عبد الرحمن يوسف
19-3-2013
http://www.arahman.net/menu-types/1504-2013-03-19-07-21-57
يقول المثل المصرى العظيم جداً جداً.. إنه إذا كان المتحدث مجنونا فليكن المستمع عاقلا!
منذ شهور وأنا أبحث عن هذا المستمع العاقل ولا أجده، حتى ظننت أننى أكاد أكون العاقل الوحيد فى هذا البلد، وطبعا سيظن البعض أننى بذلك أمدح نفسى، أو أننى أقلل من شأن الآخرين أو الاثنين معا، ولكن ماذا أفعل؟
هل يمكن أن يبلغ الكره والحقد لدرجة أن نكذب أعيننا ونصدق إسرائيل، وأمريكا، والفلول، وجميع أجهزة الإعلام التى تفننا فى سبها وشتمها لأنها شوهت الثورة والثوار، ولأنها ساندت مبارك فى أيام الثورة الأولى.. هل يمكن أن ننسى كل ذلك، وأن نقول نفس كلامهم الذى كذبناه لأننا نكره الإخوان المسلمين؟
عزيزى المستمع العاقل، سأفترض أننى مجنون، ولكنى لست نذلا!
إذا كنت تكره الإخوان فهذا على عينى ورأسى، أنت حر، أنا لا أحب ولا أكره أحدا، أنا أحاول أن أنحى قلبى جانبا حين أدخل كهف السياسة، وبالتالى أوقظ ضميرى، وأشغل عقلى، أما قلبى الذى يحب ويكره فأتركه لمآرب أخرى، فتارة أكتب به شعرا، وتارة أنظر به للنيل، وتارة أتأمل به فى ملكوت الله، ولكنى لا أدخله فى لعبة السياسة، لأنها ليست قائمة على الحب والكره.
الثائر المناضل الذى وقف ضد مبارك فى الميدان، وواجه الرصاص والجمال والخيول والبلطجية...هذا الثائر كان يضحك حين يسمع أن حركة حماس هى التى حركت الناس إلى الميادين، وكان يعتبر ذلك الكلام مؤامرة على الثورة وكلاما مضحكا فى الوقت نفسه!
بعد أن أصبح الثائر يكره الإخوان أصبح يتحدث عن حماس كعدو، وعن دور حماس المشبوه فى مصر منذ اندلاع الثورة.
أخى الثائر الجهبذ...لا تبالغ فى هذا الأمر، لأنك لو صدقت أن حماس هى من أخرج الناس من السجون، وهى من قتل الشهداء والثوار فى معركة الجمل، وهى من قتل جنودنا البواسل فى رمضان الماضى...فمعنى ذلك أن الثورة كانت مؤامرة أجنبية فعلا، ولا مجال لاعتبارها عملا وطنيا عظيما، وكل ذلك بسبب كرهك السطحى الساذج لهذه الجماعة أو تلك التنظيم!
أحب أن أختم مقالتى بتذكير القارئ وبتذكير كل مستمع غير عاقل أن من فتح السجون كانوا رجال حبيب العادلى، وحين وقف أمامهم اللواء البطران رحمه الله، قتلوه فى الحال، وسقط شهيدا مضرجا فى دمائه. وأن من قتل الثوار فى الميادين كانوا قناصة من الأجهزة الأمنية للدولة، ولم يكونوا مستوردين بأى حال، وهم موجودون وبإمكاننا الوصول لهم بسهولة «لو أردنا!».
وأن قتلة جنودنا فى رمضان الماضى قد سلمت جثثهم لمصر، وأن أى معلومات فى هذا الشأن كانت ستصدر من الدولة المصرية لا من بعض صحفيى المباحث!
كم أتوق إلى مستمع عاقل فى زمن المتحدثين المجانين...
لنا الله!
No comments:
Post a Comment