من كامب دافيد للجولان
بقلم:
محمد شريف كامل*
7 ابريل 2019
لقد وعد فصدق، ذلك ترامب الذي وعد الكيان الصهيوني الاستيطاني
بنزع ما تبقى من أرض اللبن والعسل من أيدي أصحابها وأهلها، استكمالا لإغتصاب أرض
الميعاد كما تسميها الحركة الصهيونية،
إلا ان وعد ترامب ليس إلا إمتدادا لعصر البلطجة الذي يحكم العالم.
ولم يكن الوعد إلا تحقيق حلم الصهيونية في امتلاك ما تبقى، وحتى
يتحقق ذلك الحلم يجب القضاء على ما قد يعيق تحقيقه، وأول ما يعيق تحقيقه يكمن في إرادة
الشعوب ، فلو تمكن أصحاب المشروع من سلب
إرادة ذلك الشعب سيتحقق الهدف.
لقد حاولوا مرارا أن يسحقوا إرادة
الشعب بالهزائم العسكرية، من حرب 48 لحرب 67، فإحتلال بيروت وكانت كل هزيمة عسكرية
تنتهي بإصرار على إعادة الدورة والرغبة في المقاومة واسترداد الكرامة المُهدرة،
وظل ذلك هو ما يتميز به الشعب العربي طوال تاريخه، وكان ذلك الاحساس برفض الهزيمة
هو أشد ما يقلق العدو وصناعه، فلم يكن هناك حل إلا البحث عن طريق لكسر تلك
الارادة.
لم يكن ذلك الوعد ليلقى الضوء لولا عملية تهيئة المناخ التي سبقته
بسنوات طويلة، والتي هدفت إلى كسر
الإراده، وقد بدأت عملية كسر الإرادة بتكاثر نغمات الاستسلام والتشكيك في كل شيئ،
وأنتشرت حولنا المهاترات والدعوات للتحجيم والحديث عن أن النزعة الوطنية خرافة
وإننا غير قادرين ولا نملك القدرة على تحدى العدو، وبدأت النظريات
الفلسفية التي تَدعي الواقعية وكيف أن فلسطين ضاعت لأننا لم نكن
واقعيين ولم نقبل بالتقسيم، فعلينا الأن أن نقبل بالفتات الذي يُمنح لنا من المانح الأرضي.
فكانت كامب دافيد أول طريق الأستسلام العلني، وعُدلت المفاهيم،
وصُورت القيم عكس حالها، حتى الأيات القرأنية غُير مفهومها، فأصبح إلقاء السادات كلمة
في الكنيست في القدس شجاعة وأصبحت أيات القرأن "وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ
فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"
هي الطريق وكأن العدو جنح للسلم، ثم جاءت الاتفاقية المهينة التي وقعها السادات
وأرغم برلمانه على إقراراها موصوفة بالفتح المبين ولم تكن إلا الهزيمة الكبرى وما كانت
إلا فاتحة الكوارث.
وتبع ذلك انحصار عربي لا سابقة له، ففي ظل غياب سيادة الدولة
المصرية وغياب مصر عن دورها التاريخي أصبحت كل التنازلات مقبوله، بل وقامت مصر
بدور المروج لوهم الرخاء المصاحب للسلام الموعود فأبدع السادات في
تزييف الوعى الشعبى وتضليل الرأى العام، بل ساهم في فتح أبواب أفريقيا على
مصراعيها، فبعد أن كانت لا توجد إلا ثلاثة دول أفريقيه لها علاقة بالكيان الصهيوني
أصبح للكيان مقر ومستقر في كل بلدة أفريقيه.
وبالفعل كانت كامب دافيد هي فاتحة الكوارث، وكانت مقدمة السقوط
العربي الذي لم ينته حتى الأن، فتساقطت وريقات التوت وتحول الألتئام العربي إلى إقتتال
عربي عربي على كل الجبهات فكان غزو العراق للكويت بمثابة نكسة تعدت كل نكبات
العرب، ثم الغزو الأمريكي للمنطقة الذي شارك فيه العرب بالأمر. وتوافق ذلك مع
مبادرة الاستسلام العربية التي اطلقت في 2002 من بيروت التي مثلت أخر قلاع الصمود،
وبعد أن كان مجرد الحديث عن قرار الأمم المتحدة 181 الخاص بتقسيم فلسطين هو من باب
الخيانة، أصبح البحث عن رضاء نتانياهو من باب التفاخر.
لقد تحولت المنظومة العربية لحارس أمين لا عمل له إلا رعاية أمن
الكيان والحفاظ على سلامته، وأصبح دور النظم والجيوش العربية هو تصفية كل التيارات
الوطنية قومية كانت أو إسلامية، ولم يتوقف الإمتهان عند ذلك الحد بل إمتد للتشكيك
في أننا على حق وحتى التشكيك في أن أرض فلسطين عربية، بل ومن داخل مصر تم التنازل
عن تيران وصنافير ليصبح مجرى الملاحة دوليا، ولا سيادة عربية عليه.
إنه بالرغم من أن المجتمعات العربية عانت من الحكم الديكتاتوري لعقود طويله إلا أنها لم تنكسر وكانت تسير دوما على
طريق التنميه وبناء الإرادة، فبالرغم من غياب الديمقراطية إلا أن البُصلة كانت على
التوجيه الصحيح والرؤية كانت واضحة للجميع، فالعدو كان دوما محدد المعالم ومصنف
بدقة عالية، وكان المجتمع الدولي يقر وبكل وضوح أن حق العودة مكفول وأن الصهيونيه
حركة عنصرية حتى دفع السادات وأعوانه بإلغاء قرار الأمم المتحدة بإعتبار الصهيونيه
حركة عنصرية.
لم يكن القرار الأمريكي الأرعن بالأعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل
ليكن مالم تكن كامب دافيد، ولم يكن القرار الأمريكي الأرعن بالأعتراف بضم الجولان
رسميا للكيان ليكن مالم تكن كامب دافيد، بل جاء ذلك القرار الثاني في يوم ذكرى أربعون
عام على كامب دافيد ولم تكن مصادفة بل كان تحية لذلك السقوط الكبير.
وإن كان قرار الجولان تحية لمرور أربعين عام على كامب دافيد،
فإنه جاء كقارب نجاة لنتانياهو لعله يفوز بالانتخابات ويبقى التحالف
الخماسي نتانياهو وبن سلمان وبن زايد وترامب والسيسي الذين يعملون بكل همة
لإنتهاز اللحظة المناسبة ويعلنوا من القدس نهاية القضية الفلسطينية وسيادة
الصهيونية على كل الأرض العربية من الخليج إلى المحيط.
إن تلك السيادة قادمة ولا محال، بل هي قائمة، وستبقى تلك
السيادة قائمة ولكنها مؤقته حتى تستجمع الشعوب العربية قواها وتسترد كرامتها
وتُسقط حكامها في ثورة شاملة.
محمد
شريف كامل
* محمد شريف كامل مهندس ومدير
مشروعات،
شغل مناصب مهنية عديدة، بالإضافة لكونه مدون وكاتب مستقل، هو أحد المؤسسين والأمين العام والمتحدث الرسمي
السابق للمجلس الثوري المصري، و أحد مؤسسي الائتلاف الكندي المصري من أجل
الديمقراطية، وحركة مصريون حول العالم من أجل الديمقراطية والعدالة، هو احد
القيادات الطلابية المصرية في السبعينات، عضو
نشط في العديد من المنظمات المحلية والدولية الدفاع عن حقوق الإنسان، بالإضافة لانتخابه مفوض بمجلس إدارة المدارس بقطاع
المدارس بجنوب مونتريال لمدة 4 سنوات. هو أحد مؤسسي الجمعية
الوطنية للتغيير في مصر (كندا) قبل الثورة، وتجمع الاعلام البديل بكيبيك – كندا، كذلك
أحد مؤسسي والرئيس السابق للمنتدى الإسلامي الكندي، كما انه أحد المؤسسين حركة
كيبيك - كندا المناهضة للحرب، وأحد المؤسسين التحالف الكيبيكي-الكندي من أجل
العدالة والسلام في فلسطين. وهو عضو نشط في العديد من منظمات المجتمع المدني ومن
بينها اتحاد الحقوق والحريات بكيبيك – كندا. عضو في مجلس الأمناء لجمعية الكندين
المسلمين من اجل فلسطين، ومركز مسلمي مونتريال (الامة الإسلامية). نشر له العديد
من المقالات حول العديد من القضايا المحلية والدولية بلغات ثلاث (العربية، والانجليزية،
والفرنسية)، ومدون ومؤسس مدونة "من أجل مصر حرة".
محمد شريف كامل يمكن للتواصل معه عبر:
1-514-863-9202, e-mail: public@mohamedkamel.com, twitter: @mskamel,
blog: http://forafreeegypt.blogspot.com/ https://www.facebook.com/APresidentForEgypt/, https://www.youtube.com/channel/UCl3y4Hxgf05Xr0iDU68r8GQ
No comments:
Post a Comment