Friday, March 9, 2001

الإرهاب بقلم: محمد شريف كامل


الإرهاب

بقلم: محمد شريف كامل
9 مارس 2001

ونشرت بجريدة صدى المشرق مونتريال


يقدم للبرلمان الكندى فى الأيام القادمة مشروع قانون خاص بإلغاء الصفة الخيرية عن الجمعيات و المؤسسات التى يشتبه فى تمويلها لأي من المنظمات الإرهابيه ، و قد نص مشروع القانون على مشروعية الإحتكام إلى تقارير المخابرات الكندية- وبالتالى المخابرات الصديقة لها-  فى توجيه الإتهام لتلك الجمعيات والمؤسسات التى يتم التحقيق بشأنها أمام هيئة حكومية و ليس أمام القضاء، و بالتالى لا يوجد أى ضمانات قانونية ولا يوجد أى حق للإستئناف، والقرار الصادر من تلك الهيئة الحكومية هو قرار نهائى يتم بموجبه إلغاء الصفة الخيرية عن هذه الجمعية فلا تتمتع بأى حق إعفاء ضريبى لها و لمودعيها - مع حق المصدر الأمنى فى عدم الإفصاح عن مصادر المعلومات المقدمة للجنة التحقيق.

ولهذا المشروع وجهان ، وجه ولا شك ناصع البياض و يستحق الوقوف بجانبه و هو الوجه الذى يدعو لمحاربة الإرهاب و قطع التمويل عن أى منظمة إرهابية.

والوجه الأخر لهذا المشروع، وهو الوجه المريض الحالك السواد، لأنه قد تعدى الكثير من الخطوط الفاصلة بين الحق والباطل و لذا فهو ينطبق عليه مقولة (حق أريد به باطل).

فهذا المشرع كان الأجدى به أن يقدم مشروع قانون جنائى يجرم التعامل مع الهيئات المشجعة والقائمة على الإرهاب، و لكنه لم يستطع أن يفعل ذلك لخوفه من الدخول فى الإجراءات الجنائية التى تستوجب تقديم معلومات كاملة عن مصادر المعلومات و ضرورة إتفاق القانون مع لائحة الحقوق والحريات الكندية، والتى تتنافى كل مبادئها مع ذلك المشروع المقدم للبرلمان.

ومن حيث المبدأ لا بوجد إنسان عاقل يستطيع أن يخالف ضرورة القضاء على الإرهاب، ولكن لتقديم مشروع بخاطب قضية الإرهاب الدولى فى دولة تتسم بالديمقراطية و الحريات ككندا، يلزم أن يراعى ذلك القانون من النقاط الهامة التى نذكر منها على سبيل المثال و ليس الحصر:

*  لقد إهتم مشروع القانون بما يسمى المنظمات الإرهابية العالمية ، و لم يذكر الإرهاب الحكومى الذى فاق فى خطورته كل أنواع الإرهاب، و تم إدانته فى الكثير من التجمعات العالمية بما فيها الأمم المتحدة.

*  إن الإ رهاب الحكومي وإرهاب الدوله - منتخبه ديمقراطيه أوغير ديمقراطيه- وإرهاب قوى الإحتلال وهوأبشع أنواع الإ رهاب الذى يستحق أن نحاربه في المقام الأولز

*  لقد إهتم المشروع بفكرة التمويل أكثر من إهتمامه بالإرهاب ذاته، و لعله لجأ لذلك حتى يتجنب الخضوع للقانون الجنائى كما ذكرنا.
 
* إن وسائل التحقيق والإبلاغ المذكورة فى مشروع القانون وعدم النص على أسلوب نقض وطعن و إعتبار قرار الهيئة الحكومية المخولة بالأمر، قرار نهائي يعتبر خرق للا ئحة الحقوق و الحريات الكندية.

* إن كلمة إرهاب هى كلمة واسعة المعنى ، يتم إستخدامها وتوظيفها توظيفا سياسيا إضافه لمعناها القانونى، وبالتأكيد ولكون المشروع ذو طابع سياسي غير جنائى فسوف يستخدم المفهوم السياسي المطوع حسب الظروف السياسية، وهو مايهدد السلم العام فى المجتمع والمساواه و يفتح أبوابا جديدة للتفرقة العنصرية وعدم المساواه.

* أعتقد أن الوقت قد حان لإستخدام مفهوم واضح للإرهاب، مفهوم يتفق مع المفهوم الدولى الذى لا يفرق بين إرهاب الحكومات والمنظمات غير الحكومية، ولكنه يفرق بوضوح بين الإرهاب وحق الدفاع عن النفس وحق تقرير المصير للشعوب وهوالمفهوم الذى يجب أن نتبعه ونستخدمه كخطوة اولى.

وإيجازا لكل ذلك فإنه من المهم ان نضع على القمه ضرورة الحفاظ على المضمون والشكل اللذان يميزان مجتمعنا من خلال لائحة الحقوق والحريات و التى من دورها حماية حرية الأفراد والمؤسسات، وحماية الأسماء أثناء التحقيق، وتأسيس نظام طعن قوى راسخ عادل، مع إستخدام مفهوم محدد واضح لماهية الإرهاب، بالإضافة غلى تجنب الدعاية غير المبنية على أسس عادلة ويشوبها التفرقة والأحكام المسبقة وعدم ضمان سلامة نقل المعلومات والتى أحيانا تخلط ما بين تأييد حقوق الشعوب والإرهاب بمفهومه الضيق المغرض.



No comments:

Post a Comment