من يجنى ثمار الثورة
بقلم: محمد شريف كامل
13 أكتوبر 2000
ونشر بجريدة المستقبل مونتريال\
أن يثور شعبنا فهذا
أمر طبيعى ، فلقد فاقت الغطرسة الصهيونية كل إحتمال البشر ، حتى من تقبل الإهانة
من أبناء شعبنا فيما قبل- عن ضعف أو إستسلام أو حتى قبول الأمر الواقع - حتى هؤلاء
لا يستطيعون ليوم أن يقبلوا أكثر من ذلك.
و حتى هؤلاء أتباع النظام
الأمريكى و مؤيديه و المرتمين فى أحضانه من بعض من شعبنا أصبحوا بلا شك يتقذذون من
موقف تلك الدولةالتى لا يحكمها إلا الفكر الصيهونى و نحن نسمع المزايدات منهم و
التسابق لإرضاء الصهيونية و خاصة و نحن على باب الإنتخابات (إنتخابات الرئاسه
الأمريكيه).
إن الثورة هى الحل
العملى الوحيد بعد أن تاه كل الأشقاء بين مؤتمرات السلام و أحلام اللاوعى فى تحقيق
سلام حتى و لو كان هشا مادامت تضمنه الولايات المتحدة -وأي ضامن هذا- فنحن الشعب
الوحيد فى العالم الذى قبل ان يساعده عدوه
الأول للخلاص من عجرفة العدو المقيم على أرضه و هما الأثنين وجهان لعمله واحده.
و لذلك كانت الثورة
التى شهدت غليان عربى و إسلامى عام فى كل أرجاء الأرض و لكن ما وزن ذلك الغليان ؟
و ما وزن تلك الثورة ؟ هذا ما سوف تثبته الأيام !!
فالقضية أكبر من ثورة وقتية لحدث ما ، أو رد فعل
يأ س عام شامل نشعر بخطورته منذ زمن بعيد ، و لكن للأسف شعورنا بخطورته لم يتحول
إلى عمل جاد منظم ، فواقعنا العربى منذ ثلاثون عاما فى تدهور مستمر.
منذ مذابح أيلول
الأسود 1970 حين قرر النظام الأمريكى الخلاص من منظمة التحرير التى كانت تزيد
هيبتها و قوتها كل يوم ليشهد أيلول وقف العمل المسلح من نهر الأردن و هو ما سعت له
الصهيونية و أمريكا و حققها لهم عملائهم فى الضفة الشرقية. لتنقل إداره منظمه التحرير إلى تونس وينقل
مقاتيليها إلى الجبهه الضيقه المحدوده فى لبنان وتنقل معسكرات التدريب إلى اليمن -
ليتمتع شعبنا الفلسطينى بالشتات الثالث (حيث كان الشتات الأول عام 1948 و الشتات
الثانى عام 1967 )، و تستسلم مصر بوفاة الزعيم العربى عبد الناصر و تسلم كل
مقدراتها للعم سام و تتصور أنها بذلك حررت سيناء المحتلة و هو على العكس تماما، حيث سلبت إراد تها و أصبحت تحت تهديد
يومى بقطع المعونة الأمريكية و إحتلال سيناء فى خلال 24 ساعة لو شاءت الصهيونية
خاصا و أن المعاهدة المصرية الصهيونية المهينة تنص على عدم السماح بوجود قوا ت
مسلحه مصرية ذات قدرات هجوميه فى
سيناء و بالإضافة لذلك نصت المعاهدة على
تقييد المناهج ااتعليمية فى مصر لتنشئة شعب ممسوخ لا يعرف عدوه .
وتزداد المأساه التى
بدأت منذ أيلول الأسود بإطلاق يد الصهيونية بلا رقيب و يضرب المفاعل النووى فى
العراق و يستشهد أبو جهاد فى عملية قذرة نظمتها الصهيونية فى قلب العاصمة التونسية
، و العرب لا حياة لهم ، و تقتحم لبنان و تضرب ،
و تدخل العراق بمساعدة أغلب الدول العربية فى حرب غير مقدسة مع إيران ، و
سوريا صريعة و مشاكلها الداخلية وهي غير قادره على إستعادة الجولان و غير رغبة فى
الإستسلم ، هذا هو الواقع العربي والإسلامي في يومنا هذا.
و تحققت مقولة وزير
خارجية أمريكا الصهيونى كيسنجر و الذى قال فى أعقاب كامب دافيد المصرية أنه قد ضمن
بذلك أن لا تقوم حرب شاملة أخرى بالشرق الأوسط فلا حرب بغير مصر و لكنه للأسف لا
يستطيع ضمان السلام لأنه لا سلام بغير
سوريا.
و عاشت شعوبنا كل ذلك
التمزق و هى ما بين محاولة جمع الشتات و تحولت شعوبنا إلى مجموعات متباينة بين
مستسلمين للواقع و رافضين له وعاجزين عن تقديم البديل .
حتى كان ميلاد
المقاومة الجديدة فى فلسطين من إجيالنا الناشئة و كانت ثورة الحجارة التى نظمها
شباب و أطفال يفخر العالم العربى و الإسلامى بإنتمائهم له ، و عجزت الأليه
العسكريه الصهيونية- وهي أكير جيوش الشرق الأوسط- فى مقاوتهم و مواجهتهم ،
فبدأالنداء بالسلام من جهة الصهيونية و الدولة الأمريكية المقذذة ، و دخل العرب
فى وهم أوسلو المزعوم و دوامة كامب دافيد
الجديدة .
وكانت نكسة الحرب العربية العربية بدعوه العم
سام و جررنا إلى حرب الخليج الثانيه المشئومة ، وولد منها الأمل حيث كان ميلاد قوة
المقاومة اللبنانية و إجبرت الصهيونية على الإنسحاب من لبنان بلا مقابل و لا تعهد
لبنانى بأى سلام و لا سفارة و لا حتى
معاهدة نوايا !!!! ليشعر كل عربى و مسلم بالفخر
والخجل في ذات الوقت، الفخرلإنتمائه لهؤلاء المقاومين الأبطال والخجل لأننا جميعا
كنا و ماذلنا أقل منهم.
و لكن كل هذا لم يغير
من الواقع المتشائم و نجاح الصهيونية فى تمزيق الأمة العربية والأسلاميه ، مع
إصرارها على التفاوض مع كل طرف على حدى
منفصلا عن الأخرين فكنا ومازلنا
فريسة سهله.
مقالنا هذا يكتب و
محولات تطويق الثورة بدأت بالتهديد الصهيونى - إنذار كالعادة - و رفض فلسطينى و
قيام الحكومات العربية بقمع المظاهرات الغاضبة و مزايدة من بعض القيادات الخاسرة
وتخبط حيث دعوه لأجتماع بقياده كيلنتون ثم دعوه لعقد إجتماع قمه عربي المزنع عقده
21-22 أكتوبر أي بعد بدأالأحداث بثلاثه أسابيع (تلك هي القيادات العربيه!!!!
ولايعرف أحد ما سوف يسفر عنه كل ذلك ، و لكن ما
نعرفه و ندركه تماما أنها محاولات يائسة لإخماد الثورة العربية الجديدة ، و النظام
الأمريكى لا يتعلم من التاريخ و خاصة التاريخ الحديث ، حيث لم تنجح فى أى مكان
محولات القمع الشعبى - فكيف إنتصر غاندى على الجبروت الإنجليزى بالعصيان المدنى ،
و كيف سقط شاه إيران المدعم بكل القوة الأمريكيه مقابل زعامة روحية لا تملك غير
إيمانها و إيمان الشعب بقيادتها ( الإمام الخومينى رحمه الله ) ، و كيف إنتصر
الشعب الأسود فى جنوب أفريقيا بزعامة (نيلسون مانديلا) أمام المغتصب الأبيض رغم التأييد الأمريكى له ، و كيف و كيف ..الكثير و الكثير..... ! و لكن
أين الزعامة العربية أو الإسلاميه القادرة على تجميع كل الطاقات و توجيه تلك
الثورة ، فمازلنا لا نراها ، لأن العمل الجماعى و الثورة الشعبية رغم قوتها و
قدرتها لا تستطيع الصمود بغير قيادة و
طنية قادرة ، و خاصة بعد أن خسرنا قيادتنا منذ ثلاثون عاما برحيل الزعيم جمال عبد
الناصر ، و نشعر اليوم بأهمية ذلك و الجميع يحاولون السيطرة على الثورة و توظيفها
لمصالح خاصة لهم و لأعداءنا كما كان الحال منذ أن تم تسليم إنتصار أكتوبر و دماء
جنودنا إلى العدو فى معاهدة الإستسلام الأولى .
إننا لن نرضخ و لن
نقبل و سنظل نسعى دائما إلى تحقيق النصر حتى و لو كان الوقت الحالى ليس فى صالحنا
و لكنه دائما الحق هو الغالب مع الصبر و الإيمان و طول النفس و عدم التسرع و
الإستسلام.
رعى الله شعبنا و ثورتنا و
أخرج من تلك الصورة القاتمة حقيقة أكثر تفائل و إشراق ، فشعبنا قادر على ذلك إن
شاء الله و لتكن ثورة حتى النصر .
No comments:
Post a Comment