نتائج و ابعاد الجولة الاولى من انتخابات الرئاسية المصرية قراءة في
هاهم اهل الكنانة يصعقو العالم بمفجأة الثانية في اقل من عامين. الاولى، بثورة مجيدة اشعلت امال الشعوب المضطهدة بالامل و الحرية و ذالك باسقاط راس الدولة المصرية انذاك، حسني مبارك. و اليوم و بانقلاب درامتكى يعطو فيه نفس الامل و لكن هذه المرّة "للمباركيين"، نسبة لمبارك، بالعودة لراس الهرم لحكم مصر و للابد. و لامبالغة في هذا القول.
انتفاضة اهل مصر الاولى كانت نتيجة الظلم و القهر و الفساد و الفشل الذي اصاب البلاد لعقود طويلة في ظل حكم مبارك. و رسالتهم الصاعقة هذا اليوم بتأييد احد ابرز وجوه الفساد لنفس النظام الذى انتفضو عليه سابقا يعود لشرزمة و ضعف الوعي و الصراع على السلطة الذي اصاب القوى الثورية التى عانت الويلات في سجون الحاكم السابق للبلاد و صبرت صبرا جليلا حتى اتت الثورة و اخرجتها من المعانات القاسية هذه. هذه الجماعات و الاحزاب و التيارات من مختلف قوى الثورة الاسلامية و القومية و الليبرالية توّحدت وقت الصراع و راحت تتصارع فيما بينها بعد وهم النصر الذى لم يتحقق بعد. فى خضم هذا الصراع العبثى، لم تنتبه قوى الثورة على الاثار المدمّرة التى تتركها هذه التصرفات الخاطئة على نفس المواطن المصري البسيط الذي يتطوق للاستقرار و الشعور بالامن و السلام. هذا بلاضافة الى استغلال قوى الثورة المضادة الاعلامي و تخويف الناس من المستقبل المجهول على يد قوى التغيير الجديدة و ان يكن لم تختبر بعد. و لكن ما رأه الشعب حتى الان من هذه الفئات ليس مشجعا على الاطلاق.
من نافل القول ان اسهل شىء الان هو تبادل الاتهامات فيما بين الناشطين الثوريين على الشبكة العنكوبية و صفحات التواصل الاجتماعي و على أسطر الجرائد على من هو المسؤول عن ما وصلت الامور اليه الى هذه الحد. و لعلّه الاسهل و الاسهل ان تلعن المؤامرة الدولية على مصر التى تدعم فلول نظام مبارك بتفشيل الثورة. او ان الحشد الطائفي كان له دور في صعود رمز النظام السابق. قد تكون بعض هذه الاسباب ليست خاطئة و لكن الحقيقة المرّة ان سبب الاساسي للنكسة تتحمله جميع قوى الثورة دون استشناء. كان واضحا ان هناك ضعف في ابجديات العمل السياسي لدي كثير من الثوار. و كان هناك نوع من الاطمئنان الخادع و الساذج و كأن انتصار الثورة قد تحقق بسقوط مبارك. و الحقيقة ان عملية التغيير كانت في بدايتها فقط و الطريق مازالت شاقة و طويلة جدا. فاخذت هذه القوى تتفرق عن بعضها البعض و وصلت عملية الاستقطاب الحزبي و الفئوي الى اقصاه و كأن البلاد تعيش في ازدهار ورخاء و ديمقراطية عريقة لسنوات طويلة. نست او تناست هذه الجماعات ان المطلوب هو الوحدة و العمل على التغيير الحقيقى و الجذري لكى تنتصر الثورة بحق.
بالرغم من دق جرس ناقوس الخطر هذا الذي شارك في تحريكه ملايين من الاصوات الداعمة لرمز نظام مبارك الا ان هذا لا يعني بشكل من الاشكال فشل الثورة او العودة الحتمية لنظام بائس فقد صلاحتيه المفترضة من زمن طويل. لا بل عكس، لعلّ الله تعالى اعطى شعب مصر الصادق و الطيّب فرصة لكي تستفيق قواه الثورية و توّحد رؤيتها من جديد حول مشروع وطني نهضوى و تنتخب رئيسا جديدا متوافق عليه من كل الفئات الشريفة التى تريد انتصار عملية التغيير بصدق. و تقوم هذه القوى بخطوات تطمئن الشعب المصرى بجدّيتها بالوحدة حول مشروع مشترك. و لعلّها فرصة نادرة ان يكون هناك مرشّح واحد لكل ابناء الثورة مقابل مرّشح يمثل رموز كل ما هو معادي لمطالب الشعب المصري الذي انتفض فى 25 كانون الثاني/ينيو2011.
اذا تكلمنا ببعض التوضيح و قمنا بتحليل موضعي فاننا نرى ان القيام بمبادرة و طنية من قبل حركة الاخوان المسلمين، و هذا مانتوقعه في الايام القليلة القادمة، باتجاه القوى الفاعلة الاخرى الممثلة بالدكتور ابو الفتوح و الصباحي و شباب الثورة و الحركة السلفية و اخرين من القوى المدنية الشريفة تدعو فيه للمشاركة الفعلية في حكم البلاد في المرحلة القادمة سوف يؤدي الى حشد كبير حول مرشح الثورة الوحيد، د.محمد مرسى، المتبقي الى الجولة الثانية من انتخابات الاعادة للرئاسة المصرية. للدكتور مرسي مشروع نهضوي جيّد تستطيع قوى الثورة المساهمة فيه و العمل المشترك لانجاحه. يبقى التحدّي الاكبر باقناع الملايين من الشعب المصري التى لم تشارك في العملية الانتخابية في المرحلة الاولى بالتصويت لمرشح الثورة التوافقى هذه المرّة و ذلك في مرحلة الاعادة.
انتصار الكامل لثورة مصر الاثر الجلل على الامة جمعاء و فشلها،لا سمح الله، سوف يؤدي باحباط قاسي و مدمّر يصيب جسدها بانكسار لعهود طويلة. نحن بانتظار و على موعد قريب بمفجأة الثالثة من قبل شعب مصر العظيم و هذه المرّة بانتصار قوى الثورة الموّحدة و انهزام كامل لمشروع الثورة المضادة و فشل عودة رؤوس نظام مبارك الى سدّة الحكم. و ليس هذا على اهل مصر بعزيز.
سامر مجذوب
No comments:
Post a Comment