Monday, June 27, 2011

الطيب : يُطيب جراح مصر

للمرة الأولى في الصحافة المصرية .. الأنبا ماكسيموس يكتب للمصريون عن وثيقة الأزهر ومستقبل العلاقات الإسلامية المسيحية في مصر






الطيب : يُطيب جراح مصر



الأنبا مكسيموس   |  26-06-2011

كانت الأمور آخذة فى التدافع بمصير مصر نحو هوة عميقة فى الانقسام و الطائفية، و كانت جميع القوة المتصارعة على اختلاف عقائدها تتخذ من الدين المطية السهلة لتحقيق طموحاتها السياسية او الزعامية، حيث اننا شعب متدين بالطبيعة، و لكن مع الأسف يضم بين احضانه نسبة مخيفة من الأمية ، الامر الذى يجعل من العواطف الدينية الملتهبة لدى الجمهور الأمي العريض فرصةً سانحةً و لقمة سائغة للطامحين للسلطة أو الزعامة.

و كان الصيد الثمين الذى امسك به مستخدمو الدين ، هو الصراع الذى طال به الامد، ليس بين المسلمين و المسيحيين حاشا، بل بين قوي متأسلمة و أخرى متأقبطة، و كل من الفريقين يوظف مكانته الدينية فى استثارة مشاعر اتباع دينه أو مرُيديه بأسم الدين و باسم الدفاع عن الحق و الحرية. و لأسباب غير قابله للفهم المنطقى ظل الجميع يعملون حسابا لبعضهم البعض ، أو يجاملون بعضهم أو يتصارعون، تارة فى الخفية و تارة فى العلن ، و لا يريد اى منهم ان يضع الجرس فى رقبة القط و يواجه جذر المشكلة الحقيقية مع أن الجميع بدون أستثناء كانوا و مازالوا يعلمون أين يقع بيت الداء.

و فى ساعة استفاقة غير متوقعة فى وسط ظلمة و ضبابية الاحداث، و لجبن متعمد عن مواجهة كل متسبب فى تمزيق جسد الامة بالشر الذى يفعله وبالذرائع المكشوفة التى يستخدم فيها الدين لصالح زعامته – هنا خرج الامام الاكبر على مصر و المصريين بوثيقة الازهر و المثقفين ، كأنها أطلالة فجر جديد و مواجهة شجاعة للجميع، من أجل تضميد جراح مصر. و ببساطة و هدوء كعادته فك الازهر من القيود التى قيدته بها السلطة على مدى سنين كثيرة، و انطلق به عاليا ليضعه فى المكانة التى يستحقها ليقوم بدور الريادة العلمية، الوسطية، التاريخية التى كانت للازهر على مدى السنين بين المسلمين، معلنا انتهاء التشرذم والادعاء باسم الدين، فالازهر هو الذى سيحدد بمنهجه الوسطى ما هى ملامح اصول الدين، هذا من ناحية ، و من الناحية الاخرى يعيد الى الازهر استقلاله و حريته و استقامة قوامه، فهو الذى ينتخب شيخه بنفسه.

ثم يصرح أن الاسلام " لا يعرف الدولة الدينية" ، و فى الوقت نفسه يدعو الى " تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة التى تعتمد على دستور ترتضيه الامة " و ان الاسلام " ترك للناس ادارة مجتمعاتهم و اختيار الاليات و المؤسسات المحققه لمصالحهم " ، ثم يؤكد على اهمية اعتماد النظام الديمقراطى القائم على الانتخاب الحر المباشر ، و بهذا يطوى الامام الاكبر صفحة الفتاوى المتعددة مؤكدا على الدولة المدنية التى ترك فيها الاسلام للناس شؤون حياتهم .

و لا يفوت شيخ الاسلام ان يقرر صحيح مبادئ الاسلام من نحو التشريع و من نحو احترام شرائع الاخرين " فالمبادئ الكلية للشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع و بما يضمن لاتباع الديانات السماوية الاخرى الاحتكام الى شرائعهم الدينية فى قضايا الاحوال الشخصية ". و لم يفت ايضا شيخ الازهر ان يعود بنا الى اسلام الرسول " لهم ما لنا و عليهم ما علينا" ، بأن يعتبر الحث على التمييز الدينى و النزاعات الطائفية و العنصرية جريمة فى حق الوطن ، و يجعل من الحوار المتكافئ و الاحترام المتبادل الارضية الثابتة فى التعامل بين جميع المصريين دون أى تفرقة فى الحقوق و الواجبات بين جميع المواطنين.

و بهذا يكون الامام الاكبر قد حفر أكبر حفرة فى التاريخ و القى فيها بكل اسباب الصراع الدينى بين المسلمين و المسيحين بأيدى المتأسلمين و المتأقبطين من ناحية، و من الناحية الاخرى متصارعى التيارات السياسية المتأسلمة ، و أهال التراب على كل هذه الصراعات التى خرجت و مزقت جسد الامة.

اللافت للنظر ان فضيلة الامام الاكبر لم يستعن بطوائف بيت العائلة فى اصدار وثيقته، و لم يتقيد كما كان الازهر متقيدا سابقا بالحسابات و المقاصات السياسية التى كانت تخططها الدولة، وواجه الجميع منفردا و بكل شجاعة دون الرجوع الى احد من القوة الدينية المختلفة، بل اعتمد على مثقفين متنوعى الاتجاهات و الانتماءات الايمانية و ليس هذا فحسب ، بل ان الوثيقة جاءت مجيبة على كل اطروحات الحوار المسيحى الاسلامى الذى دار بيننا و فضيلة الدكتور عبد المعطى بيومى على مدى الاعوام الماضية ، و هذا يعنى فى قراءتى للوثيقة ان شيخ الازهر الجليل قد قرر التحول عن منطق الحسابات و المقاصات الى انطلاقة مصرية لا تعرف الطائفية و لا المساومات التى باعت مصير مصر و المصريين فى العقود الخوالى الى ايدى الطائفيين

و برأى ايضا ان هذه الوثيقة الواعده هى بداية لاصدارات تالية ستجيب بنفس الحلول الشجاعة على مشاكلنا المزمنة المتعلقة بأمور الدين بتفسيرات واضحة و جلية لكل ابعاد حرية العقيدة و الايمان و الحوار المتمدين بين اصحاب الاديان و حقوق الانسان .

تحية للازهر و الى الامام الاكبر و الى مزيد .

رئيس الاساقفة
الانبا مكسيموس
رئيس مجمع كنائس القديس اثناسيوس


يحكى أن - فرقة إسكندريلا - ثورات تونس ليبيا سوريا مصر



إشارات فى مسيرة لم تنطلق

بقلم جميل مطر 

لسنا حالة مختلفة تماما عن حالات الانتقال إلى الديمقراطية التى تمر بها دول أخرى أو مرت

 بها واستقرت. نخطئ فى التقدير،

وبالتالى نخطئ فى تحديد الأهداف والسبل المؤدية إليها، إذا استمرت القيادات السياسية الناشئة وكذلك المخضرمة فى إصرارها على القول إننا تجربة خاصة أنه لا وجه، أو حاجة، للمقارنة بينها وبين تجارب أخرى سابقة أو معاصرة.

كنت أتحدث مع الوزير نبيل العربى ساعات قبل سفره لبروكسل ليعرض رأيه على الأوروبيين فى أسلوب معالجة قضية فلسطين أمام الأمم المتحدة، عرضت معه تطورات الجدل الدائر حاليا فى مصر ونقلت إليه قلقى نتيجة صعوبات فى التحاور وتصلب بعض شرايين المتحاورين. كشفت أيضا عن شعور بأن شيئا ما يكاد يتفلت من بين أصابعنا. أرى رداء الثورة يرتديه كثيرون لا يستحقونه، وأرى بعض عمر الشباب يسرق منهم وبعض حكمة التجارب يستهين به أهل الحكم. أرى كثيرين يتحدثون وهم فى مكانهم واقفين لا يتحركون، وقليلين هم الذين يسمعون ولا يشككون. أرى وقتا ثمينا يهدر وثورة عظيمة فى المهد احتشد غرب وعرب وأهل من بيننا لتعليقها تمهيدا لوقفها..

استمع نبيل وعندما انتهيت، قال إن لديه الكثير مما يجب أن أعرفه بعد أن اعترفت أمامه بأن لدى الكثير مما كان عصيا على فهمى. ولما كان الوقت ظهيرة الجمعة والظرف حديقة فندق ماريوت يضيقان بكثرة وحساسية ما يجب أن نتبادله قررنا أن نكتفى بطرح بعض حصاد الأيام الأخيرة. بدأ طرحه بأن نقل لى شهادات وزراء من دول فى أوروبا الشرقية جاءوا إلى مصر ليطلعوا وينصحوا ويحذروا. هؤلاء الوزراء أجمعوا، رغم أن كلا منهم تحدث مع الوزير العربى على حدة، عن أن عملية الانتقال إلى الديمقراطية التى دشنت فى أوروبا الشرقية فى أعقاب الثورة على الاستبداد الشيوعى، ما تزال بعد عشرين عاما تحبوا وإن بسرعات متفاوتة.

أشار الوزراء إلى أنه مرت فترة خلال العشرين عاما الماضية عادت فيها «فلول» الحزب الشيوعى الى الحكم بفضل انتخابات شفافة وحرة، ولكن لم تجرؤ هذه الفلول على استخدام أساليب قديمة فى الحكم ولا حتى ممارسة العقيدة سرا أو علنا. إن القلق الناتج عن الخوف من احتمال عودة من استبد وظلم وعذب أمر طبيعى، والاستعداد لمنع عودتهم واجب على الثوار وحق لهم، ولكن المبالغة فى قوتهم كالمبالغة فى تفكك الثورة والثوار كان يمكن أن تهدد الاستمرار فى التجربة الانتقالية بأسرها.

أضاف القاضى الدولى الذى يستعد للانتقال هو الاخر من منصب وزير الخارجية إلى منصب الأمين العام للجامعة العربية إلى شهادات وزراء أوروبا الشرقية أنه بينما اختلف وزير عن آخر فى تقدير أهمية عنصر على آخر من عناصر المرحلة الانتقالية، أجمعوا على أن إصلاح الاقتصاد يجب أن تكون له الأولوية المطلقة فى برامج الانتقال إلى الديمقراطية. هنا يتفقون تماما مع المسئولين من أمريكا اللاتينية وآسيا الذين زاروا القاهرة مؤخرا.

هم أيضا أجمعوا على أن الديمقراطية يجب أن تعنى للشعب الذى لم يألفها أو يمارسها الرخاء والحياة الأفضل، وإلا خفت حماسته لها واستعداده للتضحية من أجلها. أجمعوا أيضا، هؤلاء وأولئك، على أن البيئة الإقليمية تلعب دورا مهما فى ترطيب أو تعقيد مسيرة الانتقال نحو الديمقراطية. ففى أوروبا الشرقية مثلا، ما كان يمكن أن يتحقق النجاح لثورات الزهور باليسر الذى تحققت به لو لم تكن أوروبا الغربية جاهزة لدعمها منذ اليوم الأول معنويا وماديا، ولو لم تكن الظروف الثورية فى أنحاء أوروبا الشرقية، وفى روسيا تحديدا، ناضجة ومتوفرة..

●●●


عدت إلى أوراقى أقرأ ما سجلته من كلمات وإجابات مسئولين من أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا عن تجارب بلادهم خلال عملية الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية. هؤلاء دعتهم وكالة التنمية التابعة للأمم المتحدة ليطلعوا كبار المسئولين وقادة التغيير من شباب وشيوخ على المشكلات التى واجهت بلادهم خلال عملية الانتقال وليوفروا عليهم تكرار الأخطاء التى وقعت فيها التجارب الأخرى. وجدت سطورا فى أوراقى كتبتها خلال هذا الاجتماع أعبر بها عن خيبة أملى فى مسئولين يعقد الاجتماع من أجلهم ولا يحضر منهم إلا أقل القليل وأكثر هؤلاء لم يحضر سوى لفترة وجيزة فى جلسة أو أخرى.

كان مفيدا لو حضروا ليسمعوا ويعوا ويناقشوا ويقارنوا. كان مفيدا لو حضروا ليعرفوا أن معظم المتحدثين ركزوا على أهمية الانتباه إلى تطور الأحوال فى دول الجوار، وأن الخلاصة التى توصل إليها قادة التغيير هناك وهى التى تقضى بضرورة توخى الحذر الشديد إزاء وجود دولة من دول الجوار معادية للثورة، باعتبار أن هذا الوجود سبب كاف لتعقيد مسيرة المرحلة الانتقالية وخلق المشاكل أمام قياداتها. وفى هذه الحالة ينصح بعض هؤلاء الذين قادوا المرحلة الانتقالية فى دول أمريكا اللاتينية بألا تخجل الثورة من الترويج لمبادئها وأهدافها فى كل أنحاء بيئتها الإقليمية، فهى إن لم تكسب دعم حكومات دول الجوار فستكسب حتما تعاطفا إن لم يكن دعم شعوب هذه الدول وأغلبها مظلوم ومقهور.

●●●


كان الاجماع الملفت للنظر، على الأقل فى الرسائل التى حاول المسئولون السابقون فى أمريكا اللاتينية وآسيا نقلها إلى المسئولين المصريين عن الحالة الانتقالية فى مصر هو النصح الصريح والقوى بالاهتمام إلى أقصى حد بقضية العلاقة بين العسكريين والمدنيين خلال المرحلة الانتقالية. ذكر أكثرهم أن ترك هذه القضية بدون حل يعنى ببساطة الحكم على الثورة بالفشل وبأنها لم تكن أكثر من مجرد أحداث عنف تسببت فى تغيير طفيف فى مناصب معينة.

سمعت ما قالته باتشيليت رئيسة جمهورية شيلى السابقة وحبيبى رئيس جمهورية اندونيسيا السابق وجينارو ارياجادا أحد قادة الحركة الشعبية التى اطاحت بنظام الجنرال بينوشيه فى شيلى وسيرجيو بيتار وزير المالية فى حكومة الرئيس آييندى التى أطاح بها العسكريون عشية الانقلاب العسكرى فى شيلى، كلهم وغيرهم أكدوا ضرورة أن يتوصل المدنيون من قادة الثوار ودعاتها وجماهيرها إلى صيغة غير خجولة أو مترددة للتعامل فى المستقبل مع القيادات العسكرية القائمة. يجب أن يكون واضحا أن الهدف النهائى هو تغيير العقيدة لدى المؤسسات العسكرية التى تعودت على التدخل فى الحياة السياسية، يجب أن يصل المدنيون والعسكريون إلى اتفاق يقضى بأن تتعهد المؤسسة العسكرية بأنها سوف تخضع للقيادة السياسية المنتخبة ديمقراطيا وفى ظل شفافية كاملة.

إلا أن الأكثرية العظمى من ثوار أمريكا اللاتينية الذين حققوا لدولها هذه القفزة الهائلة نحو الديمقراطية والتقدم الاقتصادى كانت واعية وحريصة، بمعنى أنها لم تندفع نحو مواقف متصلبة أو متطرفة تحت ذريعة فرض قطيعة تامة مع تاريخ بطول قرنين من حكم العسكر. ففى شيلى مثلا ترك المدنيون القائد المستبد أوجوستو بينوشيه فى منصبه العسكرى لسنوات بعد خلعه من رئاسة الدولة، وفى معظم الدول التى دخلت مراحل انتقالية تشكلت لجان للتحقيق فى حوادث التعذيب والفساد واقيمت محاكمات غلبت عليها الرغبة فى تحقيق المصالحة وليست الشهوة إلى الانتقام. وقررت كل اللوائح والقوانين التى صدرت بعد انسحاب المؤسسة العسكرية من الساحة المدنية ألا تتدخل القيادات السياسية والمدنية فى نظم الترقيات والتنقلات وتفاصيل ميزانية الدفاع، مع الاصرار على عرضها على لجان متخصصة فى البرلمان لمناقشتها بشفافية فى جلسات مغلقة.

أما بقية القضايا التى أجمع المسئولون السابقون فى أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا وأوروبا الشرقية على ضرورة أن تحظى بأولوية اهتمام القيادات المسئولة فى مصر عن إطلاق إشارة البدء فى عملية الانتقال إلى الديمقراطية، فتستحق مناقشة مستفيضة لا توفرها السطور المحدودة التى تقررها قواعد هذه الصفحة.

●●●


أرى مواقف تتدنى إلى مستوى النكوص عن وعود وإهمال تجارب غيرنا من الأمم وإصرار على متابعة مسيرة التخلف التى كادت تتوقف فى يناير الماضى، وأرى فى الوقت نفسه شعبا عاد يغلى بالرغبة فى التغيير مزودا بخبرات جديدة فى الضغط والعصيان والامساك بزمام حقه فى حياة حرة وكريمة.

عِبَر تركية لمن يريد أن يعتبر- فهمى هويدى

 وجهت الانتخابات التركية حزمة من الرسائل التى ينبغى أن تقرأ جيدا، ليس فى تركيا وحدها

وإنما فى مصر والعالم العربى أيضا، وهذه الأخيرة هى الأهم عندى.

(1)

الرسالة التى وجهها الأتراك إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم تقول ما خلاصته إن الشعب التركى يريد أردوغان رئيسا وليس سلطانا. لقد صوتوا له ولحزبه بمعدل واحد من كل ناخبين اثنين. وحين حصل على 50? من الاصوات فقد كانت تلك هى المرة الثالثة فى التاريخ التركى المعاصر. إذ لم يسبقه إلى ذلك سوى اثنين هما عدنان مندريس فى عامى 1950 و1954 وسليمان ديمريل عام 1965، كما أنها المرة الأولى التى يحتفظ بها حزب واحد بالأغلبية، يشكل الحكومة منفردا فى ثلاث دورات متتالية. وبشهادة الجميع فقد كان أداء الحزب خلال الانتخابات ممتازا، على الاقل من حيث حرصه على أن يمثل مختلف شرائح الشعب التركى واتجاهاته الفكرية والسياسية والعرقية، خصوصا العلويين والأكراد، (كانت له مرشحة يسارية فى استنبول هى عائشة نور) واستطاع أن يدخل إلى البرلمان 78 سيدة، أغلبهن من انصاره (كن 50 فى الانتخابات السابقة) ومن بين ممثليه عن استنبول شاب عمره 26 سنة اسمه بلال مجيد) وبهذه التركيبة الثرية قدم حزب العدالة نفسه بحسبانه حزبا وطنيا يمثل الأمة بمختلف مكوناتها وليس حزبا إسلاميا يمثل فئة بذاتها.

إذا أضفت إلى ذلك النجاحات التى حققها الحزب على صعيد الاستقرار وفى مجال التنمية الاقتصادية والفاعلية السياسية، فإنك تستطيع أن تدرك لماذا صوتت أغلبية الناخبين لصالحه ولماذا حقق فوزه الكبير، لكن الواضح أن المجتمع التركى أراد أن يجعل الفوز مشروطا، بحيث يمكن حزب العدالة ورئيسه من تشكيل الحكومة، لكنه لا يطلق يده فى تعديل الدستور منفردا، كيف؟

كنت قد ذكرت من قبل أن أردوغان أعلن على الملأ أن إحدى المهام الاساسية للبرلمان الجديد هى اصدار دستور جديد يؤسس للجمهورية الديمقراطية، بديلا عن الدستور الذى اصدره العسكر فى عام 1982، لترسيخ أقدام الجمهورية الكمالية الخاضعة لسلطة العسكر والتطرف العلمانى. وهو ما اعتبرته فى الاسبوع الماضى ميلادا جديدا ينقل تركيا من ولاية العسكر إلى ولاية الأمة، وإذا كان الانفراد بتشكيل الحكومة يتطلب الحصول على أغلبية، فإن اصدار الدستور الجديد من جانب حزب العدالة يتطلب فوزه بأغلبية الثلثين، والذى حدث أن حزب العدالة والتنمية فاز بأغلبية الاصوات حقا، لكنه لم يكمل نصاب الثلثين، الأمر الذى يعنى ان طريقه أصبح ممهدا لتشكيل الحكومة، أما طريقه إلى تعديل الدستور فقد أصبح شائكا وملغوما.

لقد كان حزب العدالة يرنو للفوز بـ367 مقعدا فى البرلمان (550 عضوا) لكى يعد الدستور ولكنه فاز بـ363 مقعدا فقط، الامر الذى غل يديه فيما انتواه وتعين عليه ان يتفاهم مع الاحزاب الاخرى فى هذا الموضوع، ولكن ذلك ليس امرا سهلا وهو أكثر تعقيدا مما يبدو على السطح.

(2)

تتحدث الطبقة السياسية فى استنبول عن أن فكرة اعداد دستور جديد ينقل السلطة من العسكر إلى الامة أمر لا خلاف عليه لكن ثمة خلافا جوهريا حول مسألة التحول الى النظام الرئاسى التى يتبناها رئيس الوزراء الحالى رجب طيب أردوغان. وكما قال لى نائب رئيس حزب الشعب أوغوز ساليشى فإنهم متفقون مع الحزب القومى الممثل فى البرلمان على رفض ذلك النظام لسبب جوهرى هو انه يشكل خطورة فى بلد ثقافته متأثرة بنظام السلطة العثمانية الذى استمر ستمائة عام. ولهذا فإنهم يعتبرون ان النظام البرلمانى يوفر ضمانات لحماية الديمقراطية فى تركيا بأكثر من النظام الرئاسى.

فى هذا السياق فإن البعض يرون أن النظام الرئاسى يشكل أحد الخيارات المتاحة امام اردوغان، الذى لا يسمح له قانون حزبه بتولى رئاسة الحكومة لثلاث مرات متتالية. ولأن هذه هى فرصته الثالثة والأخيرة فإن أمامه ثلاثة خيارات لمستقبله، إما أن يترشح للرئاسة بعد ذلك بما يخرج الرئيس الحالى عبدالله جول من الساحة (يرشحه البعض لسكرتارية الأمم المتحدة). وإما ان يخرج من السلطة ويتفرغ للحزب مدة أربع سنوات ثم يعود للترشح مرة اخرى لرئاسة الحكومة بعد ذلك. الخيار الثالث أن يقر الدستور النظام الرئاسى فيصبح هو رئيس الدولة وهو رئيس الوزراء فى الوقت ذاته وذلك هو الخيار الافضل بالنسبة له.

يزيد من صعوبة تمرير التعديل الدستورى بالصورة التى يريدها اردوغان أن البرلمان الجديد يضم عناصر قوية من حزب الشعب والحزب القومى إضافة الى قوة الاكراد الصاعدة (لهم الآن 36 نائبا، كانوا 20 فقط فى انتخابات عام 2007). لهذا السبب فإن ثمة أصواتًا تحدثت عن أن موضوع الدستور الجديد قد لا يصدر فى ظل وجود البرلمان الحالى، وهو الذى عبر عنه صراحة الكاتب التركى مصطفى اوزجان. واذا صح ذلك فإنه قد لا يؤثر على قوة وثبات حزب العدالة والتنمية، لكنه قد يضع اردوغان امام خيارات صعبة لا يفضل ايا منها بعد أن أدرك أن المجتمع التركى يريده، لكنه ليس راغبا فى ان يعطيه صَّكا للمستقبل على بياض.


(3)

ما خصنا من رسائل الانتخابات التركية أقرب إلى الدروس التى يتعين استيعابها والاعتبار منها. سأضرب ثلاثة أمثلة مستقاة من سلوك حزب العدالة والتنمية الذى يعرف الجميع جذوره الاسلامية، باعتبار انه خرج من عباءة حزب الرفاه ذى الاتجاه الاسلامى الصريح الذى اسسه البروفيسور نجم الدين اربكان (توفى هذا العام). وكان اردوغان مسئول الشباب فى الحزب فى مدينة استنبول ثم رئيس الحزب بالمدينة وبهذه الصفة رشح لرئاسة بلدية استنبول فى عام 94، ودخل السجن بسبب انتمائه للحزب، وحين خرج طور من أفكاره وأسس مع بعض رفاقه حزب العدالة والتنمية عام 2001، الذى فاز بالاغلبية فى العام التالى مباشرة.

ولأن حجاب الرأس يشكل علما ورمزا له أهميته البالغة فى تركيا جعلته بمثابة حد فاصل بين الانتماءين الاسلامى والعلمانى، فإن تهمة الأسلمة ما برحت تلاحق رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لمجرد أن زوجتيهما محجبتان وكذلك الحال مع أغلب قيادات الحزب، مع ذلك فتعال نَرَ كيف تعامل الحزب مع المجتمع ومع الانتخابات.

الملاحظة الاولى أن الحزب ظل يقدم نفسه بحسبانه مشروعا لخدمة الناس وليس منبرا لوعظهم. وقد فهم السياسة ليس بحسبانها فن الممكن كما هو التعريف السائد فى الغرب ولكنه تعامل معها من منظور فقهائنا الذين قالوا انها كل ما كان به الناس أقرب الى العلاج وأبعد عن الفساد. بالتالى فإن الحزب اختار من البداية أن يقنع الناس بأنه أنفع لهم من غيره، وأنه مؤتمن على مصالحهم ومشغول بهمومهم وأوجاعهم. ومن ثم ترجم السياسة إلى ضرورة أن يكون حالهم أفضل وحلمهم أقرب إلى التحقيق. وكان ذلك هو الباب الذى دخلوا منه إلى البلديات، حيث تنافسوا على خدمة الناس. الأمر الذى أوصلهم بسهولة إلى قلوبهم. وهى رسالة أهديها إلى التيارات الإسلامية التى تتسابق الآن على تشكيل الأحزاب وأعينها معلقة على المؤسسات السياسية ومدارج السلطة، ولم نر أحدا منها مشغولا بالمجتمع وخرائطه.

الملاحظة الثانية تتمثل فى الجهد الذى بذله حزب العدالة لاحتواء الأطياف المختلفة على النحو الذى حوله إلى حزب وطنى مهجوس بمستقبل الأمة وليس مشروع الجماعة. إذ حين يستعرض المرء هويات المرشحين واتجاهاتهم يدهشه أن قادة الحزب كانوا مشغولين طول الوقت بقضية النهوض بالوطن وليس تعزيز موقع الجماعة، مدركين أن الوطن غاية والحزب وسيلة، وهى المعادلة المختلة عندنا، حيث تتعدد لدينا الشواهد الدالة على أن الجماعة أو الحزب هو الغاية بينما الوطن مجرد وسيلة تستخدم لتقوية الغاية.

الملاحظة الثالثة تتمثل فى موقف حكومة حزب العدالة وقيادته من قضية الحجاب الذى لا يزال العلمانيون المتطرفون يعتبرونه خطرا يهدد الجمهورية والعلمانية. ولا يزالون يرفضون تصديق أن زوجتى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء محجبتان، ويعتبرون ذلك من الكوارث التى حلت بالبلاد منذ سنة 2002. ومعلوم أن القوانين التركية تمنع دخول المحجبات إلى دواوين الحكومة والمؤسسات الرسمية، كما تمنع انتظامهن فى المدارس والجامعات الحكومية. ولكن هذه القبضة تراخت بصورة نسبية بضغط المجتمع بالدرجة الأولى منذ تولى حزب العدالة والتنمية للسلطة. ولكن الحجاب لم يسمح به قانونا. وحين صوتت أغلبية أعضاء البرلمان على الإلغاء فى عام 2007. فإن ذلك استنفر أركان المعسكر العلمانى الذين تحركوا لرفع قضية أمام المحكمة الدستورية العليا لحل حزب العدالة والتنمية بما يؤدى إلى إسقاط الحكومة وإجراء انتخابات جديدة. وكانت النتيجة أن تم سحب المشروع بسرعة لتجنب أزمة سياسية كبيرة تهدد استقرار واقتصاد البلاد. وحين طلبت بعض المحجبات أن يترشحن للانتخابات البرلمانية الأخيرة، فإن قيادة الحزب آثرت عدم الاستجابة لطلبهن، لتجنب تأزيم الموقف فى البرلمان، فضلا عن التذرع بهذه الخطوة لحل الحزب وإخراجه من المشهد السياسى.

حين ناقشت بعض القيادات فى الموضوع فإنهم قالوا إن ذلك القرار اتخذ فى ضوء موازنات تمت بين الضرر الأصغر والضرر الأكبر، وإن مسألة الحجاب تحل بالتدريج وطول النفس. لأن المحجبات دخلن إلى مجالس البلديات، وليس ثمة عجلة فى إدخالهن إلى البرلمان. وهناك مصلحة مجتمعية فى زيادة تمثيل النساء فى البرلمان من 50 إلى 78 سيدة، وهذه تتقدم على المصلحة التى تترتب على ترشيح عدد محدود من المحجبات، فضلا عن أن هذه الفرصة لابد آتية يوما ما، فى الانتخابات القادمة غالبا، وذلك درس فى التدرج والموازنة يصعب على كثيرين الاقتناع به فى بلادنا.

(4)

الرسالة الأخرى التى يصعب على كثيرين استيعابها فى المشهد التركى هى أن حزب العدالة والتنمية رغم أنه يعتبر نفسه حزبا وطنيا ومدنيا وليس حزبا إسلاميا، فإن الباحث المدقق يستطيع أن يلحظ أنه يتحرك فى إطار المقاصد الإسلامية، التى توصف فى الأدبيات السياسية بالمرجعية الإسلامية. وهذه نقطة تحتاج إلى تحرير.

وقبل أن استطرد أذكر بأن ما أسجله هنا هو اجتهادى الشخصى وليس منسوبا إلى أحد من حزب العدالة والتنمية. ذلك أننى أفرق بين المقاصد التى هى الأهداف الكلية والعليا، وبين الوسائل أو الأحكام التفصيلية. ومحور المقاصد هو إقامة العدل وتحقيقه بين الناس، باعتباره أمر الله وكلمته بنص القرآن. ويدخل فيه احترام كرامة الإنسان وحقه فى مقاومة الظلم وممارسة الحرية والشورى، وتحرير عقله وعصمة دمه وعرضه وماله.. إلى غير ذلك من المقاصد التى تشكل ساحة رحبة للقاء مع الآخرين، وطريقا واسعا للنهوض بالمجتمعات. وهى هنا مرجعية إسلامية لأن لها تأصيلا شرعيا يدعمها ويؤسس لها. أما تنزيل تلك المرجعية على أرض الواقع فيختلف من مجتمع إلى آخر. فهناك مجتمع يقبل المقاصد وليس مهيأ لاستقبال الوسائل كما هو الحاصل فى تركيا، وهناك مجتمع آخر يحتمل الاثنين. وفى كل الأحوال فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ــ والله أعلم.


Sunday, June 19, 2011

The Arab Spring- a real people revolution

Mohamed Kamel*
June 12th, 2011

Published also on Journomanaia:

What we have been seeing in Tunisia, Egypt, Libya, Yemen, Syria and Bahrain is a real revolution sparked by life under oppression for several decades, oppression that was created by colonialism and extended by internal governing forces.


The domino effects that sparked the Arab area encouraged many to accept describing it as the Arab Spring. But this Arab Spring has become a hostage of many beneficiaries on various level, local and internationally.



On the local level, the scream for change is challenging the oppressors’ regimes in all Arab countries.  A few of these regimes were able to manipulate people’s movement by implementing limited cosmetic changes. Examples of this are Jordan and Algeria, where their governments were able to benefit form the division between the population, the revolutionaries and traditionally domesticated parties.



Others were able to play the sectarian card, which was very clear in Bahrain’s case and to some extent in Yemen.  It succeeded in Bahrain not because of its sectarian nature, but because the country is structured in a sense where all wealth and governing power went to the Sunnis while the Shias got nothing.  The equality revolution came from the Shias who suffered this injustice for decades supported by some wise Sunnis.   



While the revolution in Syria is different from many angles, as all other revolutions, it is a people revolution against the regime’s oppression.  However, it also shows the divisible line on the Syria/Lebanon affair that exhausted the region for many decades that is not isolated from the sectarian notion of Saudi Arabia and Hezbollah.



While Yemen was touched by the sensation of the sectarian division it has another division line as well, the tribal division, making it very similar to the Libyan situation.  Both revolutions are a scream for freedom, faced with a tribal line of division, found to be the most comfortable for the regimes to counter the revolution.



 And while we named here half of the Arab countries, the other half is not far from the revolution.  Either its population is moving under the surface or its government is blocking the changes as the case of the United Arab Emirates, Qatar and Saudi Arabia.   



The only two countries that escaped the sectarian tension were Tunisia and Egypt.   Tunisia has always been nonsectarian and nontribal.  And, Egypt was able to overcome the well planned sectarian division between Muslims and Copts, a division that was implemented under the occupation and resisted until the Sadat regime.        



Both Tunisia and Egypt were able to escape this implanted sectarian tension because their revolution was lead by the youth and not by domestic traditional parties. 



We evaluated here the internal force of change and blockage but we can’t have this analysis without addressing the external intervention that played in both directions, encouraging the so called “stability” and praising the democracy wished by the oppressed people.



Hypocrisy is nothing new in western politics.  While democracy has to be our faith, they never challenge their tyrant friends in the Middle East.  And while Human Rights should be our common value, Palestinians’ right is not among them.



This hypocrisy was very clear in dealing with the Egyptian revolution.  They maintained their support for Mubarak, until they discovered that he was collapsing.  At which point, they turned their face against him and start appeasing the revolution.



And once again in Libya, Yemen and Syria, the revolution didn’t survive the western hypocrisy.  The revolutionary were engaged in a dialogue with the western powers to help them in fighting the oppression, the same oppression that has been supported by the western forces for decades.       



Iraq was no exception of this western hypocrisy and arrogant behavior.  After invading and occupying Iraq, they redraw the Iraqi map into multiple sectarian divisions Arabs/Kurds and Sunni/Shia.



So the Arab spring is coming with a string where the West has a last chance to follow their pretended values that if followed will match their people’s long term goals of peace, democracy and human rights, or they could be rewriting a new chapter of hypocrisy in manipulating people.



Wherever this western interest will stand, no Arab country will escape the Arab spring even in Iraq and Saudi Arabia.



Israel was not far from all this, because their era of controlling the Arab world is almost over.  They are unhappy with that because as all other oppressors, they will not be able to maintain their superiority and they will not survive the Arab revolution, as long as they continue to think that the Palestinian’s rights is of less value than all other.



And because the Arab Spring is a real people revolution, no one will be able to survive it unless they give it a chance.







* Mohamed S. Kamel: is a Freelance writer, the editor of http://forafreeegypt.blogspot.com/, he is a professional engineer, a LEED Green Associate and a recognized project manager professional, he is Member of several civil society organizations, a co-founder of the Canadian Egyptian for Democracy (CEFD), National Association for Change in Egypt (Taghyeer – Canada), Association of the Egyptians of Montreal (AEM), Alternative Perspective Media (APM-RAM), , Quebec Antiwar movement “Échec à la Guerre”, Coalition for Justice and Peace in Palestine “CJPP”  and ex-president and co-founder of the Canadian Muslim Forum. He could be reached at public@mohamedkamel.com



Other related articles:



January 8th, 2011

Is this Egypt that we knew?




February 13th, 2011

It is a Revolution that is changing the face of the Middle East




April 3rd, 2011

Palestine and the Egyptian Revolution

البرادعى:إدارة الثورة أصعب من تفجيرها



اعتبر د. محمد البرادعي الأمين العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية أن إدارة الثورة أصعب من تفجيرها؛

موضحأ أن تفجير الثورة جاء بناء على اتحاد الجميع على أن هناك نظام فاسد لابد أن يسقط، إلا أن إدارة الثورة بعد نجاحها فى إسقاط نظام مبارك تحفل بمشاكل يومية.
كما شبه حالة الحرية التى تعيشها القوى الوطنية بعد الثورة بالبخار المنبعث من حلة بخار، وأنه يجب توجيه هذا البخار لتوليد طاقة يستفاد منها وأن البخار اذا ذهب فى اتجاهات مختلفة لن يولد طاقة.
وقال البرادعى اننا نلتمس العذر للمجلس الأعلى الذى تلقى كرة الثورة الملتهبة، واصفاً إياه بقلة الخبرة فى العمل السياسي، ووقوعه فى حالة غير مسبوقة تستدعى هدم النظام السابق وبناؤه من جديد، محذراً من التسرع فى خطوات بناء الدولة قائلاً: " مش مهم السرعة إنما المهم وضوح الطريق من دستور وبرلمان ورئيس حر منتخب حر وديمقراطى، حتى وإن طالت الفترة الانتقالية لعام أو عام ونصف".
وقال: محتاجين حكومة قوية "انقاذ وطنى" وليست تسيير اعمال ومجالس استشارية لوضع استراتيجة اقتصادية ولا تحتمل مصر فترة انتقالية.
وأشار إلى أنه يجب أن تكون هناك عدالة اجتماعية واعادة توزيع الدخول فى مصر، إعادة توزيع الدعم والغاؤه عما لا يستحقه، كما يجب أن الاهتمام بالتعليم والتركيز على المدرس، كما وصف مجانية التعليم بالكذب والرياء الذى عودنا عليه النظام البائد، اعادة ترتيب الميزانية وتقديم التعليم والصحة.
ودعا إلى قبول توبة أعضاء الحزب الوطنى الضعيفة المغلوبة على أمرها، أما قادة الفساد به فيجب اقصاؤهم تماماً.




البرادعي في أول ظهور له بالتليفزيون المصري: وثيقة حقوق الإنسان مستوحاة من القرآن

 

بدأ الدكتور محمد البرادعى المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية لقاءه الأول على التليفزيون المصري بالتعبير عن سعادته لأنه مصرى موجود فى تلفزيون الشعب المصرى مؤكدا أنه بذلك شعر بحقيقة حدوث تغيير فى مصر.

وكشف البرادعى فى حواره القصير لبرنامج "بكرة أحلى" مع عمرو خالد عن لقائه بالمشير طنطاوى والمجلس العسكرى منذ أيام للمناقشة في واقع المجتمع المصرى وأوضاعه الحالية بجانب لقائه بمجموعة من حزب الوفد وشباب الإخوان المسلمين.

وتحدث البرادعى عن وثيقة حقوق الإنسان التى يقترحها قائلا أن الجديد فيها استلهام المادة 194 من مشروع دستور لجنة الخمسين عام 1954 والذى نصت على أن حقوق الإنسان لا يمكن المساس بها, ومستوحاة كذلك من الآيه القرآنية الكريمة "ولقد كرمنا بنى آدم".

ونبه البرادعى إلى إمكانية التواصل مع جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين لعرض الوثيقة عليهم ومعرفة ملاحظاتهم فى ضوء التواصل مع كافة القوى الوطنية حتى تصبح الوثيقة طرح شعبى وليس شخصي.

وأوضح البرادعى أن المشير طنطاوى أعطى له بعض الاطمئنان عندما أبلغه بأن اللجنة التى ستقوم بوضع الدستور مكونة من 100 شخصية تمثل كافة القوى الوطنية, وأضاف البرادعى"لايزال لدينا بعض القلق عن آلية إختيار هذه الشخصيات وتمثيلها الحقيقى لكافة القوى الوطنية ولكن فى حالة حدوث الانتخابات أولا لديه بعض الاطمئنان".

وعن آلية تنفيذ مفهوم العدالة الإجتماعية أوضح البرادعى مجموعة من الخطوات من بينها إعادة توزيع الدخل المصرى وتوزيع الدعم, وتمنى البرادعى فى نهاية اللقاء أن يرى كل مصرى يتمتع بتوفير خدمات صحية وتعليمية تحفظ كرامته.

 

 

البرادعي: ''الاستغفار والتوبة'' شرط قبول فلول الوطني


أعرب الدكتور محمد البرادعي الحائز على جائزة نوبل للسلام والمرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة عن استعداده للنقاش والتواصل مع جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين حول مسودة وثيقة حقوق الإنسان التي طرحها قبل أيام.

وقال البرادعي ـ في مقابلة مع برنامج ''بكرة أحلى'' على التلفزيون المصري مساء الخميس، ـ إن الهدف من هذه الوثيقة هو طمأنة المصريين على حقوقهم في المستقبل وعدم المساس بها من جانب أي فصيل، مضيفا أنه مستعد للتواصل مع ''الإخوان المسلمين'' والسلفيين وأي فصيل سياسي حول هذه الوثيقة .

وعن الأسباب التي دفعته لطرح الوثيقة'' أوضح أن ما شهدته مصر قبل الثورة من تعذيب وقمع واهدار لكرامة المصريين بالإضافة إلى ما تشهده الفترة الحالية من انقسامات بين القوى المختلفة.

ولفت البرادعي إلى أن البنود التي تشتمل عليها الوثيقة لا يختلف عليها أحد كحرية العقيدة وممارسة الشعائر وحرية الرأي وتأسيس النقابات والتظاهر وغيرها.

ودعا إلى جعل هذه الوثيقة بكافة بنودها جزءا أساسيا من الدستور المصري، نافيا في الوقت نفسه وجود تعارض بينها وبين المادة الثانية من الدستور.

وفيما يتعلق بالانتخابات التشريعية القادمة وكيفية خوضها، قال البرادعي '' نريد قائمة تمثل كافة قوى الشعب لأنها ستأتي بالعناصر التي ستقوم بصياغة الدستور، مشددا على ضرورة الاتفاق على مباديء واضحة وتحقيق المطالب التي قامت من أجلها الثورة.

واعتبر البرادعي أن هذه القائمة هي الوسيلة الأنجح في هذه الفترة لأن الجميع يخوض معركة واحدة، وقال '' لسنا في مرحلة تنافس وليست ضد أحد ولا يجب أن تكون ضد أحد لأننا في مرحلة يجب ان نتكاتف فيها جميعا''.
 
وحول موقفه من فلول وبقايا الحزب الوطني المنحل، أوضح الدكتور محمد البرادعي المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة أن الحزب الوطني كان يشتمل على نوعين أحدهما عبارة عن رموز الفساد والنوع الآخر عناصر اضطرت للالتحاق بالحزب والعمل تحت مظلته، مشيرا إلى أن هذا النوع الأخير يجب عدم إقصائه وقبول العمل بعد ''الاستغفار وقبول توبتهم''.

واضاف ''هذه دعوة للمصالحة مع فصائل لابد ان نتصالح معها ولكنها ليست مصالحة مع رموز أفسدوا مصر سياسيا واقتصاديا ولابد من إقصائهم من الحياة السياسية لسنوات''.

وتطرق البرادعي إلى الفترة الانتقالية التي تمر بها البلاد ووصفها بأنها أشبه بكرة ملتهبة، مشيرا إلى أنه يلتمس العذر للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لأن هذه الفترة حالة غير مسبوقة في تاريخ مصر خاصة بعد 60 عاما من انعدام الحرية وأنه يسعى لإعادة البناء من جديد.

وحول الوسائل التي سيلجأ إليها لتحقيق العدالة الاجتماعية حال وصوله لمقعد الرئاسة، شدد على أن السبيل لذلك هو إعادة توزيع الدخل وضرورة إعادة توزيع الدعم وإيصاله لمستحقيه مشيرا إلى أن هناك 60 مليارا مخصصة للدعم تذهب غالبيتها لغير مستحقيها.

كما تعهد حال فوزه بالرئاسة بأن يكون التعليم والصحة من أهم أولوياته، داعيا في الوقت نفسه إلى ضرورة التركيز والصرف على المعلم وتأهيله أولا من أجل النهضة بالتعليم قبل بناء المدارس، لافتا إلى أن هناك 45 % من الأموال التي يتم صرفها عل التعليم تذهب إلى الدروس الخصوصية.

 

 

.. البرادعي: ميزانية مجانية التعليم 3% فقط ويجب أن تصبح 10%.. القرآن وكرامة الإنسان أساس وثيقة حقوق الإنسان التي اقترحتها

 

 

 الدكتور محمد البرادعي- المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية

 بعد أن أثار إعلان الدكتور محمد البرادعي- المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن وثيقة حقوق الإنسان التي يستهدف أن تكون جزءًا أساسيًا من الدستور جدلاً واسعًا في المجتمع المصري، وأكثرها انتقادًا كانت المادة الثامنة من الوثيقة والتي تتعلق بمجانية التعليم، وتنص على أن: "لكل مصري الحق في التعليم، وتلتزم الدولة أن يكون التعليم في مؤسساتها التعليمية في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزاميًا، وأن يكون القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة وبصرف النظر عن القدرة المالية".


كشف الدكتور البرادعي عن أنه لم ينتوي إلغاء مجانية التعليم، بل على العكس قال في لقاءه مع الداعية الإسلامي الدكتور عمرو خالد، في برنامج "بكرة أحلى" على التلفزيون المصري: "أرى أن الدولة تنفق على مجانية التعليم ما قيمته 3% فقط ومن المفترض أن تكون القيمة المخصصة لمجانية التعليم في مصر تصل على أقل تقدير إلى 10%". وأضاف: "ومن الواضح أن المستقبل في مصر في طريقه للانطلاق لمزيد من الاستثمارات التي سوف توفر المزيد من فرص العمل وإنعاش اقتصادات السوق، والسلبيات التي تواجهنا في الوقت الحالي سوف نجتازها في القريب العاجل".


وأكد المرشح المحتمل في الانتخابات الرئاسية محمد البرادعي، على أن الصيغة النهائية لوثيقة حقوق الإنسان التي تنبع من قوله تعالى "ولقد كرمنا بني آدم"، وتتضمن حقوقًا أصيلة لعموم الشعب المصري لا يمكن الاختلاف عليها، وسيتم طرحها في كافة وسائل الإعلام المختلفة للنقاش واقتراح التعديلات حولها حتى تتحقق مطالب الثورة.

 

البرادعى لعمرو خالد: الشعب يريد تحرير ماسبيرو

الجمعة، 17 يونيو 2011 - 01:49

 

لمدة 35 دقيقة فقط، ظهر الدكتور محمد البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع الدكتور عمرو خالد فى برنامج "بكرة أحلى" فى أول ظهور له على التليفزيون المصرى.

وفى رد سريع على ما حدث، عبر عدد من مؤيدى "البرادعى" على موقع فيس بوك عن غضبهم، بعد تأخر ميعاد إذاعة الفقرة بعدما كان من المقرر أن تبدأ من الساعة 11 مساءً إلى 12 مساءً، ولمدة ساعة فى برنامج "بكره أحلى"، إلا أنهم فوجئوا بحصول "البرادعى" على 35 دقيقة فقط من وقت البرنامج، لكنهم فى المقابل أشادوا بحملة بمشروع تطوير العشوائيات.

وقال الداعية عمرو خالد، إن رئيسة التليفزيون نهال كمال والتى اتهمت بمنع ظهور البرادعى كانت تريد العمل بمبدأ تكافؤ الفرص بين مرشحى الرئاسة.

وتعليقاً على شعوره بظهوره على التليفزيون المصرى، قال د.البرادعى، "بالطبع شعور جميل، بأنى كمصرى أتمكن من أن أدخل التليفزيون المصرى وأتحدث عن مستقبل مصر، مشيراً إلى أن ذلك من نتائج الثورة، موضحاً أن اللواء طارق المهدى اتصل به للاعتذار عن سوء التفاهم الذى حدث حول منعه من الظهور فى التليفزيون.

وأضاف البرادعى لـ"عمرو خالد": ولكن أن نُمنع أنا وأنت من دخول التليفزيون، فى الوقت الذى التقيت المشير طنطاوى والفريق عنان حول مستقبل مصر، فإن ذلك يدفعنا للقول بأن "الشعب يريد تحرير التليفزيون، وأقول للشباب أن أمامنا سكة ومفيش رجوع".


بن اليعازر: بكيت على مبارك.. وحذرته من الثورة فقال: لسنا تونس

 
كتب حاتم عطية

أكد بنيامين بن اليعازر، وزير الدفاع والصناعة الإسرائيلى الأسبق، والعضو الحالى بالكنيست الإسرائيلى، والمسئول عن قتل الأسرى المصريين فى حرب 67، أنه كان يتابع الأوضاع فى مصر مع الرئيس السابق حسنى مبارك، منذ أول يوم من الثورة المصرية، وأنه حذر مبارك من ثورة المصريين عليه، فرد عليه الرئيس السابق قائلا، العبارة الشهيرة التى رددها مع رجال النظام السابق قبل الثورة "مصر ليست تونس".

وفى ظل متابعة صحيفة معاريف الإسرائيلية لحالة مبارك الصحية التى تأثرت سلباً بالاتهامات العديدة الموجهة ضده هو وأبناؤه علاء وجمال بعد الثورة، بجانب اكتئابه الشديد وبكائه خلال التحقيقات، ذكرت الصحيفة أن الوزير الإسرائيلى بنيامين بن اليعازر، اتهم الشعب المصرى بإهدار كرامة صديقه المقرب، حسنى مبارك، الذى كان يتمتع بشخصية قوية وكاريزما عالية ويعتبر من أهم الرؤساء والزعماء فى منطقة الشرق الأوسط.

كما أعرب بن اليعازرعن حزنه العميق بسبب الحالة السيئة التى وصل إليها مبارك بعدما كان رئيسًا، مؤكداً أنه غير مندهش بسبب التقارير التى تظهر معاناة مبارك الصحية والنفسية، وقال بن اليعاذر أن مبارك شخصية قوية ولكن أى شخص فى وضعه يجب أن ينكسر، فكيف لرئيس دولة يتم التحقيق معه مثل المجرمين؟

وكشف بن اليعازر عن اتصاله بمبارك منذ أوائل أيام اندلاع الثورة المصرية، وحتى قرار تنحيه، وأكد بن اليعازر أن مبارك كان مخطئاً لأنه لم يهتم بتحذيره من ثورة الشعب المصرى عليه، واكتفى مبارك بالقول إن مصر ليس تونس، وأنه أمر الجيش بالاستعداد للتدخل دون إطلاق النار على المتظاهرين.

كما أكد بن اليعازر أن مبارك بعدما أجبر على التنحى، أعرب له عن غضبه الشديد وصدمته وخيبة أمله فى حلفائه الأمريكيين، الذى اتهمهم بالخيانة والتخلى عنه، بعد مطالبتهم له بضرورة الرحيل الفورى عن حكم مصر، بعدما عمل معهم ما يقرب من 30 عامًا، وخدم مصالحهم فى منطقة الشرق الأوسط.

وأخيراً أكد بن اليعازر أنه كان حريصًا على الاتصال بمبارك بعد قرار إقامته فى مدينة شرم الشيخ، نظرًا للصداقة التى تجمع بينهما منذ سنوات طويلة، إلا أن هذه الاتصالات توقفت، وفشل بن اليعازر فى الاتصال بمبارك نهائياً، إلى أن دخل مبارك المستشفى، وبعدها تفاجأ بن اليعازر بتلقى رسالة من مبارك جعلته يدمع لأن مبارك تمنى له فيها الصحة.

الجدير بالذكر أن بنيامين بن اليعازر الذى يبلغ من العمر 74 عاماً، كان مسئولاً عن قتل مئات الأسرى من الجنود المصريين رغم استسلامهم فى سيناء خلال حرب 1967، وتأكد ذلك بعد الفيلم الوثائقى الذى بثه التليفزيون الإسرائيلى عن دور بن اليعازر فى قتل الأسرى المصريين خلال رئاسته لـ"وحدة شاكيد" إحدى الوحدات العسكرية الإسرائيلية المحاربة بسيناء خلال حرب 67.


الثورة والتفاؤل المسئول

بقلم د. حازم الببلاوى

لعل أحد أهم نتائج الثورة المصرية هو الطفرة المفاجئة فى اهتمام المواطنين بالشأن العام. فقد بدا الأمر وكأن المصريين قد أفاقوا من سبات عميق بعد استقالتهم السابقة من الحياة العامة نتيجة لعجزهم شبه الكامل عن تغيير الأوضاع البائسة القائمة آنذاك. وجاءت الثورة لتعيد البسمة إلى وجوههم والأمل إلى قلوبهم.

فأجمل نتائج الثورة هو عودة التفاؤل بالمستقبل وإعادة امتلاك المصريين لمصيرهم. فبعد غياب طويل بدا فيه أن قهر الحاكم لا خلاص ولا مفر منه، فاجأت الثورة أبناءها بنجاحها ومعها عادت الثقة بالنفس، مؤكدة أن الحلم يمكن أن يصبح حقيقة. وكرد فعل لما كان يشبه اليأس الكامل، جاءت عودة السياسة عارمة غامرة، فكل فرد يريد المشاركة الكاملة فى رسم المستقبل، ولكل منهم آراؤه وتصوراته عما يعتقد أنه المجتمع الأفضل. ومن هنا جاء التنوع والاختلاف وأحيانا الاختصام بين الأفراد والاتجاهات، لأن الجميع اكتشف أن البلد بلده، وأنه مسئول عن مستقبلها.

فحالة السيولة بل والاختلاط واللخبطة والتناقض فى الأفكار والدعوات ليست سوى نتيجة طبيعية لاستعادة شعب كامل ممارسة حرية الرأى فى الشئون العامة، مع اندفاع الجميع لممارسة هذه الحرية فى نفس الوقت. وبذلك فأهم فضائل الثورة علينا هى عودة الثقة والتفاؤل بالمستقبل، وهى ظاهرة عرفتها مصر الحديثة لفترات مؤقتة خلال حركة عرابى قبل أن تجهض، ثم ثورة 1919 قبل أن تستهلك، وأخيرا ثورة 1952 قبل أن تنتكس، ومع الفرحة باستعادة الحق فى التفاؤل بالمستقبل، فإن الأمر لا يخلو من بعض ممارسات المراهقة الفكرية فى تعصب هنا أو تعسف هناك، وهى ظواهر طبيعية لصدمة النجاح المفاجئ.

وأود فى هذا المقال أن أتحدث عن أهمية التفاؤل بشرط أن يكون تفاؤلا مسئولا. والتفاؤل المسئول يعنى أن ندرك أن ما تتحقق من انتصار لم يكن تطيرا لغيبيات مجهولة أو نتيجة لخبطة حظ بقدر ما كان نتيجة طبيعية لتراكم أحداث وتفاعلها. فالأحداث لا تقع بقوى المجهول من ضربات الحظ، وإنما تخضع لعلاقات السببية لمقدمات أدت إلى نتائج، حتى وإن لم نكن على وعى كامل بهذه العلاقات السببية، فالحياة تخضع لقوانين ونواميس طبيعية وثابتة، وقد أودع الله الإنسان العقل والإرادة والخيال ليكتشف هذه القوانين حتى يستطيع أن يغير الواقع ويتقدم ويبنى الحضارات. والطريق إلى ذلك هو العلم والمعرفة. وليس معنى ذلك أن الإنسان قد عرف جميع قوانين الطبيعة أو أنه سبر كل أسرارها، ولكن تطوره وتقدمه جاء نتيجة لعلاقات سببية بين مقدمات ونتائج.

فلم تقم ثورتنا بالصدفة ولكنها اندلعت لأن هناك أسبابا حقيقية استندت إليها، وجهودا فعلية وراءها. فقد كان هناك ظلم استشرى وفساد عم وفشل فى تحقيق حلم الأمة. ولكن كان هناك أيضا شباب آمن بحقه فى التغيير وأدرك حقائق العصر وأجاد استخدامها. وإذا كنا نتفاءل بقيام الثورة فإننا لا نتفاءل لأن الحظ وقف معنا، بقدر ما نتفاءل لأن شبابنا، ومن وراءه الشعب بجميع أطيافه، قد استوعب بؤس الحاضر وانسداد أفق المستقبل أمامه فقرر الخروج إلى الشارع. ولكنه لم يكتف بذلك بل طوع البيئة التكنولوجية المتاحة لتعبئة الجهود وتوحيد الكلمة حول شعار أن «الشعب يريد إسقاط النظام». والتف الشباب، والشعب من خلفه وراء هذا الشعار، وكان لا بد للقوات المسلحة أن تختار الوقوف مع الشعب. وقد كان ما هو معروف. ولذلك فإن ثورتنا ليست ضربة حظ بل هى نتيجة ضرورية لمقدمات مهدت لها ولجهود بذلت وتضحيات قدمت فى إطار الواقع الاجتماعى والتكنولوجى المتاح. وإذا كانت الثورات لا تتم بالصدفة وإنما نتيجة لأسباب حقيقية ومحددة، فإن صناعة المستقبل لا تتحقق بدورها، بالتمنى وإنما بالعمل الجاد من أجل تحقيق مستقبل أفضل.
وإذا كان التفاؤل بنجاح الثورة يفتح الباب للتفاؤل لصنع مستقبل أفضل، فيجب أن نتذكر أن التفاؤل الوحيد المقبول هو التفاؤل المسئول، الذى يدرك أن التغيير لا يتحقق بانتظار هدايا من السماء. والمستقبل الأفضل ليس خروجا على قوانين الطبيعة أو انقلابا على علاقات السببية، وإنما هو نتيجة لفهم أفضل لهذه القوانين وتسخيرها لخدمة البشر. والتغيير لا يتحقق إلا عندما تتوافر أسبابه ومقدماته. فالتقدم لا يتحقق بالنوايا الطيبة وحدها، وإنما بالفهم الأكثر عمقا للقوانين الطبيعية والاجتماعية، وفى مقدمتها المعرفة الفنية والتكنولوجية والاجتماعية القادرة على تغيير الواقع.

ربما يكون الإنسان هو الكائن الوحيد الذى يعرف التفاؤل والتشاؤم، لسبب بسيط هو أنه الكائن الوحيد، الذى يصنع مستقبله حين يبحث عن قوانين الطبيعة والمجتمع، لكى يستخدمها لتغيير ظروفه وأوضاعه. أما ما عدا الإنسان من كائنات فإنها تخضع للقوانين الطبيعية، وتنصاع لها دون محاولة لفهم هذه القوانين أو سبر أعماقها أو استخدامها لمصلحتها لتطوير الواقع الذى تعيش فيه. ومن هنا أصبح الإنسان وحده صاحب حضارات. حقا، قد تعرف بعض الكائنات تنظيمات اجتماعية متقدمة كما فى حالة النحل والنمل، ولكنها غير قادرة على التطور، لأنها لا تحاول أن تستكشف القوانين الطبيعية وأن توظفها، بقدر ما تقتصر على الخضوع لها والتلاؤم معها بشكل غريزى دون تفكير. وهكذا فإن معظم هذه الكائنات خاضع للطبيعة، وذلك بعكس الإنسان الذى يوظف الطبيعة لمصلحته بعد أن يكتشف قوانينها. وسلاح الإنسان فى سيطرته على الطبيعة وتطويعها هو مكوناته النفسية فى حب الفضول والرغبة فى كشف المستور، وقدراته العقلية فى البحث لمعرفة قوانين الطبيعة، وبواسطتها يتمكن من تغيير البيئة المحيطة لتناسب حياته وترتقى بأوضاعه. فقوة الإنسان لا ترجع إلى قوته العضلية أو الجسمانية وإنما إلى عقله وقدرته على اكتشاف قوانين الطبيعة واستخدامها لمصلحته، ومن خلال هذه المعرفة وتسخيرها لمصلحته، استطاع الإنسان أن يصبح الكائن الوحيد الصانع للحضارات.

وفكرة صناعة الحضارة تجعل الإنسان الكائن الوحيد ذا النظرة المستقبلية الواعية وبالتالى المهيأ للتفاؤل والتشاؤم. فصناعة الحضارة تعنى أن نعمل من أجل مستقبل أفضل، أى العمل الذى يتيح فرصا أكبر أمام الإنسان، ومع مزيد من أفق الاختيار يتسع مجال الحرية أمامه. ولذلك فإنه ليس من الغريب أن تتوافر عناصر التفاؤل بشكل عام فى المجتمعات الأُقرب إلى استيعاب ثقافة العصر والقادرة على التطور فى المستقبل وتحقيق التقدم.

ويرتبط بمفهوم صناعة الحضارة، وبالتالى القدرة على تحقيق التقدم وتوسيع الخيارات أمام الإنسان، عدة حقائق لابد من التنويه إليها. فالاعتراف بإمكانية التقدم يعنى أن الحاضر، مهما كان متقدما فهو غير كامل، وأن هناك بالتالى مجالات للتحسين والتقدم. فالجنة أو مفهوم الكمال لا وجود لأيهما فى الدنيا.

الواقع القائم دائما قاصر فى جانب أو جوانب، وهناك دائما فرص لتحسين الأحوال. فالكمال لله وحده. وهذا فى نهاية الأمر، نعمة من الله علينا، لأنه يعنى أن هناك دائما مجالا للتحسين والتقدم. ودون ذلك فإن الحياة تصبح قاحلة ومملة بلا أمل، ويترتب على الاعتراف بأن الحاضر قاصر وغير كامل، ضرورة الاعتراف بأن هناك مشاكل معاصرة لم تجد حلا، وأن على الإنسان أن يبحث عن حلول لها. وهذه الحلول لا تأتى إلا بمزيد من المعرفة والخيال. كذلك فإن التجربة أثبتت، على مر الزمان، أن الإنسان قادر بشكل أو بآخر، على اكتشاف حلول لهذه المشاكل. كما أثبتت التجربة أيضا أننا حين نصل عن طريق المعرفة إلى بعض هذه الحلول فقد تظهر مشاكل جديدة تحتاج، بدورها إلى حلول جديدة. وهكذا نستمر فى سلسلة مستمرة من مواجهة مشاكل متجددة ثم عن طريق المعرفة نصل إلى حلول لبعض المشاكل، ونتقدم خطوة لنجد أنفسنا أمام مشاكل أخرى جديدة. ولذلك فإن النجاح فى حل المشاكل لا يتحقق، عادة، بالصدفة وإنما بالجهد والعمل لاكتساب مزيد من المعرفة. فرحلة التقدم فى صناعة الحضارة هى رحلة مستمرة بلا نهاية وهى رحلة شاقة بقدر ما هى ممتعة. ومفهوم التفاؤل المسئول يتضمن إدراك هذه الحقائق، والتى يمكن تلخيصها على النحو الآتى:

هناك دائما مشاكل ولا يوجد مجتمع كامل تخلص من جميع مشاكله. فالمجتمع المثالى أو الكامل وهم لا وجود له. والقصور هو من طبيعة الحياة البشرية وهو ما يفتح باب التقدم والنهضة.

رغم استمرار وجود المشاكل فى كل وقت، فإن معظم هذه المشاكل تجد تدريجيا حلولا لها على مراحل، وأن كان حل بعض المشاكل قد يصاحبه ظهور مشاكل جديدة، وهكذا. فالحياة كفاح مستمر من أجل الأفضل.

الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل هى مزيد من المعرفة بالحياة الطبيعية والاجتماعية سواء بالتجربة العملية والممارسة أو بالتأملات الفكرية لنظريات جديدة تثبت التجربة صحتها. وبذلك فإن الطريق الوحيد لحل المشاكل يتم من خلال المعرفة وسواء أكنت هذه المعرفة تجريبية أو كانت معرفة نظرية مجردة.

هناك فاصل زمنى بين إدراك المشكلة وبين اكتشاف الحل المناسب لهذه المشكلة، ومن باب أولى حتى تطبيق هذا الحل على أرض الواقع لعلاج هذه المشاكل، وقد يطول هذا الفاصل الزمنى أو يقصر، ولكن ليس هناك حلول آنية فى التو واللحظة. فلا توجد عصا سحرية لإلغاء المشاكل وحلها فورا.

وأخيرا فإن اكتشاف الحلول لا يتم بلا تكلفة بل إن هناك جهدا لابد وأن يبذل، وليس من الضرورى أن نصل دائما إلى الحل السليم دفعة واحدة، بل الغالب أن يتم ذلك من خلال التجربة والخطأ. وليس فى هذا ضياع أو خسارة، فنحن نتعلم من أخطائنا ويصعب أن نصل إلى الطريق الصحيح من أول محاولة، وعادة ما يتحقق ذلك من خلال تجارب غير ناجحة. فالنجاح كحل لمشاكلنا لا يتم مجانا وبدون تكلفة. وأحد مظاهر هذه التكلفة هو التجربة والخطأ. ولا أحد يتعلم دون أخطاء. وإذا كان الشعب المصرى قد استعاد تفاؤله بعد قيام الثورة، فالمطلوب أن يكون هذا التفاؤل مسئولا، يؤمن بأن المستقبل سوف يكون أفضل، ولكن ذلك لن يكون سهلا أو ممهدا، بل لابد من اكتشاف الحلول وذلك بمزيد من المعرفة.

فليس هناك حلول جاهزة وإنما وجهات نظر متعددة، وأن هذا يتطلب أفقا زمنيا معقولا للتحقق من صحة هذه الحلول واختبارها. كما أن الحلول لمشاكلنا لن تكون مجانية بل هناك تكاليف ليس أقلها ارتكاب بعض الأخطاء. فالطريق إلى التقدم ليس مفروشا بالورود. ولكن مع الثقة فى النفس والعمل الجاد والتفاؤل بالمستقبل والتسامح مع مختلف الآراء، فكل شيء يصبح ممكنا. التفاؤل لا يعنى زوال مشاكلنا الآن وحالا، ولكنه يعنى أن الغد سيكون أفضل، إذا كان لدينا الصبر والجهد والرغبة والتسامح والثقة فى قدرة الإنسان المصرى. والله أعلم

Thursday, June 16, 2011

للكارثة أوجه متعددة – فهمي هويدي



الوضع قبل 25 يناير كان كارثيا، وكل الذى حدث أننا تسترنا عليه قبل ذلك التاريخ، ثم رفعنا أصواتنا بالحديث عنه بعده.

الخبر ليس جديدا تماما، لأن كل واحد فى مصر إما سمع به أو عانى منه. لكن جريدة «الأهرام» أوردت لنا (فى عدد 2/6) بيانات مفصلة مستقاة من تقرير أخير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، صدر تحت عنوان «مصر فى أرقام»، وثق الكارثة ووسع من دائرتها.

وقدمته «الأهرام» التقرير بحسبانه شهادة تثبت أن حكومة الدكتور أحمد نظيف خدعتنا حين ظلت طوال نحو خمس سنوات تحدثنا عن ارتفاع معدلات النمو التى ظللنا نرفل فيها طوال ما سموه «أزهى العصور».حين طالعت البيانات المنشورة رأيت ما يوحى بأن كل شىء كان معوجا وأن سهم التدهور لم يترك قطاعا إلا ونفذ إليه واخترقه. من نماذج تلك البيانات ما يلى:● فى مجال الخدمات الصحية فى الفترة بين عامى 2005 و2009 انخفض عدد الأسرة بالمستشفيات الحكومية من 156 ألفا إلى 129 ألفا، بما يعنى أنه فى حين زاد عدد السكان من 66 إلى 76 مليون نسمة، فإن الأسِرَّة المتوفرة بالمستشفيات نقصت 23 ألف سرير.فى الوقت ذاته انخفض عدد مكاتب الصحة من 337 عام 2005 لتصل إلى 22 مكتبا عام 2009.

كما انخفض عدد مراكز رعاية الأمومة والطفولة من 203 إلى 157 مركزا.

وأكثر التخصصات التى شهدت تدهورا كانت «الحميات» التى يعتمد عليها محدودو الدخل فى المحافظات من 106 عام 2007 لتصبح 43 فقط عام 2009.

وتقلص عدد الأسرة من عشرة آلاف إلى قرابة خمسة آلاف سرير.

كما انخفضت وحدات جراحة اليوم الواحد من 12 وحدة عام 2006 لتصل إلى تسع فقط عام 2009. وبالتالى انخفض عدد الأسرة بها من 711 سريرا لتصل إلى 377 فقط.● انخفض نصيب الفرد السنوى من استهلاك بعض المنتجات الغذائية مثل الحبوب. إذ كان نصيبه 333 كيلوجراما سنة 2006 وأصبح 303 عام 2009.

كذلك انخفض نصيبه من اللحوم الحمراء من 16 كيلو إلى 14 فقط.
ونفس الشىء بالنسبة للبقوليات التى انخفضت حصة الفرد منها من 8.8 كيلوجرام إلى 6.9 كيلو.
وهذا ما حدث أيضا للآليات التى انخفضت فيها حصة الفرد من 77 إلى 76 جراما فى الفترة ذاتها.● فى حين انخفض عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم من عشرين مليونا و657 ألف قضية عام 2006 إلى 17 مليونا و215 ألف قضية عام 2009، إلا أن الأوضاع الاقتصادية أدت إلى زيادة عدد المنحرفين.
حيث زادت قضايا الكسب غير المشروع من 650 ألف قضية إلى قرابة 800 ألف قضية فى الفترة نفسها.
شهدت السنوات الخمس الأخيرة ارتفاعا ملحوظا فى عدد الكوارث. فحوادث القطارات ارتفعت من 975 حادثا عام 2004 لتصل إلى قرابة 1260 حادثا عام 2010.
أما حوادث السيارات فقد ارتفعت من 18 ألف حادث سنة 2006 إلى قرابة 25 ألف حادث عام 2010.
بالتالى فقد زاد عدد ضحايا حوادث السيارات من نحو 31 ألف قتيل ومصاب إلى 46 ألفا وخمسمائة شخص خلال نفس الفترة.● من الأرقام الأخرى ذات الدلالة التى تضمنها التقرير أن معدلات البطالة وصلت إلى 9? ، وأن نسبة التضخم كانت 4.8? عام 2005 ووصلت إلى نحو 12? فى الوقت الحاضر،

وأن العملية التعليمية عانت بدورها من التدهور، وارتفع متوسط الطلبة لكل فصل من 29 طالبا عام 2005 إلى 32 طالبا فى 2009،
كما ارتفع عدد حالات الطلاق من 65 ألف حالة عام 2005 إلى قرابة 90 ألف حالة عام 2009.استفزنى إعلان هذه المعلومات الآن. وقلت إن توقيت إصدار التقرير شهادة إدانة للذين سكتوا طول الوقت، ثم مارسوا شجاعتهم فى فضح النظام بعد سقوطه، وهى الشجاعة التى اكتشفناها أخيرا فى مواقف العديد من الإعلاميين والمثقفين.

نقلت رأيى هذا على الهاتف إلى اللواء أبوبكر الجندى رئيس جهاز التعبئة العامة والاحصاء. فكان رده أن التقرير ليس جديدا، وأن الجهاز يصدر مثيلا له منذ عشر سنوات على الأقل فى شهر مارس من كل عام. وهو فى العادة يتضمن صورة الواقع كما هى بغير تجميل أو تزييف، فى الوقت نفسه، فإنه يوزع على كل الجهات المعنية فى البلد.

وما حدث أن الإعلام كان يتجاهل ما ننشره طوال السنوات الماضية، ولكنه انتبه إلى مضمون التقرير بعد سقوط النظام، ومن ثم مارس «حريته» فى نشر المعلومات الواردة فيه.

ولو أن أحدا اطلع على ما أصدرناه فى عام 2010 أو الأعوام التى سبقته فسيجد أن معلومات وشهادات الكارثة موجودة فيها، ولكنها قوبلت بالصمت آنذاك.أفحمنى كلام الرجل فقلت إن للكارثة أوجها متعددة وإن إزالة آثارها قد تحتاج إلى وقت أطول مما نتصور.

Monday, June 13, 2011

تأميم قناة السويس … والرجل العظيم


                Beshir Elbeltagy
Jun 11, 2011

أنا أقرأ وأوافق من قال او قالوا أن التأميم كان سيتحقق وستتحرر القناة في يوم من الأيام أو- على لغتهم عاجلا ً أم آجلا ً. سواء كان ذلك على يد عبد الناصر أو على يد عبد الصمد. ولكن متى؟ وبعد أي تضحيات. لقد حققها عبد الناصر بلا تضحيات تذكر وبلا جماجم تذكر. لقد أغنانا عبد الناصر عن كل ذلك. أليس في كونه حرر القناة وأممها عاجلا ًلا آجلا ًً، وبثمن بخس لا بنفقات كبيرة باهظة، أليس في ذلك انجاز ما يستحق أن نسجله لصاحبه؟ فرق كبير بين أن يحدث ذلك اليوم أو أن يحدث بعد ألف يوم. العظيم هو الذي يجعله يحدث اليوم ولكن الظروف الموضوعية أن تمخضت عنه فلن تتمخض عنه قبل الف يوم أو الف الف يوم. أرأيت الى مأثره العظيم! المهم التوقيت لا مطلق الحصول المعلق في الفراغ. التوقيت هو في ذاته انجاز عظيم وهو من مهمات الرجل العظيم! لا أي إنسان اتفق. فالناس كُثر، بل أكثر من حبات الرمل. ولكن الشذر قليل، بل ليس شيئاً يذكر في جنب الركام الكبير!


في التاريخ مهمات لها رجالها. فإذا تولاها الأقزام اجهضت مهما تكن الظروف الموضوعية التي يعملون فيها. وتأميم قناة السويس مهمة من تلك المهمات. ولو تولاها غير عبد الناصر لظلت بريطانيا دولة عظمى ولبقي إيدن يتمتع بأمجاد الإمبراطورية. لقد رحل تشرشل ومعه الرعيل الكبير وجاء الأقزام من بعده، أقزام عصور الإنحطاط، فلا تأتي عصور الإنحطاط الا بالأقزام .


لقد كانت مهمة تأميم القناة تحتاج الى إرادة عبد الناصر وتصميم عبد الناصر وقيادة عبد الناصر، وكلها صفات نادرة من عصر الحكام المحترفين. أن حرب سنة ???? حطمت عبد الناصر فهوى الرجل بعدها لا يستطيع حراكاً. ثم جاء السادات ليرث الرجل الكبير ويتصدى للمهمة الكبيرة، ولكن بئس الوارث ونعم الموروث. لقد عاش بين الكبار وحاول تقليد الكبار ولكن هيهات أن يصبح القزم من الكبار، مهما قلد الكبار. فلم يكد يبدأ عملية التقليد حتى خفس وتراجع وأبى الا أن يعود الى قبيلة في عالم الصغار. فالقزم هو القزم مهما عاشر الكبار وقلد أفعال الكبير!


ولقد كان كبيراً يوم أمم، وكبيراً يوم مات، إن تشييئ البطل جهل تام بالبطل، فجميع هؤلاء الذين تحدثوا عن الكبار مراهقون لم يبلغوا مبلغ

الكبار ولم يصلوا الى مرتبة الكبار. فالحديث عن الكبار لا يكون الا بين الكبار. فلا يتطاول الصغار الى احاديث الكبار وعبثاً نجد عند الصغار نفثات الكبار.

تأميم قناة السويس … والرجل العظيم