تسفيه الأمور وفقدان الذاكرة
بقلم: محمد شريف كامل*
@mskamel
8 مايو 2016
عندما أُغتصبت
فلسطين توقع الكثيرون ان العرب لن يرضوا ولن تبقى هذه الدولة كثيرا، إلا ان من
خططوا لهذا العمل أدركوا تماما ان ذلك لن يحدث، وأعتقد البعض ان السبب يعود لان
الشعوب لا تتمتع بالذاكرة اللازمة حتى تستفز أحاسيس الاجيال لترفض القهر والهزيمة.
الامر ليس كذلك وإن
أرتبط بفقدان الذاكرة، إلا ان فقدان الذاكرة ليس أمر تلقائي بل هو صناعة وحرفة،
وهو ليس فقدان حقيقي للذاكرة بل ارتباطه اكثر بتجديد الاحداث والزحف خلال المربعات
من مواقف الدفاع للهجوم ومحاصرة الطرف الاخر بالمستجدات القادرة على تسويف الامور.
استخدام ذلك التجديد
للاحداث هو محاولة مستمرة لتقديم مطالب مستجدة على المطلب الحقيقي والاحق، وبذلك أصبحت
الارض المغتصبه هي الضفه وغزة، والهدف الاكبر هو رفع الحصار عن غزة وتخفيف القيود
على نقاط التفتيش، وأصبح حق العودة للضفة وغزة أمل كبيراستنفذ الجميع وألهاهم عن
العودة الحقيقية.
كل ذلك ولم يفقد الشعب
الفلسطيني حتى الان حلم العودة، إلا انهم استدرجوا لمعارك محدودة لا غنى عنها جعلت
من المستجدات حلم أصغر ولكنه اقرب وإن لم تفقد الشعب الفلسطيني حلمة الاصلي إلا
انها شغلته بأحلام وقتية تحقيقها يعتبر انتصار كبير ولكنه يلفت انظار العالم عن
الحق ويحقق للمغتصب الاستقرار.
تذكرت كل ذلك وانا
اتابع انتفاضة نقابة الصحفين في مصر، والتي حولت قضية فرعية إلى قضية عامة حققت
للمغتصب العديد من المكاسب واعادة مصر لمربع 2005 الذي طالما حلم به النظام، ولكن
كيف تم ذلك؟ الامر في غاية البساطة هو إختلاق مشاكل جديدة تسحب أصحاب الحق لمربع
الهجوم على أهداف وهمية لو تحققت لن تحقق معها الحق الكامل بل وستثبت المغتصب
وتقويه.
فماذا حدث؟
لقد قامت الشرطة
بإقتحام نقابة الصحفيين لالقاء القبض على أثنين من الصحفيين صدر في حقهم أمر إحضار
من قبل المدعي العام، وكأن في مصر نظام وقانون ومؤسسات، وتحول الأمر في مصر لمعركة
كبيرة، فالنقابة أٌمتهنت والصحافة بذلك كُبلت، والامن تجاوز الحدود! وعلى وزير
الداخلية أن يستقيل.
واليوم يشاع ان
ايطاليا سوف تتصالح بعزل وزير داخلية مصر، وكأن مشاكل مصر كلها تسبب فيها احد
صبيان الانقلاب.
وتناسى الجميع ان
ذلك كله ما كان لولا اننا فرطنا في الحق الاصيل، وهو حق الحرية يوم قبل هؤلاء
القائمين على نقابة الصحفيين بأن يدخلونها على اشلاء من الحقوق مادامت ليست
حقوقهم، فقد اُعتقل الصحفيين وأغلقت المنابر الاعلامية وحُلت المجالس النقابيه لإنها
لا تتوافق مع المنظومة الحاكمة.
وما الذي سينتج عن
ذلك؟ هناك ثلاثة احتمالات:
- لو أستقال وزير
الداخلية وأُرضيت النقابة، فقد تحقق النصر الكبير، لقد انتصرت النقابة وأستقال من
تعدى على الحقوق، وسيطنطن المتخاذلين فرحين مهللين بأنه كذلك تدار المعارك وتحقق
الإنتصارات، شامتين في الثورة الحقيقية بأنها لن تحقق شيئ لأن سياستها خاطئه لأنها
تحارب النظام وتسعى لإسقاطه.
- ولو لم يستجب
النظام وتوقفت الضجه وماتت مع الوقت أو بإفتعال قصة أخرى، فإن المنظومة الأمنية قد
أنتصرت وثبتت أقدامها وكسبت خطوة جديدة في الصراع الداخلي للدولة العميقة.
- وقد يحدث الأخطر
من ذلك وهو أن ينقسم حمامئم الصحافة إلى حمائم قد تخالف النظام وأخرى لن تسجد لغير
النظام.
وفي جميع الحالات قد
كسب النظام، كيف؟
في جميع الحالات بقي
النظام كما هو لم يتحرك خطوة للخلف، بل وتقدم للأمام، ففي السناريو الاول اثبت
النظام انه لا يحابي احد وانه مع الحق بمفهموه، وقي السناريو الثاني توحدت قوى
الدولة العميقة وأنتصرت القوة على الحق وثبت مفهوم النظام انه الأقوى، وفي
السناريو الثالث ينتصر النظام ويستبدل ادواته الأعلامية بأخرى أكثر ولاء.
نعم في جميع الحالات
ينتصر النظام المغتصب للسلطة، فقد عدل مفهوم الحق وتراجعت المفاهيم خطوة للوراء،
وفي ذات الوقت اثبت النظام انه خارج دائرة الصراع وان الشعب يقر بمشروعيته ويتعامل
معه من ذلك المنطلق، والنجاح الأكبرأننا جميعا كتاب وقراء وثوار نسينا ماذا كان
الامر ولماذا كل هذا الضجيج.
وحسب ذاكرتنا سنعود
للوراء، أغلبنا قد نسي تماما ما هي القضية، وبعضنا سيتذكر أن هؤلاء الصحفيين
اختلفوا مع النظام حول بيع الأرض ورفضوا التنازل عن تيران وصنافير. ومنا من
سيستعيد الذاكرة، ولكنها مراحل من الوعي، فالبعض سيقف عند تيران وصنافير، والاخرون
سيتذكرون مشكلة الدولار، ومنا من سيقف عند قتاة السويس، ومنا من سيتألم لسوريا،
ومنا من يتسائل أين اسكان المحتاجين وأين مشاريع الشباب، بل ومنا من هو أقوى ذاكرة
وسيتذكر نهر النيل الذي كان وأبار البترول، بل وقضية الغاز وحصار غزة....
ومنا من يرجع سنوات تلو الأخرى للوراء ويتذكر
ثلاثة سنوات شملت عشرات الالاف من المعتقلين ومن أُغتصب وصُودرت امواله، والاف
الشهداء ممن قتلوا بغير حق ورابعة والنهضة ومسجد الفتح، الثلاثة سنوات العجاف منذ
أنقض الخائن على الحكم وباع الشرف والضمير وسلم نفسة ووطننا لمن يدفع اكثر، فحق
عليه لقب عاهر القرن الحادي والعشرين والذي حول الأمر لغير المعتاد في هذه التجارة
الساقطة حيث تحول لعاهر أوحد يلتف حوله دوائر من القواديين اكبرها يروجون البضاعة الساقطة
ولا يرتزقون منها.
وسيظهر بيننا من
يدعوننا لنسيان ذلك الماضي والأصطفاف لإنقاذ ما بقى، إلا انني وبكل وضوح أعود
للتأكيد انني من هؤلاء الذين لم يفقدوا الوعي ولن يخلطوا الأمور، وستظل المسأله
عندنا في غاية الوضوح
ما يحدث في مصر هو
تخريب متعمد، هو جريمة كاملة مع سبق الاصرار والترصد تديرها المنظومه الحاكمة، وهي
تحالف بين أصحاب المصالح المحليين والاقليمين والدوليين، ولن ينصلح حال البلاد إلا
بالقضاء على ذيول المنظومة المحليين من الدولة العميقة وأصحاب رؤوس الاموال الطفيلية
التي تتغذى على دماء الشعب وعملاء المنظومتين الاقليميه والدوليه.
ولذا فقد اخترنا
الثورة الشاملة التي تتحقق بتسليم الحكم للشعب، واخراج العسكرمن قصر الرئاسة إلى
الأبد، وهذا لن يتحقق إلا بعودة الشرعية التي هي صمام الامان الوحيد لتحقيق الحلم
وإبطال ذلك التدمير بإبطال توقيع مغتصب السلطة على كل قرار وعقد، واخراج الجيش من
منظومة الحكم، وتطهير الدولة من الفساد الراسخ. وعندها فقط يكون الانتصار.
فنحن ثائرون وعلى
هذا الدرب سائرون.
محمد شريف كامل
الامين
العام للمجلس الثوري المصري
* محمد شريف كامل مهندس ومدير مشروعات، شغل
مناصب مهنية عديدة، بالإضافة لكونه مدون وكاتب مستقل، هو
أحد المؤسسين والأمين العام للمجلس الثوري المصري، أحد المؤسسين الائتلاف الكندي
المصري من أجل الديمقراطية، حركة مصريون حول العالم من أجل الديمقراطية والعدالة. عضو نشط في العديد من المنظمات المحلية والدولية الدفاع
عن حقوق الإنسان، بالإضافة لانتخابه مفوض بمجلس إدارة المدارس بقطاع المدارس بجنوب
مونتريال لمدة 4 سنوات. أسس في السابق
الجمعية الوطنية للتغيير في مصر (كندا)، وتجمع الاعلام البديل بكيبيك – كندا، وأحد
مؤسسي والرئيس السابق للمنتدى الإسلامي الكندي، كما انه أحد المؤسسين حركة كيبيك -
كندا المناهضة للحرب، وأحد المؤسسين التحالف الكيبيكي-الكندي من أجل العدالة
والسلام في فلسطين. وهو عضو نشط في العديد من منظمات المجتمع المدني ومن بينها
اتحاد الحقوق والحريات بكيبيك – كندا. عضو في مجلس الأمناء لجمعية الكندين
المسلمين من اجل فلسطين، ومركز مسلمي مونتريال (الامة الإسلامية). نشر له العديد
من المقالات حول العديد من القضايا المحلية والدولية بلغات ثلاث (العربية،
والانجليزية، والفرنسية)، ومدون ومؤسس مدونة "من أجل مصر حرة".
محمد شريف كامل يمكن للتواصل معه عبر:
Tel: 1-514-863-9202, e-mail: public@mohamedkamel.com, twitter: @mskamel,
blog: http://forafreeegypt.blogspot.com/,
مقالات وخواطر أخرى للكاتب:
28 ابريل 2016
تيران وصنافير
أقوال منقوصة وتفسيرات مغلوط
قراءه في حديث الافك
23 ابريل 2016
ما وراء تيران وصنافير
13 ابريل 2016
March 25th, 2016
Is Brussels going to be the last?
19 مارس 2016
عزاء واجب لشعب مصر
24
فبراير2016
الثورة عمل مشروع
16 فبراير2016
شرعية من؟ ولمذا؟
6 فبراير2016
المجلس الثوري عقبة على طريق شرعنة الانقلاب
2 فبراير2016
ما بين دعشنة الثورة وإجهاضها
25 يناير 2016
الخوف..والوهن..ولقمه العيش في عيد الشرطه
الثورة، ومازلت القصة مستمرة
اعادة نشر مقال نشر في 23 يناير 2011
19 يناير 2016
18و19 يناير ضمير الشعب
25 ديسمبر 2015
ثورة أم حل أزمة وقتية
4 نوفمبر 2015
الديمقراطية حق!
1 نوفمبر 2015
سأصطف معك
30 أكتوبر 2015
موقف المجلس الثوري من الاصطفاف والأفكار المطروحة على الساحة
October 21st,
2015
Canadian lost
opportunity
September 6th,
2015
Alyan Kurdi, Whom
to Blame?
20 أغسطس 2015
باختصار: وثيقة حماية الثورة المصرية
26 يونيو 2015
أزمة الحكومات ووعي الشعوب
May 26th, 2015
Mr. Harper comes
from which plant!
11 مايو 2015
ازمة اليسار التائه
12 أكتوبر 2014
لن تكمم ثورة الطلاب
21 أكتوبر 2014
المتحدث باسم
المجلس الثوري لـ"عربي 21": الثورة هي الحل لإسقاط الانقلاب محمد كامل: رفض العسكر
بالثورة ورفض الإخوان بالصندوق
12 أكتوبر 2014
لن تكمم ثورة الطلاب
September 2nd, 2014
Who will Indict Sisi?
23 يوليو 2014
وسقطت مصر
July 06, 2014
Alastair
Campbell from the Iraqi Lie To the Destruction of Egypt
Introduction
by: Mohamed Kamel
June 30, 2014
My Ramadan Message
to all Human Beings
رسالة رمضان لكل الانسانية
June 21, 2014
Whose road is
ISIL (ISIS)?
14 يونيو 2014
حلم الجيش
العربي
25 مايو 2014
المسرحية الهزلية
20 ابريل 2014
29 يناير
2014
السيسي ليس ناصر
(مجدته أو رفضته)
10 يناير 2014
وثيقة الانقلاب الغير
شرعية: لا نقاطعها وحسب، بل نرفضها كليا
31 ديسمبر 2013
فرعون موسى
A joined op-ed
with Dena Kamel to the Globe and Mail
December 30,
2013
What constitution
you are speaking about…!
1 ديسمبر 2013
رسالة لمصري مونتريال(2)
29
نوفمبر 2013
رسالة لمصري مونتريال
27 أكتوبر 2013
سؤال وجواب بين ناصر والاخوان
14 سبتمبر 2013
أمن المنطق أن نؤيد
الانقلاب...!
26 يوليو 2013
هل شاء يونيو أن يكون
شهر الانتكاسات؟
30
يونيو 2013
عفواً مصر...فهذه هي
الثورة المضادة
25 يونيو 2013
استحضار
عمر سليمان رجل المخابرات الأمريكية الأول في المنطقة
3 يونيو 2013
خواطر في حب مصر!
9
إبريل 2013
بمن تستقوون على من؟
1 إبريل 2013
مرسي والمعارضة
1 فبراير 2013
هم مجموعه من
المخربين...!
27 يناير 2013
من هم القتلة؟
26 يناير 2013
ما بين الوطنية والانتهازية
January 25, 2013
Thought and Reflection, 2 years after Egyptian Revolution
“When leftists support
The Muslim Brotherhood”
14 ديسمبر 2012
مغالطات وأكاذيب تشاع عن الدستور
2 ديسمبر 2012
لنقرأ الدستور ثم نقرر
23 نوفمبر 2012
كلما أصاب غضبوا..... أهم أبناء مبارك؟
23 يوليو 2012
لقد رحل رجل المخابرات الأمريكية الأول في المنطقة
30 يونيو 2012
بداية رؤية الضوء
17 يونيو 2012
مبروك لمصر، ولكن المعركة طويلة
15 يونيو 2012
معا ننتخب منقذ مصر، صديق أمريكا وإسرائيل
14 يونيو 2012
نداء أخير إلى كل شرفاء مصر
4 يونيو 2012
الحكم على مبارك والجولة الثانية للانتخابات
25 مايو 2012
قراءه في نتيجة الانتخاب، من ينتصر؟.. الثورة أم عبيد مبارك؟
23 مايو 2012
اليوم.......... مصر تنتخب
26 ابريل 2012
لماذا سأنتخب أبو الفتوح؟
11 ابريل 2012
من يصلح رئيسا لمصر؟
9 ابريل 2012
رسالة مفتوحه لرئيس مصر: كرامة الإنسان المصري
2 ابريل 2012
رئيسا لمصر
24 يناير 2012
كل عام ومصر بخير
January 20th, 2012
A year of a great revolution
22 نوفمبر 2011
المراهقة السياسية
November 19th, 2011
In the name of the revolution they are
killing it
October 22nd, 2011
Revolution to build, not to revenge
23 يوليو 2011
لا تجهضوا الثورة
June 12th, 2011
The Arab Spring- a real people revolution
2 يونيو 2011
الثورة المصرية بن الحلم و الواقع
April 3rd,
2011
Palestine and the
Egyptian Revolution
March 4, 2011
الشعب يريد تطهير البلاد... كل البلاد
February 13th,
2011
It is a Revolution that is changing the
face of the Middle East
23 يناير 2011
الخوف..والوهن..ولقمه العيش في عيد الشرطة
January 15, 2011
و... لتكن تونس والسودان عظة لمصر
January 8th, 2011
(Witten
on December 10, 2010)
Is this Egypt that we knew?
No comments:
Post a Comment