Sunday, April 9, 2000

خطاب مفتوح لمفاوضي كامب دافيد بقلم: محمد شريف كامل


خطاب مفتوح لمفاوضي كامب دافيد
بقلم: محمد شريف كامل
9 إبريل 2000



ونشر بجريدتي 

-           صدى المشرق مونتريال

-          جريدة المستقبل مونتريال


الساده/ مفاوضي كامب دافيد


من الممتع أن نحلم بالسلام، ولكن ما أروع أن يتحقق السلام. فالفارق كبير بين  أن نحلم بالسلام وأن نسعي حقا لتحقيقة.

ما أسهل أن نحلم بالسلام، فليس المطلوب منا غير أن نبدأ لعبه المفاوضات واضعين العالم  كله على أهبة الأستعداد لإستقبال تصريحات جديدة شيقة كل يوم.  فمن السهل الدخول قى لعبة السياسة حيث يمرر كل من الطرفين الكره لنصف ملعب الطرف الأخر . كل هذا جيد على طريق الأحلام، كل هذا جيد ليذيد من  درجه الطموح و الأمال، أمال و أحلام شعب مشرد لا يملك حتى أبسط الحقوق الأدمية( حقه في المسكن ، حقه في المأكل،  حتى  حقه في الحلم أو حتى المقدرة على الحلم ) . قد يكون ذلك رائعا و نحن نعطي الأمل لمن لا يملكه و نزيين الأحلام لمن لا يستطيع أن ينام ليحلم.

كل هذه ليست مجهودات عملية فى طريق السلام و لكنها ليست إلا مناورات خطط لها بهدف تضليل المتضررين  دون وجود حل واضح حقيقى . فعلى قدر روعة إعطاء الأمل فى السلام، تكون بشاعة المناورات والألاعيب السياسية فىالمفاوضات التي و لا شك ستقودنا إلى مزيد من العنف فى المستقبل القريب  حين تفشل. إن الأحلام  أمر مشروع و حق لكل الشعوب و هي و لا شك عنصر جيد فى حالة كونها بنائه للطموحات و الأمال التى تقود لمستقبل أفضل، و لكن شعبنا اللذي لم يعد لديه لا أحلام و لا أمال أوشك أن يصاب بالإحباط و يصبح الطريق الوحيد أمامه هو تحقيق هدفه بطريقه، فيبدو العنف و كأنه هو الطريق الوحيد،  طالما أنه فى الحقيقةالوسيلة الأكثر فاعلية و تاثير لجذب أنظار العالم و إجباره على  الإنصات و الإهتمام بدلا من مجرد المشاهدة و إلقاء اللوم على الضحية.

نسمع الكثير و الكثير عن الحلول الوسط التى ترضى جميع الأطراف و لكن ليس هذا هو بيت القصيد فالأمر ليس كذلك،و لكن الأمر و القضية هي الحقوق المشروعه.  إذا أغتصب منك منزلك  فهل سوف تقاضيى  المغتصب أمام القضاء مطالبا فقط بإحد الغرف أم سوف ستدافع عن حقك فى المنزل بالكامل!  المسالةإذن تمثل أبسط المبادئ و الحقوق الإنسانية، ففى عام 1917 كان وعد بلفور بإعطاء اليهود أرض فلسطين حيث كان هناك أصحاب الأرض -ـ شعب فلسطين ـ  و فى عام 1947 أقام اليهود دولة هناك علي تلك الأرض .

لقد قبلت الأمم المتحده ذلك كأمر واقع، و قررت إنشاء دولتان واحده للعرب و أخري لليهود ، ألم يكن ذلك هو أكبر حل وسط توفيقي!  و يبقي ذلك  القرارهو قرارللأمم المتحده التي تمثل العالم. و فى عام 1948 قامت الحرب بين العرب و اليهود إحتل على إثرها اليهود مابقى من أرض فلسطين، وبعدها بدأوا فى إلقاء اللوم على العرب لعدم قبولهم قرار التقسيم ، و بمفهومهم فإن رفضنا التفريط في أرضنا أسقط حقنا، بينما الواقع أن فقداننا للقوة هو الذي أضاع حقنا فى كل شئ ، و مازالوا يخططون لتحقيق حلمهم بإقامةإسرائيل العظمى من النيل وحتى الفرات.

لم يكن العرب و لا اليهود فى يوم ما سعداء بالحروب التى دامت حتىالأن فى منطقة الشرق الأوسط ، وحتي فى عام 1967  حين قامت الدولة اليهودية بالإستيلاء على أراضى ثلاثة دول عربية ( سوريا و الأردن و مصر ) بالإضافة إلى ما تبقى من الأراضى الفلسطينية.

 و يظل الفلسطينيون فى أعين العالم هم شعب لاجئ له حق العودة و التعويض . و جميع قرارات الأمم المتحدة منذ عام 1947-1948 و حتى يومنا هذا تنص على ( أنه لا يحق للمعتدى أن يستفيد من عدوانه و لا يحق للمحتل أن يغير من وضع الأراضى التي يحتلها و لا أن يستفيد بها بأي حال من الأحوال) ، وهذه ليست فقط قرارات الأمم المتحدة و لكنها مبادئ أساسية فى القانون الدولى .

فهى إذن مسألة مبدأية، فهل يقف العالم بحانب مبادئه ؟ أم يستسلم لواقع أن أى دولة تملك قوة يحق لها السيطرة على باقى العالم بالقوة ؟ إنها ليست مسألة تنازلات و موازنات لتحقيق حلم السلام، إنما هى مسالة تحقيق سلام حقيقى عادل يقبل لعدالته و ليس لتحقيقه معادلة توازنات القوة .

أن ما يناقشه المؤتمرين فى كامب ديفيد ليس هو لب الأمر ، فليست المسألة كم من اللاجئين لهم حق العودة ؟ و ليست المسألة لمن تكون السيادة على القدس ؟ الأمر الحقيقى هو أبسط و أوضح من ذلك بكثير ، وهو ما أقرته الأمم المتحدة عبر الخمسون عاما الماضية.  فجميع قرارات الأمم المتحجة يجب أن تطبق ، وهذا هو الإحتمال الوحيد لتحقيق سلام عادل دائم، إن كنا حقا نبحث عن سلام حقيقى !

إن  كل ما هوعدا ذلك ما هو إلا إستهلاك للوقت و لعب بأمال الجماهير، وهو طريق مباشر للعودة لحالة اللا سلم و اللا حرب ، حيث كل طرف يسعى لتحقيق سلامه بطريقته .

الساده/ مفاوضي كامب دافيد

أود أن أشكركم بإسم الإنسانية على مجهودكم لتحقيق السلام، و لكن أرجوكم أن تكونوا أمناء مع إنفسكم لإنكم سوف تحاسبون على نتاج مؤتمركم اليوم و غدا و لمائة عام قادمة.
  


No comments:

Post a Comment