Thursday, May 27, 2021

سد النهضة: مصر وافريقيا بين الماضي والحاضر والمستقبل المحور الأول: الاتفاقيات الخاصة بنهر النيل بقلم: محمد شريف كامل*

سد النهضة: مصر وافريقيا بين الماضي والحاضر والمستقبل

سلسلة من خمسة مقالات

المحور الأول: الاتفاقيات الخاصة بنهر النيل

بقلم: محمد شريف كامل*

27 مايو 2021

 

https://forafreeegypt.blogspot.com/2021/05/blog-post_27.html

 

 

نشر المقال يوم الثلاثاء 11 مايو 2021 بموقع الجزيرة مباشر

بعنوان "ماذا تعرف عن الاتفاقيات الخاصة بنهر النيل؟! ولم تنشر الفقرة الأخيرة

https://mubasher.aljazeera.net/opinions/2021/5/11/%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B5%D8%A9-%D8%A8%D9%86%D9%87%D8%B1

 

 

(هذا مقال من سلسلة من خمسة مقالات، فبرجاء قراءة المقدمة وقراءة المقالات بالترتيب حتى يكتمل الهدف من السلسلة)

المقدمة: https://forafreeegypt.blogspot.com/2021/05/blog-post_26.html

 

لفهم حقيقة ما يدور حول سد النهضة وحقوق مصر والسودان علينا أن نبدأ باستعراض الاتفاقيات، خاصة وأن الكثير مما كتب فيها جاء مبتورا عن قصد أو غير قصد، فأصبحت الصورة المعروضة أمامنا مشوهة، وأغلبنا لا يعرف حقيقة تلك الاتفاقيات وجذورها التاريخية.

وُقع أول اتفاق في العصر الحديث في روما في 15 إبريل عام 1891 بين قوتي الاستعمار، إيطاليا من جانب والتي كانت تحتل اريتريا وبريطانيا التي كانت تحتل أغلب دول حوض النيل، وأختص ما عرف باسم بروتوكول روما بتحديد مناطق نفوذهما في شرق القارة السمراء، وتعهدت ايطاليا من خلاله بعدم إقامة آية منشآت على نهر عطبرة ممكن أن يكون لها تأثير سلبي على موارد نهر النيل، ومن المعلوم أن نهر عطبرة يغذي النيل بما يقدر بـ أكثر من 10% من المياه المتوفرة عند نقطة التقاءه بالنيل.

وعلى الجانب الأخر وبتوافق مع ايطاليا وقعت بريطانيا في 15 مايو عام 1902 و"منليك" إمبراطور إثيوبيا ومؤسس الإمبراطورية، اتفاقية ترسيم للحدود بين إمبراطورية أثيوبيا والسودان، المستعمرة البريطانية، وبالإضافة لترسيم الحدود الإثيوبية السودانية فقد شملت تلك الاتفاقية تعديل للحدود الأريتيرية، والأهم من ذلك كله أنها اشتملت على نص صريح حول سبل استغلال مياه النيل الأزرق وبحيراته وروافده بحيث يُلزم بإخطار بريطانيا ومصر والتشاور معهما قبل أي مشروع من قبل إثيوبيا من شأنه أن يؤثر على تدفق مياه نهر النيل.

 وفي 13 ديسمبر عام 1906، وقعت بريطانيا وايطاليا وفرنسا اتفاق شامل يحدد مصالح الدول الثلاث في أثيوبيا ولم يتعارض أو يعدل أي من بنود اتفاق روما الموقع بين بريطانيا وايطاليا في 15 إبريل عام 1891، ولم يسقط ما تم توقيعه عام 1902 بين بريطانيا وإثيوبيا.

وتلي ذلك وتحديدا في عام 1925 أن تم الاتفاق بين بريطانيا وإيطاليا عبر مجموعة من الخطابات المتبادلة والتي أقرت إيطاليا من خلالها بحقوق مصر والسودان في مياه النيل الزرق والأبيض مع تعهدها بعدم القيام بأي مشروعات تؤثر سلباً من كمية المياه المتدفقة للمجرى الرئيسي لنهر النيل.

ومن ناحية أخرى فقد كانت كل من بريطانيا وبلجيكا قد وقعتا في لندن في 9 مايو عام 1906 اتفاقية ترسيم الحدود بين بين الكونجو والسودان، والتي نصت على ألا تقوم الحكومة البلجيكية أو حكومة الكونجو بأي أعمال على الأنهار المغذية لبحيرة "ألبرت" ونهر النيل إلا بالاتفاق مع الحكومات البريطانية والسودانية.

وبعد إعلان بريطانيا إنهاء الحماية على مصر، الإعلان الذي مثل استقلالا شكليا، سعت الحكومات المصرية لتأكيد حقها في مياه النيل وتشكلت لجان فنية مصرية سودانية بريطانية قامت فيما بين عام 1925 وعام 1929 بدراسة وضع نهر النيل ودراسة الأمور التقنية والقانونية لكل الاتفاقيات الموقعة من قبل بين الدول المتحكمة في القارة السمراء والمتحكمة في حوض النيل وأثيوبيا من جانب وبينها وبين الكونجو من جانب أخر، وخلصت تلك اللجان إلى ما عرف باتفاق مياه النيل عام 1929 والتي تمثلت في خطابات متبادلة بين الحكومة المصرية وحكومة بريطانيا ترتب عليه حقوق لكل من مصر والسودان وهي دول المصب، والتي  تمثلت في هدة نقاط منها:

-          ألا تقام، بغير اتفاق مسبق مع الحكومة المصرية مشروعات لاستغلال المياه في الري أو توليد الطاقة أو أي إجراءات على نهر النيل أو أي من فروعه أو على أي من البحيرات التي ينبع منها، أي اجراء من شأنه إنقاص مقدار المياه التي تصل إلى مصر، أو تعديل تاريخ وصولها أو تخفيض منسوبها على أي وجه يلحق ضررًا بمصالح مصر.

-          أقر بموجب تلك الاتفاقية حصة مصر والسودان في ذلك الوقت من المياه المتدفقة بنهر النيل عند أخر نقطة التقاء لفروعه بالأراضي السودانية، والتي قدرت ب 48 مليار متر مكعب لمصر و4 مليار متر مكعب للسودان.

-          وإن لمصر الحق في الاعتراض (حق الفيتو) في حالة إنشاء أي من دول المنبع لمشروعات جديدة على النهر وروافده تمثل تأثير على موارد مصر من المياه.

وعندما شرعت بريطانيا وأوغندا في دراسة مشروع لإنشاء محطة توليد للكهرباء من مساقط شلالات "أوين" الأوغندية، فقد قدم تبادل العديد من الرسائل بين بريطانيا ومصر في الفترة ما بين عام 1949 وعام 1953، وقد نصت تلك الرسائل على عدة أمور هامة منها:

-          التأكيد على أن اتفاق 1929 هو اتفاق ملزم لجميع الأطراف

-          التزام أوغندا بأن تشغيل محطة توليد الكهرباء لن يؤثر سلبا على كمية المياه التي تصل إلى مصر

هذا وقد تم تأكيد ذلك من خلال خطابات تم تبادلها بين مصر وأوغندا في عام‏ 1991 والتي أقرت بمبدأ التعاون بين مصر وأوغندا المستقلة ذات السيادة والتي اعترفت صراحة بسريان التزاماتها الواردة وفقا للرسائل المتبادلة في الفترة ما بين عام 1949 وعام 1953 بهذا الشأن بين بريطانيا، المستعمرة لأوغندا حين ذلك، ومصر في الفترة بين عام 1949 وعام 1953، وهذا ما يسقط الحجج بأن هذه الاتفاقيات وقعت بإرادة استعمارية ولسيت بإرادة مستقلة.

وعندما شرعت مصر في دراسة مشروع السد العالي، ويعرف الجميع دور بريطانيا والولايات المتحدة السلبي، قامت مصر بتعزيز موقفها باتفاقية 1959 مع السودان، والتي مثلت ترتيبات تفصيلية لجميع خطوات بناء السد شمل تخزين المياه واستخدام الفائض خلف الخزان، وإعادة توطين سكان وادي حلفا، ومثلت مرة أخرى تثبيت للاتفاقيات السابقة، فقد:

-          أكدت على اتفاق 1929 كاتفاق ملزم لجميع الأطراف.

-          ضبط توزيع مياه النيل بين مصر والسودان وتعديل الكميات والتي شهدت زيادة لتصبح حصة السودان 18.5 مليار متر مكعب، وحصة مصر 55.5 مليار متر مكعب

ولم يقتصر أمر الاتفاقات على ذلك، وهناك الكثير مما يقال في الاتفاقيات والتفاهمات الدولية، مثل ما ورد في الدورة العامة لمعهد القانون الدولي والتي عقدت في مدريد عام 1911، وكذلك الإطار العام للتعاون بين مصر وإثيوبيا لعام‏ 1993 ومبادرة 1999 التي شارك فيها جميع دول المنبع والمصب، ثم اتفاقية 2010 التي وقعتها دول المنبع دون دول المصب، ولكني رأيت أنه من الأفضل ارجاء الحديث عنها للمقالات التالية لأهمية الربط الموضوعي، خاصة في المقال التالي الذي يستعرض العلاقات المصرية الأفريقية وتأثيرها الحالي والمستقبلي على نهر النيل والأمور السياسية والاقتصادية الأخرى.

 

..... يتبع بالمقال الثاني    العلاقات المصرية الأفريقية

 

 

 

* محمد شريف كامل مهندس ومدير مشروعات، شغل مناصب مهنية عديدة، بالإضافة لكونه مدون وكاتب مستقل، هو أحد المؤسسين وعضو مجلس الادارة لحركة حقوق المواطنين، هو أحد المؤسسين والأمين العام والمتحدث الرسمي السابق للمجلس الثوري المصري، و أحد مؤسسي الائتلاف الكندي المصري من أجل الديمقراطية، وحركة مصريون حول العالم من أجل الديمقراطية والعدالة، هو احد القيادات الطلابية المصرية  في السبعينات، عضو نشط في العديد من المنظمات المحلية والدولية الدفاع عن حقوق الإنسان، بالإضافة لانتخابه مفوض بمجلس إدارة المدارس بقطاع المدارس بجنوب مونتريال لمدة 4 سنوات. هو أحد مؤسسي الجمعية الوطنية للتغيير في مصر (كندا) قبل الثورة، وتجمع الاعلام البديل بكيبيك – كندا، كذلك أحد مؤسسي والرئيس السابق للمنتدى الإسلامي الكندي، كما انه أحد المؤسسين حركة كيبيك - كندا المناهضة للحرب، وأحد المؤسسين التحالف الكيبيكي-الكندي من أجل العدالة والسلام في فلسطين. وهو عضو نشط في العديد من منظمات المجتمع المدني ومن بينها اتحاد الحقوق والحريات بكيبيك – كندا. عضو في مجلس الأمناء لجمعية الكندين المسلمين من اجل فلسطين، ومركز مسلمي مونتريال (الامة الإسلامية). نشر له العديد من المقالات حول العديد من القضايا المحلية والدولية بلغات ثلاث (العربية، والانجليزية، والفرنسية)، ومدون ومؤسس مدونة "من أجل مصر حرة".

محمد شريف كامل يمكن للتواصل معه عبر:

1-514-863-9202, e-mail: public@mohamedkamel.com, twitter: @mskamel, blog: http://forafreeegypt.blogspot.com/  https://www.facebook.com/APresidentForEgypt/, https://www.youtube.com/channel/UCl3y4Hxgf05Xr0iDU68r8GQ


No comments:

Post a Comment