مسألة كرامة
بقلم: محمد شريف كامل
8 ابريل 2001
هذا ما تساويه حياة
الإنسان، و للأسف فقد تحول الغالبية إلى عبيد لبعضهم البعض و منهم من تحول إلى
العبادة الكلية لمن يملك رغيف عيشه .
و كما هو حال الإنسان
تحولت الشعوب و الدول، و قد تحولت الكثير من الدول من دول مستقلة بمعنى إستقلال
القرن التاسع عشر و مطلع القرن العشرين إلى دول متسولة، داعرة تقدم كل كا تمك ثمنا
لرغيف الخبز و للأسف أستسلمت الشعوب لحكامها و هم يحولونها كذلك، ولا شاغل لهم غير
ان ينالوا شرف الحصول على رغيف الخبز أينكان الثمن المدفوع، وهم لا يدركون أن
الثمن يجب ان يدفع كل يوم، و كلما ذادت الحاجة للخبزأو قل الخبز ذاد الثمن ونحن
ندفع ذلك الثمن أينكان.
ولآ شك ان كل العالم
اليوم و خاصة بعد سقوط الإتحاد السوفييتى، أصبح رهينة للهيمنة الأمريكية وحتى محاولات
الدول الأوربية الإستقلال بذاتها مرهون بالرضاء الأمريكى و تدخله بما تفتعله من مشكلات على أرض أوروبا و
بالألتصاق البريطانى الكامل للولايات المتحدة، و لن أتعرض هنا فى ذلك لشرقنا
الجريح، فحاله وصل إلى ما لا يصح الحديث عنه.
ولكن هنا اتعرض
لمسألة الكرامة البسيطة التى اصبحت غير مجل بحث فى كل ما نقوم به فى حياتنا
اليومية على مستوى الدول و الفراد ، وإن كنت غير معني هنا بمعنى الكرامةالفردي
للأفراد و لكن للأفراد لما يشكلون من المجتمع.
فالإحتكار العام
للعالم و الهيمنة المطلقة من جانب الولايات المتحدة رغم عدم ملكيتها لأى من أدوات
الهيمنة إلا أنها تملك أدوات و مناهج الضغط.
و المثل هنا قريب من
مؤتمرات العولمة التى تخرج قراراتها غير
معلنة و فرض الولايات المتحدة لمواقفها فى كل شئ ، بداية من تخفيض التلوث، مرورا
بقضايا الشعوب المقهوره، ووصولآ إلى مشروع الصواريخ الأمريكى الجديد الذى تتحدى به
حتى حلفائها، فهى -أى الولايات المتحدة- لا تعرف معنى التحالف و تبادل المصالح -
إلا مع إسرائيل- ولكنها تعرف فقط معنى واحد و هوالقوة ومادامت هى صاحبة القوة
الوحيدة فى العالم فلا عجب من أن تكون هى بلطجى العصر الحالى .
إن مفهوم الكرامة
والتمسك بالمبادئ مقابل السيطره اللأمريكيه هوالذي يفسر حاله إذدواج الشخصيه الذي
نمارسه كل يوم، ولنأخذ كندا هنا كمثال.
فكندا قد عارضت طوال
تاريخها سيطرة الصهيونية على الأراضى المحتلة ، و لكنها تحت الضغط الأمريكى
الصهيونى اصبحت ترى ان هناك مصالح للصهيونية يجب أخذها فى الإعتبار - مصالح
المغتصب- .!!!!!
وكندا عارضت لفترة
طويلة التباطؤ فى معالجة مشكلة التلوث، واليوم ترى أن الولايات المتحدة محقة فى
موقفها حتى لا تتاثر التنمية المحلية، ورغم أنها-أى كندا- قد رفضت ذلك المبدأ
القائم على إنعاش جيل و فناء العالم أوأقل ما يقال الإخلال بالمستقبل، وكندا قد
عارضت بشدة مشروع الصواريخ الأمريكى الجديد، ولا تعجب لو علمت أنها جزء من المشروع
وسوف تدخل فى الشبكة، وكندا طالما عارضت الحصار الأمريكى على كوبا و لكنها تقبل أن
تستبعد كوبا من مؤتمر الأمريكتين الإقتصادى، علما بأنه و بمقاييس الديمقراطية
الأمريكية فإن كوبا من أقل الدول فى أمريكا الجنوبية إضطهادا لشعبها، وكندا أيدت
دوما حق الشعب االفلسطينى فى العودة و اليوم هى ترى أن التوازن وتوطين الفلسطينين
هى الحل الأنسب، وكندا دوما ترفض الضغط الأمريكى حتى جاءت قصة أحمد رسام الجزائرى
، و إدعاء المخابرات الكندية بوجود أدلة ثم إكتشاف انها قد إعدمت الأدلة (أشرطة
تسجيل) و تود تقديم محاضرها للقضاء الأمريكى والذى رفضها.
لقد جاءت تلك القصة-
و الله أعلم بصدقها- لتجبر الحكومة الكندية على قبول تقديم ذلك المشروع البيزنطى
(مشروع قانون العصور الوسطى ) الذى يحاسب البشر على نواياهم وبأدلة غير معلنة و
تقارير مخابرات صديقة كلنا يعرفها.
هذه هى كندا التى
كانت أحد قلاع الديموقراطية بلائحه الحقوق والواجبات التى يعتبرها العالم مصدر فخر
كبير و نحن بدئنا العد التنازلي للقضاء عليها،بدئنا العد التنازلي لفقدان تلك
التجربة الرائدة تحت الضغط و التوجيه الأمريكيين. لقد صنعت الصهيونية الولايات
المتحدة لتختفى ورائها وتوفر الحماية لمشاريع السيطرة العالمية.
إنها مسألة
كرامة حقا...نتذكرها ونحن نرى شعبنا يقصف كل
يوم و يهان كل يوم و تزداد مأساته يوما بعد يوما ، و كل القوانين والأعراف الدولية
تتحول أمام الصهيونية فى كل مكان إلى تسول و رجاء لعدم إستعمال العنف المفرط من
السجان للسجين، بلا ذنب غير أنه يدافع عن أرضه المغتصبة، و حكامنا لا يستطيعون سوى
التملق و تقبيل الأيدى الأمريكية الصهيونية راجين الرحمة والعفو.
إنها مسألة
كرامة حقا... نعم مسألة كرامة هى مادفعت
الصين لأن ترفض ما هو أقل من الإعتذار ولذا قامت بإحتجاز طائرة التجسس الأمريكية
التى إصطدمت بطائرات الصينية - إنها مسالة قوة و لكنها قبل كل شيئ هي مسالة كرامة تحتاج
للقوه لتدعمها.
فهل بقى عندنا كشعوب
بعض من الكرامة و نحن نواجه ذلك الغول المسيطر على العالم ؟