وجه المجلس الثوري المصري رسالة الي ملوك ورؤساء الدول العربية المشاركة في اجتماع القمة العربية المقرر انعقاده يوم 28 مارس الجاري أشار فيها الي العلاقة الوثيقة بين مصر ومثيلاتها من الدول العربية التي شاركتها في المعاناة من الاستعمار وأن فكرة الجامعة العربية انبثقت في الاساس لمواجهة هذا الاستعمار من خلال تلاحم الدول العربية وأن هذا هو ما تزال تحتاجه الدول العربية الي يومنا هذا، ثم أشار المجلس الي الانتهاكات التي يمارسها المجلس العسكري الذي عينه المخلوع مبارك بعد ثورة يناير 2011 والي يومنا هذا.
وأشار المجلس الي أنه عقب ثورة يناير كانت هناك تطلعات لدي الشعب المصري لإعادة بناء المؤسسات وإدارة الفترة الانتقالية بما يوازي تطلعات الشعب وقد كان بالفعل ان أُخذت خطوات فعلية لإرساء قواعد الديموقراطية وتم انتخاب أول رئيس مدني في تاريخ مصر الحديث وكان مؤشرا لسير مصر على الطريق الصحيح الي أن قام الجيش بانقلاب عسكري في 3 يوليو 2013 بدعم اقليمي ودولي من دول لا تريد لمصر أن تنهض.
وأشار المجلس الي ان الأوضاع الأمنية في مصر في انهيار مستمر وأن سبب انعقاد المؤتمر في شرم الشيخ هو الانهيار الأمني والاقتصادي.
وقد أدان المجلس في بيانه الدعم العربي للانقلاب العسكري الذي يتغذى علي دماء و حريات أبناء مصر وأن هذا الدعم ينافي المبادئ التي قامت عليها الجامعة العربية و أكد المجلس في ختام رسالته علي أن الدور العربي يمكن أن يكون له دور كبير في وقف التدهور الأمني والاقتصادي في مصر وذلك بالتوقف عن دعم هذا النظام الانقلابي والتضامن مع الرئيس الشرعي للبلاد فخامة الرئيس محمد مرسي الذي يعاني كل أنواع المعاملة السيئة في المعتقل
وهذه هي نص رسالة المجلس:
السادة الملوك والأمراء والرؤساء العرب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكتب إليكم بمناسبة انعقاد القمة العربية العادية في شرم الشيخ في 28 مارس الحالي، وأستهل خطابي لفخامتكم بالترحيب بكم في بلدكم مصر قلعة العروبة التي انطلقت منها فكرة تأسيس جامعة الدول العربية كمشروع للوحدة والتعاون والتلاحم العربي والخلاص من الاستعمار، وهي أحلام المؤسسين الأوائل لهذا الصرح، ومنهم جدي عبدالرحمن عزام باشا -رحمه الله- أول أمين عام لجامعة الدول العربية والذي لم يترك معركة ولا قضية عادلة يدافع من خلالها عن العروبة واستقلال وتحرير كامل التراب العربي إلا وخاضها، وهذا ما تحتاجه أمتنا الآن وهي تمر بحالة ضعف وتفكك غير مسبوقة بسبب السياسات الخاطئة التي ينبغي تداركها لوقف هذا التدهور.
ومن ذلك ما يجري حاليا في مصر، التي تعلمون جميعا أنها دولة محورية في هذا الصرح العربي الكبير، وقد كان قدر مصر أن يثور شعبها على حاكم جائر وظالم حكم هذه البلاد لمدة 30 عاما وكان يسعى لتوريثها من بعده، وكانت ثورته حضارية سلمية فاجأت الجميع بما فيهم كل القوى السياسية لأن مصر كانت تريد التغيير.
لقد تولى المجلس العسكري السلطة خلفا للرئيس المخلوع حسني مبارك، وأدار المرحلة الانتقالية التي شارك الشعب فيها بالرأي من خلال 5 استحقاقات انتخابية شهد الجميع بنزاهتها انتهت بانتخاب رئيس للبلاد في يونية 2012 وإقرار دستور لمصر في ديسمبر من نفس العام.
وبعد أن استكملت مصر بناء المؤسسات التي أسقطتها الثورة بشكل ديمقراطي وكانت تتطلع لبناء دولة حديثة تعالج آثار أزمات ومشاكل ضاربة الجذور منذ زمن بعيد، بدأ التآمر على نتائج التغيير وما أفضت إليه الانتخابات في انتكاسة عن كل القيم الديمقراطية التي تعاقدنا عليها في اطار المرحلة الانتقالية، حتى حدث الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 بدعم إقليمي ودولي لا يريد لمصر أن تنهض.
لقد أدى هذا الانقلاب العسكري إلى مآس عظيمة لم تشهد لها مصر ولا منطقتنا العربية مثيلا عندما استبيحت دماء الآلاف من المعتصمين والمتظاهرين السلميين وأدخل الانقلابين مصر في دوامة من العنف وعملوا على تخليق الإرهاب عبر القمع والظلم والمحاكمات الجائرة وانتهاك حقوق الإنسان.
ليس على هذا تعاقد العرب عندما أسسوا هذه الجامعة
لم يتعاهدوا على نصرة الظالم الفاسد الذي يرتكب المجازر ويغتصب السلطة ويتحالفوا ضد المظلوم ممالأة للظالم ومجاملة له.
لم يتعاقد العرب على التعاون على الإثم والعدوان بدلا من التعاون على البر والتقوى
لم يتعاقد حكام العرب على التآمر ضد من جاء بإرادة شعبه عبر مسار قانوني ولم يقترف إثما ولا جريمة إلا أنه رفض أن يخضع لجبروت الدبابة والقناصة، ويخضع لأحلام جنرال تجرد من كل شرف لأنه حلم بأن يكون رئيسا بأي ثمن.
لا وقت للدبلوماسية والمجاملات عندما يضع بعض الجنرالات المغامرين مصير بلد كمصر بملايينه التسعين في مهب الريح ويدوسون على كل القيم والأعراف والأصول.
وبينما تجتمعون في شرم الشيخ بعيدا عن العاصمة، تنهار الأوضاع بشكل متسارع في القاهرة نتيجة الانسداد السياسي، والانهيار الأمني والاقتصادي، نتيجة تكدس السجون وانتشار التعذيب والمحاكمات الجماعية الظالمة وصدور المئات من أحكام الإعدام الجائرة ضد القيادات السياسية المنتخبة وضد العلماء والدعاة والشباب.
اذا ظلت الحكومات العربية بعيدة عن التصدي لأسباب هذه الأزمات وبعيدة عن صيانة القيم العربية الأصيلة فإن المنطقة ستكون أمام مصير صعب نتيجة استشراء الظلم والفساد وهذا ما ينبغي تداركه.
إننا جميعا ندرك المخاطر المحدقة بالمنطقة، ونحن جميعا ندين الإرهاب بشتى صوره وفي نفس الوقت ندرك أن هذا الإرهاب يتغذى على المظالم وعلى القمع وعلى الفساد وعلى غياب حكم القانون والعدالة.
وفي الختام يؤكد المجلس الثوري المصري على الدور العربي في المساعدة في وقف هذا التدهور الخطير في مصر، وعلى التوقف عن دعم الانقلابين الذي دفعهم للاستمرار في ارتكاب جرائمهم ضد الشعب المصري، ويطالب القادة العرب بالتضامن مع الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي الذي يعاني كل أنواع المعاملة السيئة، وهو الرئيس الذي أكد دوما على دور مصر العربي والإسلامي.
وتقبلوا وافر التحية
د/ مها عزام
رئيس المجلس الثوري المصري