مأساه الخليل في عيون
اليهود
بقلم: محمد شريف كامل
27 يوليو 2000
(كُتب ذلك كتعليق على مسرحية قام بكتابتها
وتقديمها على المسرح فى مونتريال مجموعة من اليهود تحت اسم
)"Reading Heabron"
-المقدمة1
التاريخ دائما
له واجهتان ، واجهة حقيقية وواجهة اخرى مزيفة و لكن أن تعيش صاحب الحق طوال حياتك
محاصر بتاريخ مزيف، فهذا هو قمة اللاعدل. أن تغتصب أرضك، و تشرد، و يعتدى عليك كل
يوم، وعندما ترفض ذلك عسكريا أو سياسيا
تتهم بالإرهاب و التعصب ومعاداة السامية، فهذا هو قمة اللاعدل .
وأن نقول
ذلك طوال التاريخ، فيقول السادة من سكان الغرب المسيطر على العالم إنما أنتم العرب
مزورا للتاريخ و هم اصحاب
الحق.
لقد عشنا
طوال اكثر من مائة عام مسلوبوا الإرادة و عشنا أكثر من خمسون عاما حقيقة الإحتلال
و التشريد ، عاشها كل عربي بإحاسسه و لكن
أبناء فلسطين هم الذين عاشوها بكل
كيانهم، وشاركهم حقا كل من تماس مع خطوط
المواجهة مع الصهيونية التى إمتدت حتى قلب العاصمة بيروت بعدما تمكنت من باقى
الأفواه العربية.
إن العالم
مازال محاصر بإدعاء كاذب، مصدره الحركه الصهيونيه و مغزاه إقناع العالم بأن
الديانه اليهوديه و الحركه الصهيونيه هما شئ واحد، و هما و لا شك ليسا كذلك، لإن
اليهوديه ديانه لها مكانتها ، أما الحركه الصهيونيه فهي و لا شك حركه عنصريه.
إن هذا هو
الذى يجعل من هذا العمل الفني - الذي
نتاناوله اليوم - بطولة حقيقية لمؤلفه اليهودى الكندى و هو مؤلف شاب، حركه خواطره
مأساة الخليل، حين قتل المصلون ساجدون فى المسجد تحت حراسة جنود الإحتلال وهم عزل
لا يملكون حق الرد و لم يحق لهم إلا الموت خوفا و رعبا و كان الرد هو مصافحة
القتلى و الدخول معهم فيما يسمى بعملية السلام الذى لا يعيد الحق و لكنه يقنن الظلم
و الإحتلال لقد عبر المؤلف اليهودى " جاسون شيرمان" عن ذلك الظلم البين
فى قصته " قراءات فى الخليل" أو
"Reading Heabron"
التى قام
بإدارتها المخرج اللبنانى القدير " مجدى معوض " الذي عبر بمأساة شعبه
العربى من لبنان إلى فرنسا ثم الى كندا حيث إستقر فيها ليعمل فى المجال الفني غير
متناسيا لأصله وحقيقة مأساة الشعب العربي .
إن العرض
فى خلال ساعة و نصف ، تلاه حوار تجاروز الساعتان ، إستضاف كل من المؤلف
والثايًٌَُره الفلسطينية الكندية "السيده/ سامية قسطندى" و أستاذ العلوم
السياسة فى جامعة"ماكجيل" بمونتريال "السيد / سام ناعيموف".
إن ذلك
العمل المتكامل لا يصح أن يمر كذلك دون أن يعرض على المشاهد العربي من خلال جرائده
التى تقدمه له كنافذة على أحد مراحل كفاح شعبه التى سكن وجدان بعض اليهود الذين
يزدادون كل يوم و يزداد إحساسهم بالظلم غير المبرر الذى لاقاه العرب على إيديهم ،
و هو ما يؤكد أن إدعاء الصهيونيه بأنها ليست حركه عنصريه و إنها تمثل الشعب
اليهودي هو كذب وإفتراء، و أشير هنا إلى
أن ذلك العمل قد قام بأداء جميع الأدواربه خمسة
ممثلون من اليهود الكنديين، و يقف على قمتهم الممثل الشاب (هوارد روزنستين
) الذى جسد شخصية ناثان الشاب اليهودى الباحث عن الحقيقة، بالإضافه إلي صوره
الغلاف للمطبوعات الدعائيه التي صوره حائط المبكى كتب عليه اسم العمل بالدم فوق
رؤس المصلين. و قد قدم العمل باللغة الإنجليزية فى الفترة من 4 و حتي21 مايو 2000
فى مونتريال بمسرح (تسرى دنيا ) و شهد العرض إقبال غير عادى و خاصة من اليهود و
بعض العرب و لعلنا نتمكن من ان نقدمه يوما
بالعربية كلمحة وفاء لهذا الشاب المؤلف الذى تخطى كل العقبات وألإتهام بالخيانة و
معاداة السامية، ليعبرعن ما أزعج ضميره .
2-
العرض
الخليل...
فبراير 1994 ......إقتحم المستوطن ( باروخ جولدشين ) - صهيونى فى زى جندى من جنود
الإحتلال - مسجد قبة الصخرة ليطلق الرصاص على المصلين فى صلاة الفجر قى شهر رمضان
الكريم ، وحاول المصلين الهرب ، فأغلقت
أبواب المسجد حتى حصد 29 قتيلا ، و قتل هو
عقب ذلك .
لقد فجر
الخبر فى وجدان (ناثان ) الشاب اليهودى الكندى الذى لم يزور إسرائيل و ظل طوال
شبابه يتساءل عن حقيقه الصراع و هل حقا اليهود هم أصحاب الحق الأوحد فى تلك الأرض
.....؟ و هل لدولتهم شرعية دينية أو اخلاقية...... ؟
فإنطلق(
ناثان) يبحث فى سجلات التحقيق الذى قامت به لجنة مشكلة من الحكومة الإسرائيلية
عرضت أمامها و أمامنا عدة حقائق على السنة الشهود الذين إستمعت لهم فى سرية كاملة
، و حاول (ناثان) خلالها ان يجد جواب عن الأسئلة الأربع التى ملئت صدره و لم تستطع
مقررات اللجنة أن تجيب عليها .
لقد عاش (
ناثان ) صراع شبابه بين حياته غير المتزنة بين زوجته و أبنائه و أمه الذين كانوا
دائما حائل أمام محولاته للوصول للحقيقة . حاول أن يجد إجابة في نص دعائهم فى ذكرى
الخروج من مصر هربا من فرعون حيث يقولن " اليوم نحن عبيد و غدا سنكون أحرارا
فى القدس ".
لم يجد (ناثان
) أن ذلك الدعاء قد تحقق، لأن شعب إسرائيل مازال عبدا وهو فى القدس ، عبدا لمن
ضلله و دفعه هناك ، و دارت أسئلة كثيرة فى ذهنه لم يجد لها إجابة عند أدعياء
الصهيونية .
- لجنة التحقيق تقول إن ( باروخ جولدستين ) عمل
منفردا بينما هو قد تم تلقينه و تعليمه كل ذلك
على أيدى حاخام يمينى متطرف فى نيويوك و هو ذاته الذى تعلم على يديه قاتل
إسحق رابين فمن هو القاتل و هل هو حقا
عملا فرديا ؟
-
لجنة التحقيق أثبتت أن الأوامر صادرة للجنود الإسرائيليين بعدم إطلاق الرصاص على
أى مستوطن يهودى
مسلح حتى لو
شوهد يطلق الرصاص على العرب . أليس هذا إمتهان لأبسط الحقوق الأ د ميه ؟
-
لجنة التحقيق أوصت بنزع سلاح المستوطنين لأنهم أخطر من العرب على أمن إسرائيل، و
لم يتم نزع سلاحهم ، أليس هذاإضطهاد مقصودا ؟
-
إن كل من تكلم ضد الصهيونيه هو عدو للساميه، بينما اليهود و العرب هم أبناء سام فمن هو عدو الساميه؟
-
إن الله قد وعد ابناء إبراهيم بالقدس عاصمة ابدية لهم أليس العرب هم أيضا أبناء
إبراهيم ؟
-
نعم لقد كنا ضحايا للهلوكوست و صمت العالم على قتلناو لكن هل هذا يعطينا
الحق فى قتل عرب فلسطين؟
-لقد
رفض الصهاينة الإعتراف بالعار لقتلهم المصليين العزل فى المسجد و يحاولون ان
يذكروا العلم بحادثة قتل 60 يهودى فى الخليل عام 1929 أين العدل فى ذلك ؟
-
إننا ندفع لإسرائيل الملايين كل يوم بدعوى بناء المدارس و المستشفيات بينما نحن
نبنى مستوطنات على أرض نحتلها و نرفض تركها و نقتل العرب ألسنا فى ذلك قتلة مثل(
باروخ جولدستين ) ؟
-
من الذى يمول ذلك الصحفي الذي يعمل فى جريده نيويورك تايمز و تلك الجرائد التى
تطالعنا كل يوم بأكاذيب عن نقاء أ يدينا من دم العرب ؟
-الإدارة
الأمريكية هل هى حقا تعمل للسلام فى العالم أم هى تأتمر بأوامر مراكز القوى
اليهودية فى الولايات المتحدة الذين يوجهون الحركة السياسية لصالح المساعدات
لحكومة إسرائيل ، فمن يعمل لصالح من ؟
-
هل حقا نحن أصحاب تلك الأرض؟ و عندما لجأنا لها ألم يكن فيها سكان ؟ لقد قالت (
جولدا مائير عندما سئلت عن الفلسطينيين " لا أعرف أن هانك ما يسمى فلسطين
" هل هذا حق ؟
-
لماذا يقف العرب موقفا سلبيا فى الدفاع عن ارضهم و حقهم هل هم حقا أصحاب الحق أم
هم عاجزين ؟
-
لماذا لا يترك العرب المخيمات ويعيشون فى الدول العربية الأخرى فى منازل و يعملون
عمل منتج بدلا من صنع القنابل و قتل الأبرياء .. هل هم مرتزقة قاتلين ام محاربين ؟
- لماذا كلما خرج يهودى للعالم بفكرة ضد
الصهيونية عومل معاملة الخائن ألسنا مجتمع ديمقراطى ؟
-
لماذا الموساد تحاربنى فى كل خطواتى ألست يهودى يسعى للحقيقة ، هل الموساد للحقيقة
أم لوئدالحقيقة ؟
لماذا حياة
اليهود أغلى من حياة العرب؟ و الماذا إذا قتل يهودى نقتل أمامه مائة عربى ؟
لقد عاش (
ناثان ) فى ظل صراع وأسئلة بلا نهاية و لا
إجابة ، وجد أن حياته كلها محاطة بالشك ، ولقد تمثل كل ذلك في حواره مع إبنته.
ناثان:
إبنتي أين أخاك ؟
الإبنة:
لقد مات .
ماذا
تقولين ! ناثان:
الإبنة:
كنا نلعب لعبة يهود و فلسطينيين و كان هو الفلسطينى فكان يجب أن يموت .
ناثان: من
قال لك ذلك ؟
الإبنة:
أمى لقد قالت ان الفلسطينيين لا يريدون إلا قتلنا، و لذلك يجب علينا قتلهم.
ناثان:إبنتي،
لو دخل عليك شخص الأن و طلب منك أن تتركى بيتك و إلا قتلك ماذا تفعلين ؟
الإبنة:
سأحاربه.
ناثان:
هذا حقك وكذلك هو حقهم ، لقد أخذنا ديارهم و أحلامهم و شخصياتهم و مستقبلهم و
رميناهم فى العراء و نرفض حتى أن نعترف بحقهم فى الدفاع عن كل ذلك ؟ من نحن ؟ هل
نحن شعب الله المختار ؟ إختارنا لماذا ؟
لقد كان
رد فعله لمقتل "إسحاق رابين"
مثاليا ، حين راى اليهود يبكونه كداعى سلام فتعجب من ذلك ، أليس رابين هو
الذى امر بدخول لبنان و ضرب بيروت ؟ .. أى
سلام ذلك الذى يبكونه ، إنها دعارة سياسية تتمثل فى جنازة قاتل قتل بيد شعبه
........
و يتفجر
كل الأمر داخله حين إسترجع أمامه الطفل ( باروخ جولدشتين ) الذى كان يحلم بحياة
جميلة كلها أمل و لم يكن يعرف معنى القتل و الإستيطان ، من صنع ذلك داخله ؟ و
لماذا لم نقف جميعا فى وجه من جعل منه قاتل ؟ من قتله ؟. .. و من قتل المصليين فى
الخليل ؟.. هل نحن مولناه بأموالنا ؟ ..هل نحن ساعدناه ؟ .. أم نحن القتلة
الحقيقيين بصمتنا ؟.. لقد علمنا حاخاماتنا " إنك لو لم تفعل شئ لمواجهة الشر
فأنت قد ساعدت الشر" هل نحن القتلة ؟....
" نحن حقا اليوم عبيد وغدا سنكون أحرار"
3-الحوار
لقد شهد
العرض الخاص مساء السبت 20 مايو2000 حوارا صاخبا تلى العرض المسرحى و أستمر لمدة
ساعتان و قد حضره عدد فاق عدد حاضرى العرض المسرحى ذاته . و قد ادار الحوار
بإقتدار شديد دون تحيز المدير الفنى للمسرح" راؤول فارما" و شارك فى
الحوار كل من:
ـ مؤلف
المسرحية الشاب "جاسون شيرمان" ، اليهودى من تورونتو كندا
ـ السيدة(
سامية قسطندى) الدارسة ـ بجامعة مكجيل و هى كندية فلسطينية ، ولدت بفلسطين وعاشت
شبابها بلبنان ومن الأصوات المدافعة عن حق شعبنا العربى .
السيد
الأستاذ الجامعى ( د / سام نعاموف ) استاذ العلوم السياسية بجامعة ما كجيل
بمونتريال .
وقد بدأ
الحوار بمقدمة من المدعويين:
تقدمها
المؤلف الشاب ( جاسون شيرمان ) بقوله:
" لا اعتقد أنه من المناسب أن أتكلم الأن و قد تكلمت لمدة ساعة و نصف على
المسرح و لكن أحب أن أشير إلى أن العمل قد إستغرق منى بحث حقيقى لمدة ثلاث سنوات
حتى عرض أول مرة عام 1997 فى تورونتو و هذا هو عرضه الثانى و نحن فى طريقنا
لترجمته إلى الفرنسية و
الدنماركية
لعرضه فى فرنسا و الدنمارك " .
ثم تحدث
السيدة سامية قسطندى حيث قالت: " هذا عمل رائع لأنه صوت فلسطين صادر من كاتب
يهودى و ممثلين يهود ، لقد ذكرنى ذلك العمل بمعاناة شعبنا ، لقد ذكرنى بلبنان حيث
عشت شبابى ، ذكرنى بعايدة عيسوى و سلوى السمراء .. عايدة عيسوى التى فقدت أربع من أبناءها على
أيدى الصهيونية ..إني رغم كل ما عشت من معاناه بين طفولة مشردة فى فلسطين و شباب
ممزق فى لبنان ، فانا لم أعش إلا على هامش معاناة شعبى . نحن لسنا إرهابيين بل نحن
نحارب من أجل أرضنا التى سلبت منا و حولونا إلى لا شئ ..... لقد عشت حقا حوار الأب
مع إبنته حين قال لها ماذا تفعلين لو أجبرت على ترك بيتك للأخرين بالقهر .
لقد عشت
قصف بيروت التي كانت بمثامه مرحلة دمار ثانية لفلسطين ولكل العرب ، و أنا فلسطينية
مسيحية فخورة بإنتمائى للثقافة العربية الإسلامية .
إن ذلك
العمل هو عمل قوى يخاطب ضمير العالم ليتحرك لقد تحررت جنوب أفريقيا بالضغط العالمى
و سوف تتحرر فلسطين كذلك ، لأنه لا يوجد عاقل يتصور أن الحرب ستحرر فلسطين و لكنها
أداة ضعط حتى يسمع العالم صوتنا."
و تحدث د
/ سام نعاموف حيث قال: " هذه دعوة للعدل و المبادئ الإنسانية ، لقد مر العالم
الغربى بثلاث معالم أساسية فى القرن العشرين لقد مر بالهلوكست فى الثلاثينات و حرب
فيتنام فى الستينات و اليوم يعيش مشكلة فلسطين ، علما بانها عاشت كل القرن، و قد
عشنا طوال عمرنا أمام تحيز كامل من الإعلام الغربى ضد الفلسطينيين و اليوم فقط
امامنا عمل يمثل النصف الأخر من الحقيقة بوجهها الإنسانى .. هناك نقاط هامة يجب أن
نقف أمامها و هى :
-
أين يبدأ التاريخ ؟ و هل له رؤية من جانب واحد ؟
-
هل نحاول جاهدين فهم الحقيقة من الجانب الخر ؟
-
من يملك حق تحديد التعاريف الأساسية من هو عربي و من هو يهودى ؟
-
هل الصراع دينى أم سياسى أم مبد ئى ؟ أنا أراه سياسى ................"
ثم بدأ
الحوار من جانب الجمهور من المشاهدين .
سؤال من إحد الشباب: سؤالى موجه إلى
المؤلف ، ما هو محركك الشخصى لتكتب ذلك و أنت يهودى ، وكيف تشعر و أنت تعبر عن
العرب و الفلسطينين ؟ ألست تجد نفسك فى موقف معادى للسامية ؟
و قد أجاب
مؤلف العمل" جاسون" : لقد قرأت كثيرا عن الحركة الصهيونية و قد جسدت
المسرحية إحساسى كإنسان و أنا واحد من مجموعة كتاب يحاولون البحث عن إجابات
للأسئلة التي وردت علي لسان بطل العمل"ناثان" ، وإن كانت النتيجة هى
مساعدة للفاسطينيين فهذا لم يكن الهدف، و لكنه نتاج ثانوى جيد.
وهنا
تدخلت سامية قسطندى: " أنا لا أفهم، كلما تحدث أحد ضد الصهيونية و
الحق العربي ، أتهم بمعاداة السامية ، نحن من أصل واحد عرب و يهود، و قد عاش
اليهود بيننا وقت طويل من التاريخ العربى "
وعلا صوت
إحد الحاضرين: " عاش
اليهود بينكم كمواطنين من الدرجة الثانية "
وعادت
سامية بقوة لتؤكد: " لقد قرأت التاريخ جيدا و لا أستطيع ان أقارن
بين المعاملة التى يتعرض لها العرب على أيدى الصهيونيه مع ما قد يكون تعرض له
اليهود على أيدى العرب."
سؤال من
سيدة من الحاضرين: " تقولين أنك فلسطينية و لدت فى فلسطين و عشت
معاناة العرب .. انا كذلك فلسطينية ولدت فى فلسطين و فى 1947 حرق بيتى و قتل صديقى
أمام أعينى و قد حضرت ما قاله الحسين "أن إرحلوا و سوف تعودون لتلقو باليهود فى البحر .."
.
ردت سامية
: " قلت أنك فلسطينية، و هذا شئ جيد لقد كان العرب و اليهود فى فلسطين ،
انا و أنت ولدنا هناك و دائما لك الحق فى العودة و ليس لى نفس لحق إلا بجواز سفر
كندى . أنا أيضا فى فلسطين و فى لبنان قتل أصدقائى أمام عينى و فى بيروت دخل
الصهاينة منزل عمى كمال ناصر الأديب و قتلوه وسط أسرته لقد أخرجنا و أحصينا الرصاص
الذى فى صدره ........"
و عادت
السيدة لتكملة حوارها: " لم
أقل أنى فلسطينية!!! و لكنى قصدت انى ولدت فيما كان يعرف بأسم فلسطين تحت الإنتداب
الإنجليزى . لا يوجد فى التاريخ اناس يرفضون قرار التقسيم من الأمم المتحدة و
يبدأوا الحرب و يخسروها و يصبحوا لاجئين ثم يكون لهم الحق فى المطالبة بشئ ، لقد
دخلوا الحرب و خسروها و الأمر إنتهى عند ذلك .."
و هنا
تعالت الأصوات مطالبة بعدم الرد على تلك السخافات
و سؤال من
شاب أخر: " أ نا لست يهودى أو فلسطينى و لكنى أحب أن أعرف
الحدود بين الإرهاب و الدفاع عن النفس؟ و ما هو الحل لذلك الصراع؟"
وأجابت
سامية قسطندى : " الدفاع عن النفس هو دفاع عن حق مسلوب، و لا
يمكن أن يكون إرهاب ، و الإرهاب هو إستخدام كل القوة المتاحة من الولايات المتحدة
لتدمير و تشريد شعب ... أما عن الحل فأنا لست لدى حلول جاهزة لصراع طويل كذلك، و
لكن الحل يبدأ من أن تعيد إسرائيل كتابة تاريخها و تزيل المستوطنات و تعيد العرب
لإراضيهم، وإعادة كتابة التاريخ هذه هو ما يقوم به اليهود الشباب الأن و هذا العمل
مثال لذلك .."
و تعليق
من احد الحاضرين: " هذا العمل ضد ما يجرى فى الواقع من محاولة للسلام ، فتحقيق السلام يستدعى النظر
للأمام و ليس للخلف و هذا العمل نظرة للخلف ."
و تجيب
سامية : " عندما تعترف الصهيونية بجرائمها فى حق العرب و تقر بخطئها ، ننظر
الأمام ، لا ننظر الأمام بلا إعتراف بأخطاء الماضى .."
سؤال من
شاب للمؤلف: " أنا من واشنطون و أدرس العمل المسرحى و
بالمصادفة فى زيارة لمونتريال شاهدت هذا العمل الممتاز، و لكن كيف نكتشف شخصية
"ناثان" و لم نتعرض لمرحلة كاملة للشخصية"
و قد أجاب
مؤلف العمل" جاسون" : " الشخصية ليست كاملة و لا ناضجه لأنها
شخصية تائهة تبحث عن الحقيقة و هى ليست شخصية إسرائيلية بل يهودى كندى و عدم كماله
فى عدم قيامه بالدور المطلوب منه لذلك يعتبر نفسه شريك للقاتل فى حادث
الخليل"
و تعليق
من إحد الرجال من القاعة: " أنا يهودى فقدت العديد من أفراد أسرتى
فى رومانيا فى ظل الهلوكوست و عشت فترة طويلة كصهيونى و دفعت الكثير من المساعدات
و الدعم لقيام دولة إسرائيل التى أقنعونا أنها تقام علي أرض بلا سكان و نحن سوف
نسكنها لتعميرها و نهرب من ظلم النازى ، وإقتنعت بكل ذلك حتى ذهبت لإسرائيل عقب
حرب 1967 و زرت قطاع غزة و إكتشفت الماساة التى يعيشها شعب فلسطين بسببنا و أنها
أرض سكنها الفلسطينيين و طردناهم منها . و
إن ما حدث لنا على أيدى النازى لا يمكن أن يكون مبررا لما قمنا به ضد الفلسطينيين
، لقد اخذنا منهم بلدهم هل يعقل أن يطالب اليهود فى مونتريال بإنشاء دولة لهم
فى "كوت سان لوك"ـ حي من أحياء مدينه مونتريال-
و تعليق
أخر من الحاضرين " هذا للأسف عمل منحاز يعرض الصورة من جانب واحد
و لم يكن هناك عمل مسرحى من جانب واحد لإسرائيل ، هذه المنطقة ليست بها ديمقراطية
إلا فى إسرائيل ، إن الأردن قتل من الفلسطينيين فى أيلول أكثر ممن قتلهم اليهود ..
سوريا ضربت سكانها بالطائرات و لبنان يحاربون بعض .. أين كانت سامية قسطندى يوم
ضمت الضفة الغربية للأردن .. و هل تعتبرين أن نسف الأوتوبيسات و قتل الرياضيين فى
ميونيخ دفاع عن الأرض و مقاومة .."
و هنا ردت
سامية: " أولا الإنحياز ، هل أصبح
مزعج الأن عمل واحد يعبر عن الوجه الأخر للقضية ، و نحن طوال اليوم و عبر الشاشات
و الإذاعات و الصحف لا نسمع إلا الو جه الأخر للقصة و هو الوجه الصهيونى .
أنت تتكلم
عن نسف الأتوبيسات ، إنه ليس إلا عمل يائس ، ماذا تريد من شعب لا يسمح له بالدفاع
عن حقه و أرضه و تاريخه أليس اليأس هو البديل ، و عن الإرهاب ، ماذا تقول عن إلقاء
لعب الأطفال المتفجرة فوق بيروت ، أيهما حقا إرهاب نسف أتوبيس أم ذلك العمل الذي
قام به للطيران الإسرائيلى في سماء بيروت.."
و هنا
ظهرت شابة صغيرة لتقول معلقة: " غريب أن يقول شخص ان اللاجئين لا يحق
لهم العودة ، هذا خطأ تاريخى ..و ماذا سنفعل و اليوم
- أرض فلسطين تسلب قانونيا عبر أسلو .
- هناك 4 مليون لاجئ لا حق لهم فى أى حياة و أى
يهودى له حق العودة دون الفلسطينيين و العرب .
- و فلسطين تحت الإحتلال هل ستتوقف القنابل
الإنتحارية فى قلب تل ابيب .
و قام شاب
أخر معلق: " لقد سمعنا عن الإرهاب أى إرهاب و ما هو تحديد
الإرهاب ، هل من يرتدى الزى العسكرى له حق القتل و من يرتدى الزى المدنى يعتبر
إرهابيا ، و ما فعله جنود إسرائيل للعرب أهو إرهاب"
و هنا جاء
الحوار لنهايته ليس لإستنفاد الحوار فهو حوار لا ينتهى و لكن لإنتهاء الوقت
المحدد ، و جاء دور كلمات الختام من
الضيوف و التى بدأها:
السيد / سام نعاموف حيث قال "
نعم هذا إنحياز ومن حق المؤلف أن ينحاز
لفكرته و نحن كل يوم نسمع إنحيازات من جانب أخر . لقد سأل إحد المتحدثين عن عمل
مسرحى منحازلإسرائيل أنا لا أتذكر إسمه و
لكنه لمؤلف يهودى إسرائيلى ، عرض منذ عامين فى نيويورك و المؤلف الأن فى السجن فى
الولايات المتحدة بتهمة التجسس لحساب إسرائيل . إن ما قدم هنا اليوم هو نقد
للعنصرية و الإرهاب كما كان الحال فى الثلاثينات من نقد للألمان لما قاموا به فى
حق اليهود، فالتاريخ ليس له وجه واحد ....
و هنا
عقبت سامية قائلة : " أتمنى أن نكون قد قدمنا شئ اليوم لمنع خلق قاتل
جديد مثل "باروخ جولدشتين" و للسماح للفلسطسنيين بعودة شخصيتهم لأننا لو
لم نقم بذلك فنحن نشارك فى جريمة قتل كبرى .."
وجاءدور
المؤلف "جاسون شِيرمان" : " ليس لدى إضافة أكثر
من أنى أتمنى أن يستطيع الفلسطينين و الإسرائيلين إجاد حقهم و شخصيتهم "
4-الخاتمه
لقد كان
العمل و الحوار رائعان أثبتا الكثير الذى ليس من اللائق التعليق عليه لأن قوتهما
فى ذاتهما، و قد كان هناك ما بين السطور، حيث ضحايا الهلوكوست يجزرون شعب لا ذنب
له و لا حول له و لا قوة ، و حيث دولة تزرع فى قلب الشرق الأوسط لضمان أمن
الولايات المتحدة و الغرب ، نعيش في ذلك أكثر من خمسون عاما ...... كل الأعراف
الدولية وكل قرارات الأمم المتحدة و لا تعاقب بل نمد لهل يدنا بالسلام .. نحن لسنا
متعصبين و لسنا إرهابيين ، نحن أصحاب حق مسلوب و كفى ما قاله "ناثان"
بطل عملنا هذا حين خاطب اليهود و عقب حادث الخليل حيث قال:
" يجب علينا ألا نغسل أيدينا من المجزرة
التى دارت فى الخليل ، يجب علينا ألا نسجلها كعمل أخر مجنون ، ولكن علينا أن ننظر
لها كدليل على عنصرية اليهود و دعنا نتعامل معها ..... إنى أعنى أنه من الواجب
علينا الأن أن ننظر نظرة ثاقبة لأنفسنا و لو لمرة واحدة و نسقط الأقنعة والأكاذيب
و لو لمرة واحدة.... ..فلنبعد الهلوكوست عن ذلك و نقول أن هذا قمة اللاعدل حين
نأخذ الأرض من شعب أخر لقد أصبحنا القتلة المغتصبين و كذبنا و قد حان الوقت لعمل
شئ لتصحيح ذلك ..."