حوار 30 يونيو المزعوم
بقلم: محمد شريف كامل*
3 يوليو 2022
في ذكرى الكذبة الكبرى المسماة 30 يونيو، خرجوا علينا بكذبة أخرى سموها "الحوار الوطني"، حوار غير معلوم الهدف ولا محدد الخطوات ولا نرى له أي جدول أعمال، حوار يسمى "الوطني" ولم يدعى له الوطن ولا المواطنون، بل هو حوار مشروط بأن تعترف بشرعية حكم السيسي وأنه جاء من خلال ثورة وإرادة شعبية وليس من خلال انقلاب.
وأعتقد أن الحوار ليس هو الهدف،
ولكن الهدف يكمن في الشرط "الإعترف بشرعية حكم السيسي"، ولكن لماذا يبحث
السيسي عن شرعية؟ وهل هو في حاجة لها؟
سيقول البعض أن السيسي لا يعنيه
ذلك فهو يملك القوى، هذا حق ولكن علينا أن ندرس الأمر بتمعن حتى ندرك حقيقة من
يحتاج لهذه الشرعية ؟ ولماذا هو أوهم في حاجة لها؟ وممن يطلبون
تلك الشرعية؟
لنجيب على هذا السؤال الهام يجب أن
نعود ليوم 25 يناير 2011، حين خرج الشعب
متمرداً على الحكم، تمرداً بدا محدوداً في
البداية، تزايدت حدته مع تزايد عنجهية النظام، التي قد تكون عفوية أوعن قصد أو مدفوعة
من طرف أخر بهدف إستغلال الفرصة لتصفية الصراع الدائر حينئذ على الحكم.
وما أن سقط النظام مبارك حتى انطلقت
الدولة العميقة تعيد ترتيب ملفاتها وتحالفاتها، وهي أطراف متعددة، منهم من رأى الإستفادة
من التجارب السابقة بترك الأحداث تحسم لمن القيادة، فتسعى تلك الدولة العميقة
للعمل من خلال تلك القيادة المنتصرة، ومنها من رأى ضرورة السيطرة الكاملة وعدم ترك
الأمر للصدفة غير المضمونة.
ومن السذاجة أن نتصور أن دولة مثل
مصر ستترك لتدير شأنها، ولا تحاول المصالح الدولية والأقليمية السيطرة عليها أوعلى
الأقل توجيهها، وإلا فلما كانت المسرحية الهزلية التي أدارها أوباما بإصراره على رحيل
مبارك، ثم عدم الإعتراف بالإنقلاب بدواعى قواعد داخلية أمريكية، تردد تبعه تأييد غير مشروط بعد أن تأكدوا
أن ذلك الإنقلاب جاء بترتيب اللاعبين المحليين الشركاء في ذات المصالح.
وقد كان الإنقلاب نقطة فاصلة، أسقطت
التجربة الديمقراطية وسلبت الإرادة الشعبية وسلمت مقدرات مصر لعدوها، إن المتابعة الصادقه
لتطور الأمور في مصر لا يمكن أن تغفل أن السنوات التسع الماضية كانت مرحلة التبديد
والتفريط، والتي أتمت تحويل مصر من قيادة عربية واسلامية إلى تابع لدويلات، ومن رمز
للتحرر الوطني لجميع دول العالم الثالث إلى تابع ذليل يأتمر بأمر أعداء الأمة ومراكز
الفساد المحلي والدولي.
ولكن، كيف كان تحقيق ذلك بتلك السهولة؟
لقد بدأ ذلك المخطط منذ عقود سبقت ذلك
الإنقلاب، حيث تم تقسيم الشعب إلى وطنيين وأشرار، فالوطنيون هم من يقفون مع النظام، أو من ترضى عنهم الدولة
العميقة، والأشرارهم من يخرجون عليه أو حتى من يخالفونه الرأي فقط، يوم كانوا الأشتراكييون
ويوم أخرهم الليبراليين أوهم الاسلاميين، وكان ذلك دائما موجها للقوى الوطنية
الأقوى في ذلك الوقت، ولا ننسى أن الجماعات الاسلامية كانت لضرب اليسار، ثم أفرج
عن الأخوان لتصفية اليساريين والإصطدام بالجماعات الأسلامية المخترق أغلبها.
فلما جاءت ثورة 25 يناير كان
التقسيم سهلا وكان من نصيب الأسلاميين، وهم أقوى القوى السياسية على الساحة في ذلك
الوقت، بوضعهم في جانب وباقي الشعب في الجانب الأخر، وبذلك سهل تنفيذ المرحلة الثانية
من الخطة وهي إهدار مستقبل الوطن بتبديد كل ثرواته وتمليك كل مستقبله للعدو، وقد كانت
المرحلة الأولى التي بدأت بكامب دافيد قد ركزت على إسقاط الدور الريادي لمصر فأهدر ماضي مصر وحاضرها، ثم جاء
وقت إهدار المستقبل.
ونرى ذلك جلي من خلال تبديد ثروات
مصر بالكامل، مثل إهدار المياه بإتفاقية 2015 التي أسقطت حق مصر التاريخي في مياه نهرالنيل،
وكذلك إتفاق تقسيم ترسيم الحدود البحرية الذي أهدر حدود المياه الأقليميه المصرية
البحرية في البحر المتوسط كما سلم حقول الغاز المصري للعدو، وكذلك تضاعفت مديونية
مصر بديون غير مبررة بددت ثرواتها الحالية والمستقبلية، وسرقت مستقبل أبنائها،
بتبديد تلك الديون في تخزين سلاح وفي مشروعات لا عائد منها إلا تسهيل الإستيلاء
على مصروالأمة بالكامل.
مع ذلك كله لم يبقى لمصر إلا أمل
واحد، وهو إسقاط الإنقلاب، وهذا لن يكون إلا بثورة شاملة، وذلك لأن الثورة لها
قانونها الذي يسمح لها بعدم الإعتراف بكل ما سبقها وإسقاط كل ما بدده هذا النظام،
ولذا كانت ضرورة هذا الحوار وكان شرطه الذي يبدوا للبعض أنه غريب، هو الإعتراف
بشرعية هذا النظام، فالإعتراف بشرعية هذا النظام ليس المقصود منها "السيسي"
ولكن بهدف إسقاط فكرة الثورة ولتحقيق حلم المحرك الحقيقي للإنقلاب، وبإسقاط فكرة
الثورة لعدم مشروعية النظام يتم إهدارالورقة الوحيدة القادرة على إستعادة حقوق مصر
المسلوبة، وعودة الريادة والوعي المفقود، والذان بهما فقط تتمكن الأمة من إسترداد
قدراتها وثرواتها المبددة.
لهذا كان هدف دعوة الحوار الكاذبة
الإعتراف بالنظام، ليس حماية للسيسي ولا إحتياجه لذلك الإعتراف، ولكن لحاجة من يحرك
المنطقة بالكامل لإكتساب شرعية الدمار وتثبيته، فالشعب هو مصدر الشرعية الأوحد، فإذا
بقت أي كتلة أو قوى سياسية وطنية رافضة لشرعنة ذلك التبديد بقي أمل الشعب وضعف أمل
العدو.
فهل سنتحاور؟
* محمد شريف
كامل مهندس ومدير مشروعات، شغل مناصب مهنية عديدة، بالإضافة لكونه مدون وكاتب
مستقل، هو أحد المؤسسين وعضو مجلس الادارة لحركة حقوق المواطنين، هو أحد المؤسسين
والأمين العام والمتحدث الرسمي السابق للمجلس الثوري المصري، و أحد مؤسسي الائتلاف
الكندي المصري من أجل الديمقراطية، وحركة مصريون حول العالم من أجل الديمقراطية
والعدالة، هو احد القيادات الطلابية المصرية
في السبعينات، عضو نشط في العديد من المنظمات المحلية والدولية الدفاع عن
حقوق الإنسان، بالإضافة لانتخابه مفوض بمجلس إدارة المدارس
بقطاع المدارس بجنوب مونتريال لمدة 4 سنوات. هو أحد مؤسسي الجمعية الوطنية للتغيير في مصر (كندا) قبل الثورة، وتجمع
الاعلام البديل بكيبيك – كندا، كذلك أحد مؤسسي والرئيس السابق للمنتدى الإسلامي
الكندي، كما انه أحد المؤسسين حركة كيبيك - كندا المناهضة للحرب، وأحد المؤسسين
التحالف الكيبيكي-الكندي من أجل العدالة والسلام في فلسطين. وهو عضو نشط في العديد
من منظمات المجتمع المدني ومن بينها اتحاد الحقوق والحريات بكيبيك – كندا. عضو في
مجلس الأمناء لجمعية الكندين المسلمين من اجل فلسطين، ومركز مسلمي مونتريال (الامة
الإسلامية). نشر له العديد من المقالات حول العديد من القضايا المحلية والدولية
بلغات ثلاث (العربية، والانجليزية، والفرنسية)، ومدون ومؤسس مدونة "من أجل
مصر حرة".
محمد شريف كامل يمكن للتواصل معه عبر:
1-514-863-9202, e-mail: public@mohamedkamel.com, twitter: @mskamel, blog: http://forafreeegypt.blogspot.com/ https://www.facebook.com/APresidentForEgypt/, https://www.youtube.com/channel/UCl3y4Hxgf05Xr0iDU68r8GQ
No comments:
Post a Comment