السبت, 21 سبتمبر 2013
أكد الدكتور رفيق حبيب، الباحث السياسي،
أن الانقلاب العسكري يعتمد على خطط عديدة تهدف إلى إجهاض حركة مناهضة الانقلاب
والثورة والتحول الديمقراطي في البلاد، لافتاً إلى أن هذه الخطط بدأت عمليا قبل
انقلاب 3 يوليو وهي التي مهدت للانقلاب ووفرت غطاءً شعبيا مؤقتاً للانقلاب
العسكري، على حد قوله.
وأوضح حبيب خلال ورقة بحثية بعنوان " كسر
الإرادة .. استراتيجية الانقلاب والثورة" والتي نشرها عبر حسابه الشخصي على
"فيسبوك"، أن من خطط للانقلاب يعمل على تنفيذ مخططاته حتى تؤثر على
المستقبل، وليس فقط على الحاضر، فهو لا يهدف فقط لإجهاض حركة مناهضة الانقلاب، حتى
لا تعود الثورة والتحول الديمقراطي إلى مسارهما، بل يهدف إلى إخضاع المجتمع
مستقبلا لحكم عسكري، لعقود طويلة".
مخطط بث الكراهية الإجتماعية
قال حبيب: " أولى هذه المخططات مخطط بث
الكراهية الاجتماعية، حيث عملت وسائل إعلام الانقلاب على التحريض على الكراهية
والعنف في المجتمع وجعلت من الإخوان المسلمين عدوا، ثم تمادت حملة الكراهية فأباحت
السب والقذف والتحقيير في محاولة لتجهيز المجتمع حتى يرى بعضه يقتل دون أن يشعر
حتى بالألم، وتوسعت فى تغطية الهجوم على مقرات الإخوان وحزب الحرية والعدالة،
لتجعل من العنف فعلا ثوريا. أضاف: " تمددت حملة الكراهية لتلحق بكل
مظهر إسلامي، وبعد الانقلاب العسكري، أصبح قطاع واسع من المجتمع يوصف بالإرهاب،
وبدأت الحرب على الإرهاب، لتوظف حالة الكراهية المجتمعية، في معركة إقصاء التيار
الإسلامي الدموية، تحت غطاء من تفويض شعبي بالقتل شرخ جدار الوطن.
وأكد أن في هذا المناخ أصبح العنف والتحريض عليه
بين قطاعات من المجتمع، وهو ما أدى عمليا لحالة نزاع أهلي ، وكان عاملاً أساسيا فى
تأمين مسار الانقلاب، وإجهاض حركة مناهضة الانقلاب في الوقت ذاته، مشيراً إلى انه
كلما ضعف المجتمع، وغرق في العنف والكراهية، أصبح أقل قدرة على ممارسة الديمقراطية
عن وعي وإدراك، وأكثر عرضة للتضليل.
ولفت الباحث السياسي إلى أن الحركة السلمية لرفض
الانقلاب العسكري والتي التزمت بها قوى التحالف الوطني لدعم الشرعية والتي تشكل
جماعة الإخوان المسلمين جزءً أساسياً منها، كانت هي المحور الأساسي لكسر العنف
الذي استخدمته قوات الانقلاب لإجهاض الحركة، على الرغم من ارتفاع موجات العنف
لدرجة مخيفة في فض ميداني رابعة العدوية والنهضة، مشيراً إلى أن مخطط الانقلاب
يهدف أساسا إلى جر البلاد لموجة عنف مجتمعي واسعة، تبرر فرض الحكم العسكري سريعا.
مخطط تقسيم المجتمع
وأكد حبيب أن الانقلاب العسكري اعتمد على عملية
تقسيم للمجتمع حتى يبدو منقسم من داخله وغير قادر على تحقيق أي توافق لتبرير
الانقلاب، على الرغم من أن خطته أساسا قامت على تعميق هذا الانقسام، حتى يظل
المجتمع ضعيفا، وغير قادر على اتخاذ أي قرار، وبالتالي يصبح التدخل أمر ضروريا
بدعوى حفظ الدولة والمجتمع.
أضاف: " ظلت عملية تقسيم المجتمع تنفذ بأشكال
عدة، حيث قام الانقلاب العسكري بتفكيك المجتمع ليتخذ من هذا التفكك ذريعة للتدخل
لحمايته ومن ثم يبني نظاما عسكريا، وبدأت عملية التقسيم بين من يؤيد الإخوان ومن
يعارضهم، ثم تمددت لتحدث فجوة بين من يؤيد التيار الإسلامي ومن يؤيد التيار
العلماني، ثم بين من يؤيد الثورة ومن يعارضها، ومن يؤيد التحول الديمقراطي ومن
يعارضه، ومن يؤيد النظام السابق ومن يعارضه، فأصبحت عوامل التقسيم متعددة حتى
يتفكك المجتمع لكتل صغيرة غير قادرة على حسم أي اختيار مستقبلي للمجتمع.
وتابع : " ولأن تيار الأغلبية الذي ظهر قبل
الانقلاب كان التيار الإسلامي، لذا أصبح من الضروري بالنسبة للانقلاب العسكري،
تفكيك هذا التيار، سواءً بجذب قطاع منه لتأييد الانقلاب، أو بتجنيد رموز منه
لتأييد الانقلاب، حتى يتفكك التيار الإسلامي، حيث استخدم الانقلاب فزاعة "الإخوان"
مثل نظام ما قبل الثورة حتى يفكك الكتل المؤيدة للتوجه الإسلامي.
وأشار حبيب إلى أن خطة تفكيك المجتمع تشكل أكبر التحديات الفعلية للثورة والتحول
الديمقراطي، لافتاً فى الوقت ذاته إلى أن حركة مناهضة الانقلاب واستعادة الثورة،
هي عمليا حركة استعادة تماسك المجتمع وبناء وحدته من جديد، كما أنها حركة استعادة
الحرية والإرادة الشعبية القوية، والرأي العام الواعي.
مخطط حرب الهوية
وأوضح حبيب أن الانقلاب العسكري قام أساسا بسبب
المعركة حول الهوية، وإن حاول في أغلب الأحيان تضليل المجتمع، حتى لا يعرف أن
معركة الهوية هي المعركة الأساسية، لأن الانقلاب العسكري، ما كان لينجح، دون تضليل
جزء من جماهير التوجه الإسلامي، حتى تشارك في تأييد الانقلاب، وهي لا تدرك أنه حرب
على الهوية الإسلامية أساسا. وأشار إلى أن معركة الهوية من المعارك الخطرة
التي يمكن أن تهدد كيان المجتمع، لذا تصبح مواجهة معركة الهوية، من أهم التحديات
التي تواجه حركة مناهضة الانقلاب واستعادة الثورة، مضيفاً: "خطة الانقلاب
العسكري تعتمد على إخفاء ما هو سائد في المجتمع، وتفكيك تياره السائد وتفكيك كل
قواعده السائدة والشائعة، حتى يصبح مجتمعا مفككا ضعيفا، تفرض عليه الوصاية
العسكرية.
مخطط التخويف
وأكد حبيب أن ثورة يناير اسقطت جدار الخوف وجاء
الانقلاب العسكري ليعيده مرة أخرى، حتى يستسلم المجتمع المصري ومن ثم يفرض عليه
الحكم المستبد مرة أخرى. وقال: " حراك التحالف الوطني لدعم الشرعية
ورفض الانقلاب يمثل عملية تكسير مستمرة لجدار الخوف، حتى لا يبقى منه أي بقايا،
يبنى عليها من جديد. واستمرار المظاهرات المناهضة للانقلاب، بعد حملة مذابح دموية،
وحملة اعتقالات غير مسبوقة، وحملة مطاردات واسعة، وحملات التخويف، والهجوم المستمر
على المظاهرات، تمثل عمليا انتصارا حقيقيا.
أضاف حبيب:" إذا استمر الاحتجاج الشعبي
الواسع والمنتشر في مختلف الربوع ضد الانقلاب العسكري، فإن الانقلاب يسقط تدريجيا
ويفشل في تحقيق أي من أهدافه، مما يجعله منتهي عمليا، وتاريخيا، فاستمرار التظاهر
السلمي، بطرق وأشكال مختلفة، عبر الزمان والمكان، هو انتصار للحرية، وكسر لحاجز
الخوف، ومن ثم بناء لإرادة شعبية حرة وواعية، وقادرة على حماية الثورة، وحماية
التحول الديمقراطي، وقادة الانقلاب يدركون ذلك، لذا أصبح التظاهر بالنسبة لهم، هو
الخطر الذي يهدد مخططاتهم.
مخطط إحباط السلمية
وأكد حبيب أن سلطات الانقلاب تحاول إخفاء حجم
الاحتجاج الشعبي ضد الانقلاب من خلال التعتيم الإعلامي، كما تحاول إحباط الاحتجاج
السلمي، ودفع الناس إلى حالة من الإحباط واليأس، فمن ناحية تعمل السياسة البوليسية
القمعية، على تخويف الناس من التظاهر، وحتى من التعبير عن الرأي، ومن ناحية أخرى،
تعمل سياسة التجاهل الكامل للاحتجاج السلمي، لدفع المحتجين لليأس والإحباط، كما
تعمل سياسة العناد، على إقناع أغلب الناس، أن مخطط الانقلاب سوف ينفذ في كل
الأحوال.
واختتم الباحث السياسي:" لذا، فإن المقاومة
السلمية تملك قوتها في سلمية وشعبية الحركة، كما يمكن أن يتسرب لها اليأس والإحباط،
فتفشل ولو مرحليا، مما يعني أن الاستمرار في حد ذاته هو أهم نقطة قوة في الاحتجاج
السلمي، لأن استمراره يحبط كل مخططات الانقلاب العسكري، ويعيد حالة الالتفاف حول
الثورة، ويوحد المجتمع أو أغلبه، ويكسر حاجز الخوف.
No comments:
Post a Comment