدار الطبعة الثانية من ترجمة كتابه الغرب والعالم بعد إضافة أربعة فصول جديدة تلخصها في قولهاهو وكافين أسساالمنتدي الاشتراكيفي جامعة رتجرز الأمريكية في الستينياتوكافين بالأصل مثقف وكاثوليكي.. وعبد الوهاب يعتقد ان الكاثوليك أكثر انسانية من البروتسانت.. كما يجمع بين الرجلين النظرة الانسانية والولع بالفنون.. وشيئا فشيئا طورا نظرة نقدية مشتركة للصهيونية.. وحقيقة فقط كان كافين أمريكيا يؤمن بالعدالةأما عن تجربة العمل المشترك في الترجمة مع الدكتور المسيري فتقولفي الترجمة والتأليف هو شخص يتميز بالسرعة والإنجاز مقارنة بي.. أترجم واكتب صفحتين وهو في الوقت نفسه ينتج عشرين صفحة.. كما ان عبد الوهاب لديه جرأة فكرية.. وهذا ساعده في ان يحقق إنجازات واختراقات مهمة.أصداء يونيو1967 علي الدكتور المسيري ترسمها الدكتورة هدي قائلةكانت الحالة سيئة جدا.. لكن عبد الوهاب كان متماسكاوقالخسرنا معركة ولم نخسر الحربواضافتبعدها توجه بقوة الي دراسة الصهيونية واسرائيل اثناء اعداده للدكتوراهلكنها تعود لتوضح ان السنوات بين1975 و1979 التي عاد فيها الي الولايات المتحدة لمرافقتها وهي تعد دراسة الدكتوراة هي التي منحته تفرغا غير مسبوق للقراءة في شتي أوجه المعرفةوأضافتوقتها اختار العمل بعض الوقت لا كل الوقت كمستشار ثقافي لوفد الجامعة العربية بالأمم المتحدة في نيويورك.تحولات المسيري الفكرية الي لون من الإسلام الحضاري في عقد الثمانينيات لم تتعارض مع استمرار ولعه بالفنون التشكيلية والسينما والمسرح و المتاحف و الموسيقيومرضه بالسرطان بحلول عام2000 وبعد إنهائه العمل بالموسوعة عام1998 لم يحد من نشاطه في التأليف والإبداع أو من استمتاعه بالحياة والفنونوكما قالت زوجتهوجد في العمل والتفاؤل طريقة لمقاومة السرطانوقبل وفاته باسبوعين ذهبنا الي السينماوقبل الوفاة بيومين فقط كان قد اصطحب معه اوراق عمله الي المستشفي.مواقف مفكرنا المعارضة لبطش السلطة عديدة ولا تتوقف عند تحمله مسئولية المنسق العام لحركة كفاية في مطلع عام2007. وفي يناير عام1972 اشترك مع زوجه في جمع توقيعات اساتذة الجامعة علي بيان تضامن مع مطالب الحركة الطلابيةوتقول الدكتورة هدي عن قبول زوجها مسئولية كفاية في وقت صعب كادت الحركة فيه تتمزق داخليا فيما تتعرض لقمع عنيف من السلطةكان لديه قدرة علي تجميع الناس من مختلف التيارات من ماركسيين وقوميين واسلاميينوعن نزولهما للشارع في إحتجاجات كفاية قالتكنا نتلقي تهديدات من ضباط رفيعي المستوي.. لكن الدكتور المسيري اختار تحديها كلهاواشارت الي انها شخصيا تعرضت للضرب ووقعت علي الأرض علي ايدي الشرطة في احدي هذه المظاهراتوتضيفكان يتوقع انفجارا كبيرا قريبا في مصر و يري ان الشباب هو الذي سيقود التغييروعندما سألتها عن اختطافهما في18 يناير2008 من ميدان السيدة زينب الي الصحراء لمنع كفاية من تنظيم وقفة بمناسبة الذكري الحادية والثلاثين للانتفاضة الشعبيةقالترجعنا الي البيت ومعنوياته مرتفعة.. وعلي عكس حالي كان متفائلا بان الناس ستنضم الي التغيير.
نهــايـــة إسرائيـــــل العنــصريــــة
دعبد الوهاب المسيرى
حينما أصدرت محكمة العدل الدولية حكمها بخصوص الجدار العازل وعدم شرعيته بدأ الحديث علي الفور عن أن هذه هي بداية النهاية باعتبار أن هذا هو ما حدث لجنوب أفريقياعزلة دولية تبعتها مقاطعة وأخيرا سقوط النظام العنصريوقد جال نفس الخاطر بعقل يهودا ليطانييديعوت أحرونوت91 أكتوبر6002) الذي حذر من استمرار عزل الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وحرياتهم سيحول الدولة الصهيونية إلي دولة أبارتايد مثل جنوب أفريقياوأنها لن تجد أحد يقف معها أو يري بعيونها ما تراهأي أن مصير جنوب أفريقيا ينتظر الجيب الصهيوني!.إن الكتاب الاسرائيليين الذين ربطوا مصير النظام العنصري في جنوب أفريقيا بمصير الدولة المحتمل كانوا علي حقفنظام الفصل العنصري السابق في جنوب إفريقيا يشبه في كثير من الوجوه نظام الفصل العنصري السابق في فلسطين المحتملةوكلاهما لجأ إلي العنف والبطش ليقضي علي مقاومة السكان الأصليينولكنهم استمروا في المقاومة إلي أن أنهك النظام العنصري وسقطفعلي مدي قرون تمسك الأفارقة السودأبناء البلاد الأصليونبحقهم في المساواة والعيش بكرامة في وطنهموقاوموا بكل السبل السياسية والثقافية والعسكرية محاولات إخضاعهم أو تغييبهم أو تهميشهموبعد سنوات من الحوار المسلح مع الأقلية البيضاء التي كانت تسيطر علي مقاليد الأمور في البلادبدأ العالم يقاطع هذه الدولة وتصاعدت المقاومةفبدأت الأقلية البيضاء الحاكمة تدرك انه لايمكن الوصول إلي حل دائم من خلال الوسائل الأمنية أو العسكريةومن ثم وافقت علي إنهاء النظام العنصري وتسليم السلطة إلي ممثلي السكان الأصليين بقيادة نلسون مانديلاوالذي لم يتنازل مطلقاحتي في أحلك اللحظاتعن حق شعبه في انتهاج أسلوب المقاومة المسلحة في مواجهة المستوطنين العنصريين.وشكل هذا الإدراكوما تبعه من خطوات عمليةإيذانا بظهور نظام جديد استوعب البيضالذين تحولوا إلي مواطنين في دولة متعددة الأديان والأعراق والقومياتوفتح الباب أمام الجميع للمشاركة في العملية السياسية والتمتع بالحقوق كافة دون تفرقة علي أساس اللون أو الدين أو اللغة أو الجنسوكان بعض المستوطنين البيض يروجون للرأي القائل إن نهاية نظام الأبارتهايد يعني العنف وإبادة البيض والمذابح الجماعية والحروب الأهلية وأن نهاية النظام العنصري تعني نهاية المستوطنين البيض ككيان إنساني له حقوق سياسية ودينية وإثنيةولكن ما تحقق علي أرض الواقع كان مختلفا تمام الاختلاف.ويمكننا أن نطرح السؤال التاليماذا يمنع أن يحدث ذلك في فلسطين؟ أليس هذا هو مصير كل الجيوب الاستيطانية التي لم تبد السكان الأصليينألا يعني هذا نهاية إسرائيل؟ ولكن هل نهاية إسرائيلتعني نهاية الاسرائيليين ككيان إنسانيإثني وديني؟
هنا يمكن القول إن نموذج جنوب إفريقيا قابل للتحقق في فلسطينفمع تصاعد الحوار المسلحقد يغدو الجيب الاستيطاني الصهيوني باهظ التكلفة بالنسبة للدول الاستعمارية التي ترعاهوقد ينال الإرهاق من المستوطنين الصهاينة مما يدفعهم إلي التسليم بأن لا طائل من وراء الحلول العسكرية والأمنيةوأنه لا مخرج لهم سوي التخلي عن عنصريتهم وعزلتهم وادعاءاتهم القومية والدينيةأن تستمر المقاومة الفلسطينية بمختلف الوسائلوفي مقدمتها الكفاح المسلحوأن تواصل في الوقت نفسه توجيه رسائل إلي المستوطنينولاسيما اليهود الشرقيين وقوي السلام في اسرائيلمؤداها أن الحل العربي لمسألة الاحتلال الاستيطاني الصهيوني لايعني ذبح اليهود أو إبادتهمكما تزعم القيادات الصهيونيةوإنما تفكيك الإطار العنصري للدولةوإنشاء مجتمع جديد علي أسس إنسانية وديمقراطية علي نمط جنوب أفريقياإن الدولة الصهيونية تدعي أنها ليست دولة لكل مواطنيها الذين يعيشون داخلهابل دولة لكل يهود العالم الذين يعيشون خارجهاوهو وضع شاذ لا سند له في تجارب التاريخ أو في الأعراف والقوانين الدوليةوهذه الدولة لاتكف عن الحديث عن حق العودة لليهود من مختلف أنحاء العالمرغم مرور آلاف السنين علي وجودهم المزعوم علي أرض فلسطين ورغم أن أغلبية يهود العالم لاتريد الاستقرار في الكيان الصهيوني غير المستقر أصلاورغم أن مندوبيها يهودون بعض الهنود الحمر في بيرو حتي تجلبهم لتملأ بهم المستوطنات الخاويةوترحب بهجرة اليهود السوفيت الذين ظهر أن نصفهم من غير اليهودفنسبة كبيرة من هؤلاء الذين يسمون أنفسهم يهودا كانوا قد فقدوا علاقتهم باليهود كدين وكميراث ثقافيوتقوم الدولة الصهيونية الآن بتهجير بعض يهود الهند الذين شككت الحاخامية الاسرائيلية في يهوديتهموقبلت بهجرة الفلاشاة بعد أن رفضت عام3791 بهجرتهم ونصحتهم بالتحول للمسيحية حلا لمشاكلهمفعلم الأنثروبولوجيا الغربي يصنف الفلاشاة علي أنهم مسيحيون دخلت علي عقيدتهم بعض العناصر اليهوديةومن الملاحظ أن بعضهم تأثروا بجيرانهم المسلمينولذا حينما وصلوا إلي اسرائيل تحولوا إلي الإسلاموقد كتب أحد الصحفيين الاسرائيليين مقالا بعنوان الفلاشاة السنيون.هذه الدولة الصهيونية التي تبحث عن يهود وأشباه يهود وأنصاف يهود ومتهودين وغير متهودين لتمنحهم حتي العودة والاستيطان في فلسطين تنكر هذا الحق علي الفلسطينيين الذين طردوا من أراضيهم منذ سنوات قلائلوالذين يطالبون بالعودة إلي أراضيهم ومنازلهملكل هذا يجب أن تترجم هذه الرؤية العربية الجديدةذات الطابع الانساني الديمقراطيإلي خطوات إجرائية محددةوفي مقدمتها إلغاء قانون العودة العنصري والقوانين العنصرية الأخري مثل دستور الصندوق القومي اليهوديالذي يعد أحد دعائم الجيب الاستيطاني في عنصريته واقصائيتهحيث تحرم قوانينه علي غير اليهود أن يمتلكوا أرضا يمتلكها ما يسمي الشعب اليهودي أو أن يعملوا فيهاأي أنها تمنع العرب من مواطني الدولة الصهيونية من امتلاك أية أراض تمتلكها الوكالة اليهوديةوهي تمثل حوالي09 بالمائة من أراضي فلسطين المحتلة). والجدير بالذكر أن مثل هذه القوانين العنصرية تحول مقولة يهودي إلي مقولة قانونيةوهو الأمر الذي يؤكد أن العنصرية الصهيونية جزء لا يتجزأ من البنية القانونية للدولة الصهيونيةوهذه هي إحدي السمات الأساسية للجيوب الاستيطانية الإحلاليةإذ يتحول التمييز العنصري من مجرد عمل يقوم به العنصريون المتعصبون إلي ركن من أركان البناء القانونييعاقب كل من يتجاوزه أو يخرقه.ولابد من التأكيد هنا أن تمسك أبناء البلاد الأصليين بخيار المقاومة المسلحة كان العنصر الحاسم في انهيار النظام العنصري في جنوب إفريقياوهو نظام دام قرابة أربعة قرون وكان يمتلك عناصر قوة ذاتية ولم يكن يعتمد اعتمادا كبيرا علي الخارجكما هو الحال مع الدولة الصهيونيةكما أنه لم يدخر وسعا في انتهاج كل أساليب القمع والبطش والتنكيل بالسكان الأصليينولعل هذا النموذج يقدم ردا مفحما علي أولئك الذين يقللون من أهمية المقاومة الفلسطينية أو يطالبونها بالتخلي عما يسمونه العنف حتي تحظي بالرضا الأمريكيوكذلك الذين يرون أن الكيان الصهيوني أصبح أمرا واقعا لاسبيل إلي مواجهته أو التصدي لهومن ثم لم يعد هناك سوي التعايش معه وقبوله والإذعان لشروط وجودهوالذي يحذرون أن نهاية إسرائيل لا تعني فك الإطار العنصري وإلغاء القوانين العنصرية واستيعاب المستوطنين في الكيان الجديدوإنما تعني إبادة الاسرائيليينوهو إفتراء الهدف منه الحفاظ علي النظام العنصري واستبعاد الحلول السلمية المبنية علي العدل والمساواةدعبدالوهاب المسيري
والله أعلم

No comments:

Post a Comment