Sunday, November 11, 2001

أبناؤنا في الغرب بقلم: محمد شريف كامل


أبناؤنا في الغرب

بقلم: محمد شريف كامل
11 نوفمبر 2001

نحن و لا شك نمر بالكثير من المشاكل والصراعات الداخلية والخارجية الناجمة عن إختلاف ديننا وتقاليدنا مع المجتمع الذى نعيشه، وهذا ولا شك أمر طبيعى، ناجم عن ألإختلاف المصحوب بعدم الفهم من كلا الجانبين، و لذلك كان أحد الأهداف الرئيسية المنشودة هى ضرورة الحوار الذي ينتج عن الفهم المتبادل، والحوار لا يقوم على جهل طرف بالطرف الأخر، الحوار يجب أن يسبقه فهم وإحترام كل من الطرفين للطرف الأخر، ويجب أن يكون هدفه التعايش والإحترام المتبادلين.

لقد تذكرت ذلك وأنا أمر بتجربة لأحد المدارس الثانوية الحكومية فى مقاطعة كوبيك، وقد أتسمت الحياة المدرسية بثلاثة مراحل من التعايش بين الإدارة  , وغالبية الطلبة غير المسلمة من جانب والطلبة المسلمين من جانب.

فحتى وقت قريب منذ عدة سنوات ـ لا تتعدى أصابع اليدين - كانت العلاقة تتسم بعدم الفهم على الإطلاق، حيث الطالبات المحجبات يتعرضن للمضايقات من زملائهم وبعض مدرسيهم ولا توفر لهم الإدارة أية حماية من أية نوع، وكانت تلك الطالبات يحرمن من درجات مادة الرياضة البدنية للفقرة الخاصة بالسباحة، وكان موقفهم من الإمتناع عن السباحة يؤخذ مأخذ السخرية العلنية، وكان الطلبة والطالبات الحريصون والحريصات على أداء الصلاة فى مواعيدها لا يجدوا مكان لأداءها. ومن منهم يصلى فى جوانب الطرقات ويتعرض للمضايقات والسخرية على أقل تقدير.

ولا شك أن تلك المرحلة الأولى قد تغيرت إلى حد بعيد فى مرحلتنا الثانية التى عشناها، حيث أنه وبمثابرة أبنائنا وبناتنا أصبح الحجاب مقبول ولو ظاهريا،  وأصبح  عدم مشاركة بناتنا فى حصص السباحة من المسموحات، وأصبح من المقبول أن نرى الطلاب يصلون فى أماكن متفرقة من المدرسة حتى أصبح من الممكن تخصيص أماكن مخصصة للصلاة، وبالرغم من أن المبانى فى مدارس كوبيك أصبحت مكتظة، أصبح من الممكن البحث عن مكان مناسب للصلاة حتى وإن كان ركن ما بإحد الطرقات.

 وإستمر الحال كذلك حتى جاء يوم 11 سبتمبر والذى جعل المسلم متهم حتى فى دينه، وأصبح الكثيرون من غير المسلمين لا يجدون حرجا فى التصريح بعدم إرتياحهم للظهوربالحجاب واللحية، واللذين وللأسف ربطهم الإعلام بالإرهاب، فكانت المرحلة الثالثة وهى الترقب، حيث أصبح البعض من غير المسلمين يرون أنه من المناسب العودة لمناقشة الحجاب وأماكن الصلاة.

 إن ذلك المثال المضروب بالمدرسة، ليس إلا صورة طبيعية لمجتمع ككل وهو تطور طبيعى ولا شك لا نستطيع أن نلوم عليه أى طرف دون الأخر، فكما قدمنا حديثنا بشروط إقامة الحوار ونجاحه، نعود و نبحث هل حققنا نحن أنفسنا تلك الشروط أم أننا تركنا أنفسنا ندعى المثالية ونحن لسنا كذلك، إننا نطالب الأخرون بفهم ديننا وتقاليدنا ونحن نرفض أن نقدم بعض التوازنات الضرورية - توازنات مقبولة وليس تتنازلات شرعيةـ وهنا العديد من الأمور التى يجب يطرح بصراحة.

- إن إكتظاظ مساجدنا بالمصلين بوم الجمعة أمر حميد ولا شك، لعله يزيد، ولكن هل راعينا فى ذلك قواعد المرور، وإصطفاف السيارات وعدم التجمع خارج المساجد، وتعطيل حركة السير، أم لم نراعيها ؟ وكم من المساجد تعرضت لمشاكل مع البلديات وشكاوى من الجيران من عدم النظام ومراعاة مواقف السيارات والضوضاء.
- هل حاولنا فى مساجدنا أن نقدم إرشاد حقيقى لأبنائنا ولأنفسنا فى كيفية التعاون وعدم الأنفصال  عن المجتمع، بل والدخول معه فى أنشطته التى لا تخالف ديننا، أم حاول البعض أن يكتفى فقط بالوعظ الشرعى دون المساس بالمشاكل اليومية التى يعيشها المسلمون فى أعمالهم و مدارسهم، ومعالجتها بشكل لبق كيس.
- هل حاولنا أن نفتح مساجدنا لغير المسلمون ليتعرفوا علينا وعلى ما نقوم به، وهل حاولنا مخاطبتهم بلغتهم حتى يعرفوا من هم هؤلاء المسلمون؟
- هل حاولنا أن ننفتح على جيراننا ونزاورهم ونبادلهم التحية والتهنئة فى مناسابتهم؟ وهل دعوناهم لمناسابتنا كما دعاناالإسلام لذلك؟
- هل حاولنا أن نرشد أبنائنا لقواعد الزمالة المدرسية وزمالةالعمل وكيفية مصادقة غير المسلمين  وحدودها وضرورتها حتى لا ينفصلوا عن المجتمع؟ وذلك دون التخلى عن دينهم وتقاليدهم فى ذات الوقت!
- هل حاولنا أن ندرك خطورة الإستفزازات الصغيرة التى قد تأتى من البعض، مثل مواجهة غير المسلمون بتكفيرهم في حوارت لا مبرر لها؟ وقد دعانا ديننا للقول اللين.

لقد دار فى ذهنى كل ذلك وأنا أقف عند مشكلة حقيقية يظهر من خلالها الخلاف وعواقب تقطع الحوار، التي قد تصل بنا ما لا يحمد عقباه وأقل ما سوف ينتج عن ذلك هو إنقطاع الحوار ومحاولات التفاهم والتعايش المشترك.

لقد تكررت واقعة التأخر عن الحصص المدرسية بحجة إتمام الصلاة و كأن وقت راحة الظهر أو خمسة دقائق بين الفصول لا تكفى لصلاة غير مطوله؟ فهل نبهن أبنائنا لذلك؟ ولقد قام أحد التلاميذ باحد المدارس الثانوية الحكومية بالأذان بصوت عالى قبل إقامة الصلاة بالمدرسة...! و قامت مجموعة أخرى من الطلبة بصلاة الجمعة فى المدرسة وتاخروا على الفصول الدراسية حيث صلاتهم إستغرقت أكثر من(40) أربعين دقيقة.

من السبب في لذلك؟ أليس هذا نتاج تخلينا عن دورنا؟ أليس هذا التصرف ناتج عن توجيه غيرمسؤل؟ أليس هذا كما نسميه إستفزاز لغير المسلمين؟

  هل هذا أمر طبيعى أن لا تقوم مساجدنا ومشايخنا بتوجيه وإعلام ابنائنا بالحدود المسموحة المناسبه والمتاحة والسماحيات الدينية التى لا تعرضهم للإستفزازات غير مطلوبة لا شرعيا ولا سياسيا و لا إجتماعيا.

لقد أوصلنا ذلك إلى أن البعض من غير المسلمين ـ إستجابه منهم للحملة الإعلاميةالمسعوره- عاد للحديث عن الحجاب وإمكانية منعه وعن هل من المناسب وجود أماكن صلاة فى المدارس أم لا؟ الحجاب فرض دينى، وحق إجتماعى مكفول بالحرية العامة ولكن هل من الضرورى أن نعود لتلك القصة والخلاف فى المحاكم؟ أما عن أماكن الصلاة فهى مشمولة بالسماحيات الإجتماعيه التى تقع تحت بند الإمتياز وليس الحق القانوني، فالصلاة نفسها حق شرعى  ولا يستطيع أحد منعها، ولكن أن يوفر مكان للصلاة فهذا يدخل تحت نطاق التعاون والتفاهم المشترك وليس تحت إطار القانون.

أناهنا لا أوجه اللوم فى كل ما يحدث  لنا المسلمون فقط دون غيرنا ولكن ولا شك هناك مسؤلية قائمة على الجميع، مسلمون وغير مسلمون ولكن للأمانة والحق المسلمون عليهم المسؤلية الكبرى، فهذا شائنا، وكما أمرنا الإسلام يجب أن نكون فطنين لكل ما يدور حولنا وألا نكون غلظاء أوإستفزازيين.

 فلننظر لأنفسنا و لأبنائنا ختى لا نعطى الفرصة للمغرضين المتربصين، وحتى يعيش مجتمعنا هذا فى سلام و وئام دائمين. إنه من الواجب علينا أن لا ننهزم أمام تلك الحملة وأن نظل على وعينا وعلى إدراكنا لأننا مواطنون لنا كل الحقوق وعلينا كل الواجبات، فذلك هو السبيل الوحيد للرد على حملة التشويه والطعن المسعوره.


No comments:

Post a Comment