قراءة في
الملف السوري
بقلم: محمد شريف كامل*
@mskamel
8 ابريل 2017
لا يوجد إنسان على وجه الأرض يستطيع أن يدافع عن القتلة أياً كانوا هم وفي
أي مكان، وللأسف نرى من يهلل للقاتل، ويبرر موقفه بأن ما يقال عن جرائمه ليس إلا
اشاعات ولا أدله عليها، ومنهم من يصل لحد تبرير الجرائم بأنها حماية للمجتمع من شر
أكبر، ويستوي في ذلك من ماتت ضمائرهم من مؤيدي السيسي جزار مصر والأسد جزار سوريا.
إن إغلاق الأعين عن الحقائق وتسكين الضمائر بالأكاذيب ليست إلا جريمة ثالثة
يضيفها هؤلاء المهللين لجرائم الصمت والتأييد، وجميعها مواقف تدعو للإشمئزاز
والإحتقار لأمثال هؤلاء.
لقد عاودني ذلك الإحساس وأنا أتابع تلاحقات الجريمة الجديدة للنظام السوري
على بلدة خان شيخون والتي راح ضحيتها المئات من القتلى والمصابين، وما تلاها من
إطلاق الولايات المتحدة الأمريكية لعشرات الصواريخ على قاعدة الشعيرات السورية.
الأمر لا يقف عند حد الترحيب بالصواريخ أو إدانتها ولا إدانة جرائم النظام
السوري أو الدفاع عنها، الأمر يحتاج منا لنظرة أعمق لما جرى ويجري على أرض سوريا
منذ ست سنوات.
لقد انطلقت الثورة السورية ضمن ثورات الربيع العربي، ولم تسلم مما تعرضت له
ثورات الربيع من مؤامرات ومكائد، والفارق في مسار الثورة السورية أن طرفي الصراع
خططا لها منذ زمن بعيد، وحتى لا يفهم ذلك خطأ فيجب أن اوضح هنا أن طرفي الصراع ليس
الثوار والطغاة بل هما السعودية وإيران.
إن صراع السعودية وإيران ذو النهج الطائفي هو من الأسباب الرئيسيه لمعانت
المنطقة العربية وعلى الأخص الشام وشبه الجزيرة العربية، ولقد ألتقت أهداف ذلك
الصراع مع أهداف قوى السيطرة العالمية وعلى الأخص الولايات المتحدة و روسيا، ولم
يبدأ ذلك بالثورة السورية بل بدأ منذ عهود طويلة، عهود امتدت من قبل الثورة
الإيرانية والتي لم تستطع التخلص من النعرة الطائفية بعد إتنصارها، واللوم ليس عليها
وحدها، ولا ننسى وقوفها والسعودية صفاً واحداً مرحبيين بغزو الولايات المتحدة
الأمريكية للعراق، حتى سقط صدام ودُمرت العراق وبدأوا صراعهم على السلطة، صراعا لم
ولن ينتهي.
إن غزو العراق لم يكن إلا مخططا لتمركز سيطرة القوات الأمريكية في المنطقة
ولتسهيل عمل المخابرات الأمريكية ولتعميق الإنقسام الطائفي وزرع الإرهاب بشكل
مباشر، وجميعنا يعلم كيف ولدت وإنطلقت داعش، وكيف تم تسخير أموال طائلة وتسهيلات
لوجيستيه حينا وغض الطرف أحيانا أخرى، بالإضافة لتأجيج مشاعر الكراهية للإسلام في
الغرب.
لقد أيدت السعودية الثورة السورية منذ انطلافها وأمدتها بالعون المادي
والمعنوي وسلحت أو سهلت وصول السلاح لها، ولم يتم ذلك إلا عبر تأييد أو صمت من
الولايات المتحدة، وأستمر ذلك حتى إنكسر جيش الأسد وبدا في الأفق أن الثورة
ستنتصر، وهنا توقف الدعم وبدأ الحديث عن الحل السياسي، ذات السياسة التي مارسوها هم
والنظام السوري في لبنان حيث كان يتنقل التأييد من جانب لأخر حتى لا يكون هناك
منتصر وينهزم الجميع.
وعندما بدا أن الثورة على بعد خطوات من إسقاط الطاغية ومع مطالب الكثيرين
من الحكومات والشعوب بإعلان سوريا منطقة محظورة على طيران الأسد، توقفت المساعدات
للثورة وإنطلقت داعش تسيطر على الأراضي وتهلك الحرث والنسل، وأصبح النظام السوري
يحارب الإرهاب فلا بد من تركه يجول بطائراته ويستخدم كل أنواع السلاح مُباحا كان أو
مُجرما، وتقدمت روسيا لتقود الحرب ضد الإرهاب في سوريا، كما تقود الولايات المتحدة
الحرب ضد الإرهاب في العراق.
عند
ذلك الحد لا بد من أن يصمت العالم أمام قتل المدنين في سوريا والعراق ولا تستطيع
الولايات المتحدة أن تمنع روسيا وسوريا من تطبيق نظرية المتعجرف الأمريكي في "الأضرار
الجانبية"، (Collateral Damage) حيث وللأسف يقع ضحايا من المدنين اثناء الحروب ولا حل
لذلك، واخرها مجزرة الولايات المتحدة جراء قصفها على الموصل، فالعدوان مشترك ومنسق
بين روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل يعاونهم فيه ويموله أنظمة عربية.
ونعود هنا للقصف الأمريكي على مطار الشعيرات، والذي اذهلت دقته الجميع، حيث
إنطلقت صواريخ من البحر موجهة بدقة عالية لضرب أهداف ما، لقد أدعى الرئيس الأمريكي
أنه لم ينسق مع روسيا، وكيف لنا ان نصدق ذلك ونحن نعلم أن إنتخابه قد نسق مع
روسيا، وكيف ذلك ولم يعترض هذه الصواريخ الأمريكية أي من الغطاء الروسي من إس 300
أو إس 400، ولم تصب تلك الصواريخ أي مدني بل لم تصب أي شخص أو معدات روسيه، وإدعت
إحداث خسائر، إلا أن المطار المستهدف عاد لنشاطه في إستهداف السوريين العزل بل
وأعاد قصف بلدة خان شيخون بعد أقل من 48 ساعة من إستهدافه.
أن العملية ونتائجها ليست إلا إستكمالا لمسرحية تدمير المنطقة التي يقوم
بها النظامان الروسي والأميركي، ومن ناحية أخري هي محاولة لإرضاء بعض العرب وإرسال
رسائل لهم أن رضاء الولايات المتحدة عنهم هو الطريق الوحيد أمامهم، وفوق كل ذلك
فهي رسالة من رئيس امريكي مهزوم داخليا لمؤيديه أنه لا يقبل بأن يكون مثل أوباما
يهدد وحسب، وأنه واقف ضد الفاشيه، علما أنه استقبل الفاشي التابع من مصر قبلها
بيومين رغم إعتراض كل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني محليا ودوليا.
يجب ألا يوهم أياً منا نفسة، فالولايات المتحدة ليست الصديق الودود، ويجب
ألا ننسى أن النظام السوري استمر لمدة سته أعوام يفعل ما يفعل بكل أنواع الأسلحة،
وأنه لا فارق عند من فقد أبويه أو أطفاله أن كان ذلك السلاح مُجرم أم مُباح
فالنتيجة واحدة، لقد داوم النظام السوري كما كل الأنظمة العربية على فعل ما تفعله
مثلما داومت الصهيونية على ذلك، فلا فارق بين ألام طفل سوري أو مصري أو فلسطيني أو
أي عربي في أي مكان.
من يستقوي بأي نظام، دولي كان أومحلي، فهو مستسلم لمنظومة ستقضي علينا وعلى
المنطقة بالكامل إن عاجلا أو أجلا، ولن نصبح أحرارا في أي أرض كانت ما لم تتحد
جهودنا ونتماسك في صف واحد، صف الثورة العربية الشاملة التي حينها فقط لن تقصف
قرانا أو أقلامنا ويومئذ فقط سننتصر.
محمد شريف كامل
الامين
العام للمجلس الثوري المصري
* محمد شريف كامل مهندس ومدير مشروعات، شغل مناصب مهنية عديدة،
بالإضافة لكونه مدون وكاتب مستقل، هو أحد المؤسسين والأمين العام للمجلس الثوري المصري،
أحد المؤسسين الائتلاف الكندي المصري من أجل الديمقراطية، حركة مصريون حول العالم
من أجل الديمقراطية والعدالة. عضو نشط في
العديد من المنظمات المحلية والدولية الدفاع عن حقوق الإنسان، بالإضافة لانتخابه مفوض بمجلس
إدارة المدارس بقطاع المدارس بجنوب مونتريال لمدة 4 سنوات. أسس
في السابق الجمعية الوطنية للتغيير في مصر (كندا)، وتجمع الاعلام البديل بكيبيك –
كندا، وأحد مؤسسي والرئيس السابق للمنتدى الإسلامي الكندي، كما انه أحد المؤسسين
حركة كيبيك - كندا المناهضة للحرب، وأحد المؤسسين التحالف الكيبيكي-الكندي من أجل
العدالة والسلام في فلسطين. وهو عضو نشط في العديد من منظمات المجتمع المدني ومن
بينها اتحاد الحقوق والحريات بكيبيك – كندا. عضو في مجلس الأمناء لجمعية الكندين
المسلمين من اجل فلسطين، ومركز مسلمي مونتريال (الامة الإسلامية). نشر له العديد
من المقالات حول العديد من القضايا المحلية والدولية بلغات ثلاث (العربية،
والانجليزية، والفرنسية)، ومدون ومؤسس مدونة "من أجل مصر حرة".
محمد شريف كامل يمكن للتواصل معه عبر:
Tel: 1-514-863-9202,
e-mail: public@mohamedkamel.com, twitter: @mskamel,
blog: http://forafreeegypt.blogspot.com/,
No comments:
Post a Comment