بقلم: محمد شريف كامل*
@mskamel
14 يونيو 2014
الأصل في الامر أن هناك مجتمع مُلم بتاريخه ويتعلم منه ويدرك به احتياجاته
لبناء مستقبله، وهذا هو الطريق الذي سلكته الشعوب التي نهضت. والامر كله يبدأ بحلم
والحلم يحتاج أرادة حتى يتحقق، ولا يتحقق الحلم إلا من خلال خطة والخطة تحتاج
لأدوات ومن أهم تلك الأدوات القدرة على حماية المجتمع والخطة والادوات.
وبناء المستقبل وحمايته تبدأ بإدراك مفهوم الحماية، ممن وكيف، فالمجتمع يُحمى
من عدو يُجمع على تسميته، وغالبا ما يكون ذلك العدو عدو خارجي، وتبنى الجيوش وتنظم
لمواجهة ذلك العدو.
ومنذ أعتلى محمد علي عرش مصر وجه اهتمام خاص لإنشاء ذلك الجيش وسعى لان
يكون جيش لكل العرب، وتبعه في ذلك إبراهيم باشا، وفي المقابل حرص إسماعيل وتوفيق
على اذلال ذلك الجيش حتى بدأ يتهاوى مما يَسر امر الحملات الفرنسية والانجليزية وفتح
الباب لغزو مصر ومن ثم تقسيم فلسطين.
ولقد ثار الجيش مرتين عندما تعرض للإهانة وشعر بمذلتة وبمذلة الشعب المصري
في عصر توفيق وعقب هزيمة 1948، ولم تكن أي من الثورتين لأسباب شخصية أو فئوية.
ولأن العدو الأوحد لا يرضى ان يبنى ذلك الجيش ولا أن يشعر جنوده بالزهو، فقد
تكالبت القوى الاستعمارية علية عقب ثورة عرابي كما عقب ثورة 1952، بالإنذار وبالتدخل
المباشر، ومثالي 1956 و1967 هما الأقرب للذاكرة، حيث تم استدراجه في الحالتين
لمعركة لإجهاض عملية بناءه وبناء الكيان ككل.
الأمر لم يقتصر على الجيش المصري فحسب بل وكل الجيوش العربية، فقد مارست
كثير من تلك الجيوش العربية السياسة بشكل مباشر، فـاُنهكت العراق وسوريا في
انقلابات متتابعة وسُحبت لمعارك جانبية واستُقطبت جيوشهم للحياة الحزبية والاستقطاب
العرقي، واستقطبت القبلية جيوش اليمن وليبيا، واُفتعلت في الجزائر حرب أهلية دامية.
وحدث في تلك الدول صدام مباشر بين الجيش والشعب فلم يعد هو جيش الشعب بل سار جيش الأنظمة،
وأصبح كلاهما لا يشعر بالانتماء للأخر.
وبالعودة للجيش المصري، فقد تميزت
عملية بناءه منذ الخمسينات بأنه أصبح ممثلا لأبناء الشعب من الطبقة المتوسطة التي ازدهرت
في تلك الفترة، ورغم عدم تمكن الديمقراطية طوال هذه الحقبة إلا أن الجيش لم يُزَج
به مباشرة في الصراع السياسي، وحتى في أحلك اللحظات عندما اصطدم النظام مباشرة
بقطاع عريض من الشعب عقب النكسة في 1967 لم يوضع الشعب والجيش في مواجهة مباشرة.
وعندما بدأت عملية إعادة البناء عقب 1967 لم تغب الرؤية وظل انتماء الجيش
وولائه للشعب وللنظام مجتمعين، وحينما انتفض الشعب ضد ضياع انتصار 1973 وفرضت الاحكام
العرفية في 1977 لم يطلق الجيش المصري أي طلقة لصدر الشعب وظل محافظ على انتمائه.
ولقد تصورنا أن الأمر مازال على هذا الحال حين عزل المجلس العسكري مبارك في
11 فبراير 2011، وكأننا حسبناهم "سوار الذهب" الحديث، ولم يدرك الكثيرين
وأنا منهم أن الجيش المصري قد تم تدمير كل القيم التي سُعي لبنائها خاصة ما بين
1967 و1973.
لقد بدأت عملية التدمير من الداخل منذ 1978، حيث وجب إخراجه من المعادلة تمهيدا
لتفكيك المنطقة وتحويل شعب ثار يوما ما ضد الاستعمار إلى شعب يتوسل للاستعمار
وعملائه لتخليصه من مخلصيه الحقيقين، شعب مارس الانتحار الجماعي في يونيو 2013،
والتهليل للخيانة في 3 يوليو 2013، ثم الاستسلام الكامل لها في يونيو 2014.
لعل من صمت عن كل ذلك يفيق، فالصمت في تلك
الاوقات جريمة، ومن لم يدرك جريمة صمته حتى الان، فلا أمل فيه، فقد مات ضميره.
ولقد ثار الجيش لكرامته مرتين، بقيادة عرابي وناصر، فهل يثور اليوم هو
والشعب!
محمد شريف كامل
* Mohamed S. Kamel: is a Freelance writer, the editor of http://forafreeegypt.blogspot.com/, he is a professional
engineer, a LEED Green Associate and a recognized project manager professional,
he is Member of several civil society organizations, a co-founder of the Egyptian
Canadian Coalition for Democracy (ECCD-CECD(,
Egyptian worldwide for Democracy and
Justice (EW4DJ), Canadian Egyptian for Democracy (CEFD), National Association for
Change in Egypt (Taghyeer – Canada), Association of the Egyptians of Montreal (AEM),
Alternative Perspective Media (APM-RAM), , Quebec Antiwar movement “Échec à la
Guerre”, Coalition for Justice and Peace in Palestine “CJPP”, ex-president and
co-founder of the Canadian Muslim Forum (CMF), member of the board of trustee
in the Canadian Muslim for Palestine (CMP) and Community Center for Montreal
Muslims (CCMM) . He could be reached at public@mohamedkamel.com and followed at @mskamel
No comments:
Post a Comment