الدم العربي المستباح
بقلم: محمد شريف كامل
20 فبراير 2000
ونشر بجريدة المستقبل مونتريال
لقد وصل الأمر لحد المهانة التى لا تحتمل ، وكل يوم
تزيد عن اليوم السابق له و نحن نرى أهلنا يموتون و تستباح دمائهم و كأننا فقدنا كل
معانى الإحساس و النخوة التى كانت بقاياها تطل من قلوبنا و تداعب عقولنا المريضة
بالحلم الأمريكى الذى لن يستكمل إلا بالقضاء على كل مفاهيم
الوطنية و الروح العربية .
فوفقا
لكل القوانين الدوليةلا يحق للمعتدى أن يستفيد من إعتدائه ولا للمحتل أن
يجنى ثمار إحتلاله و هذا هو العدل الذى لا يطبق لأن العدل قد سقط على صرح القوة و
العنجهية الأمريكية و التخاذل العربى .
فالصهيونية قد نزلت أرض فلسطين و دبرت وخططت
ونفذت وأقامة دولة تحل محل العرب في فلسطين و تبيد و تدمر كل من بقف أمامها و كانت
الدولت الصهيونية ، ثم أعلنت فى دستورها الأول أنها دولة حلمها من النيل للفرات و
أنها لا حدود لها ، و دخلت الأمم المتحدة
، و إعترف بها نصف العالم و رفضها النصف
الأخر حتى منتصف السبعينات حين ضاقت مجالات الرؤية فى العالم و أصبح أصحاب الحق
يتنازلون عنه، و أصبح قبول شروط رد الأرض
لأصحابها وارد ، و كل شئ خاضع
للتفاوض.
فتفاوضت الحكومة المصرية أول المتخاذلين رسميا
عقب الزيارة المشئومة التى قام بها السادات للقدس و التى تمت بتربيب محكم مسبق بين
الملكين الحسن وحسين ، و شكل الثلاثى مثلث للتأمر دام قبل ذلك بسنوات وسنعيش أثاره
دوما ، وتزامن ذلك مع التنازل عن أرض و حق شعبنا الفلسطيني و أصبحنا نشاهد إقتحام
بيروت و كأن بيروت ليست عاصمة عربية تبعد
عن دمشق كيلومترات معدودة و كأن بيروت مدينة نقرأ عنها بالصحف و لا نعرف أين هى من
واقعنا العربى و إستقرت هناك فى الجنوب حتى يومنا هذا قوات اللإحتلال
الصهيوني ترفض أن يقتل جنودها فرادى و
تقتل أهلنا بالعشرات .
و يلوم الغرب -المؤثر المتأثر بها- أهلنا لأنهم
تجرأوا و قاوموا و سمحوا لأنفسهم رفض الإحتلال،
و تمدح الصهيونيه فى ظل العسكرى
الدولى"الولايات المتحدة" و تحصل على كل ما تشاء من سلاح و تخرنه و أكثر
من نصف سكانها مجندين فى الجيش و قوتها تفوق كل قوى الشرق الأوسط عرب و غير عرب
تكنولوجيا و عدديا، و سكانها المغتصبين لهم إرادة الإغتصاب و يدافعون عنها و نحن
تحت ضغط الضعف العربي نجد بعضنا يستسلم الواحد وراء الأخر لمبدأ
- من لا تقدر عليه فلتصاحبه - بل و
يغازلها العرب من كل مكان من الجزائر و الخليج و يدفع الثمن هؤلاء الأطفال و
النساء و الشيوخ الذين يموتون كل يوم تحت الحصار فى أرض فلسطين و لبنان و القدس
التي تغيرت ملامحها، و لم تنسحب الصهيونيه
حتى الأن و لن تنسحب إلا بعد أن تحصل على كل
ما تريد فهي صاحبه اليد العليا.
وعلى الجانب الأخر مغامرة
مجنونة عراقية إنتهت فى مدينة الكويت و الأمر لم يكن بتلك الفظاعه المصورة - ليس
دفاعا عن موقفها بل مقارنة بما نحن فيه الأن- حينئذ كل العالم أرسل جيوشه هناك
بأمر من العسكرى الدولى"الولايات المتحدة" و حصار مفروض منذ أكثر من عشر سنوات و أكثر من
مليون طفل ماتوا من جراء هذا الحصار و مازال العرب يوافقون على لعبة السيادة
الأمريكية الصهيونية و لم يرفع الحصار، إن كل ذلك لم و لن يتغير ما لم نستطع أن
نقول لا للهيمنة و لا للسيطرة و لا لعملائها على أرضنا، فيوم نملك إرادتنا و نكسر
الحصارعلى العراق ، يوم نملك إرادتنا و نرفض التطبيع مع الصهيونية ، يوم نملك
إرادتنا ويطرد ممثلي الصهيونيه من عواصمنا،
يوم نملك إرادتنا و يمسك كل منا حجرا و خنجرا و مدفعا مدافعا عن الشرف
العربي .
يومها فقط يحق لنا أن نطالب العالم بإحترامنا، فمن يتنازل عن حقه لا يحق له أن
يطالب العالم بإحترامه و منحه حقه لأن الحقوق لا تمنح و لكنها تأخذ ، فالحق حق ، و
لا تملك ترسانة الحصار الإقتصادى مقاومته و إلا كيف نجحت كوبا طوال أربعين عاما من
الحصار الأمريكى المفروض رغم أنف الأمم المتحدة ، لقد نجحت كوبا فى التصدى
له بإيمانها بحقها فى إختيار من تشاء
لحكمها و النظام الذى يناسبها .
الهيمنة و السيطرة لعبة قديمة أتقنت الولايات
المتحدة و الصهيونية القيام بها حتى يومنا هذا و لكنه
دائما لا يضيع حق ورائه مطالب و لأننا لا نطالب
بحقوقنا أهدر الدم العربي و أصبح لا قيمة له.
التحية واجبة لكل عربى فى
فلسطين المحتلة و كل عربى فى لبنان بجنوبه المحتل و شماله
الذى يكتوى بنيران اللإحتلال، تحية لكل من رفع
سلاحه و قاوم المحتل و تحية لكل من بات ليلة بدون كهرباء من جراء قصف المحتل،
فالظلام الذي يعيشون فيه هو نوريضئ طريقنا وخيرمن ذلك الظلام الذي نعيشه في ظل
صمتنا، و تحية لكل من فقد شهيد دفاعا عن حقه و أرضه و أهله، تحية لهم جميعا وليتنا
جميعا أهل المقاومة فى لبنان فكل لبنان مقاوم و يمثل الرد الحقيقى على إهدار الدم
العربى المستباح.
No comments:
Post a Comment