الهند وباكستان
بقلم: محمد شريف كامل
13 مايو 2000
ونشر في جريدة صدى المشرق مونتريال
تحتفل
الهند تلك الأيام بعبورها رقم بليون مواطن أى ألف مليون . وهذا بالطبع لا يغير من
حقيقة أن الصين مازالت الدولة الأولى فى العالم بزيادة 40% عن الهند ، و لكن لماذا
ينصب حديثنا عن الهند ؟
الهند بلد
عجيب يجمع عدة تناقضات فى ان واحد ففى الهند تاج محل - أغلى مبني في العالم - و فى الهند 2 مليون مواطن يسكنون
الأرصفة و بها تجمع للعديد من الديانات بأغلبية هندوسية واقلية مسيحية ، و حوالى
30% مسلمة . و بها عشرات اللغات المختلفة حيث كل مقاطعة لها لغة خاصة بها .
وإذا عدنا
إلى التاريخ الحديث للهند و باكستان نجد أنهما ظلتا تحت الحماية البريطانية لسنوات
طوال حتى بدأت حملة غاندى ضد الإستعمار ، الحملة الشهيرة التى إستخدمت العصيان
المدنى ( واجهة سلبية و لكنها ذات جوهر إيجابى ) و غاندى هندوسى كان يدعو للتعايش
السلمى بين المسلمين والهندوس و قد قتل على أيدى الهندوس . ثم إبنة نهرو ( أنديرا
غاندى ) و كذلك إبنها (راجيف غاندى ) قتلوا على أيدى الهندوس السيخ .
وعقب
الإستقلال رفضت بريطانيا كعادتها أن تخرج دون أن تشعل الفتنة حيث ظلت المشاكل
دائرة فأعلنت باكستان الإنفصال نتيجة للعنف الطائفى و فصلت الدولتان على خط دينى قرابة 300 مليون مواطن بين باكستان
الغربية و الشرقية (بنجلاديش حاليا ) و كان السبب الرئيسى للفصل هو خلاف حاد فى
الفكر و المعتقد بين المسلمين و الهندوس و فصلت باكستان بشقيها و ظل داخل الهند
عدد من المسلمين يفوق عدد سكان باكستان و بقيت مشكلتان لا حل لهما : بعد المسافة
بين باكستان الشرقية و الغربية رغم وحدة المعتقد
العام كان هناك تفاوت كبير فى
مستوى
المعيشة و الثقافة أدت إلى إنفصال القطاع الشرقى تحت إسم بنجلاديش منذ حوالى 30
عاما .
وظلت
مشكلة كشمير و هى المقاطعة المتاخمه لحدود الدولتان و ذات الأغلبية المسلمة و التى
تعيش فى مستوى فقر غير عادى و إهمال و صراع دينى و دارت بسببها ثلاثة حروب بلا
نهاية.
فهل كان أى من تلك الإنفصالات و الحروب لصالح
أى طرف ؟
وفي ذات
الوقت تعيش باكستان مشكلة أخرى داخلية حيث خط الخلاف الدينى الطائقى الذي يمس
علاقة السنة و الشيعة وكل منهما من طرف و المسيحيين هناك الذين يمثلون قرابة 10%
من عدد السكان و تغيرت تركيبه السكان فى باكستان بشكل غير عادى خاصة مع معدل
الهجرة من افغانستان خلال الحرب التى دامت عشرون
عاما بلا
نهاية و لا يتوقع لها نهاية فى الأفق القريب.
إن الهند
و باكستان هما الأن يمثلان أعلى معدلات السباق النووى و سباق التسلح بشكل عام و
مستواهم الإقتصادى لايتعدى أي من دول العالم الثالث رغم تقدمهم التكنولوجى فى
مجلات عديدة ، و بنجلاديش هى تقريبا اقل دولة فى متوسط الدخل و اعلى نسبة فقر فى
العالم .
التباكى
على الماضى ليس من سمة العقلاء و ليس هناك ( لو ) فى لغة العقل و الدين و التاريخ
و لكن مقارنة الماضى بالحاضر و توقع العكس هو من باب العظة و محولة التريث فى
خطوات المستقبل الأخرى .
فهل كان
يمكن للهند و باكستان و بنجلاديش أن يبقوا دولة واحدة بعد الإستقلال يعيش فيها
المسلمون و الهندوس و يتعاملوا على خطوط مصلحة مشتركة فى المستقبل لصالح الأجيال
القادمة ؟
نعم كان
من الممكن ذلك كما هو من الممكن أن يكون فى كثير من بلاد العالم و نحن هنا مثل حى
لذلك حيث يعيش كل اديان السماء و الأرض عليه و بعض السخافات و التجاوزات اليومية إلا
أنه هناك رغبة من الغالبية فى أن يعيشوا فى سلام مستثمر لصالح الأجيال القادمه و
لست أقصد بالسلام هنا بعض دعاوى الإستسلام ، فالسلام شئ نابع من داخل كل الأطراق
لرغبة موحدة يدعمها الحق و العدل و لكن شعارات السلام الجاهلة التى نسمعها فى
الشرق الأن هى ليست إلا صورة للإستسلام .
التعيش
أساسى وضروري و لعل الرجوع لتاريخنا القديم حيث كان العقلاء، يردنا إلى رشدنا و
ندرك أن ما أصاب الهند و باكستان و بنجلاديش سيصيب العالم كله ما لم ندرك كيف نختلف
و ما هى حدود الإختلاف و الحوار و كيف لا نرضى للأخرون ما لا نرضاه لأنفسنا.
No comments:
Post a Comment