Saturday, March 9, 2013

عبد المنعم رياض: لومدمنو الكلامِ فى بلادنا قد بذلوا نصفَ الذى بذلتْ


عبد المنعم رياض


يعتبر الفريق أول عبد المنعم رياض واحدا من أشهر العسكريين العرب خلال النصف الثاني من القرن العشرين. شارك في الحرب العالمية الثانية ضد القوات الألمانية والإيطالية بين عامي 1941 و 1942, وفي حرب فلسطين عام 1948, وحرب 1956, وكان قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان أثناء حرب 1967, كما كان أحد الأعمدة الرئيسية التي اعتمد عليها الرئيس جمال عبد الناصر في إعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة المصرية وحرب الاستنزاف.


الميلاد والنشأة

ولد عبد المنعم محمد رياض عام 1919 في قرية (سبرباي) إحدى ضواحي مدينة طنطا في مصر، ونشأ في أسرة اشتهر عنها النظام والانضباط حيث كان والده القائمقام (عقيد) محمد رياض عبد الله قائد (بلوكات) الطلبة بالكلية الحربية والذي تخرجت على يديه أعداد كبيرة ممن تولوا مناصب قيادية داخل المؤسسة العسكرية المصرية.

التعليم

بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة التحق بكلية الطب تمشيا مع رغبة أسرته، لكنه بعد عامين من الدراسة آثر الالتحاق بالكلية الحربية التي كان يجد في نفسه ميلا شديدا إليها، وتخرج فيها عام 1938 برتبة ملازم ثان.

وفي عام 1944 نال شهادة الماجستير في العلوم العسكرية وكان ترتيبه الأول في التخرج، وفيما بين عامي 1945 – 1946 أتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات في مدرسة المدفعية المضادة للطائرات في بريطانيا بتقدير امتياز. وانتسب لكلية التجارة وهو برتبة فريق لإيمانه بأن الإستراتيجية هي الاقتصاد.

وقد أجاد عبد المنعم رياض عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية.

التوجهات الفكرية

كان عبد المنعم رياض يؤمن بحتمية الحرب ضد إسرائيل, ويعتقد أن العرب لن يحققوا نصرا عليها إلا في إطار استراتيجية شاملة تأخذ البعد الاقتصادي في الحسبان وليس مجرد استراتيجية عسكرية.

وكان يؤمن بأنه "إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة وأتحنا لها الوقت الكافي للإعداد والتجهيز وهيأنا لها الظروف المواتية فليس ثمة شك في النصر الذي وعدنا الله إياه".

كما كانت له وجهة نظر في القادة وأنهم يصنعون ولا يولدون فكان يقول "لا أصدق أن القادة يولدون، إن الذي يولد قائدا هو فلتة من الفلتات التي لا يقاس عليها كخالد بن الوليد مثلا، ولكن العسكريين يصنعون، يصنعهم العلم والتجربة والفرصة والثقة. إن ما نحتاج إليه هو بناء القادة وصنعهم، والقائد الذي يقود هو الذي يملك القدرة على إصدار القرار في الوقت المناسب وليس مجرد القائد الذي يملك سلطة إصدار القرار".

حياته العسكرية

عين عبد المنعم رياض بعد تخرجه في سلاح المدفعية، والتحق بإحدى البطاريات المضادة للطائرات في الإسكندرية والسلوم والصحراء الغربية خلال عامي 1941 و1942 حيث اشترك في الحرب العالمية الثانية ضد القوات الإيطالية والألمانية.

وخلال عامي 1947 – 1948 عمل في إدارة العمليات والخطط في القاهرة، وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين, ومنح وسام الجدارة الذهبي لقدراته العسكرية التي ظهرت آنذاك.

تولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات في عام 1951 وكان وقتها برتبة مقدم، ثم عين قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية عام 1953، وفي العام التالي اختير لتولي قيادة الدفاع المضاد للطائرات في سلاح المدفعية, وظل في هذا المنصب إلى أن سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفياتي عام 1958 لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية، وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز وحصل على لقب (الجنرال الذهبي).

بعد عودته شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية عام 1960 ثم نائب رئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة عام 1961, وأسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشؤون الدفاع الجوي.

اشترك وهو برتبة لواء في دورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات خلال عامي 1962 – 1963, وفي عام 1964 عين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة.

ورقي في عام 1966 إلى رتبة فريق, وأتم في السنة نفسها دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا, وحصل على زمالة كلية الحرب العليا.

بعد عقد معاهدة الدفاع المشترك بين مصر والأردن في 30 مايو/أيار 1967 وضعت قوات الدولتين تحت قيادة مشتركة كان الفريق عبد المنعم رياض قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان، فوصل إليها في الأول من يناير/كانون الثاني 1967 مع هيئة أركان صغيرة من الضباط العرب لتأسيس مركز القيادة.

وحينما اندلعت حرب 1967 عين الفريق عبد المنعم رياض قائدا عاما للجبهة الأردنية، وفي 11 يونيو/حزيران 1967 اختير رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية فبدأ مع وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول محمد فوزي إعادة بنائها وتنظيمها.

وفي عام 1968 عين أمينا عاما مساعدا لجامعة الدول العربية وكان آخر ما أسند إليه من مهام إدارة معارك المدفعية ضد القوات الإسرائيلية المتمركزة في الضفة الشرقية لقناة السويس خلال ما عرف بحرب الاستنزاف.

حقق عبد المنعم رياض انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل معركة رأس العش التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بورفؤاد المصرية الواقعة على قناة السويس، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و 1968.

الإستشهاد

أثناء الاشتباكات العنيفة التي حدثت بين القوات المصرية والإسرائيلية في 9 مارس/آذار 1969 على امتداد الجبهة من السويس جنوبا إلى القنطرة شمالا أصر الفريق عبد المنعم رياض على زيارة الجبهة رغم ما في ذلك من خطورة ليرى سير المعارك عن كثب ويكون بين جنوده، ووصل إليها بالفعل على متن طائرة عمودية ومعه مدير المدفعية وانضم إليهما قائد الجيش.

وفي ظهر ذلك اليوم أصر على زيارة إحدى وحدات المشاة الفرعية التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا والتي كانت في اشتباكات معه طوال اليوم الفائت وتقع تحت سمعه وبصره، وما إن وصل إلى تلك الوحدة حتى وجهت إليهم إسرائيل نيران مدفعيتها، واستمرت المعركة التي كان يقودها عبد المنعم رياض بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء توفي عبد المنعم رياض بعد 32 عاما قضاها عاملا في الجيش متأثرا بجراحه.

وقد نعاه الرئيس جمال عبد الناصر ومنحه رتبة الفريق أول ونجمة الشرف العسكرية التي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر. 
 
*** 
 
قصيدة نزار قبانى فى رثاء عبدالمنعم رياض


لو يُقتَلونَ مثلما قُتلتْ..

لو يعرفونَ أن يموتوا.. مثلما فعلتْ

لو مدمنو الكلامِ فى بلادنا

قد بذلوا نصفَ الذى بذلتْ

لو أنهم من خلفِ طاولاتهمْ

قد خرجوا.. كما خرجتَ أنتْ..

واحترقوا فى لهبِ المجدِ، كما احترقتْ

لم يسقطِ المسيحُ مذبوحاً على ترابِ الناصرةْ

ولا استُبيحتْ تغلبٌ

وانكسرَ المناذرةْ..

لو قرأوا - يا سيّدى القائدَ - ما كتبتْ

لكنَّ من عرفتهمْ

ظلّوا على الحالِ الذى عرفتْ..

يدخّنون، يسكرونَ، يقتلونَ الوقتْ

ويطعمونَ الشعبَ أوراقَ البلاغاتِ كما علِمتْ

وبعضهمْ.. يغوصُ فى وحولهِ..

وبعضهمْ..

يغصُّ فى بترولهِ..

وبعضهمْ..

قد أغلقَ البابَ على حريمهِ..

ومنتهى نضالهِ..

جاريةٌ فى التختْ..

يا أشرفَ القتلى، على أجفاننا أزهرتْ..

الخطوةُ الأولى إلى تحريرنا

أنتَ بها بدأتْ..

يا أيّها الغارقُ فى دمائهِ

جميعهم قد كذبوا.. وأنتَ قد صدقتْ..

جميعهم قد هُزموا

ووحدكَ انتصرتْ
 
*** 
 
قصيدة للابنودى عن عبد المنعم رياض


أخي العزيز
(عبدالمنعم رياض)

شهيد معارك القنال:
تحية طيبة وسلام
سلام حقيقي
زي شمس العالم اللي..
بتيجي من قلب الضلام
عصرته لك...
من الدموع والابتسام
أرسلته لك
من خلف موكبك
من الزحام
من قلب صدق مصر
لما بتجتمع
ويبلع الصوت الكبير
* في قلبه* كل صوت
مصر الشريفة
بتندلع
وبتتسمع
من غير كلام!!
أكتب إليك وانا ع الرصيف
الصبح بدري..
طلعت م البيت
انتظر ركبّك يفوت
وقفت وسط الناس
وفي ضِل العمارات والبيوت
حزين.. كإني الحزن
مصلوب
كاني نخلة لما الريح تموت
غريب في وسط الناس
هنا.. علي الرصيف
بتعصف الدنيا
بأحلي ما في الضلوع.
لاقادرة عيني علي البجا
ولاقادرة
علي حبس الدموع.
مايهز أولادك
يا أرض الطيبين المخلصين
إلاٌ اختفا إنسان شريف
خاصٌّة..
إذا مات في الدفاع
عن الوطن
وعن الفقاري والسنابل
والمباديء.. والرغيف.!!

***

كان الهوا بالامس بارد
في نواحي القاهرة
وانا ضعيف.
لكن وقفْت في الميدان
ماكانش ممكن أنسحب من المكان
كإن حيفوت من هنا
جسدي أنا.
وقفت ادفي جسمي
في جسم الجموع.
وماكنتش اتخيل
بان اللي ف حشايا
في حشا و دموع
جميع الناس في مصر
إلاٌ امٌا كسرني الزحام
وعصرني عصر
كأني قشٌّاية في بحر
يردٌني يجيبني يمين
شمال يمين..
في الزحمة دي تنسي انت مين..
لكني حسيت إن زقٌّّي حقهم
وإن ده المفروض يكون.
ما أحلا مصر
وهبه طالعة برجلها
بره السكون
علشان تكون!!

***

وانا كنت فاكر
ان اللي جمٌّعنا الأسي
علي فقْد قائد جيش عظيم
في ظروف شداد
تشبه لدي.
لكني حسيت بالخجل
لما سمعت حوار مابين
اتنين مواطْنين طيبين
وأغلب الظن أنهم عمال
لأ.. نقاشين.
متطلطخة إيديهم بزيت البوية
والميتْ ألف لون
وأغلب الظن انهم
تركوا العمارة
ونزلوا يهدوك السلام.!!
قال القصير السمين:
(ده بدء خير)
بصٌجوا اللفنديات عليه
مستغربين.
كمٌل كلامه:
(ايوه.. واللهي النهاردة اقدر أقول
ان احنا بكرة منصورين)
بّصوا لفنديات
باستغراب شديد.
كمل كلامه:
(أيوه.. 'عب منعم رياض'
قائد عظيم.
لانه بالموت إدٌي معني
للحياه.
لقيمة العمل الكبير
اللي بناه وهوٌه.. حيٌ.
اتخيلوا قائد كبير
في أيام صعيبة زي دي
بيموت شهيد!!
وماتْها فين..؟
وسط العساكر والجنود
معناها إيه؟
معناها ان 5 يونيه
بيختفي .. إلي الأبد.
وانٌجه اتوجد معني
لتحرير الوطن
وعن الدفاع عن البلد.
كل اللي مات
من قبل 'عب منعم رياض'
ماتوا ع السرير وفي البيوت
ماتوا في سكوت.
وكلهم قجتلةّ المرض مش العدو.
لكن ده غير كل الرجال.
ده أول اللي ماتوا
علي شط القنال.
ودمه طرطش ع الرمال
يرسم أمل وراء النضال
وبدمه..
بيقول : 'إشهدوا'!!
انتو تقولوا مات شهيد
وأنا أقول:
ده مات مثل.
مات..
عارف ان الموت
جزء من العمل.
بيكمل الشغل اللي سبْته
فوق.. علي حيطان العمارة.
لولا إني شايفه عظيم عظيم
لولا انه خلانا نصدق
اللي بتقوله الخطب..
من ان سينا راح تعود
لولا انه كان واحد بسيط
من الجنود.. ازاي حاكون هنا في الميدان استقبله لجل الوداعْ..
ده لابن خال ولا ابن عم
لكنه شيٌٌل قلبي هم
مش أي هم .. واللي اشتري غير اللي باع

***

وعلي الرصيف
يا اخ (عب منعم رياض)
غلّي الزحام
وعلي الكلام.

***

العامل التاني رفيع..
شعره شايب
سنٌجه أكبر مننا.
اندار وبجصٌ علي اللفندي
اللي بيمزع الزحام
علشان يقف قدام
ووجهله الكلام.
وقالله:
(يا ابني..
لا أهمية لمطرح أو مكان
اختار ولو أبعد مكان
مافيش هنا فرجه
ولا متفرجين..
حتبجصٌ علي مين؟.. البطل..
جوه الخشب.
وإحنا هنا طالعين عشان
نعمل عمل.
طالعين
نوافق الأخ 'عب منعم رياض'
علي انه مات لاجل الوطن
ونطالبوا 'بمزيدن' من الشهدا
جنود ومواطنين.
طالعين نشاركوا ف معركتنا
بالوقوف حول الجسد.
ونقول بإننا نقبل الموت الشريف
اللي بيرسم من دمانا عيد..
ونحط روحنا ع الرصيف
مع نفس جثمان الشهيد
والاٌ احنا واقفين ليه ياناس!!؟)

***

ميٌلنا روسنا في خشوع
جسدك يا 'عب منعم رياض'
نطق لسان إنسان فقير
بحقه في الحرية وبحقه
في تقرير المصير.
خلنا نتوحد جميعا في جسد
خٌّلانا نتوحد جميعا
في هتاف واحد يهز سما البلد
بالروح
بالدم
نفديكي يا مصر

No comments:

Post a Comment