Wednesday, May 18, 2011

دبلوماسية شهرين بعث فيها العربي هيبة مصر

سامي محمد الاسطل
باحث من غزة
samiastal@gmail.com
انتصر التحالف الدبلوماسي المغلق في اللحظات الأخيرة بين مصر الثورة وقطر، وتجلى ذلك بصورة إجماع وزراء الخارجية العرب على اختيار نبيل العربي الأمين الأول بعد الثورات العربية، لقد كان اختيارا للتكنوقراطيين المتمرسين ولفظ  للديماغوجيين، كان انتصارا للتحول العربي؛ فلم ينس أبناء الوطن العربي تصريحات مواطنهم نبيل العربي نحو مطالبهم التحررية، نظمهم المستقبلية والقضية الفلسطينية التي أرضها تتكلم بالعربي.
قبل أسابيع يحذر العربي إسرائيل من مغبة العدوان على غزة ولأول مرة ينسينا العربي نظام مبارك، جوقته، كورلاته، مطبليه، مزمريه، بلاطيجيته يمسح من الذاكرة الأليمة وغائط أبو الغيط، بعد تسلمه الخارجية المصرية صرح العربي للعالم ككل أن مبارك الكنز الاستراتيجي لإسرائيل لن يكون من الآن فصاعدا بل طالب العربي إسرائيل بدفع فوارق أسعار الغاز لمصر بأثر رجعي طيلة الفترة السابقة، لم يكن احد في إسرائيل يتوقع من مصر مثل هذا القول.
حتى فيما يخص إيران حدد سياسة مصر تجاهها واستنكر اعتبارها دولة معادية قائلا: "لا ينبغي أن نعتبر إيران دولة عدو" هذه السياسة الحرة الواقعية البراجماتية الطلائعية بينت ووضحت الفوارق بين أصناف السياسيين المنافسين والذي يتوجب علينا البحث جيدا في التركيبة النفسية لرجال النظم المستبدة.
جاء العربي وفق الاتجاه الشعبي الذي لفظ و مج أولئك الديماغوجيين الساسة المتلاعبين الملونين، إن هذه الأرواح التي زهقت في الثورات لم تكن إلا نتاج  التقييم الأخلاقي السلبي لنمط من الأفعال والتصرفات التي تشكل لونا من الرياء والنفاق في السياسة والتي تهدف إلى الاستحواذ على وعي الجمـاهير لصالح الديكتاتور المستبد، باسم أغراض أنانية وتتم عادة باستخدام وسائل الأخلاق، من اجل الوصول إلى السلطة واكتساب الشعبية لدى الجماهير، وتحقيق المآرب الأنانية والشخصية، المتاجرة بمصالح الجماهير وتطلعاتها، وخلق الإيمان الكاذب بالإخلاص للشعب.
            احدث العربي بهذه النقلة للجامعة العربية فراغا كبيرا لدى الخارجية المصرية ولدى الشعوب العربية فقد فقدنا الخبير في الشئون الدولية والدبلوماسية ، مستشار الحكومة السودانية بشأن التحكيم في آبيي، القاضي في محكمة العدل الدولية 2001-2006م رئيس مركز التحكيم الدولي ، عضو لجنة الحكماء التي تم تشكيلها أثناء اندلاع ثورة 25 يناير 2011م ثم بعد ذلك ودون رشاوى حزبية، مالية أو شراء ذمم تم اختياره بامتياز يوم الأحد 6/3/2011م وزيرا للخارجية ثم الأحد 15/5/2011م أمينا عاما للجامعة العربية.
 تسلمت قيادة الجامعة في ذكرى نكبة العالم العربي بتهويد فلسطين وشتات اهلها؛ هل جاء هذا القدر قدرا على الاسم والمسمى للامين العربي؟ إننا ننتظر منك أن ترفع شعارا للعالم العربي أن: "فلسطين مسئولية الجميع" "الجميع شركاء في رفع الظلم عن فلسطين" "العودة حق كل الفلسطينيين".
            هذه رسالة مفتوحة إلى الأمين الأول من مواطن عربي يحمل الهم مثل كل المواطنين حول أولويات الجامعة العربية وإعادة صياغة هذه الأولويات التي ترتكز على الإنسان العربي وكرامته، حول الحدود التي تمزقنا وتشتتنا بذرائع واهية.
            كانت أولى التصريحات للامين العام الجديد الارتجالية لحظة الاختيار ومفاجأته تتلخص حول إيجاد الحلول التي ترفع من شأن الدول العربية وتحقق وطالب الشعوب، كم تعبر هذه الكلمات عن سليقة نقية عربية الهوى والهوية.
السيد الأمين الم يأن لصنمي سايكس وبيكو أن يسقطا، لقد جثما على صدورنا مائة عام، ونحن نقدس هذه الأصنام ونحافظ عليها حتى بعد أن تراجعت فرنسا وبريطانيا عن قيادة العالم، ودخلنا مرحلة التحرر والبناء، ولازلنا نتمسك بسياساتهما القائمة ، لقد مات سايكس وبيكو وأبنائهم، إلى متى تبقى هذه الحالة؟ متى يخرج المواطن العربي ولا يجد هذه الحواجز والكتل الخراسانية والحديدية، إن ما ينفق على الحدود يساهم في تراجع الاقتصاد ويذكرنا ذلك بقول ادم سميث: دعه يعمل دعه يمر، هذا عمل كبير لكنك أهله.

No comments:

Post a Comment