محمد سيف الدولة
غمرنا ارتياح كبير بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية لأننا شعرنا بقدرتنا على مقاومة التزوير وعلى إسقاط مرشح الدولة ، انه الارتياح النابع عن الشعور بالثقة بالنفس ، والثقة فى الثورة وفى الثوار وفى الشعب ، والثقة فى مقدرتنا على تحقيق النصر رغم كل الانتكاسات والتحديات التى شهدناها منذ الثورة .
ولو كان شفيق قد نجح لا قدر الله لكانت البلاد قد دخلت فى أزمة كبرى ، بسبب الشك الذى قد يقارب اليقين فى ان الانتخابات قد تم تزويرها . فلن يصدق أحدا انه نجح نجاحا شريفا ونزيها . فالحمد لله .
***
ولكن للأسف لم يأت هذا الارتياح والشعور بالنصر خالصا و نقيا وصافيا ، بل جاء مصحوبا بقدر كبير من القلق وعلامات الاستفهام :
· فرغم نجاح مرسى ، يشعر كثير من الناس ان الاصوات التى أخذها شفيق فى الجولتين ليست حقيقية وانها ملعوبا بها وان جزءا كبيرا منها مزورا ، وهو ما حال دون استعادتهم لكامل الثقة فى القضاء ونزاهة الانتخابات. ويشعرون ان عهود التزوير لم تذهب بعد ، وهو ما أصابهم بقلق شديد ، خاصة بعدما حدث من حل للبرلمان المنتخب على يد الجهات القضائية التابعة ، لانهم يشكون فى ان الانتخابات البرلمانية القادمة قد تزور على غرار ما حدث مع شفيق .
· ويشعر الناس ايضا انه لولا الاعتصام فى التحرير لما خرجت النتائج هكذا ، ولكان الاعلان عن نجاح شفيق هو الاغلب . وهذا أمر يقلقهم بشدة .
· كما يخشى الناس من ألا يستكمل الدكتور مرسى مدته وان يطيح به المجلس العسكرى كما فعل مع البرلمان .
· ويشُكُّون ان الدولة القديمة بقيادة العسكرى ستبذل كل الجهود لافشاله والحيلولة دون تمكينه وستعمل على اجهاض جهوده وتجريد قراراته من اى قوة تنفيذية من اجل حرقه شعبيا على الوجه الذى تم مع البرلمان .
· ويخشى الناس من ان ينفَذَ صبر الشعب ، فينقلب على الثورة وعلى الثوار وعلى الديمقراطية وعلى الرئيس وعلى ميدان التحرير ، ان لم يلمس تغييرات ايجابية سريعة تمس حياته وتسد احتياجاته اليومية ، ويعلمون ان الثورة المضادة تراهن على ذلك للانقضاض على الثورة واجهاضها بمباركة شعبية .
· ويتساءل الناس : كم من الوقت يجب ان ننتظر قبل ان نُقَّيم الرئيس المنتخب ونحكم على اداءه ، خاصة فيما يخص القضايا الاساسية فى الاستقلال والحرية والعدالة والأمن ؟
· ويتساءلون هل سينجح الرئيس فى اكتساب شرعية جماهيرية بعد ان اكتسب شرعية دستورية بالانتخابات ، وهو ما لا يمكن ان يتحقق الا باتخاذ قرارات شجاعة وجريئة فى ملفات الاستقلال الوطنى والعدالة الاجتماعية ، قرارات على وزن تأميم قناة السويس والاصلاح الزراعى وبناء السد العالى وانشاء صناعة وطنية قوية و حرب اكتوبر.
· كما يخشى الناس مما قد يجرى فى الكواليس من ضغوط من العسكرى للحصول على وزارات بعينها ؟ وهل سيعلن الرئيس المنتخب عن هذه الضغوط ان حدثت ؟ وهل سيستقوى فى مواجهتها بالثورة والثوار أم سيرضخ فى صمت تجنبا للصدام ؟
· ويتخوف الناس من التدخلات الخارجية الامريكية والاسرائيلية والخليجية ومن ادواتهم المتعددة للضغط والسيطرة والاختراق والترويض والاخضاع .
· ويحتار الناس بين سياسة المصالحة و"الطمأنة للجميع" التى بدأ بها مرسى ولايته ، وبين ضرورة تصفية قيادات وعناصر ومؤسسات الثورة المضادة التى قد تنقض على الثورة فى أى لحظة .
· ويخشى الناس ان تستغل الدولة التناقض القائم بين القوى السياسية وخوف البعض من الاخوان ، فى إبقاء العسكرى فى الحكم وامتناعه عن تسليم كامل السلطة بمباركة بعض الأحزاب والشخصيات السياسية .
· ويخشى الناس من أن يؤدى تشكيل حكومة سياسية اخوانية أو ائتلافية الى تشكيل حكومة ضعيفة الكفاءة والاداء والخبرة ، ويحنقون على نظام مبارك الذى عمل على احتكار الدولة لغالبية الكفاءات ذوى الخبرة فى الادارة والحكم ، ويتساءلون عن الحل الامثل لهذه المعضلة .
· ويخشون من انفراد جماعة الاخوان بالحكم مما يمكن ان يعصف بالتوافق الوطني الهش ويدخلنا فى صراعات قد تعطل وتعيق استكمال مهام الثورة .
· ولكنهم يخشون من ناحية أخرى من ان تؤدى التفاهمات والمجاملات السياسية الى احتلال شخصيات غير مناسبة لمواقع حساسة فى الدولة مثل مناصب نواب الرئيس .
· وتختلف بعض القوى السياسية فيما بينها حول أولويات المرحلة : هل هى العمل من اجل تمكين الرئيس فى مواجهة النظام القديم ؟ أم تمكين باقى القوى السياسية فى مواجهة الاخوان ؟
· بينما يتساءل الكثيرون عن الدور الأمثل الذى يتوجب عليهم القيام به فى هذه المرحلة لدعم الرئيس المنتخب وإنجاح الثورة .
No comments:
Post a Comment