عبد السلام البسيوني 12-05-2011
هل تعرف وجع المخاض قارئي الحبيب أو وُصف لك؟
هل تعرف كم تتمزق أحشاء المرأة، وكيف تشق صرخاتها الجو، مستغيثة بربها، سائلة التخفيف، وأحيانًا الموت!؟/ هل رأيت اندفاق الدم منها، يحيط بها كأنها في فراش من الآهات والمواجع!؟/ هل أحسست بطول ساعات المخاض ودقائقه وثوانيه، وهل أدركت كم هي بطيئة، وجيعة، غبية؟
هل لاحظت انفعالات الأنثى وهي (تعض المخدات) وتلكم الممرضات، وتطلق الصرخات، صائحة: أريحوني؛ فإنني أتمزق؟ وهل رأيتها بعد أن يفرج الله عنها، وتسمع صرخة وليدها/ ضناها/ روحها/ حبة عينها/ فتنسى الألم كله، والصراخ كله، والوجع كله، ويستحيل ذلك كله ابتسامة رضا، وتنهيدة راحة، ثم لتبدأ رحلة جديدة مع مولودها الذي خرج للدنيا (بطلوع روحها)؟
بلاش المرأة: هل رأيت خادرة الفراشة، وهي تشق كيسها الخانق الضيق لترى النور، بجهادٍ منها يكسر القلب، ثم بعناءٍ هائل تجتهد أن تفتح جناحيها الملتصقين الكليلين العاجزين، ليستحيلا - في لحظاتٍ - مجدافين قويين، تشق بهما موجات الهواء؛ ثم تطير عالية محلقة، لتملأ الدنيا خيلاء، مُدِلة بجمال جناحيها، ودقة خلقها، وبهاء ألوانها!؟
كذلكم ثورتنا العظيمة، مخاضها الواعد أليم، وصرخاتها المبشرة وجيعة، ودماؤها الزاكية ثرة، ثم لن تلبث أن تستوي خيرًا، وبركة، واستقرارًا وأمنًا، وتوثبًا ونهضة.. بضحكات، وانطلاقات، وانتصارات، مكان المعاناة، والصرخات، والأنات.. قل آمين!
ربما علت الآن صرخاتها/ ربما دفعت بعض الدماء ثمنًا!/ ربما عانت وجعًا أو أوجاعًا.. لكنها بعدُ ستعود حسناء، لفيفة القوام، خلابة الحسن، وَلودًا معطاء.. فأبشري يا مصر..
مخاضك يا حبيبتي طعنات من واغشٍ بشري حاقد، يريدك إقطاعية لنخبة فاسدة طالما أنهكتك وآدتك وأكرثتك، وتآمرت على استقرارك وراحة بالك!
مخاضك يا حبيبتي يريد أن يغرس في ظهرك خناجر الطائفية اللئيمة، والشعوبية الذميمة، والتطرف اللاديني، والانجراف اللا أخلاقي، لتصيري بلا دين ولا خلق، ولا عهد ولا ذمة!
مخاضك يا غاليتي لدغات من فئامٍ قذرة مفضوحة، أثبتت الأيام انحرافها، ولصوصيتها، وتآمرها على بقائك، وسرقتها الدماء من شرايينك.
مخاضك يريد أن يهدر دماء طاهرة، ويُطلّ أرواح شبابٍ باسل جسور، قال للخوف لا، وللجبن، توقف، وللظلم (غور في داهية)! إنهم يريدون أن يريقوا في الرمل العطشان العقيم دماء إسلام رأفت، وإسلام رشاد، وإسلام بكير، وإسلام مصطفى ، ومحمود هداية، وسيف الله مصطفى، ومحمد حسام الدين، ومدحت طاهر، وشريف حماد، وسالي زهران، وعبد المنعم جعفر، وأحمد البسيوني، وبقية العيال الجدعان.. الورد اللي فتح في جناين مصر على حد تعبير أبي النجوم!
نزفك أيتها الممدوحة في القرآن سببه من سرقوا أمنك، وأطاروا النوم من عيون أبنائك، وسلبوهم العافية وراحة البال!
جرحك قطعه موتورون مفضوحون موصومون، يلفظون أنفاس كرامتهم بعد أن أكرمتِهم، ومكنتِهِم وأعطيتهم، فاستداروا عليك ليخنقوك، ويحرموا الدنيا من تميزك، والتاريخ من عطائك، والحاضر من إبداعاتك، والمستقبل من ميراثك!
مخاضك الأليم يا أم الدنيا ثأرٌ أثيم، وانتقام لمن سُجنوا من الوطاويط، الذين قدِر عليهم ما كانوا يحتجنون، وحبس عنهم ما كانوا يسرقون، فهم يرمون آخر ما في كنائنهم من سهام طائشة، ورميات باطشة!
آهاتك أيتها الولود المعطاء تستدرُّها أيد خبيثة، يمولّها المال الطائفي، والإعلام الأجنبي، يريدون إشعال جنباتك نارًا، وملء واديك جؤارًا، وتحويل حُسنِك دمامة، ونورك قتامة!
لكنك تبقين القوية دون المصائب والطوام، الأبية على الانحناء والانهزام، العصية على نذالة الأنذال ولؤم اللئام، المنيعة من نذالة الضباع، وهمجية الذئاب،
إن الجميع يتبرؤون من الطائفية، ومن البلطجة، ومن إرهابيي الحزب الوثني، ومن أساتذة التعذيب في زنازين أمن الدولة، وسراديب السجون المجرمة، كما يتبرؤون من الانتهازيين، وموقدي النيران، ومشعلي الفتن، وراكبي الموجات، ومهيجي المشاعر!
لقد تبرأت من الأحداث اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة داعية (جموع الشعب المصري إلى الخروج في مسيرات مليونية لمواجهة مؤامرات أعداء الثورة، من فلول النظام السابق، والحزب الوطني المنحل، والبلطجية، والمجالس المحلية الفاسدة، لقيامهم ببث الفتنة الطائفية بين أبناء مصر، وزعزعة أمن الوطن والمواطن. وطالبوا المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي ائتمنه الشعب على ثورته القيام بواجبه في تأمين هذه المليونيات، ووقّع على ذلك: ائتلاف شباب الثورة، والإخوان المسلمون، والجمعية الوطنية للتغيير، ومجلس أمناء الثورة، وتحالف ثوار مصر، وائتلاف مصر الحرة، والأكاديميون المستقلون، كما تبرأ السلفيون الذين أريد لهم أن تتآمر الضباع كلها عليهم، ليكونوا كبش فداء، وقناعًا لتغطية الفاعل الحقيقي الأثيم (فلول النظام السابق، والحزب الوطني المنحل، والشبِّيحة الرسميين، والمجالس المحلية الفاسدة) وفيلقهم البلطجي، ومدربيهم الجلادين السفاحين..
الفعلة يا مصر يا أمي ليسوا من الإخوان ولا السلفيين، ولا العوام ولا الأقباط العاديين، بل كانوا كما كتب أ.بلال فضل عنهم، وكشفت التحقيقات الأولية: (فيه رجال أعمال من بتوع نظام مبارك، بيشتغل معاهم ضباط أمن دولة سابقين، هيعملوا مصايب في البلد، وإسرائيل مش بعيدة عن اللي هيحصل! شوفوا مين الضباط اللى كانوا بيشتغلوا مع إسرائيل خلال الخدمة، وحطوا عينكم عليهم.. أنا عرفت إن فيه بعض رجال الأعمال دول عندهم مخزن سلاح في ........ وبيوزعوا سلاح على بلطجية، وكانوا عايزين يعملوا فتنة طائفية امبارح قدام الكاتدرائية، بس الحكاية باظت لما السلفيين راحوا قدام السفارة الأمريكية بدل ما يروحوا الكاتدرائية، وكان المفروض أن يترتب إنه تحصل مواجهات بينهم وبين المسيحيين اللي قدام الكاتدرائية)! هل وضح الخفاء يا مصرنا!؟
مخاض عسر سيمر يا مصرنا، ثم ترين مولودك الجميل الأنيق المتحضر البهي، وتعودين بلد الأمن والأمن، والسلامة والإسلام، الأم الرؤوم، والحضن الحنون، وكنانة الله في أرضه، لندخلك من منافينا حول العالم باسمين مشتاقين، مصدقين الشعار المكتوب على بوابة استقبالك في المطار: ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين.
سيزول المتآمرون والخونة، والبلطجية، والقتلة، والفتانون والنهابون، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.. قل: عسى أن يكون قريبًا!
No comments:
Post a Comment