Friday, January 24, 2020

سقط الجميع ولم ينجح أحد بقلم: محمد شريف كامل


فى ذكرى 25 يناير
سقط الجميع ولم ينجح أحد

بقلم: محمد شريف كامل*
24 يناير 2020


لقد شهدت الخمسينات والستينات من القرن الماضي مرحلة التحررالوطنى والتخلص من السيطرة الغربية والإستعمار المباشر، ولم يستسلم الإستعمار وبدأ يتخذ صورا مختلفة مدافعا عن إستغلاله لثروات العالم الثالث، فكانت شركات التنقيب عن البترول والبنك الدولى وصندوق النقد، وتجمعات مثل تجمع بقايا الإستعمار البريطانى (الكومنولث) وتجمع بقايا الإستعمار الفرنسي (الفرانكفونى)، بالإضافة لما أتخذ صور تجمعات إجتماعية وجمعيات الخدمات الإنسانية مثل نوادى الليونز والروتارى، ناهيك عن جمعيات التبشير المسيسة.
وكان هناك ما هو أخطر من ذلك ولم ينتبه له إلا القليل، وهو نظام أل سعود القائم على أعمدة الحكم القمعى والفكرالوهابى اللذان مثلا الخنجر الناشط فى ظهر التحرر والنهضة المنشودة، والذى ولد من رحمه وبالتعاون مع المخابرات البريطانية دويلات من قبائل أبار البترول المقيمين على شاطئ الخليج العربى والذين تحولوا إلى أمراء على أيدى الموساد والمخابرات الامريكيه ليكونوا أكبرخلية نائمه فى أحضان العالم العربى وقلب العالم الإسلامى.
وفى الوقت الذى حُوربت كل مشاريع التنمية على كل الأرض العربية، تم السماح بل وتشجيع  مشروعان فقط هما المشروع الإستيطانى الصهيونى والمشروع الطفيلى الإماراتى، وقد بنى المشروع الصهيونى الإستيطانى على الاستيلاء على ثروات المنطقة إلا أنه قد نجح فى تطوير ذاته وتحويل المستوطنين المقيميين بالداخل والخارج إلى شركاء فعليين فى ذلك المشروع الذى أصبح يملك أكبر قاعدة انتاجية فى المنطقة فتحولت إلى نواة استعمارية للمنطقة ككل.
وعلى الجانب الأخركان المشروع الإماراتى الطفيلى الذى مثل مركزا لغسيل الأموال بشكل خفى تحت مظلة ما عُرف بالنواه التجارىه العالميه، بينما لم  يمثل إلا مركز للمنشأت السياحية التى بُهر بها المواطن الساذج، وفى ذات الوقت كانت شركات المقاولات العالمية تقوم بإستنفاذ أرباح البترول وأرباح ذلك المركز التجارى الوهمى وتحويلها لأرباح لتلك الشركات المستغلة، والتى تعدت أرباحها 50% من قيمة المشروعات، ولا مانع من ذلك فهى عملية غسيل أموال والملجئ الواقى لكل فاسدى المنطقة العربية والأفريقية، بل وأمتدت لتشمل أعمال المافيا الجديدة الواردة من حطام ما كان يعرف بالإتحاد السوفيتي.
لقد جال ذلك بخاطرى وأنا استعرض ما عاشه جيلنا من إنتصارات وإنكسارات، توجوا بإنتفاضتين سعيا للتصحيح فى 18 و19 يناير 1977 وفى 25 يناير 2011، وما كانت تلك السطور السابقة إلا تصويرا مبسطا لما نعيشة اليوم من إنتكاسة كبرى، صغرت بجانبها كل إنتكاسات التاريخ العربى والإسلامى على السواء.
ألم يكن أل سعود وأبناء زايد هم من دمروا ذلك الحلم، حلم التصحيح والثورة، وأطاحوا بالحلم العربى ودعوات الصحوات العربية والاسلامية التى طالما حلمنا بهما.    
ولم نكتفى نحن بإستسلامنا لتلك النماذج بداية من البنك الدولى الذي جفف منابع ثرواتنا وحولها لأرصدة للفساد على أرض غسيل الأموال، لم نكتفى ذلك بل تمادينا فى تدمير ذاتنا بتهجم بعضنا على البعض والتشفى فى أخطائنا وصولا لتشدقنا بتخاريف الموساد الصهيونى وهى تروج القصص المكذوبه والتى يسهل تسويقها لعقول جيل لا يعلم من التاريخ إلا عناوين الصحافة الصفراء التى تتفنن فى قصص الإمتهان لكل ما هوعربى أواسلامى.
ولا أعتقد أن الكثير يختلف على ذلك التصويرلحالنا المزرى، فلم أجد أى شخص عربى مسلم أو غير مسلم إلا وردد ذات العبارة "لن تقوم لنا قائمه حتى ننسى خلافاتنا ونتوحد"، ولكن ما أن ينفض مجلس التنظير حتى يتوجه كل الجالسين بكل توجهاتهم وتياراتهم إلى أجهزتهم الإلكترونية ليواصلوا لعن التيار الآخر، ويتفنن كل منا فى توجيه اللوم وتثبيط الهمم ولعن تاريخ ومبادئ وأفكار الطرف الآخر.
فذلك الناصري أواليساري أوالليبرالي يلعن كل أفكار الإسلاميين ويجمع الجميع فى سلة واحدة، فهم دعاة تطرف وجهاديين وإرهاييين ويريدون عودتنا للقرون الأولى وتطبيق مبادئ لا تصلح للعصر....

وهؤلاء الإسلامين على مختلف توجهاتهم من سلفيين وإخوان وصوفية يلعنون كل ليبرالي وكل إشتراكي ويتهمونهم بالكفر والذندقه وأنهم أضاعوا الماضي ويسعون لتدمير المستقبل....
وناهيك عن الخلاف المصطنع بين السنى والشيعي وبين القومي والأممي كان شيوعيا أو إسلاميا، وعندما تخاطب أى منهم بأن ما نمارسه لا يخرج عن كونه نفاق للنفس والمجتمع والدين، يكون الرد أنهم يصححون مفاهيم الماضي ويبنون جيل صالح للمستقبل.

قد يكون ذلك مقبولا لو أننا نعيش حياة ديمقراطية بلا قيود، ولكن أن يعيش شعبنا تحت ظلم العدو وإرهاب الإحتلال الأجنبي وإرهاب النظم الفاشيه المسلطة علينا، ونتنعم نحن برفاهية الإختلاف والتشفى، فهذا هو ما هزمنا بتدمير ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا.

أعتقد أننا قد خسرنا الكثير بتعميق الخلاف الطائفي، وخسرنا الكثير بتعميق الخلاف الأيدلوجى بين مفهوم القومية والإنتماء الإسلامى، لقد خسرنا الكثير بسقوطنا جميعا فى فخ العدو الأوحد ولم ينجح أحد.    
     

* محمد شريف كامل مهندس ومدير مشروعات، شغل مناصب مهنية عديدة، بالإضافة لكونه مدون وكاتب مستقل، هو أحد المؤسسين وعضو مجلس الادارة لحركة حقوق المواطنين، هو أحد المؤسسين والأمين العام والمتحدث الرسمي السابق للمجلس الثوري المصري، و أحد مؤسسي الائتلاف الكندي المصري من أجل الديمقراطية، وحركة مصريون حول العالم من أجل الديمقراطية والعدالة، هو احد القيادات الطلابية المصرية  في السبعينات، عضو نشط في العديد من المنظمات المحلية والدولية الدفاع عن حقوق الإنسان، بالإضافة لانتخابه مفوض بمجلس إدارة المدارس بقطاع المدارس بجنوب مونتريال لمدة 4 سنوات. هو أحد مؤسسي الجمعية الوطنية للتغيير في مصر (كندا) قبل الثورة، وتجمع الاعلام البديل بكيبيك – كندا، كذلك أحد مؤسسي والرئيس السابق للمنتدى الإسلامي الكندي، كما انه أحد المؤسسين حركة كيبيك - كندا المناهضة للحرب، وأحد المؤسسين التحالف الكيبيكي-الكندي من أجل العدالة والسلام في فلسطين. وهو عضو نشط في العديد من منظمات المجتمع المدني ومن بينها اتحاد الحقوق والحريات بكيبيك – كندا. عضو في مجلس الأمناء لجمعية الكندين المسلمين من اجل فلسطين، ومركز مسلمي مونتريال (الامة الإسلامية). نشر له العديد من المقالات حول العديد من القضايا المحلية والدولية بلغات ثلاث (العربية، والانجليزية، والفرنسية)، ومدون ومؤسس مدونة "من أجل مصر حرة".
محمد شريف كامل يمكن للتواصل معه عبر:

No comments:

Post a Comment