الأقصى أم حق العودة
بقلم: محمد شريف كامل
8 يناير 2001
لقد تضاربت الأقوال
حول سر و توقيت الأحداث الأخيرة ، التى تلت زيارة الجزار( شارون ) للحرم الشريف ، و علق البعض على تلك
الزيارة بأنها كانت مرتبة نظرا لإفتعال أحداث من شأنها ترتيب أوضاع جديدة فى الشرق
الأوسط .
و إن كنت من اللذين
لا ينساقون وراء التحليلات الرامية إلى تبرير كل ما يدور من حول شعبنا إلا أننى لا
أستطيع أن أقبل المنطق القائل بأن الأحداث غير مفتعلة ، فهى بالفعل مفتعلة ، ولكن
المهم هو إلى أى مدى يتم السيطرة على الأحداث و توجيهها لمصلحة شعبنا و الحقيقة
التى لا يستطيع إنسان إنكارها هى أن الشعب دائما يحول الأحداث - المدبرة منها وغير
المدبرة - لمصلحته ، مادام لا يستجيب لضغوط أصحاب المصلحة الخاصة و المنتفعين . و
ما يقلقنى - وأنا لا أملك غير القلم -
يقلقنى الضغط الشديد الذى لا يتحمله إنسان ، داخل أو خارج السلطة، هذا الضغط الذي
تمارسه الولايات المتحده و هذا طبيعي لأنها الحامي الأكبر للصهيونيه، إلا أنه
للأسف فإن بعض الحكومات العربيه تمارس هي الأخره الضغط على السلطه بل وعلى الشعب
الفلسطيني و من تلك الحكومات من يمارس ذلك عن مصلحه و منها من يمارس ذلك عن جهل.
فعقب تقديم مبادرة
كلينتون الأخيرة و محاولات الضغط على السلطة الفلسطينية و حملة تصفية القيادات
المقاتلة حول عرفات ( و هنا أذكر حادث إغتيال أبو جهاد و رفاقه فى تونس دون رد فعل
عربى غير الذل و الركوع) عادت حمله الإرهاب بإغتيال الدكتور ثابت ثابت، وإغتياله
لا يزيد في أهميته عن تعمد إغتيال قرابه أربعمائه
و جرح قرابه ثماني عشر ألفا من
أبناء شعبنا أكثر من نصفهم إصابات معجزه، إلا إن إغتيال الدكتور ثابت ثابت هي
رساله مباشره لعرفات، رساله إرهاب.
فماذا تقدم تلك المبادرة الجديدة لشعبنا بعد أكثر من خمسون عاما من الظلم،
إعتمدت تلك المبادرةعلى أساسيات تمثل و لا شك الحل المرضى للصهيونية ، ألا وهى:
- عدم إخلاء المستوطنات فى الضفة الغربية و
تحديدا القدس و حولها.
- السيطرة الصهيونية على الحدود مع الأردن و مصر
بقواتها مباشرة ثم بعد فترة إنتقالية بقوات أمريكية .
- السيادة المنقوصة على المقدسات الدينية بإشراف
دولى.
- عدم السماح بالعودة لأراضى 1948 لغير أعداد
محدودة و إعتبار أن حق العودة هو عودة للضفة الغربية وغزة.
- الفصل الكامل بين الأراضى الفلسطينية، سياسيا و
إقتصاديا و أراضى 1948 .
- إقامة دولة فلسطينية غير مسموح لها بالتسلح و
تشرف لجنة دولية على تسليحها بسلاح الشرطة فقط .
- توجيه الإعلام و الكتب الدراسية فى تلك الدولة
إلى ما يعرض التاريخ من وجهة النظر الصهيونية .
ولو أننا إستعرضنا
تلك الأسس التى لا تصلح لأى تفاوض نجد أنها تحديدا ماهى إلا إتفاقية كامب دافيد
الأولى المشؤمة مع مصر 1978 والتى قضت على الوحدة العربية على مستوى الحكومات و إن
كانت شعوبنا و الحمد لله مازالت ترفض كل الدعاوىالصهيونية ولم تفقد ذاكرتها و
مازالت تعرف العدو من الصديق.
إننا للإسف نفتقد - و
تحديدا على المستوى القيادى - نفتقد للرؤية التاريخية الصحيحة، فإنه ولا شك ستظل
علاقتنا بالصهيونية علاقة عداء وهذا أمر من يحاول إنكاره فهو أقل ما يوصف به
هوالغباء، وإن كنا نسعى بالفعل إلى تحقيق السلام ، فهذا السلام يجب أن يقوم على
تلك الأساسية - إننا أعداء- فهذا ما لا حوار و لا جدال و لا فصال فى حرف من
حروفه لأنه غير الأعداء ليسو في حاجه إلى تحقيق السلام ، فالحوار إذا يجب أن يقوم
على كيفيه التعايش في السلام ؟
إن أى
حوار يتم بين طرفين لهما مصلحة ما فى ذلك الحوار، ولا شك يجب في حالنا هذا أن يكون
لهما مصلحة فى تحقيق السلام ولكنه سلام قائم على العدل والحق، وإن كنا سنختلف فى
مفهومهما فلا شك أن هناك مرجعية دولية وهى الأمم المتحدة التى يجب ألا نتنازل عن
أى من قراراتها وهى ثابته مثل:
- حق العودة والتعويض، وهذا يجب أن تعترف به
الصهيونية، لأنها ليست هى الوحيدة فى العالم التى تمثل الضحية، فهى الأن وبإعتراف
العالم- وكثيرون من ابنائها-هى المذنب و يحق لكل عربى سلبت أرضه أن يعوض عن الظلم
و يختارالعودة إذا شاء ذلك، مع حق كل الدول العربية فى التعويض عن الإحتلال
وإستغلال الثروات و سفك الدماء.
- عدم جواز الإحتلال و الإستفادة من الإحتلال و
تغيير التركيبة السكانية، و بناء عليها عدم جواز ضم الراضى أو تأجيرها بالقوة، و
بالتالى فكل المستوطنات هى غير قانونية و يستوجب إخلاءها فورا.
- تساوى الدولة الفلسطينية الوليدة مع كل دول
العالم و تحديدا دول المنطقة فى حقوقها السياسية و السيادية دون شروط و دون فرض
قيود عليها دون غيرها.
إن حكام العرب المستسلمين
للسيطرة الأمريكية الصهيونية قد أفشلوا كل الطاقات العربية الإسلامية، وحولوا
الأمر إلى لعبة بأيدىالولايات المتحدة، وهى ولا شك غير ذلك لو لم يستسلم هؤلاء
لطريق الشعارالإنهزامى المسمى "سلام الممكن" لأن السلام الممكن الوحيد
هو العدل.
إن الطريق الوحيد
لتحقيق حقوقنا المغتصبة هو طريق القوة و عدم الإرتماء فى أحضان الولايات المتحدة،
لأنه حتى الدخول في أي تفاوض يحتاج لقوه تسانده.
و السؤال الذي يطرح
نفسه لماذا التعجل؟ أهو خوفا على باراك؟ إن وجود" شارون" على رأس الحكم
فى الدولة الصهيونية هو إحراج للعالم كله، فليأت شارون و لنرى كيف سيتعامل معه
العالم ، وقد رفض العالم بالضغط الصهيوني وجود"السيد هيدر" ضمن الحكومه
في النمسا رغم إنتخابه ديمقراطيا و في دوله ليست لها خلافات مع أحد وهو له بعض
الأراء العنصريه، و في المقابل فشارون له أراء العنصريه و قد قام طوال حياته بتنفيزها.
إن العالم لايعرف غير
القوة ، و القوة هى قوة الشعب - رغم ثقل المقابل و هو حياة شباب و اطفال هذا الشعب
، إلا أنه مازال هذا هو الحل الوحيد المطروح ، حتى لو كان طريق التفاوض ، فلا يمكن
أن يكون التفاوض مستسلم بل تفاوض قوى - و هو ما اجبر امريكا على الخروج من فيتنام
.
إن قيمة القدس
الغالية هو من قيمة كل شبر عربى و لكنها لا تفوق
قيمة شعوبنا و دمائهم، فلن تهدر دمائهم لحل جزئى مبتور غير عادل بل دمائهم
لن تسيل لأقل من الحل الشامل ، و الجميع يعرف ماهوالحل الشامل ، فلا سلام بغير
الجولان ، و لا سلام بغير حق العودة لكل عربى شرد من أرضه منذ اكثر من خمسون عاما
، حقه فى العودة و التعويض عن كل ذلك الدمار، جيل بالكامل بلا وطن ولا هوية، و
لكنه لن يستسلم و لن يسلب هذا الحلم القائم على الحق ،على العدل، رغم انف الخاضعين
و الراكعين .
No comments:
Post a Comment