Sunday, May 15, 2011

عندما أغلق زكريا عزمى الهاتف فى وجه رئيس الدولة استجابة لأمر الهانم

الجمعة، 13 مايو 2011
محمود سعد الدين

رغم أن كل الأحكام القضائية وقرارات أجهزة التحقيق تجب ما قبلها، إلا أن قرار المستشار عاصم الجوهرى مساعد وزير العدل لشئون جهاز الكسب غير المشروع بحبس سوزان مبارك 15 يوما على ذمة التحقيقات، لم يجب أو يلغ لقب السيدة الأولى لسوزان مبارك، فهى لازالت تحتفظ به، غير أن مكان تفعيله تغير إلى سيدة مصر الأولى خلف القضبان بسجن القناطر المعروف بسجن النساء.
قرار حبس سوزان صباح اليوم الجمعة بقدر ما يجسد على أرض الواقع مبدأ سيادة القانون وعلوه فوق أى شخص، بقدر ما يدفع سوزان نحو محطة جديدة من محطات الحياة بسجن القناطر وسط نزيلات يشتقن للجلوس ولو دقيقة واحدة مع سيدة مصر الأولى، تلك المحطة تختلف تماما عن محطات سابقة كانت سوزان فيها الآمر الناهى، الحاكم الخفى، مهندسة مشروع التوريث، صاحبة الحق الأول فى اختيار الوزراء وإقالتهم، مشرعة قوانين الخلع والرؤية والختان، وكانت صورتها تحتل صدر الصفحات الأولى فى الصحف القومية، وصدر الصفحات الأخيرة فى كتب القراءة للجميع، وفى الحالتين بالإجبار، كانت تميمة النبوءة السوداء لمبارك، بل كانت بحسب ما يقول المثل الشعبى "شورة المره تجيب ورا".
سوزان مبارك.. اسمها بالكامل سوزان صالح ثابت، من مواليد 28 فبراير 1941، بمركز مطاى بمحافظة المنيا، لأبوين من أسرة ثرية، فوالدها طبيب أطفال درس فى لندن.
درست سوزان المرحلة الابتدائية بمدرسة مصر الجديدة، ووقت أن كان عمرها 15 عاما نشرت جريدة الجيل فى أحد أعدادها صورة لها تحت عنوان "تذكر هذا الاسم" وهى مواضيع صحفية تصدرها الجيل لأشخاص تعتقد بأنه سيكون لهم شأن فى المستقبل ويصلوا إلى القمة.
الجيل عددت مواهب وقدرات سوزان الطالبة بمدرسة سانت كلير، فهى رئيسة فريق البالية بمدرستها، وعضو بنادى الهليوليدو، تمارس السباحة، وفازت بعدة بطولات فى الرياضة، فضلا عن أنها عضو بفريق التنس بالنادى، ومدربها الكابتن على توفيق يأمل أن يخلق منها بطلة سباحة عالمية، وسوزان أو سوزى بحسب ما قالت الجيل تهوى قراءة القصص البوليسية، وأمنيتها بعد انتهاء دراستها أن تعمل مضيفة جوية، ومثلها الأعلى "مويرا شيرر" راقصة الباليه الإنجليزية".
انشغلت سوزان بالدراسة، فحصلت على الثانوية الأمريكية من مدرسة سانت كلير بمصر الجديدة، ثم شهادة البكالريوس من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتزوجت حسنى مبارك عام 1959، وفى منتصف عام 1961 أنجبت علاء، وبعدها بعام ونصف أنجبت جمال، وفى العام 1977 حازت على الماجستير فى علم الاجتماع، وهو نفس العام الذى عين فيه مبارك نائبا لرئيس الجمهورية.

22
عاما مرت هادئة فى الحياة الأسرية لسوزان، لم تكن معروفة لأى جهات إعلامية، فقط تهتم بتربية نجليها علاء وجمال ورفع الروح المعنوية لزوجها الذى يتقلد منصبا جديدا فى القوات المسلحة، حتى جاء العام 1981 واغتيل الرئيس الراحل أنور السادت فى حادث المنصة الشهير، ووقتها تم الدفع بنائبه حسنى مبارك الذى تولى منصب رئيس الجمهورية فعليا فى 14 أكتوبر 1981، وأصبحت سوزان فعليا "سيدة مصر الأولى"، فى طموح لم تكن تتوقعه من قبل، ولا يقارن بحلم الصغر، وهو أن تعمل "مضيفة جوية".
تغير اسم سوزان مع بداية حكم مبارك، من سوزان منير ثابت، إلى سوزان مبارك، وظلت بعيدة عن الظهور فى الصحف والتليفزيون للسنوات العشر الأولى، حتى انه فى حال نشر أى صحيفة لصورها، يتم معاقبة حرسها الخاص، حتى جاء الانفتاح فى نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات، من خلال ممارستها للعمل التنموى والاجتماعى عبر جمعية مصر الجديدة.
بدأ ظهورها يتزايد يوما بعد يوم، وبدأ التسويق الإعلامى للسيدة الأولى فى مصر من خلال مشروع القراءة للجميع فى عام 1991، وهو المشروع الذى ولدت فكرته خلال مؤتمر الاتحاد الدولى للناشرين فى لندن فى نفس العام، وأصبح مشروع ماجستير لسوزان مبارك، ولم تكتف سوزان بمشروع القراءة للجميع، بل اتجهت نحو تفعيل دور المرأة فى المجتمع، من خلال تدعيم عدة جمعيات نسائية، وظلت وراء مبارك إلى أن اصدر قرار رقم 90 لسنة 2000 بإنشاء المجلس القومى للمرأة، والمتضمن جميع صديقاتها، بداية من مشيرة خطاب وزينب رضوان وفرخنده حسن.
المجلس القومى للمرأة وبدعم مباشر من سوزان مبارك كان له الدور الأكبر فى طرح عدد من القضايا على الشارع المصرى، والإنفاق عليها من ميزانية الدولة لترويجها، مثل قانون الخلع وقانون الرؤية وختان الإناث ومشروع تنظيم الأسرة، وكلها قضايا تسببت فى حالة من القلق والاضطراب بالمجتمع المصرى.
ازدادت سوزان جرأة فى العمل العام، وبدأت تزداد جرأة فى اتخاذ القرار داخل القصر الجمهورى فى السنوات العشر الأخيرة، لدرجة أن كل العاملين بمؤسسة الرئاسة كانوا يعدون لها ألف حساب، ففى أحد الأيام كان زكريا عزمى برفقة سوزان مبارك وعدد من الشخصيات العامة فى زيارة لمكتبة مصر الجديدة، وبعد دقائق من وصولهم المكتبة، رن الهاتف الشخصى لعزمى، فقالت له سوزان، من يتصل عليك، فرد قائلاً: سيادة الرئيس.. فردت سوزان: اقفل التليفون..فقال لها نعم.. مرت دقائق واتصل مبارك مرة ثانية.. فقالت له سوزان: مين تانى اللى بيتصل.. فقال زكريا: الرئيس مبارك.. فردت عليه سوزان بكل قسوة: مش قولت لك تقفل الهباب ده.. على الفور أغلق عزمى الهاتف فى وجه رئيس الدولة استجابة لرغبة الهانم، وكان ذلك على مرأى ومسمع من شخصيات عامة كثيرة.
نفوذ سوزان فى أعمال الرئاسة وصل لدرجة أنها كانت تتدخل بشكل مباشر فى اختيار الوزراء فى كافة الحكومات، حتى أنه بات من المعروف أن السيدة الأولى بمصر لها " كوته فى الوزارات"، ومن بين أشهر الوزراء التى اختارتهم هم الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير التعليم الأسبق، وكذلك كان لها الدور فى الإبقاء على فاروق حسنى وزير الثقافة ما يزيد عن 20 عاما بكرسى الوزارة، ومشيرة خطاب وعائشة عبد الهادى التى قبلت يدها فى أحد المناسبات، وهى التى اختارت أنس الفقى وزيرا للإعلام، وكانت تعتبره الفتى المدلل لها، وكفى دليلا على ذلك بواقعة الـ 2000 جنيه ذهب التى تم العثور عليهما بحوزة أنس الفقى، وعند سؤاله عنهما فى التحقيقات، قال إنه حصل عليها من وزير المالية لتسليمهما إلى سوزان مبارك، ليتم توزيعها على الفائزين فى مسابقة القراءة للجميع.
وكفى بالشهادة الأخيرة للدكتور يسرى الجمل وزير التربية والتعليم السابق الذى أقيل فى ظروف غامضة، بان الإقالة جاءت بقرار من سوزان مبارك، مؤكدا أن "وزير سابق فى حكومة نظيف اتصل به بعد خروجه مباشرةً وأخبره بأن سوزان ترى أنه مقصر فى الاهتمام بمشروع الـ 100 مدرسة الذى تبنته جمعية تنمية مصر الجديدة التى ترأس هى مجلس إدارتها".
وفى ملف التوريث حدث ولا حرج، فسوزان كانت مهندسة المشروع، وهى التى دعت له وخططت عبر السنوات الخمسة الماضية لتكون سيدة مصر الأولى وأم حاكم مصر القادم، وعملت على ذلك من خلال خطة تصعيد جمال فى الحزب الوطنى، وتشكيل أمانة السياسات وتصفيه الحرس القديم والاستعانة برجال جدد تضمن فيهم الولاء لها ولنجلها.
وكشفت أحد وثائق ويكليكس دور سوزان فى عدم تعيين نائب للرئيس، فهى التى أفشلت نيته فى تعيين عمر سليمان لهذا المنصب فى عام 2000، وسوزان كانت صاحبة القرار فى السنوات الأخيرة والمنسق الأول مع الأجهزة الأمنية بشأن تزوير الانتخابات وسيطرة الحزب الوطنى على الأغلبية، فضلا عن حرصها الدائم على عدم اتخاذ مبارك أى قرار لها إلا بمراجعتها وبمشورتها حتى جاءت تلك المشورة لتقضى على مبارك وعائلته ونظامه لينطبق المثل الشعبى.
ووسط كل تلك الأحداث والتدخلات كانت حريصة كل الحرص على شراء ملابسها من أغلى بيوت الأزياء فى فرنسا، مع منع أى مذيعة بالتليفزيون المصرى من ارتداء أى زى يتقارب مع تصميم ما ترتديه

No comments:

Post a Comment