http://www.elshaab.org/thread.php?ID=51906
كتب: محمد رجب
كتب: محمد رجب
<< نتنياهو يطالب أمريكا بالضغط على العسكر فى مصر لعدم تنازلهم عن صلاحياتهم<< مركز أبحاث إسرائيلى: «كامب ديفيد» أهم الأسس التى يقوم عليها «الأمن القومى» الصهيونى
أبدى العديد من المفكرين الإسرائيلين تخوفهم من صعود الرئيس محمد مرسى إلى سدة الحكم بمصر، وأوصى العديد منهم بضرورة شن حملة إعلامية عدائية ضده حال فوزه وإنهاكه بمزيد من الخلافات الداخلية. وهوما أكدته القناة الثانية الإسرائليه فى 22 مارس من العام الماضى؛ فقد كشف تخوف نتنياهو من وصول الإسلامين إلى حكم مصر، ما دفعه إلى الاتصال بالإدارة الأمريكية مطالبا بالضغط على العسكر بعدم التنازل عن صلاحياتهم لأية قيادة مدنية مصرية منتخبة، خاصة من التيار الإسلامى. ترجع تلك المخاوف لأسباب رصدها العديد من المفكرين والمستشرقين اليهود، أهمها:
ما صدر عن مركز أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى تحت عنوان الهزة فى العالم العربى، ومغزاها للجيش الإسرائيلى؛ إذ أكد أن «كامب ديفيد» التى وقَّعتها مصر وإسرائيل عام 1979، أحد أهم الأسس التى يقوم عليها «الأمن القومى» الإسرائيلى؛ إذ إن هذه الاتفاقية أخرجت أكبر دولة عربية من دائرة العداء مع إسرائيل، مما منح تل أبيب القدرة على التفرغ لمواجهة التحديات الاستراتيجية على الجبهات العربية الأخرى، إضافة إلى أنها قلَّصت إلى حد كبير إمكانية اندلاع حرب كبيرة بين إسرائيل والدول العربية تشكل تهديدا وجوديًّا للكيان الصهيونى، وهو ما أكدته مجلة «عدكون استراتيجى»، وكشفت عن أهمية إسهام «كامب ديفيد» فى الأمن القومى الإسرائيلى، لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن هذه الاتفاقية شكَّلت الأرضية لنقل العلاقة المصرية- الإسرائيلية من مرحلة إنهاء العداء إلى الشراكة الاستراتيجية الكاملة، وذلك فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك. فقد وظَّف مبارك الوزن الإقليمى لمصر فى مساعدة إسرائيل على تنفيذ مخططاتها الاستراتيجية ضد الأطراف العربية الأخرى. ومما لا شك فيه أن إسرائيل شنت الحرب على لبنان عام 2006، والحرب على غزة عام 2008 فى ظروف مثالية بفضل المظلة الإقليمية التى وفرها مبارك، فضلا عما كشفه «يوسى ميلمان»، معلق الشئون الاستخبارية بصحيفة «هاآرتس»، عن أن إسرائيل باتت مهددة بخسران التعاون الأمنى والاستخبارى القوى والعميق الذى كان قائمًا بين الأجهزة الأمنية المصرية ونظيراتها الإسرائيلية، والذى لعب اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات المصرية السابق، الدور الحاسم فى بلورته وتطويره.
وما أكده «يهودا دحوح هليفى»، الباحث فى معهد القدس لشئون الجمهور والمجتمع؛ فقد كتب:
إن أحدًا فى إسرائيل لا يساوره أدنى شك فى أن مصر فى عهد مرسى لن تقبل بمواصلة الشراكة الاستراتيجية مع تل أبيب؛ فسياسات الأمن القومى المصرى فى العهد الجديد سترتكز على مبادئ مناقضة تمامًا للأسس التى كانت تستند إليها فى عهد مبارك، وعلى الرغم من تشديد الرئيس مرسى على أن مصر تحت قيادته ستلتزم بكل الاتفاقات الدولية، فإن صناع القرار فى تل أبيب ينطلقون من افتراض مفاده أن التحولات التى طرأت على البيئة الداخلية المصرية ستفضى فى النهاية إلى جعل اتفاقية «كامب ديفيد»، ليست أكثر من مجرد اتفاق لوقف إطلاق نار. لقد دفع الواقع الجديد العديد من الجنرالات الإسرائيليين المتقاعدين إلى دعوة صناع القرار فى تل أبيب بصراحة إلى الاستعداد لتحول مصر إلى طرف عدو، مع كل ما يتطلبه ذلك من استعدادات أمنية وعسكرية، ولا يمكن هنا تجاهل الحكم القاطع الذى أصدره وزير الخارجية الإسرائيلى «أفيغدور ليبرمان» الذى اعتبر أن مصر فى عهد مرسى ستكون أخطر بكثير من إيران، وهو ما دفعه إلى الدعوة إلى إعادة تقييم خارطة المخاطر الاستراتيجية التى باتت تواجه إسرائيل، مما دفع «يهودا بلنغا» أبرز المستشرقين الإسرائيليين، للدعوة إلى ضرورة إعادة إسرائيل إلى مفهوم الأمن القومى الإسرائيلى فى أعقاب فوز مرسى.
لم تتوقف المخاوف الإسرائيلية من فوز مرسى عند هذا الحد، بل امتدت إلى عدم قدرتها على ضرب المقاومة الفلسطينية، وهوما كشفه «بن كاسبيت» كبير المعلقين بصحيفة «معاريف» الإسرائيلية، حيث طالب صناع القرار فى تل أبيب بإبداء أقصى درجات الحذر قبل أن يأمروا بشن أى عمل عسكرى ضد حركات المقاومة الفلسطينية، سيما فى قطاع غزة بعد فوز مرسى،
فضلا عن رعب القادة الإسرائيليين من أن تنتقل التجربة المصرية فى حال نجاح مرسى إلى دول عربية أخرى؛ إذ يمثل هذا التطور مناخًا مناسبًا لسيطرة الحركات الإسلامية على مقاليد الأمور فى المزيد من الدول فى العالم العربى، فصلاعن تخوف صناع القرار فى إسرائيل من أن يؤثر صعود مرسى على مستقبل نظام الحكم فى الأردن، الذى يوصف فى أوساط القيادة الإسرائيلية بأنه «أوثق حلفاء» إسرائيل فى المنطقة؛ فقد كشفت دراسة «عوديدعيران» السفير الإسرائلى لدى الأردن تحت عنوان «الأردن.. مظاهرات وإصلاحات على نار هادئة» كشف فيها عن تخوف النخبة الإسرائيلية أن يؤدى وصول الإخوان المسلمين إلى سُدَّة الحكم فى مصر إلى تشجيع «الإخوان» فى الأردن على مواصلة الضغط بقوة من أجل تحويل النظام الأردنى إلى «الملكية الدستورية»، فيصير الملك مجردًا من الصلاحيات التى مكَّنته حتى الآن -حسب اعتقادهم- من توظيف الأردن فى خدمة المصالح الإسرائيلية، وهو ما نقلته القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلى فى 22 يونيه 2012 نقلا عن مصادر رسمية أبدت قلقها من زياده تأثير الإسلاميين فى دول الجوار كالأردن وسوريا، ويخشون تداعيات سقوط نظام الرئيس السورى بشار الأسد فى أعقاب حديث إسرائيل المفاجئ عن «تعاظم دور الإسلاميين فى الثورة السورية»، ويرى الكثير من النخب الإسرائيلية أنه فى حال تم تحويل النظام فى الأردن إلى الملكية الدستورية، وفى حال تولى الإسلاميين مقاليد الأمور فى سوريا، فإن إسرائيل ستفاجأ وقد أحاط بها طوق سنى يبدأ بتونس ويمر بليبيا ومصر والأردن وسوريا وينتهى بتركيا.
فضلا عن التكلفة الاقتصادية التى تكبدها الاقتصاد الإسرائيلى من فوز مرسى؛ فنشر موقع صحيفة «معاريف» التكلفة الاقتصادية لإعادة بناء القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلى عقب فوز مرسى؛ فقد طلبت هيئة أركان الجيش الإسرائيلى من وزارة المالية تحويل 4.5 مليارات دولار عاجلا إلى موازنة الأمن، وذلك لتمويل متطلبات إعادة بناء قيادة الجبهة الجنوبية فى الجيش، والمكلفة بمواجهات التحديات الناجمة عن التحولات المتوقعة فى السلوك المصرى تجاه إسرائيل فى المرحلة المقبلة. مما دفع القادة الإسرائيليين إلى الدعوة إلى عدم الاستسلام بل ومقاومة الوضع الجديد فى مصر، وهو ما أكده «بن أليعازر» فى حديثه لصحيفة «ذى ماركير»؛ فقد دعا صناع القرار فى تل أبيب إلى ألا يستسلموا لما آلت إليه الأمور فى مصر؛ الذين شرعوا بالفعل فى تحرك مباشر من أجل تقليص الأضرار الناجمة عن تولى مرسى مقاليد الأمور فى مصربكافة الطرق، وأكد أن مصالح إسرائيل «القومية» تقتضى مواصلة قادة العسكر فى مصر الاحتفاظ بمعظم الصلاحيات التى يتمتعون بها، سيما تلك المتعلقة ببلورة سياسات الأمن القومى المصرى. وقد اعتبر «بنيامين بن أليعازر»، وزير الحرب الإسرائيلى الأسبق، ومهندس العلاقات المصرية الإسرائيلية، أن أى مساس بالصلاحيات التى حصل عليها العسكر بعد انتقال السلطة إليهم فى أعقاب خلع مبارك يمثل ضررًا بمصالح إسرائيل «القومية». وقد حرصت إسرائيل منذ خلع مبارك على الحفاظ على صلاحيات العسكر من خلال حملات دبلوماسية سرية هدفت إلى مساعدة العسكر على مواصلة الاحتفاظ بالصلاحيات، وهو ما كشفته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلى فى 22 مارس 2012 عن اتصالات نتنياهو بالإدارة الأمريكية وحثها على الضغط على العسكر بعدم تنازلهم عن صلاحياتهم لمرسى، وقد حثَّ كثير من الباحثين الإسرائيليين صنّاعَ القرار على مواصلة الضغط على الولايات المتحدة للحيلولة دون استتباب الأمور لأى رئيس مصرى يصعد إلى الحكم من صفوف الحركات الإسلامية، أبرزهم الباحث والدبلوماسى السابق «إيلى فيدر» فى صحيفة «معاريف». فضلا عن مطالبة البعض باستخدام المعونة الأمريكية لردع مرسى، وهو ما كشفه «يوسى بلين» فى إسرائيل اليوم فى 27 يونيه 2012؛ فقد أكد أنه على الرغم من المخاوف الكبيرة التى تعبِّر عنها النخبة الإسرائيلية فى أعقاب فوز مرسى، فإن هذه النخب تراهن على آثار الواقع الاقتصادى والاجتماعى السيئة التى ورثها مرسى عن النظام السابق. وتأمل بعض النخب الإسرائيلية أن تجعل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة فى مصر، الرئيس الجديد يبدى حرصًا على الحفاظ على المعونة السنوية التى تقدمها الولايات المتحدة لمصر. وهذا بالضبط ما دفع بعض السياسيين الإسرائيليين إلى الدعوة لتوظيف هذه المعونة فى الضغط على الرئيس مرسى وردعه عن الإقدام على خطوة من شأنها المس بطابع العلاقات الذى كان سائدا بين مصر وإسرائيل فى عهد مبارك؛ فعلى سبيل المثال، دعا وزير القضاء الإسرائيلى الأسبق «يوسى بيلين» إدارة أوباما والكونجرس إلى إنذار مرسى بقطع المساعدات الأمريكية للقاهرة؛ ليس فقط إذا عطل مرسى اتفاقية السلام مع إسرائيل، بل إذا لم يوافق مرسى على مواصلة الشراكة الاستراتيجية والتعاون الأمنى والاستخبارى بين مصر وإسرائيل أيضا.
تلك المخاوف من حكم مرسى، دفعت الجانب الإسرائيلى إلى تدشين حملات لنزع الشرعية عن حكم مرسى بحملة دعاية منظمة تشرف عليها ماكينة الدعاية الإسرائيلية التى تعمل.
لقد شرعت إسرائيل الرسمية، انطلاقًا من وزارة الخارجية الإسرائيلية، بالتعاون مع الأجهزة الاستخبارية -وهو ما كشفه «أمنون أبراموفيتش» كبير معلقى القناة الثانية فى التلفزيون الإسرائيلى، فى 29يونيه2012، من أن وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان هو الذى اقترح شن حملات دعاية ضد مرسى قبل ظهور نتائج الانتخابات والربط بين الإخوان والمنظمات الإرهابية فى الولايات المتحدة وأوروبا.
وفى هذا السياق، حرصت الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية على تسريب تقييمات أمنية تفيد بأن حركة حماس ستتحول إلى ذراع مسلح لجماعة «الإخوان المسلمين» فى عهد مرسى. ومن أجل التدليل على مصداقية حملة التشكيك التى تشنها ضد جماعة الإخوان المسلمين، فإن نخبا إسرائيلية لجأت إلى الاستناد إلى كتابات كتّاب وباحثين عرب مناوئين للجماعة وفكرها فى محاولة لإقناع الغرب بأن «الإخوان المسلمين» هى الحركة التى أضفت شرعية على استخدام «الإرهاب» فى تحقيق الأهداف السياسية؛ فعلى سبيل المثال، اعتمد دورى جولد مندوب إسرائيل الأسبق ورئيس «مركز القدس لدراسات الجمهور والمجتمع»، على كتابات وزير التعليم الكويتى الأسبق أحمد الربعى المناوئة لـ«الإخوان المسلمين» للتدليل على أنه يتوجب نزع الشرعية عن حكم الرئيس مرسى، على اعتبار أنه ينتمى إلى جماعة «إرهابية».
عموما، نحن نؤكد أن إسرائيل هى قائدة الثورة المضادة بمصر.
أبدى العديد من المفكرين الإسرائيلين تخوفهم من صعود الرئيس محمد مرسى إلى سدة الحكم بمصر، وأوصى العديد منهم بضرورة شن حملة إعلامية عدائية ضده حال فوزه وإنهاكه بمزيد من الخلافات الداخلية. وهوما أكدته القناة الثانية الإسرائليه فى 22 مارس من العام الماضى؛ فقد كشف تخوف نتنياهو من وصول الإسلامين إلى حكم مصر، ما دفعه إلى الاتصال بالإدارة الأمريكية مطالبا بالضغط على العسكر بعدم التنازل عن صلاحياتهم لأية قيادة مدنية مصرية منتخبة، خاصة من التيار الإسلامى. ترجع تلك المخاوف لأسباب رصدها العديد من المفكرين والمستشرقين اليهود، أهمها:
ما صدر عن مركز أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى تحت عنوان الهزة فى العالم العربى، ومغزاها للجيش الإسرائيلى؛ إذ أكد أن «كامب ديفيد» التى وقَّعتها مصر وإسرائيل عام 1979، أحد أهم الأسس التى يقوم عليها «الأمن القومى» الإسرائيلى؛ إذ إن هذه الاتفاقية أخرجت أكبر دولة عربية من دائرة العداء مع إسرائيل، مما منح تل أبيب القدرة على التفرغ لمواجهة التحديات الاستراتيجية على الجبهات العربية الأخرى، إضافة إلى أنها قلَّصت إلى حد كبير إمكانية اندلاع حرب كبيرة بين إسرائيل والدول العربية تشكل تهديدا وجوديًّا للكيان الصهيونى، وهو ما أكدته مجلة «عدكون استراتيجى»، وكشفت عن أهمية إسهام «كامب ديفيد» فى الأمن القومى الإسرائيلى، لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن هذه الاتفاقية شكَّلت الأرضية لنقل العلاقة المصرية- الإسرائيلية من مرحلة إنهاء العداء إلى الشراكة الاستراتيجية الكاملة، وذلك فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك. فقد وظَّف مبارك الوزن الإقليمى لمصر فى مساعدة إسرائيل على تنفيذ مخططاتها الاستراتيجية ضد الأطراف العربية الأخرى. ومما لا شك فيه أن إسرائيل شنت الحرب على لبنان عام 2006، والحرب على غزة عام 2008 فى ظروف مثالية بفضل المظلة الإقليمية التى وفرها مبارك، فضلا عما كشفه «يوسى ميلمان»، معلق الشئون الاستخبارية بصحيفة «هاآرتس»، عن أن إسرائيل باتت مهددة بخسران التعاون الأمنى والاستخبارى القوى والعميق الذى كان قائمًا بين الأجهزة الأمنية المصرية ونظيراتها الإسرائيلية، والذى لعب اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات المصرية السابق، الدور الحاسم فى بلورته وتطويره.
وما أكده «يهودا دحوح هليفى»، الباحث فى معهد القدس لشئون الجمهور والمجتمع؛ فقد كتب:
إن أحدًا فى إسرائيل لا يساوره أدنى شك فى أن مصر فى عهد مرسى لن تقبل بمواصلة الشراكة الاستراتيجية مع تل أبيب؛ فسياسات الأمن القومى المصرى فى العهد الجديد سترتكز على مبادئ مناقضة تمامًا للأسس التى كانت تستند إليها فى عهد مبارك، وعلى الرغم من تشديد الرئيس مرسى على أن مصر تحت قيادته ستلتزم بكل الاتفاقات الدولية، فإن صناع القرار فى تل أبيب ينطلقون من افتراض مفاده أن التحولات التى طرأت على البيئة الداخلية المصرية ستفضى فى النهاية إلى جعل اتفاقية «كامب ديفيد»، ليست أكثر من مجرد اتفاق لوقف إطلاق نار. لقد دفع الواقع الجديد العديد من الجنرالات الإسرائيليين المتقاعدين إلى دعوة صناع القرار فى تل أبيب بصراحة إلى الاستعداد لتحول مصر إلى طرف عدو، مع كل ما يتطلبه ذلك من استعدادات أمنية وعسكرية، ولا يمكن هنا تجاهل الحكم القاطع الذى أصدره وزير الخارجية الإسرائيلى «أفيغدور ليبرمان» الذى اعتبر أن مصر فى عهد مرسى ستكون أخطر بكثير من إيران، وهو ما دفعه إلى الدعوة إلى إعادة تقييم خارطة المخاطر الاستراتيجية التى باتت تواجه إسرائيل، مما دفع «يهودا بلنغا» أبرز المستشرقين الإسرائيليين، للدعوة إلى ضرورة إعادة إسرائيل إلى مفهوم الأمن القومى الإسرائيلى فى أعقاب فوز مرسى.
لم تتوقف المخاوف الإسرائيلية من فوز مرسى عند هذا الحد، بل امتدت إلى عدم قدرتها على ضرب المقاومة الفلسطينية، وهوما كشفه «بن كاسبيت» كبير المعلقين بصحيفة «معاريف» الإسرائيلية، حيث طالب صناع القرار فى تل أبيب بإبداء أقصى درجات الحذر قبل أن يأمروا بشن أى عمل عسكرى ضد حركات المقاومة الفلسطينية، سيما فى قطاع غزة بعد فوز مرسى،
فضلا عن رعب القادة الإسرائيليين من أن تنتقل التجربة المصرية فى حال نجاح مرسى إلى دول عربية أخرى؛ إذ يمثل هذا التطور مناخًا مناسبًا لسيطرة الحركات الإسلامية على مقاليد الأمور فى المزيد من الدول فى العالم العربى، فصلاعن تخوف صناع القرار فى إسرائيل من أن يؤثر صعود مرسى على مستقبل نظام الحكم فى الأردن، الذى يوصف فى أوساط القيادة الإسرائيلية بأنه «أوثق حلفاء» إسرائيل فى المنطقة؛ فقد كشفت دراسة «عوديدعيران» السفير الإسرائلى لدى الأردن تحت عنوان «الأردن.. مظاهرات وإصلاحات على نار هادئة» كشف فيها عن تخوف النخبة الإسرائيلية أن يؤدى وصول الإخوان المسلمين إلى سُدَّة الحكم فى مصر إلى تشجيع «الإخوان» فى الأردن على مواصلة الضغط بقوة من أجل تحويل النظام الأردنى إلى «الملكية الدستورية»، فيصير الملك مجردًا من الصلاحيات التى مكَّنته حتى الآن -حسب اعتقادهم- من توظيف الأردن فى خدمة المصالح الإسرائيلية، وهو ما نقلته القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلى فى 22 يونيه 2012 نقلا عن مصادر رسمية أبدت قلقها من زياده تأثير الإسلاميين فى دول الجوار كالأردن وسوريا، ويخشون تداعيات سقوط نظام الرئيس السورى بشار الأسد فى أعقاب حديث إسرائيل المفاجئ عن «تعاظم دور الإسلاميين فى الثورة السورية»، ويرى الكثير من النخب الإسرائيلية أنه فى حال تم تحويل النظام فى الأردن إلى الملكية الدستورية، وفى حال تولى الإسلاميين مقاليد الأمور فى سوريا، فإن إسرائيل ستفاجأ وقد أحاط بها طوق سنى يبدأ بتونس ويمر بليبيا ومصر والأردن وسوريا وينتهى بتركيا.
فضلا عن التكلفة الاقتصادية التى تكبدها الاقتصاد الإسرائيلى من فوز مرسى؛ فنشر موقع صحيفة «معاريف» التكلفة الاقتصادية لإعادة بناء القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلى عقب فوز مرسى؛ فقد طلبت هيئة أركان الجيش الإسرائيلى من وزارة المالية تحويل 4.5 مليارات دولار عاجلا إلى موازنة الأمن، وذلك لتمويل متطلبات إعادة بناء قيادة الجبهة الجنوبية فى الجيش، والمكلفة بمواجهات التحديات الناجمة عن التحولات المتوقعة فى السلوك المصرى تجاه إسرائيل فى المرحلة المقبلة. مما دفع القادة الإسرائيليين إلى الدعوة إلى عدم الاستسلام بل ومقاومة الوضع الجديد فى مصر، وهو ما أكده «بن أليعازر» فى حديثه لصحيفة «ذى ماركير»؛ فقد دعا صناع القرار فى تل أبيب إلى ألا يستسلموا لما آلت إليه الأمور فى مصر؛ الذين شرعوا بالفعل فى تحرك مباشر من أجل تقليص الأضرار الناجمة عن تولى مرسى مقاليد الأمور فى مصربكافة الطرق، وأكد أن مصالح إسرائيل «القومية» تقتضى مواصلة قادة العسكر فى مصر الاحتفاظ بمعظم الصلاحيات التى يتمتعون بها، سيما تلك المتعلقة ببلورة سياسات الأمن القومى المصرى. وقد اعتبر «بنيامين بن أليعازر»، وزير الحرب الإسرائيلى الأسبق، ومهندس العلاقات المصرية الإسرائيلية، أن أى مساس بالصلاحيات التى حصل عليها العسكر بعد انتقال السلطة إليهم فى أعقاب خلع مبارك يمثل ضررًا بمصالح إسرائيل «القومية». وقد حرصت إسرائيل منذ خلع مبارك على الحفاظ على صلاحيات العسكر من خلال حملات دبلوماسية سرية هدفت إلى مساعدة العسكر على مواصلة الاحتفاظ بالصلاحيات، وهو ما كشفته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلى فى 22 مارس 2012 عن اتصالات نتنياهو بالإدارة الأمريكية وحثها على الضغط على العسكر بعدم تنازلهم عن صلاحياتهم لمرسى، وقد حثَّ كثير من الباحثين الإسرائيليين صنّاعَ القرار على مواصلة الضغط على الولايات المتحدة للحيلولة دون استتباب الأمور لأى رئيس مصرى يصعد إلى الحكم من صفوف الحركات الإسلامية، أبرزهم الباحث والدبلوماسى السابق «إيلى فيدر» فى صحيفة «معاريف». فضلا عن مطالبة البعض باستخدام المعونة الأمريكية لردع مرسى، وهو ما كشفه «يوسى بلين» فى إسرائيل اليوم فى 27 يونيه 2012؛ فقد أكد أنه على الرغم من المخاوف الكبيرة التى تعبِّر عنها النخبة الإسرائيلية فى أعقاب فوز مرسى، فإن هذه النخب تراهن على آثار الواقع الاقتصادى والاجتماعى السيئة التى ورثها مرسى عن النظام السابق. وتأمل بعض النخب الإسرائيلية أن تجعل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة فى مصر، الرئيس الجديد يبدى حرصًا على الحفاظ على المعونة السنوية التى تقدمها الولايات المتحدة لمصر. وهذا بالضبط ما دفع بعض السياسيين الإسرائيليين إلى الدعوة لتوظيف هذه المعونة فى الضغط على الرئيس مرسى وردعه عن الإقدام على خطوة من شأنها المس بطابع العلاقات الذى كان سائدا بين مصر وإسرائيل فى عهد مبارك؛ فعلى سبيل المثال، دعا وزير القضاء الإسرائيلى الأسبق «يوسى بيلين» إدارة أوباما والكونجرس إلى إنذار مرسى بقطع المساعدات الأمريكية للقاهرة؛ ليس فقط إذا عطل مرسى اتفاقية السلام مع إسرائيل، بل إذا لم يوافق مرسى على مواصلة الشراكة الاستراتيجية والتعاون الأمنى والاستخبارى بين مصر وإسرائيل أيضا.
تلك المخاوف من حكم مرسى، دفعت الجانب الإسرائيلى إلى تدشين حملات لنزع الشرعية عن حكم مرسى بحملة دعاية منظمة تشرف عليها ماكينة الدعاية الإسرائيلية التى تعمل.
لقد شرعت إسرائيل الرسمية، انطلاقًا من وزارة الخارجية الإسرائيلية، بالتعاون مع الأجهزة الاستخبارية -وهو ما كشفه «أمنون أبراموفيتش» كبير معلقى القناة الثانية فى التلفزيون الإسرائيلى، فى 29يونيه2012، من أن وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان هو الذى اقترح شن حملات دعاية ضد مرسى قبل ظهور نتائج الانتخابات والربط بين الإخوان والمنظمات الإرهابية فى الولايات المتحدة وأوروبا.
وفى هذا السياق، حرصت الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية على تسريب تقييمات أمنية تفيد بأن حركة حماس ستتحول إلى ذراع مسلح لجماعة «الإخوان المسلمين» فى عهد مرسى. ومن أجل التدليل على مصداقية حملة التشكيك التى تشنها ضد جماعة الإخوان المسلمين، فإن نخبا إسرائيلية لجأت إلى الاستناد إلى كتابات كتّاب وباحثين عرب مناوئين للجماعة وفكرها فى محاولة لإقناع الغرب بأن «الإخوان المسلمين» هى الحركة التى أضفت شرعية على استخدام «الإرهاب» فى تحقيق الأهداف السياسية؛ فعلى سبيل المثال، اعتمد دورى جولد مندوب إسرائيل الأسبق ورئيس «مركز القدس لدراسات الجمهور والمجتمع»، على كتابات وزير التعليم الكويتى الأسبق أحمد الربعى المناوئة لـ«الإخوان المسلمين» للتدليل على أنه يتوجب نزع الشرعية عن حكم الرئيس مرسى، على اعتبار أنه ينتمى إلى جماعة «إرهابية».
عموما، نحن نؤكد أن إسرائيل هى قائدة الثورة المضادة بمصر.